ضياء الدين داود: نحن أمام حكومة إتعاس المصريين.. ومعدل الفقر زاد    بتكلفة 35 مليون جنيه.. إدارة المخلفات يكشف تفاصيل تسليم المدفن الصحي الآمن بشبرامنت    وزير الدفاع السنغافوري: نجاح حوار شانجريلا ينبع من عدم الالتفاف حول القضايا    اليونيسف: تعطل توزيع المكملات الغذائية بغزة يهدد حياة أكثر من 3 آلاف طفل    عاجل..وسائل إعلام فرنسية تحدّد موعد إعلان انضمام مبابي لريال مدريد    محافظ الإسكندرية يعتمد نتيجة الشهادة الإعدادية بنسبة نجاح 86.2%    بسبب الحداد.. عمر كمال يؤجل طرح أغنيتة الجديدة    تعرف على سبب فشل زيجات نسرين طافش    فضل صيام يوم عرفة.. تعرف عليه    غدا.. صحة المنيا تنظم قافلة طبية بقرية الفرجاني بمركز بني مزار ضمن حياة كريمة    علاء نبيل يعدد مزايا مشروع تطوير مدربي المنتخبات    «مياه سوهاج»: بدء برنامج التدريب الصيفي لطلاب المعاهد والجامعات خلال شهر يوليو المقبل    اللجنة العامة بالنواب توافق علي موازنة المجلس    ارتفاع مؤشرات البورصات الخليجية بدعم من قراءة التضخم الأمريكي    رئيس جامعة القاهرة: استحداث جائزة «الرواد» لإبراز نخبة العلماء المؤثرين    26 عرضا بالمهرجان الختامي لفرق الأقاليم المسرحية    «رجلي اتكسرت».. سوسن بدر تكشف كواليس إصابتها أثناء تصوير «أم الدنيا» (فيديو)    لمواليد برج الحمل.. التوقعات الفلكية لشهر يونيو 2024 (التفاصيل)    البنك التجاري الدولي يتقدم بمستندات زيادة رأسماله ل30.431 مليار جنيه    رمضان عبد المعز: جوهر الشيء الخضوع التام لله    «كوني قدوة».. ندوة تثقيفية عن دور المرأة في المجتمع بالشرقية    توني كروس يصل ل300 انتصار مع الريال بعد التتويج بدوري أبطال أوروبا    الإفراج عن المحبوسين على طاولة الحوار الوطني    «التنظيم والإدارة» يتيح الاستعلام عن نتيجة التظلم للمتقدمين لمسابقة معلم مساعد    عميد الكلية التكنولوحية بالفيوم يتفقد لجان امتحانات الفصل الدراسي الثاني    مفاجأة.. مدرب ليفربول يحسم مستقبل محمد صلاح    خاص رد قاطع من نادي الوكرة على مفاوضات ضم ديانج من الأهلي    طرق حديثة وحماية من السوشيال.. أحمد حلمى يتحدث عن طريقة تربية أولاده (فيديو)    همت سلامة: موقف مصر ثابت من القضية الفلسطينية وتصريحات الرئيس السيسى خير دليل    600 بالون قمامة.. كوريا الشمالية تعاقب جارتها الجنوبية بالنفايات (فيديو)    إصابة سائق إثر حادث انقلاب سيارته فى حلوان    سنن الأضاحي وشروط الأضحية السليمة.. تعرف عليها    هتجيب الدرجة النهائية فى الفيزياء للثانوية العامة لو راجعت معانا.. فيديو    في دقيقة واحدة.. طريقة تحضير كيكة المج في الميكروويف    اليوم العالمى لمواجهة الحر.. كيف تحمى نفسك من النوبات القلبية؟    محمد الشيبي.. هل يصبح عنوانًا لأزمة الرياضة في مصر؟    الأهلي يكرم فريق سيدات اليد    برلماني أيرلندي ينفعل بسبب سياسة نتنياهو في حرب غزة (فيديو)    العمل: 3537 فُرصة عمل جديدة في 48 شركة خاصة تنتظر الشباب    4 أعمال مستحبة في العشر الأوائل من ذي الحجة.. احرص عليها    الاحتلال الإسرائيلي يواصل قصفه قرى وبلدات جنوبي لبنان    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل مسن في روض الفرج    تأجيل إعادة إجراءات محاكمة متهمين ب "جماعة حازمون الإرهابية" ل 2 سبتمبر    وزير المالية: مشكلة الاقتصاد الوطني هي تكلفة التمويل داخل وخارج مصر    توجيه جديد لوزير التعليم العالي بشأن الجامعات التكنولوجية    مفتي الجمهورية: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر    الظهير الأيسر وملف المحترفين ودعم الهجوم.. يلا كورة يرصد خريطة ميركاتو الأهلي في الصيف    وزير الإسكان ومحافظ الإسكندرية يتفقدان مشروع إنشاء محور عمر سليمان    بدء تفويج حجاج