اقتحام مستشفى حُميّات أسوان بسلاح أبيض يكشف انهيار المنظومة الصحية في زمن السيسي    بيل جيتس يخطط للتبرع بكل ثروته البالغة نحو 200 مليار دولار    اعرف أسعار الأسماك بأسواق كفر الشيخ اليوم... البلاميطا ب100 جنيه    لقاء خارج عن المألوف بين ترامب ووزير إسرائيلي يتجاوز نتنياهو    إصابة 5 أشخاص بحالات اختناق بينهم 3 اطفال في حريق منزل بالقليوبية    مروان موسى عن ألبومه: مستوحى من حزني بعد فقدان والدتي والحرب في غزة    الهيئة العامة للرعاية الصحية تُقرر فتح باب التقدم للقيد بسجل الموردين والمقاولين والاستشاريين    طريقة عمل العجة المقلية، أكلة شعبية لذيذة وسريعة التحضير    «دمياط للصحة النفسية» تطلق مرحلة تطوير استثنائية    افتتاح وحدة عناية مركزة متطورة بمستشفى دمياط العام    وزيرة البيئة: تكلفة تأخير العمل على مواجهة التغير المناخى أعلى بكثير من تكلفة التكيف معه    المهمة الأولى ل الرمادي.. تشكيل الزمالك المتوقع أمام سيراميكا كليوباترا    ستحدث أزمة لتعدد النجوم.. دويدار يفاجئ لاعبي الأهلي بهذا التصريح    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 9- 5- 2025 والقنوات الناقلة    أسعار الدولار أمام الجنيه المصري.. اليوم الجمعة 9 مايو 2025    «أوقاف شمال سيناء»: عقد مجالس الفقه والإفتاء في عدد من المساجد الكبرى غدًا    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    زعيم كوريا الشمالية يشرف على تجارب لأنظمة صواريخ باليستية قصيرة المدى    تكريم حنان مطاوع في «دورة الأساتذة» بمهرجان المسرح العالمي    الخارجية الأمريكية: لا علاقة لصفقة المعادن بمفاوضات التسوية الأوكرانية    حبس المتهمين بسرقة كابلات كهربائية بالطريق العام بمنشأة ناصر    أسرة «بوابة أخبار اليوم» تقدم العزاء في وفاة زوج الزميلة شيرين الكردي    في ظهور رومانسي على الهواء.. أحمد داش يُقبّل دبلة خطيبته    حملات تفتيش مكثفة لضبط جودة اللحوم والأغذية بكفر البطيخ    في أجواء من الفرح والسعادة.. مستقبل وطن يحتفي بالأيتام في نجع حمادي    تبدأ 18 مايو.. جدول امتحانات الترم الثاني 2025 للصف الرابع الابتدائي بالدقهلية    تسلا تضيف موديل «Y» بنظام دفع خلفي بسعر يبدأ من 46.630 دولارًا    طريقة عمل الآيس كوفي، الاحترافي وبأقل التكاليف    خبر في الجول - أحمد سمير ينهي ارتباطه مع الأولمبي.. وموقفه من مباراة الزمالك وسيراميكا    الأهلي يقترب من الإتفاق مع جوميز.. تفاصيل التعاقد وموعد الحسم    طلب مدرب ساوثهامبتون قبل نهاية الموسم الإنجليزي    رئيس الطائفة الإنجيلية مهنئا بابا الفاتيكان: نشكر الله على استمرار الكنيسة في أداء دورها العظيم    سعر الفراخ البيضاء والساسو وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الجمعة 9 مايو 2025    عاجل- مسؤول أمريكي: خطة ترامب لغزة قد تطيح بالأغلبية الحكومية لنتنياهو    موجة شديدة الحرارة .. الأرصاد تكشف عن حالة الطقس اليوم الجمعة 9 مايو 2025    الجثمان مفقود.. غرق شاب في ترعة بالإسكندرية    في المقابر وصوروها.. ضبط 3 طلاب بالإعدادية هتكوا عرض زميلتهم بالقليوبية    جامعة المنصورة تمنح النائب العام الدكتوراه الفخرية لإسهاماته في دعم العدالة.. صور    وسائل إعلام إسرائيلية: ترامب يقترب من إعلان "صفقة شاملة" لإنهاء الحرب في غزة    بوتين