كشفت الأزمة الأخيرة وحالة التلاسن المرفوض بين مصر ودولة الإمارات العربية بعد التصريحات الاخيرة للشيخ القرضاوي, عن حالة الفشل والتراجع الذي مازالت تعانيه الدبلوماسية المصرية وصناع القرار السياسي في هذا البلد بعد الثورة. بدليل أننا لم نستطع حتي الآن بناء وترميم أولي دوائر السياسة الخارجية, ألا وهي العلاقات مع الدول العربية خاصة الخليجية, التي ستكون السند وصمام الأمان لنا في معركة بناء الدولة المصرية الجديدة, وكل ذلك مرده أن وزير خارجيتا وقنوات وأدوات وزارته لايزالون في حالة إرباك لم يدركوا بعد غياب البعد العربي للدولة المصرية قرابة العشرين عاما الأخيرة. الأزمة مع دولة الإمارات أو أي عاصمة عربية فضيحة بكل المقاييس فهذه الدول هي العمق الأستراتيجي للأمن القومي المصري, ما كان لها ان تحدث, هناك خطأ وتسرع وقع فيه شيخنا القرضاوي, معاداة أو افتعال توتر مع الإمارات أو غيرها هو خسارة لنا, بمثابة إطلاق النار علي أقدامنا مسبقا قبل أن نصل الي هدفنا الأول في تلك المنطقة وهو الاسراع باستعادة الدور والمكانة المفقودة وسط غابات ومستودعات الفتن والتجييش وحقول الألغام التي تزرع في شرق اوسط يحترق ويستعد لحرب ومواجهة مقبلة لا محالة هذا عام المواجهة الإسرائيلية/ الغربية مع إيران. هناك أدوار متبادلة وتكامل نريد ان نبنيه ونقيمه لمصر مع دولة الإمارات وهي صاحبة تاريخ مشرف ومواقف إيجابية وعروبية معنا منذ أيام الشيخ زايد, الرجل العروبي الذي وقف وساند مصر في معارك عديدة وجولات بناء وتنمية تزخر بها مدن كثيرة في مصر وتحمل اسمه. علينا أن نعترف صراحة بأننا نكتشف كل يوم أننا مازلنا البلد الأضعف في منظومة دول المنطقة وأننا تنتظرنا معركة مصير اقتصادي وتنموي لن يساندنا فيها إلا الأشقاء في الدول العربية جميعا وليس الأمريكيين والأوروبيين أصحاب الاجندات الخبيثة والمأجورة ولذا لابد أن نعيد بناء سياساتنا الداخلية والخارجية علي أسس ومقومات جديدة تصب في خانة ومصلحة مصر والعرب أولا وهذا يحتاج الي بناء قاعدة استراتيجية مالية عربية صلدة وطويلة الأجل تصب في عودة وبناء الدولة المصرية الجديدة واحياء الدور الغائب الذي بدونه تحولت المنطقة الي نهم لأطماع الإيرانيين وتغلغهم وتمددهم وعودة الاستقطاب للدور التركي الخبيث المتنامي علي جثث وأشلاء السوريين والعرب من أجل نفوذهم ومصالحهم فقط حتي تدين لهم الدول العربية بالولاء والاستغاثات حين تتسارع حرائق المنطقة المتنقلة في قادم الأيام. علاقات مصر مع الإمارات وسائر الدول العربية في المشرق والمغرب العربي يجب أن تبني علي روح العروبة والتعاون والاحترام المتبادل بعيدا عن لغة الإثارة والتحريض والتعبئة ونشر الغضب وهذا حديث موجه لجماعة الاخوان وحزبها الحرية والعدالة, لابد أن تتمتعوا بالذكاء السياسي وألا تكرروا خطأ الخلاف مع الإمارات وغيرها وأن تسارعوا بفتح حوار وأفق جديد لعلاقات مصرية عربية متطورة وأن تنهوا هواجس دول الخليج من وصول الإخوان للقرار والحكم ولتعلموا أن لكل بلد عربي مفاتيح حاكمة وان القطيعة وحالة التصادم مع أي دولة عربية لن تكون في مصلحة مصر وستسحب من رصيدنا, ناهيك عن أننا يجب أن نرتب ونوثق علاقاتنا مع الخليج انطلاقا من مصلحة مصرية كبري تتعلق بمستقبل وحياة أكثر من 5 ملايين مصري يعملون في الخليج, يجب ان نحافظ عليهم ونعالج أزماتهم عبر الحوار الهادئ بدلا من أن نتجرع خيبة عودتهم هم وأسرهم وهي أعداد ليست بالقليلة, فهم قوة مضافة هناك الي الاقتصاد المصري, ولذا يجب ان تكون إيدينا ممدودة وعقولنا مفتوحة مع الإمارات والخليج وسائر العواصم العربية حتي لا يتحول إلي بلد مثل سوريا ذلك البلد الذي تفنن في صناعة أعدائه في المنطقة. ولذا أقول لكل القوي السياسية التي اعتلت المشهد السياسي حاليا في مصر: إنظروا الي مصلحة مصر وبعدها العرب فالمستقبل مازال غائما ومشكلات الوطن عصيبة ومتراكمة, فلا تجعلونا بلد يعيش متمحورا حول ذاته لا يري سواها, فلا تضيعونا ولا تضيعوا أنفسكم. المزيد من أعمدة أشرف العشري