من ميدان التحرير فى قلب القاهرة عاصمة مصر الكبيرة والعظيمة ويكفى أنها (القاهرة)، سطر الشباب أولى صفحات الحرية بدمائهم الطاهرة الزكية، هذه الدماء تاهت وسط زحام المطالبات والمناشدات السياسية. نسى الجميع دماء الشهداء وجراحات الجرحى وبدأوا التفاوض حول كيفية توزيع كعكة السياسة فى عصر ما بعد مبارك، لكننى هنا أكتب عن هؤلاء جميعا وإليهم أهدى كلماتى. هؤلاء الشباب الذين استشهدوا فى ميدان الحرية، هم أصحاب حق علينا، وأتمنى لو أن المتظاهرين فى ميدان التحرير يكتبون أسماءهم على أرض الميدان تخليدا لذكراهم ولعطائهم ولدمائهم التى روت أشجار ميدان التحرير وأرصفته التى ستشهد يوما ما على طغيان النظام واستهتاره بدماء المصريين. اليوم بدأت مصر الجديدة أولى خطواتها نحو العلن، مصر الجديدة التى أعنيها ليست ميدان مصر الجديدة، حيث يقع قصر الرئيس الذى تفضل علينا بتنازله عن الترشح لولاية سادسة. مصر الجديدة هى مصر الحرية والديمقراطية التى ولا شك سوف تستغرق وقتا حتى نرى ثمارها لكننا على الأقل سنستمتع بنسيم الحرية. سنتنفس كما تتنفس الشعوب الحرة ولن تعود علينا أنفاسنا وكلماتنا ونحاسب على ما نقول وما لا نقول. سيكون حسابنا فى مصر الجديدة أمام ضمائرنا وأمام شعبنا وأبدا لن يكون الحساب أمام عسكر الداخلية ولا أمام أزلام النظام الذين نصبوا أنفسهم قضاة يمنحون من يشاءون صك الوطنية ويسحبونه ممن يخالف رؤاهم وهواهم. مصر الجديدة ستعود معلمة ومرشدة لعواصم الشعوب العربية. ستعود مصر الجديدة ملهمة للثورة وللحرية كما كانت من قبل ستعود مصر الجديدة لتمارس دورها فى قيادة الأمة العربية دفاعا عن مصالح الأمة وليس مصالح الأنظمة. مصر الجديدة ستكون الكلمة العليا فيها للشعب وللشعب وحده، لا لفئة ولا لجماعة ولا لحزب.. الكل سيبدو صغيرا، وحدها مصر ستكون الكبيرة وستزين وحدها رؤوس الأحرار والشرفاء. مصر الجديدة لن تعود للحزب الوطنى وإن بقى كحزب سياسى يمارس حقه فى الحياة السياسية دونما تداخل مع مؤسسات الدولة، حزب سياسى لا يستند إلى قوة الرئيس ولا ابنه ولا لجنة السياسات بل يستند إلى قوة تمثيله الحقيقى عبر صناديق الاقتراع فى أجواء حرة. مصر الجديدة ليست دولة الإخوان المسلمين الذين جربوا الكبت والقهر وعاشوا زمنا تحت مطرقة النظام الباطشة، لذا فإننى أعتقد أنهم سيكونون أحرص الناس على ممارسة ديمقراطية نزيهة والضمان سيكون الدستور والحماية ستكون للشعب، أقول هذا الكلام وأنا أعرف أن هناك من يريد أن يسوق لفكرة أن مصر الجديدة هى مصر الإخوان!!! تخويفا وترهيبا ومصادرة على حقهم فى التعبير عن مطالبهم.. وأقول أنه يتعين على الإخوان أن يعلنوها صريحة ومدوية ويكرروها حتى يسمعها من لم يسمع أنهم مع الحرية والعدل وتداول السلطة، ومع دولة مدنية وأنهم ليسوا سوى فصيل من بين فصائل الشعب لا يتقدمون عنه ولا يتأخرون عنه كما قال السيد مهدى عاكف قبل أيام لقناة العربية. مصر الجديدة ليست دولة الوفد الذى سارع للتفاوض مع بقايا النظام استعجالا لقطف ثمرة دماء الشعب، ومصر الجديدة لن تكون دولة التجميع أو تحديدا رفعت السعيد الذى كان ينتظر الدعوة لكى يهرول نحو بقايا النظام رغم أنه كان على قائمة النظام لعقود ولم يتغير شيئا. مصر الجديدة التى أتمناها هى دولة القانون والدستور. دولة يستطيع الشعب أن يغير أى حكومة لا تلبى طلباته. دولة يسمح فيها بتأسيس الأحزاب بعيدا عن أى قيود وشروط. دولة يكون كل مواطن فيها حر ولا سلطان عليه سوى ضميره والقانون. آخر السطر وحدكم كنتم فى المقدمة وحدكم قررتم أن تكونوا فى قلب العاصمة حين سكت الكلام لم تخافوا لم تجبنوا لم تتراجعوا أمام رصاص النظام وقنابله الفتاكة هتفتم بسقوط الصنم وكل الأصنام