وزيلينسكى يتطلعان لاستمرار التعاون البناء مع بابا الفاتيكان الجديد    زيلينسكي: هدنة ال30 يومًا ستكون مؤشرًا حقيقيًا على التحرك نحو السلام    المخرج رؤوف السيد: مضيت فيلم نجوم الساحل قبل نزول فيلم الحريفة لدور العرض    غزو القاهرة بالشعر.. الوثائقية تعرض رحلة أحمد عبد المعطي حجازي من الريف إلى العاصمة    تفاصيل لقاء الفنان العالمي مينا مسعود ورئيس مدينة الإنتاج الإعلامي    «ملحقش يتفرج عليه».. ريهام عبدالغفور تكشف عن آخر أعمال والدها الراحل    موعد نهائى الدورى الأوروبى بين مانشستر يونايتد وتوتنهام    «إسكان النواب»: المستأجر سيتعرض لزيادة كبيرة في الإيجار حال اللجوء للمحاكم    كيفية استخراج كعب العمل أونلاين والأوراق المطلوبة    أيمن عطاالله: الرسوم القضائية عبء على العدالة وتهدد الاستثمار    إلى سان ماميس مجددا.. مانشستر يونايتد يكرر سحق بلباو ويواجه توتنام في النهائي    سالم: تأجيل قرار لجنة الاستئناف بالفصل في أزمة القمة غير مُبرر    حكم إخفاء الذهب عن الزوج والكذب؟ أمين الفتوى يوضح    مصطفى خليل: الشراكة المصرية الروسية تتجاوز الاقتصاد وتعزز المواقف السياسية المشتركة    عيسى إسكندر يمثل مصر في مؤتمر عالمي بروما لتعزيز التقارب بين الثقافات    محافظة الجيزة: غلق جزئى بكوبري 26 يوليو    ب3 مواقف من القرآن.. خالد الجندي يكشف كيف يتحول البلاء إلى نعمة عظيمة تدخل الجنة    علي جمعة: السيرة النبوية تطبيق عملي معصوم للقرآن    "10 دقائق من الصمت الواعي".. نصائح عمرو الورداني لاستعادة الاتزان الروحي والتخلص من العصبية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوراق الضغط وموقف الرئيس
المشروع الوطنى فى خطر

استثمر المصريون كثيرا فى مشروعهم الوطنى منذ خروجهم ضد المحتل البريطانى فى العقد الثانى من القرن العشرين، مرورا بانتفاضات متتالية وجلوس أول حاكم مصرى منذ أكثر من ثلاثمائة عام قبل الميلاد على مقعد السلطة، بعد ثورة يوليو 1952،
والارتقاء بطموحات الشعب درجات ودرجات, بقيادة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، ثم تكالبت قوى خارجية على صحوة المجتمع المصري، وشعرت بالتهديد من بناء قوة إقليمية تملك قرارها فى يدها فغرزت السكين فى ظهورنا مرة أخرى بعد تجربة محمد على مطلع القرن ال 19 للتحرر من أسر المحتل العثماني، وجاءت ملحمة حرب أكتوبر 1973 التى بدأ بعدها سيناريو تحويلها إلى آخر الانتصارات وليس آخر الحروب، وبرغم ذلك لم تلن عزيمة الشعب حتى وصلنا إلى الثورة الأولى ضد نظام أهدر الفرص والمقدرات، وسلمنا للركود وفقدان الأمل فى يناير 2011. وعندما لم تأت النتائج بما هو مرجو خرج الشعب مجددا فى 30 يونيو 2013 ليستعيد الأمل فى ثورته.
خرج..
الشعب المصرى فى 30 يونيو، وهو يعلم أن التحديات ثقيلة، وأن تركة حكم الجماعة التى لم تستغرق 12 شهرا كانت كفيلة بإغراق البلاد فى بئر بلا قرار، لولا حكمة الجماهير الملهمة التى مازالت ترى الأمل فى القيادة السياسية، ويقف السواد الأعظم من شعبنا وراءها، مدركا تبعة المواجهة الملحمية التى صنعت تاريخا جديدا كفيلا بعودة أجواء قديمة ترى فى استقلال القرار الوطنى وفى عبارة «بناء دولة مدنية حديثة» تهديداً لمصالح البعض وخروجا عن سيناريو التبعية البغيضة التى تحسبها عواصم كبرى قدراً علينا، ونراها نحن قيداً لابد أن ينكسر يوما.
