أصبحت ظاهرة تغير المناخ من أهم القضايا التى تتناولها القمم الدولية والإقليمية خلال السنوات الأخيرة لما لها من آثار سلبية خطيرة على مختلف النواحى الاقتصادية والحياتية للدول، بل إنها قضية يتوقف عليها مصير الكرة الأرضية بأكملها. وفى ضوء عودة مصر إلى مكانتها فى القارة الأفريقية بعد سنوات من النسيان، تتسلم خلال القمة فى أديس أبابا، رئاسة اللجنة الأفريقية الرئاسية المعنية بتغير المناخ من تنزانيا، لتقود مصر بذلك الموقف الأفريقى فيما يتعلق بقضية تغير المناخ التى أصبحت تحتل أولوية مهمة على الأجندة الدولية بحسب تصريحات السفير المصرى فى أثيوبيا ومندوب مصر الدائم لدى الاتحاد الأفريقى محمد أدريس. وطالما أكدت مصر موقفها من ظاهرة التغير المناخى والذى يتمثل فى ضرورة التكيف مع الآثار السلبية لهذه الظاهرة والتزام الدول المتقدمة بتقديم التمويل والدعم للدول النامية والفقيرة لمساعدتها فى ذلك، وهذا هو ما أكد عليه الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال كلمته أمام مؤتمر المناخ فى نيويورك العام الماضى التى أكد خلالها أن التكيف مع تغير المناخ يمثل أولوية قصوي، مشيرا إلى معاناة الدول العربية والأفريقية من الآثار الناجمة عن ظاهرة الاحتباس الحرارى وفى مقدمتها التصحر داعيا المجتمع الدولى للانخراط فى مواجهة تلك الظاهرة. وبالنظر إلى آثار الاضطرابات المناخية على أفريقيا نجد أنها كارثية، فالقارة التى يعتمد 70٪ من دخلها على الزراعة تواجه كل عام ضياع الكثير من المساحات الزراعية بسبب التصحر والجفاف وانخفاض منسوب المياه وغيرها من الظواهر. ويتوقع الخبراء أنه بحلول 2050 ستتعرض 20٪ من الأراضى الزراعية فى أفريقيا للاختفاء وسيعانى ما بين 350 مليونا إلى 600 مليون شخص من أزمة نقص فى المياه ، كل ذلك علما بأن 36 دولة أفريقية من بين 50 دولة فى العالم مثبته على قائمة الدول الأكثر تضررا من تغير المناخ. إلى جانب ذلك، تعانى الدول الأفريقية الفقيرة من فيضانات جارفة تغمر قرى بأكملها مما يؤدى إلى مقتل المئات وتعثر الوصول للمرافق الصحية، الأمر الذى ينتج عنه انتشار للأمراض والأوبئة. وفى الآونة الأخيرة، لم يترك الاتحاد الأفريقى اجتماعا أو قمة له إلا وناقش فيها قضية المناخ وسط مبادرات للتعاون فى مجالات الصحة والاقتصاد الريفى والزراعة، فى الوقت الذى يطلق فيه القادة والزعماء الأفارقة مناشدات متكررة للدول المتقدمة لمد يد العون للقارة السمراء لمساعدتها فى مواجهة ظاهرة التغير المناخى وتداعياتها السلبية. ففى ظل الفقر ونقص الامكانات والاضطرابات السياسية المتلاحقة تبقى الدول الأفريقية عاجزة وحدها عن احتواء هذه الظاهرة والتكيف معها، خاصة وأن أفريقيا - أقل القارات انبعاثا للغازات الدفيئة - ضحية أفعال الدول الصناعية المتقدمة المتسببة الأولى فى ظاهرة الاحتباس الحرارى لما تطلقه من انبعاثات كربونية ترفع من درجة حرارة كوكب الأرض. والحقيقة أن هناك جهودا دولية جدية لمساعدة الدول النامية فى مواجهة تغير المناخ مثل الصندوق الأخضر للمناخ تحت مظلة الأممالمتحدة، فضلا عن تحديد كل من الولاياتالمتحدة والصين - أعلى دولتين انبعاثا للغازات - جدولا زمنيا محددا لخفض انبعثاتهما من الكربون. ولكن تظل تلك الجهود عاجزة عن انقاذ آلاف الأفارقة الأبرياء من الموت الذى تحمله اضطرابات مناخية باتت خارج السيطرة.