تتعاقب حكومات، ويتغير مسئولون ، وتبقى مشكلة الباعة الجائلين أزمة ومرضا سرطانيا ينتشر ويتفشى فى مختلف شوارع مصر ، حيث عجزت الحكومات عن حل تلك الازمة حتى تفاقمت، خاصة بعد ثورة يناير ومع سوء الحالة الاقتصادية والامنية وغياب السيطرة على الشارع، وصل عددهم الى 6 ملايين بائع على مستوى الجمهورية يفترشون الشوارع والكبارى والميادين ويعانون من مطاردة الشرطة والبلطجية وضياع حقوقهم، ولكنهم يصرون على البقاء من اجل لقمة العيش التى لا يجدون لها طريقا بديلا. وقال عبد النبى بيومى ابراهيم ممثل الغرفه التجارية فى لجنة الباعة الجائلين انه تم تشكيل لجنة من المحافظة والحى والنقابة وشرطة المرافق لحصر الباعة الجائلين، مشيرا الى ان الغرفه تسعى لان يكون للبائع كيان قانونى يتمثل فى وجود رخصة وبطاقة ضريبية ومشروع رعاية صحية حتى يشعر بمسئوليته تجاه الشارع، مؤكدا ان الغرفة لا تستطيع ان تقدم شيئا لهم الا بعد تقنين اوضاعهم، مشيراً الى ان اغلب الباعة على استعداد لسداد رسوم شهرية للحكومة بشرط الاعتراف بهم وتقنين اوضاعهم. ويشير عبد النبى الى أن الباعة الجائلين يمثلون اكثر من ثمن حجم التجارة فى مصر، ومن الممكن ان يسددوا نحو 3 ملايين جنيه شهريا للحكومة لو تم تقنين أوضاعهم. وعن اخر تطورات وضع الباعة الجائلين يؤكد عبد النبى ان قرار محافظ القاهره اللواء جلال سعيد ونائب رئيس المنطقة الغربية اللواء محمد ايمن بنقلهم من منطقة وسط البلد وعددهم 3 الاف بائع الى جراج الترجمان لمدة 6 شهور لحين الانتهاء من بناء مول كبير عى ارض "وابور الثلج " فى بولاق، وأن تلك الفكرة ستطبق بالنسبه للمناطق التى يوجد بها باعه جائلين بكل محافظة، مضيفا ان الباعه رفضوا ذلك القرار بحجة ان منطقة الترجمان بعيدة عن حركة المواطنين، فاجتمع المحافظ مع مسئولى المرور لتحويل بعض خطوط النقل إلى منطقة الترجمان حتى لا يكون هناك حجة. ومن جانبه ذكر احمد حسين نقيب الباعة الجائلين انه تم إنشاء النقابة فى شهر سبتمبر عام 2012، ويبلغ عدد أعضائها نحو 47ألفا و200عضو، على الرغم من أن عدد الباعة الجائلين على مستوى مصر يتجاوز ال6 ملايين بائع، وذلك طبقا لاستبيان أجرته مؤسسة "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية " مع النقابه وبعض منظمات المجتمع المدنى ، وأن النقابة تعمل على تقنين اوضاع أعضائها لان بعضهم يعمل فى الشارع منذ اكثر من 20 سنة وتوفر لهم المعاشات. وأشار إلى أن النقابة اقترحت مشروع النموذج الحضاري، وسعت لتعميمه بعدة مناطق، وهو عبارة عن أكشاك من الالوميتال بمساحة متر وربع فى متر، حيث أنشأت النقابة فعليا 88 نموذجا بعمارة رمسيس، وحددت محافظة القاهره ستة أماكن بديلة لنقل الباعة الجائلين من ميدان رمسيس والمنطقة المجاورة لها، وهى أسفل كوبرى 6 أكتوبر ناحية غمرة يسع لاستيعاب نحو 150 بائعا متجولا، ونهاية كوبرى محطة مترو الميرغنى وتستوعب أيضا نحو 150 بائعا، ومنطقة المثلث وتستوعب قرابة 100 بائع، وأعلى نفق السبتية، وسور السكة الحديد بشارع أحمد حلمي، وأمام مساكن إيديال امتداد شارع أحمد حلمى ويستوعب كل منهما نحو 150 بائعا، مضيفا أن تلك الأماكن سيحصل عليها الباعة بدون اى مقابل وبصفة مؤقته لتقنين الاوضاع، ولا يعتد بها كعقد او رخصة. واوضح نقيب الباعة الجائلين ان القاهرة بها أعلى نسبة من الباعة الجائلين، حيث تمثل نسبتهم حوالى 90% من الباعة على مستوى مصر، وتتبعها الجيزة ثم الاسكندرية، ويتحدد دخل البائع حسب المنطقة التى يعمل بها، حيث يتراوح دخل البائع بمنطقة وسط البلد بين 100 و150 جنيها فى اليوم، فيما يتقلص ذلك الرقم بالمناطق الشعبيه مثل امبابه ودار السلام ليتراوح ما بين60 و80 جنيها، مؤكدا أن الباعة الذين يتاجرون بالسلع الممنوعة مثل المفرقعات والمنشطات الجنسية وادوات التجميل المغشوشة والاسلحه البيضاء، لا يتم ادراجهم بعضوية النقابة.
أما الباعة أنفسهم فكان لديهم حديث آخر، فقال امجد حسن علي: "أعمل بتلك المهنة منذ 5 سنوات بعد ان كنت أعمل محاسبا باحد المصانع وتدهورت حالتى الصحية واجريت عملية قلب مفتوح مما ادى الى طردى من عملي، ولم اجد عملا يقبلني، فقررت ان اعمل بائعا متجولا، فأشترى بضاعة مثل الادوات المدرسية بسعر الجملة وابيعها بالشارع لأحصل على مكسب فى القطعة الواحدة يتراوح ما بين نصف جنيه وجنيه، ويتراوح دخلى اليومى بين 20 الى 30 جنيها ". وأضاف: " لدى 4 أبناء، وليس لدى اى مصدر رزق اخر، واتجول بالشوارع التي اجد بها حركة بيع وشراء، فيما تطاردنا الشرطة، ولكن البائع المتجول لن يستطيع أحد ايقافه عن العمل لانه يبحث عن لقمة العيش". فيما قال بخيت رشدى محمود: "اعمل بتلك المهنة منذ 10 سنوات ، بعد ان كنت اعمل فى مصنع أحذية صغير إلا أن دخلى منها لم يكن يكفيني، فتركتها وعملت بائعا متجولا لبيع الادوات المنزلية باسعار رخيصة جدا مقارنة بالمحال". مستعدون للتفاهم مع الحكومة لو وفقت اوضاعنا ومنحتنا اكشاكا، ولدينا استعداد لدفع الرسوم للحكومة بشكل منتظم"، مشيرا إلى أن الباعة الجائلين يجتهدون للبحث عن رزق حلال. وأضاف أشرف فؤاد: "أعمل فى منطقة الإسعاف ، ولن أنتقل إلى جراج الترجمان لعدم وجود زبائن هناك، فأغلبية أصحاب المحلات فى "المول التجاري" تركوها لعدم وجود زبائن.