لا يروق للبعض أن يتعامل مع معطيات ظاهرة وجلية للتدخل فى القرار الوطنى والحسابات المصلحية من جانب عواصم تملك السطوة والمال والقوة على الساحة الدولية ويرون تزيداً أو مبالغة فى تلك التخوفات، ويعتبرونها هروبا من واقعنا الداخلى ومحاولة لإلقاء اللوم على الآخرين، لكن يفوت هؤلاء أن القراءة الفاحصة لما قبل وليس لما بعد 30 يونيو فقط تقدم صورة واضحة عن حجم الخطر وقدرة قوى بعينها على إلقاء الأحجار فى طريقنا، واستخدام أبناء دول المنطقة أنفسهم فى عملية هدم لدولهم ومجتمعاتهم وزيادة الأعباء على كاهلنا, وكأن المطلوب منا أن نتغافل عن كل ما سبق من أجل أن نسير فى ركاب من يرفض مسار التغيير الذى تصدح به كل القوى الوطنية على اختلاف أطيافها، وهى القوى التى وثقت فى قيادة سياسية واعية وضعت الأمة المصرية فوق الحسابات الضيقة لجماعة مارقة، ورفضت سيناريو التبعية البغيض وتأمل أن تسير قاطرة التحديث إلى الأمام دون عثرات تضع نهاية لمشروع يحلم كل المصريين بالوصول إلى محطته الأخيرة.
كيف نأمن على مشروعنا الوطنى فى ظل إرهاب وتآمر وجهل وتمويل خارجى وقيادات حمقى فى بعض المواقع ونشطاء متهورين وقنوات إعلامية غير واعية؟ سؤال نحتاج للإجابة عنه إلى إعمال قدر كبير من التجرد والترفع عن المصالح الشخصية والأنانية المفرطة التى صارت سمة كل من يتحدث فى السياسة وكل من يدلى بدلوه فى الشأن العام.
يطل مخطط هدم الدولة برأسه اليوم علنا من جديد بصورة لم نرها بعد الثورة الشعبية فى 30 يونيو، فقد هدأ المخطط قليلا بعد الإجماع الشعبى الجارف قبل عامين على إعادة الوطن إلى هويته ثم عاود نشاطه مجددا فى الأسابيع الأخيرة، وكانت حادثة الطائرة الروسية، أقرب مثال، فرصة لتتكالب قوى الهدم على مصر، تحاول إشاعة أجواء اليأس من الأوضاع الاقتصادية وتستخدم السياحة سلاحا ضد أسلحة أخرى كأداة ضغط وتسعى إلى ضربها بالشائعات التى تنطلق من منابر إعلامية دولية وأخرى إقليمية ومحلية ترفض حالة الإجماع الوطني، وكانت الذروة فى أحداث الأسبوع الماضى فى محاولة إظهار الدولة المصرية عاجزة عن حماية مطاراتها، وطلب بعض العواصم الغربية، من مصر، تغيير موقفها من الأزمة السورية وإدماج جماعة الإخوان الإرهابية فى الحياة السياسية وتولى شركات غربية أمر أمن المطارات، ورفضت مصر مطالبهم فاستمرت الحملة الشرسة بلا هوادة رغم أن الإعلانات الأخيرة من لجنة التحقيق الدولية ومن الجانب الروسى تؤكد عدم وجود دليل على حدوث انفجار على متن الطائرة المنكوبة، بما يبرهن على أن الضغوط على مصر فى مجملها ترمى إلى تحقيق «هدف سياسي» وليس فقط استجلاء الحقيقة فى الواقعة التى سيطرت على وسائل الإعلام الغربية عدة أيام.
