هل أتى على المصريين حين من الدهر ينعق بينهم ناعق الإلحاد؟ هل أتى على المصريين حين من الدهر ترفع بينهم رايات الإلحاد؟ هل أتى على المصريين حين من الدهر يطل عليهم عبر البرامج التليفزيونية من يدعونهم إلى الإلحاد؟ وجرى العرف في سابق العصر والأوان أن يعتلى منابر الإعلام دعاة يحملون الإيمان إلى قلوب الناس حملا، فيتدفق الإسلام الحقيقي إلى شرايينهم، ويزدادون إيمانا على إيمانهم ونورا على نورهم، رحم الله الشيخ الشعراوي أكبر وأعظم داعية رأيناه في التلفاز، كم رأيناه وكم سمعناه يدعو إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وكم كان يجذب أهالينا البسطاء إلى حديثه الأسبوعي بعد صلاة الجمعة، وكم كانوا حريصين على الإنصات وهم يجلسون أمامه وكأن على رءوسهم الطير، خشية أن تفوتهم كلمة من كلماته أو إشارة ذكية من إشاراته، وكم تربت أجيال على هدى تفسيره المستني، وكم شب طفل على تحليله وتفسيره لبعض الألفاظ والكلمات القرآنية التى غمضت عليه، فصار شابا صالحا نشأ في طاعة الله. ورحم اللهْ العالم المسلم ،المفكر المؤمن الدكتور مصطفى محمود ،الذي كانت رسالته العظمى في حياته - والتى نجح فيها أيما نجاح -أن يعقد مصالحة بين العلم والإيمان في برنامجه الشهير الذى يحمل نفس الاسم، بعد أن ظلا زمنا طويلا متخاصمين "بفعل فاعل"، وكأن كلا منهما فى اتجاه فلم يكن ينظر إلى العالم في أى مجال من العلوم أنه على صلة بالدين ولم يكن ينظر إلى ذى الدين على أنه على أى قدر من العلم ، وظل الأمر كذلك حقبة طويلة من الزمن من المسلمات، حتى أطل علينا هذا العالم المؤمن في برنامجه المذكور ليجعل العلم يعانق الإيمان، ويجعل الإيمان يكلل العلم وينير طريقه، ذلك بعد أن خاض تجربة فريدة بدأها فى جانب العلم المحفوف بالإلحاد، ثم هداه الله وثاب إلى رشده، فحمل على عاتقه أن ينقل إلى الناس ثمرة تجربته ويمتعهم بالنتيجة التى رسا عليها قاربه، فكان برنامجه خير داع إلى الهداية المستنيرة بالتجربة الرائعة، وكان برنامجا علميا فى الأساس جذب إليه جميع أفراد الأسرة من أكبرهم إلى أصغرهم، بمادته العلمية المشوقة التى تشتمل على مادة فيلمية تتناول أحيانا الغابة وما فيها من حيوانات تعيش على الغريزة التى أودعها الله إياها، ثم يبين ما فيه ذلك من دلالة دامغة على أن وراء سلوكياتها خالقا حكيما أبدع وأحكم كل شىء خلقه، وتناول أحيانا الحياة البحرية بما فيها من مخلوقات نادرة وأسماك وحيتان وكائنات، وكذلك فعل عندما تناول عالم الفلك بما فيه من أجرام سماوية، ونجوم وكواكب في حركة دائبة لا تدع مجالا للشك في أن للكون إلها واحدا، لأن وحدة الخلق وتناغمه يدلان على وحدة الخالق وتفرده وهكذا أصبح العلم داعما للإيمان وليس مبررا للإلحاد. فكيف الحال بنا الآن والبرامج تحاصرنا بأصوات ناعقة بالكفر وصيحات زاعقة بالإلحاد وداعية إليهما تشكك في كل شىء بدءا من التشكيك في كتب السنة المشرفة ومرورا بالطعن في صحة القرآن وصولا إلى نفى وجود الله سبحانه وتعالى، ولطمنا بكلام ما أنزل الله به من سلطان، دون أن يتصدى لهم من هو أهل للرد عليهم بالحجج العقلية من أهل العلم والإيمان، فلا يتركوا أبناءنا الذين لم يسمعوا ولم يروا العلماء الأجلاء الذين تربينا نحن على هداهم، نهبا لهؤلاء الملاحدة والزنادقة، ليعيدوا الكرّة مرة أخرى وينتصروا للإيمان والتوحيد ويتسلحوا في الوقت نفسه بروعة العلم حتي يكون إيمانا مستنيرا بالعلم وعلما متوجا بالهداية و..فهل لنا من شعراوي جديد ، و هل لنا من مصطفي محمود جديد يرد على هؤلاء أم عقمت النساء أن يلدن مثلهما؟! لمزيد من مقالات صبرى زمزم