ما يجرى فى سوريا يفضح حقيقة الارتباط بين الإرهاب والجماعات الموجودة فى سوريا، وحجم التنسيق بينهما وحرية انتقال الأفراد بين الدول المعروفة بتواجد القاعدة فيها مثل افغانستان وباكستان والعراق واليمن من ناحية ودمشق من ناحية اخرى . ويدور الأن صراع بين اثنين من هذه الجماعات فى سوريا حول السيطرة على المناطق الغنية بالبترول،وهما «جبهة النصرة» و«تنظيم داعش»، مما وصل إلى حد لجوء كل منهما إلى استخدام التفجيرات الانتحارية ضد الآخر، وهو نفس ما تفعله هذه المنظمات فى سيناء وتتباهى به. الحقيقة التى يحاول كل منهما إخفاءها وراء شعارات دينية كشف عنها تقرير ميدانى من داخل الأراضى السورية لصحيفة "الفاينانشيال تايمز" البريطانية، وهى أن الصراع بينهما يدور من أجل السيطرة على المناطق الغنية بالبترول، والتى تتيح لمن يسيطر عليها بأن يحصل على حوالى مليون دولار يوميا وتخفيف الاعتماد على التمويل الخارجى. ومنذ أوائل عام 2014 كانت المعارك التى سقط فيها آلاف القتلى تدور فى المناطق الشمالية وبعض المناطق الشرقية من سوريا، لكن الاشتباكات ازدادت فى المناطق الشرقية فى الأشهر الأخيرة بعد أن وسعت كل من جبهة النصرة وداعش من هجماتها ضد الأخرى، فى محاولة السيطرة على المنشآت البترولية. ومن المعروف أن سوريا ليست لديها إنتاج بترولى كبير، لكن ما يتوافر لديها يمكنها من أن تصدر حوالى 370 ألف برميل يوميا. ونقلت الصحيفة عن حسان حسان، وهو محلل سورى مقيم فى الخليج ومن منطقة دير الزور، قوله ان القتال فى المنطقة الشرقية بالذات أصبح يجذب إليه من يسمون بالمجاهدين، الذين تجذبهم إلى هذه المناطق الأرباح التى تحققها السيطرة على مناطق البترول. وأن هذه الأموال تساعد على تغطية النفقات المتزايدة لتجنيد مقاتلين جدد. وقد لاحظ السكان فى هذه المناطق ناقلات ضخمة تنقل البترول الخام وتقوم بتهريبه إلى تركيا، أو تسليمه إلى وسطاء يقومون بنقله إلى الدول الغربية. وقد اصبح معروفا أن أعضاء من التنظيمين، النصرة وداعش، يضيفون إلى حساباتهم فى البنوك التركية وفى دولة خليجية أخرى ملايين الدولارات. وهناك تقارير لكل من مؤسسة كارنيجى الأمريكية، والصندوق الوطنى الأمريكى، تقول ان المناطق التى يوجد بها البترول فى سوريا ربما تنتج بترولا بقيمة 50 مليون دولار شهريا على الأقل، ويضيف إلى ذلك تحقيق «الفاينانشيال تايمز» أن المقاتلين فى سوريا قد وجدوا لأنفسهم مصادر أخرى لتمويل نشاطهم بجانب ما يحصلون عليه من عائدات البترول، ومن بينها اختطاف أشخاص للحصول على فدية مقابل إطلاق سراحهم، والتهريب عبر الحدود، والهجوم على المصانع الموجودة فى هذه المناطق وتفكيك محتوياتها ثم بيع أجزائها منفصلة، لكن يظل البترول هو المصدر الأهم للتمويل، وهو الذى دفع المنظمات التى تسمى نفسها بالجهادية إلى أن يقتلوا بعضهم البعض، أو حتى يقتلون أنفسهم فى عمليات انتحارية فى سبيل مليون دولار يوميا، وكما يقول المثل الشائع «عندما اختلف اللصان ظهر المسروق».