بالتزامن مع ماسبق تعود بقوة حروب الشائعات ونشر المعلومات المغلوطة، وبث خطاب التحريض والكراهية والفتنة بالزيف والتدليس للإيحاء برجوع أجواء ما قبل 25 يناير، وتستخدم وسائل التواصل الاجتماعى بشكل متزايد من جانب دول وجماعات ومنظمات محسوبة على المجتمع المدني، وتتورط بعض قنوات فضائية فى العملية الرديئة حيث تختلط أضواء الإعلام بالباحثين عن الشهرة والمتآمرين والممولين والساعين وراء الإثارة ومصالح رجال أعمال، ليس على أجندتهم بالضرورة المصلحة العليا. هذه الحالة تجعل الوعى الجماعى للمصريين فى خطر، فحجم الدعاية السلبية لا يقوى على تحمله الغالبية العظمى من أبناء شعبنا، والأكثر قلقا هو أن يتمكن عناصر الفتنة من ضرب مؤسسات الدولة من الداخل بأيدى أبنائها بإشاعة مناخ الانقسام وهو ما تريده بالضبط القوى المتربصة بالتغيير نحو الأفضل.
كل ما سبق هو مقدمة لنعرف حجم المخاطر التى تعترض طريقنا داخليا وإقليميا دون مواربة ودون تجميل للصورة المشوبة بضغوط من هنا ومن هناك والتى تؤدى فى نهاية المطاف إلى ارتباك فى خيارات المصريين ودفعهم دفعا إلى توجيه طاقاتهم من جديد لوقف عجلة التغيير الإيجابى وذلك غيض من فيض مما نعلم عن مجريات الأحداث:

الجبهة الداخلية
المشكلة بالنسبة لأطراف محلية خائبة (عميلة أو جاهلة) وأخرى إقليمية ودولية ليست فى رئيس الدولة ولكن المشكلة هى مصر الدولة المفتاح فى المنطقة, والوسيلة هي، إشاعة اليأس من الأوضاع لدى قطاعات كادحة ولدى الشريحة الواسعة من الشباب ليأتى الدور بعد ذلك على الاستثمارات وتشجيع رءوس الأموال على الخروج من البلاد. وهناك من «يهمس» فى آذان رجال الأعمال بضرورة خروج أموالهم إلى مقاصد أخرى أكثر أماناً. ونسأل أنفسنا هنا: هل نملك يقينا أن مصر بكل مشكلاتها الراهنة يمكنها أن تحل أزماتها فى يوم وليلة؟ والظاهر من كل تلك الدعاية السلبية أن نصل إلى محصلة أننا لا نستطيع، وأن حكومتها لا ترقى لمستوى التحديات.
الهدف الواضح أن تسقط الدولة بيد أبنائها وهناك للأسف عناصر داخلية وصلت إلى حد المساعدة فى تنفيذ المخطط لأن الأطراف الخارجية لا تريد التورط مباشرة فى الأمر، فهؤلاء لا يريدون التدخل أو أن تتسخ أياديهم بفعل الهدم ولن يرسلوا قوات أجنبية فالاستعمار بشكله القديم قد انتهى ولكنهم يرون أن حروب الوكالة تليق بنا وبحالة التمزق التى يريدون إشاعتها فى المجتمع المصري... ألم يتم تدمير ليبيا واليمن وسوريا والعراق ذاتيا بيد أبنائها وعلى أيدى مسلمين ثقافتهم هى الاختلاف وكراهية الآخر... وهناك معلومات عن جيل يتم إعداده الآن فى الداخل والخارج وعمليات اختراق لمؤسسات بالدولة وكيانات سياسية من شباب تحت عنوان «جيل اللاعنف» يفجرون المشكلات لتصدير فكرة تناحر المؤسسات وأن هذه المشكلات هى بين الدولة وتلك الكيانات.
كرة الثلج تتكون الآن سواء عن طريق الشائعات وزيادة عمليات الإرهاب فى سيناء وضد الكنائس للعب على الوتر الطائفى ومحاولة توريط الجيش المصرى فى حروب خلال حدود مصر ومحاربة المصريين فى أرزاقهم. ويلعب الإعلام دورا مهما فى نظرية كرة الثلج حيث تشتعل بعض الصحف والشاشات بمعارك ومشاحنات لا تنتهى تصل إلى حد إثارة فتنة داخلية وإهانة رموز الدولة والمجتمع وكسر هيبة المؤسسات التى تشكل أعمدة أساسية لا يمكن تحقيق درجة من الاستقرار دونها.
وفى ظل تلك الفوضى المنشودة، تضرب الفوضى المؤسسات وتضيع الأخلاق العامة والقدوة ويصبح المجتمع جاهزا لما هو أسوأ فى أقرب فرصة ممكنة. والمخطط السابق لا يحمل إبداعاً جديداً، فهو تكرار لسيناريو أقدمت عليه قوى خارجية وقوى داخلية لوثت ثورة يناير بأفعالها وعمالتها للخارج مثلما احتفل أسلافهم بسقوط تجربة محمد على وبنكسة 1967.
عملية اختراق الأحزاب والتيارات السياسية وإثارة المشكلات بينها وبين الدولة حيث تقوم عناصر بعينها بعملية الاختراق للمنظمات والكيانات بهدف إثارة الأزمات المتلاحقة دون هوادة لخلق حالة صدام بين هذه التيارات والدولة وهذا جزء من عملية التهييج ودفع الناس إلى تبديل قناعاتهم ورفع الغطاء الشعبى الداعم للسلطة... الفكرة هى أن تسقط الدولة فى فخ الانقسام وأن يصل الانقسام إلى البيت الواحد وفصل الرأس عن الجسد من خلال نظرية كرة الثلج السالف ذكرها.
أحد الأهداف الرديئة لحملات تشويه الوعى والذاكرة الوطنية هى الإلحاح من جانب شخصيات معروفة فى وسائل أعلام على فكرة أن خراب مصر بدأ منذ أكثر من 60 عاما... أى منذ تحرر مصر واستقلالها عن سلاسل من الاستعمار الأجنبى منذ نهاية عصر الأسرة الفرعونية الثلاثين وحتى قيام ثورة يوليو 1952... الظاهر من هذه الحملات هى الإساءة إلى ثورة يوليو أما الكامن فيها فهو الإساءة إلى جيش مصر الوطنى العظيم.. وإذا عطفنا ذلك على استعدادات أردوغان للاحتفال بمرور خمسمائة عام على غزو تركيا مصر عام 1516.. تتجلى لدينا الصورة الكاملة للمخطط الذى بدأت بواكيره عام 1974.
ساعة الصفر بدأت للتجهيز للسيناريو البغيض، و25 يناير هى «لحظة التكوين» حسب خيالات أهل الشر من العناصر الفاسدة بقايا نظام مبارك والإرهابية ذيول جماعة الاخوان وهى عناصر ترى أن الوصول إلى مرحلة خروج مظاهرات فئوية وضرب الاقتصاد وإثارة الفرقة من خلال إشاعة الانقسام بين الوزارات بعضها البعض وبين الأجهزة ووسائل الإعلام. ويصل الانقسام إلى حد استخدام مشجعى وبعض قيادات فرق كرة القدم فى السيناريو وهو ما يعنى نزول الجماهير مجددا إلى الشارع من أجل إشاعة الفوضى والمؤشرات تقول إن بعض الإعلام المصرى «الخاص» تشجع وتخدم توجهاته تلك المخططات.
المشهد الإقليمى
تحميل مصر مسئولية العنف فى المنطقة سواء فى وسائل الإعلام الغربية أو من خلال تصريحات مباشرة أو غير مباشرة من كبار المسئولين رغم كل ما تفعله تلك الحكومات لبث الفرقة والانقسام فى المجتمعات العربية التى ضربها الإرهاب بعنف فى السنوات الأخيرة, وحالة الطائرة الروسية توضح اللعبة السياسية الكبرى التى تنخرط فيها تلك الأطراف الرافضة لتوجهات مصر اليوم واستخدامها فى الضغط الاقتصادي. فلا يوجد جهاز استخبارات فى العالم قدم معلومة مؤكدة عن عملية إرهابية مما يثير الشبهات حول ما هو مطلوب من مصر فى تلك الواقعة وفى وقائع أخري.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسى قد أشار فى مؤتمره الصحفى مع ديفيد كاميرون رئيس الحكومة البريطانية خلال زيارته إلى لندن قبل أيام قليلة إلى أن مصر قد أجرت اتصالا ببريطانيا ودول أخرى قبل عشرة شهور لإرسال بعثات أمنية لتفقد المطارات وإجراءات الأمن بها. ولم يكن المطلب المصرى من قبيل خشية عمل إرهابى ولكن تحسبا للسيناريو الماثل أمامنا اليوم. فقد كانت مصر تدرك أنه سيتم استغلال أى حادث فى هذا الاتجاه، وعندما جاءت تلك البعثات قامت بالمراجعة وأقروا صراحة بسلامة الإجراءات الأمنية، ثم كانت حادثة الطائرة الروسية واتصلت مصر مجددا بتلك الأطراف من أجل القيام بمراجعة جديدة ولو نظرنا إلى الصورة بدون رتوش أو تجميل سنجد أن التقارير الإيجابية لن تؤثر فى الموقف الحالى من مصر لأن المخطط مستمر والتعامل مع الحادث من باب الاستغلال السياسى يفضح تصرفاتهم... والمثير هنا هو أن وسائل الإعلام البريطانية على اختلاف توجهاتها السياسية قد تجاهلت فى اليوم نفسه وفى اليوم التالى تصريحات الرئيس هذه.. مايؤكد أن الإعلام البريطانى «يد واحدة» وراء مصالح الدولة البريطانية.. ومن أسف أن البعض عندنا يخدم أيضا مصالح الدولة... البريطانية!؟
لانكشف سرا إذا قلنا إن هناك ضغوطا على مصر وأطراف أخرى لدخول شركات غربية بخلاف إيطاليا، فى عملية استغلال حقل الغاز الطبيعى العملاق «شروق» الواقع فى المياه الإقليمية المصرية وهو الحقل المتوقع أن يزيد الدخل القومى للمصريين ويغير من خريطة استخدامات الطاقة فى غضون أربع سنوات. وهناك اتصالات من دول غربية من أجل الدخول شركاء فى حقل الغاز خاصة وأن هناك توقعات بوجود حقل عملاق أسفل الحقل المكتشف.... وفى هذا السياق، تقدر مصر موقف الحكومة الإيطالية التى تقف إلى جانب الشعب المصرى سياسيا واقتصاديا وتؤمن برؤية ضرورة اقتلاع الإرهاب من أجل رخاء وسلام شعوب البحر المتوسط وتشاركها فى الموقف أيضا الحكومة الإسبانية.
محاولات مستمرة لتوريط الجيش المصرى خارج الحدود لتدمير مقومات أكبر جيوش المنطقة العربية وأكثرها احترافا. ونتيجة الفشل فى مخطط إغراق الجيش فى الصراع الإقليمى يتجهون إلى وسائل أخرى للضغط.
من وسائل الضغط، إثارة المشكلات بين مصر وأقرب أشقائها العرب فى المنطقة، خصوصا السعودية والإمارات، وهما القوتان العربيتان الأكثر دعما لمصر فى مرحلة ما بعد ثورة 30 يونيو. ولذا يتعرض البلدان لضغوط أطراف دولية بل وعقوبات على مواقفهما الداعمة لمصر... ومصر تدرك حجم المؤامرت والمخططات المرسومة لمحاولة إسقاط المملكة العربية السعودية وتقف مصر من جانبها مساندة للمملكة عن وعى بخطورة الأمر.
استخدام قضية «سد النهضة» الإثيوبى كأداة من أدوات الضغط الاقتصادى ومن وسائل المخطط أن يكون الصدام مع دولة إثيوبيا هدفا يسعون إليه من أجل زيادة الأعباء الخارجية على السلطة والرئيس وإظهار عدم قدرة الدولة على إدارة الملف الصعب.
الضغط على مصر فى الملف الليبى متواصل ولا يهدأ، فالدول الغربية تقوم بممارسة كل الأساليب الممكنة لوقف الدعم عن اللواء خليفة حفتر الذى يقود عملية إنقاذ بلاده من التنظيمات الإرهابية ويعمل على لملمة شتات الجيش لحماية شعبه، بينما هناك أطراف تعمل على منع وصول السلاح إليه وتدعم العناصر المتطرفة مثل قطر وتركيا، حيث تتكفلان بإرسال السلاح للمتطرفين فيما يدعيان محاربة الإرهاب فى الشرق الأوسط.... فلو كان هدف تلك الأطراف هو مكافحة الإرهاب، فلماذا تشارك فى حظر وصول الأسلحة للجيش الوطنى الليبى وتتقاعس عن دعم اللواء حفتر؟... وتشير المعلومات إلى أن بعض العواصم طلبت من مصر البحث عن بديل للواء حفتر بدعوى أنه صاحب طموحات سياسية!! حقيقة الأمر هم لا يريدون رجلا يلتف حوله شعبه ولا يريدون بطلا قوميا يكرر تجربة الرئيس السيسي... وعندما وافقت الأطراف المعنية على فرض حصار بحرى حتى لا يصل السلاح إلى حفتر أو جماعات الإرهاب لمدة أسبوع أو اثنين، فوجئت مصر بتدفق السلاح على جماعات الإرهاب فى مخطط مشبوه واضح المعالم.
الضغط على روسيا فى الملف السورى يمر عبر بوابة مصر التى تقف فى خندق واحد مع موسكو دفاعا عن بقاء الدولة السورية على قيد الحياة. فالغرب يلوح للروس بقدرته على توريطها فى «أفغانستان-2» سواء كان التوريط يتعلق بالتدخل الروسى فى سوريا أو فى أوكرانيا. وهناك غضب حقيقى من حصول مصر على حاملة طائرات والاتفاق مع الروس على بناء مفاعل نووى وصفقات أسلحة وقبل ما سبق موقف موسكو المساند بقوة لثورة 30 يونيو.
الضغط على مصر بورقة ما يسمى بتنظيم «داعش» ولا أحد يعلم فى حقيقة الأمر ماهية هذا التنظيم الشيطانى الغربى المنشأ وكيفية خروجه إلى النور بتلك الوحشية والدموية والترويج لخرافة «ولاية سيناء» فالأخيرة من قبيل «الخيال العلمي».
ولو عرفنا أن هناك 750 من مرتزقة داعش يحملون الجنسية البريطانية لأدركنا كيف تفكر عاصمة الإمبراطورية القديمة التى تقوم على أن ثقافة المسلمين تقوم على الاختلاف وكراهية الآخر، وبالتالى فإن الصراع وتقسيم الدول إلى دويلات وهروع الغرب من أجل استعادة السيطرة مجددا على أراضى المنطقة وثرواتها من ضمن الأهداف المرجوة ويكون هدف السيطرة على قناة السويس من الأهداف المرجوة حينها.
سيناء هى الهدف من أجل إحياء فكرة إقامة الدولة الفلسطينية على التراب المصرى لو أمكن. ولو نظرنا بإمعان إلى تصريحات الرئيس الفلسطينى محمود عباس الأخيرة فى القاهرة سنعرف أن الزعيم الراحل ياسر عرفات كان محقا تماما فى نقل عاصمة السلطة إلى المقاطعة فى رام الله.

ماذا نفعل؟
بعد هذا الاستعراض السريع لخريطة الضغوط الداخلية والخارجية التى لا يمكن الاستهانة بشأنها أو التفريط فى الأمن القومى المصري، هناك مسئولية على وسائل الإعلام والكيانات السياسية، وهناك مسئولية أيضا تقع على عاتق الدولة ومؤسساتها، حيث يتوقع من الرئيس السيسى والحكومة الحالية اتخاذ قرارات حاسمة منتظرة من شهور والتحرك على جبهات عدة لوقف كرة الثلج التى يحضرها البعض على نار هادئة من أجل استكمال سيناريو محاصرة الموقف المصرى الرافض للمصالحة مع الجماعة الإرهابية وروافدها فى المنطقة أو اخضاع القرار السياسى المصرى للمطالب الغربية ونحن لا نملك رفاهية الوقت... فكما نراهن على الوقت ونسابق الزمن على حد تعبير الرئيس لتعويض ما فاتنا فإن أعداءنا يراهنون أيضا على الوقت..... صحيح أن القرارات الصحيحة تتخذ فى الوقت المناسب وأرى أن هذا هو الوقت المناسب للتحرك الفورى على صُعُد عدة لتنظيم مؤسسات الدولة والقطاعات الحيوية حيث بات ذلك مطلبا جماهيريا تدعمه القوى الشعبية التى وقفت تذود عن ثورة 30 يونيو وتثق فى الرئيس وتؤمن بصدق تبنيه خيارات الجماهير، حيث يستوجب علينا المضى فى خطة السيطرة على الأسعار بعد إعلان الرئيس عن وجود إجراءات سريعة لتوفير السلع الأساسية بأسعار مناسبة قبل نهاية الشهر الحالي، والإسراع بإصلاح شامل للبنية التحتية والتعليم والصحة وكفالة العلاج للفقراء واصلاح الجهاز الإدارى للدولة والإعلام المملوك للشعب على أسس عادلة ومنهجية فضلا على توفير المعلومات الدقيقة بشكل سريع عن أحداث وقرارات تهم الرأى العام يفتح غيابها الباب أمام التساؤلات والتكهنات والشائعات وأيضا أمام الاساءة إلى الدولة وأجهزتها ورموزها وذلك حتى يشعر المواطن بقدر من التحسن يوقف سيل المزايدات والدعاية السوداء.
هناك أيضا فرصة لإعادة الروح من جديد لائتلاف 30 يونيو رغم خروج البعض منه بسبب اختلافات فى الرؤى والإفراج عن شباب المعتقلين من غير المتورطين فى أعمال العنف ومنح الشباب صوتا فى العمل السياسى من خلال تشجيع المبادرات الوطنية للمجتمع المدنى غير الممول خارجيا والتى ترفع من حجم المشاركة الشعبية فى العمل العام. كما أن الصورة واضحة الآن لكى تتنحى جانبا تلك الوجوه غير المقبولة شعبيا التى تتقافز على أكتاف الرئيس وصارت عبئا عليه وتتحدث نيابة عن الشعب زورا وبهتاناً وتفرض عليه الوصاية ويرى الناس فيهم إعادة إنتاج للماضى الكئيب.
التأخير باسم الصبر فى تلك الملفات هو الخطر بعينه على المشروع الوطنى ويفتح الباب للفاسدين قبل الفوضويين للتجرؤ على السلطة السياسية ولتغول شبكات المصالح المرتبطة بالقوى غير الراغبة فى تقدم مصروالتأخير فى التعامل مع ملفات معنية يعطى الوقت الكافى لمن يريد تعطيل أو إجهاض المشروع الوطنى لخلق رأى عام مضاد, كما أنه فى غياب السياسة فإن قاعدة «اتبعني» تعمل لمصلحة المتآمرين على الوطن.
لقد اندلعت ثورة 25 يناير ضد تزاوج السلطة والثروة... والمدهش بعدها أن هناك من يحاول أن يزاوج بين الثورة والثروة ومن المساخر فى هذا إطلاق اسم «جيفارا» على أحد رموز الفساد الذى يتحدث إلينا الآن باسم الثورة من أجل تحقيق مصالح مريبة تنتهى بنا إلى مصير مظلم لو نجحوا فى أفعالهم.. ننتظر حركة إلى الأمام دون تأجيل من أجل رفع الخطر عن مشروعنا الوطني... وقد أثبتت ردود فعل الغالبية العظمى من الشعب على مواقف الولايات المتحدة وبريطانيا فى حادث الطائرة الروسية والتفافهم حول مصر والرئيس أن هذا الشعب يتوحد وقت الخطر.
نعلم أنه لن يتم بين يوم وليلة اصلاح ماتسبب فيه خراب حل بمصر والمنطقة على مدى أربعة عقود لكن ما حققه المصريون مع الرئيس خلال 17 شهرا كان يحتاج إلى سنوات طويلة ما يثبت ما ذهب إليه الرئيس عندما قرر شق قناة السويس الجديدة فى عام واحد وهو أن المصريين يستطيعون.. نعم يستطيعون مع رئيس يثق فى قدرات شعبه ويثق شعبه فيه
لمزيد من مقالات محمد عبد الهادى علام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.