القرعة من المدينة المنورة الى مكة المكرمة    تحرير 139 مخالفة للمحلات غير الملتزمة بقرار الغلق لترشيد الكهرباء    توريد 125 طن قمح لمطحن الطارق بجنوب سيناء    في زيارة أخوية.. أمير قطر يصل الإمارات    النواب يحيل 3 اتفاقيات للجان النوعية في بداية الجلسة العامة .. اعرف التفاصيل    غرفة الرعاية الصحية: القطاع الخاص يشارك في صياغة قانون المنشآت    محافظ كفر الشيخ يعلن أوائل الشهادة الإعدادية    وزيرة التخطيط ل"النواب": الأزمات المتتالية خلقت وضعًا معقدًا.. ولابد من «توازنات»    تحرير أكثر من 300 محضر لمخالفات في الأسواق والمخابز خلال حملات تموينية في بني سويف    لتحسين أداء الطلاب.. ماذا قال وزير التعليم عن الثانوية العامة الجديدة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في جنة الديمقراطية المباشرة
النظام السويسري يرفع لافتة "ممنوع التقليد"
نشر في الأهرام اليومي يوم 18 - 12 - 2013

عندما تنزل في مطار جنيف فإن أول ما تفكر فيه هو أن سويسرا هي البلد الوحيد في العالم التي تحكمها الديمقراطية المباشرة.. فأنت الآن في' جنة الديمقراطية' بالعالم.. ديمقراطية التعددية والمساواة وحق الشعب في اتخاذ القرارات.
فالحكومات السويسرية نجحت عبر عقود متتالية في الترويج لنظامها السياسي المعقد باعتباره النظام الذي يمنح الشعب حق السيادة, حيث يصوت الناخبون ثلاث أو أربع مرات في العام الواحد في استفتاءات مباشرة علي القوانيين وتعديل الدستور.. ولكن يبقي السؤال لصحفي مصري هو هل هذا النموذج هو الأفضل وهل يمكن تطبيقه في مصر؟ أم أن الشيطان يكمن في التفاصيل والصورة البراقة لجنة الديمقراطية تخفي ما وراءها؟ ففي بلد جبال الألب- التي يقطنها حاليا8 ملايين نسمة- أسست نظامها السياسي في1848 عقب حرب أهلية محدودة انتصر فيها البروتستانت علي الكاثوليك( لم يتجاوز ضحاياها100 شخص بين قتيل وجريح!) وانتهت بتأسيس فيدرالية تضم حاليا26 كانتونا( جمهورية شبه مستقلة أو ولاية بالمفهوم الأمريكي) ولكل كانتون دستوره الخاص وقوانينه وبرلمانه ومحاكمه. وتحت حماية جبال الألب والصدفة والحكمة السياسية أحيانا نجت كانتونات سويسرا من الغزو أكثر من مرة أخرها خلال الحرب العالمية الثانية- التي أعلنت وقتها الحياد. ومنح هذا السلام' الدائم' سويسرا الفرصة للإبقاء علي نظامها السياسي دون الدخول في دوامات التحولات الأوروبية خلال مرحلة الحرب الباردة.
ويشدد كل من تقابلهم من المسئولين السويسريين علي أن الحاكم هنا هو الشعب.. وهكذا تحدث الدكتور توماس ميليك للوفد الصحفي المصري في برن, مشيرا إلي أن لمواطني سويسرا حق اقتراح تعديل الدستور عبر جمع100 ألف توقيع لكي تخضع هذه المبادرة بالتعديل للاستفتاء الشعبي, كما يسمح للمواطنيين باخضاع القوانين التي يقرها البرلمان لتصويت شعبي( استفتاء) عبر جمع50 ألف توقيع فقط. كما يتضمن النظام السياسي المجلس الفيدرالي الذي يمثل السلطة التنفيذية ويضم سبعة أعضاء منتخبين من الجمعية الفيدرالية( البرلمان) كل أربع سنوات يتناول كل من اعضاء المجلس رئاسة البلاد لعام واحد فقط مما يجعل اغلب شعوب العالم لا تعرف اسم رئيس سويسرا( حاليا هو وزير الخارجية السابق ديديه بوخالتر) وأن الأحزاب الأربعة الرئيسية تسيطر علي المجلس الفيدرالي وتحكم وفقا لمبدأ التوافق بسبب خشية خضوع قرارتها للاستفتاء الشعبي وإدراكا منها أنه لن يتمكن أي حزب من الاستحواذ علي السلطة التنفيذية. وإلي جانب المجلس التنفيذي هناك الجمعية الفيدرالية التي تمارس السلطة التشريعية وتتألف من غرفتين الأولي هي المجلس الوطني ويضم200 نائب, ينتخبكل كانتون عددا من النواب بما يتناسب مع عدد سكانه( مثل مجلس النواب الأمريكي) والآخر هو مجلس الدول الذي تمثل فيه كل كانتون بنائبين فقط( علي غرار مجلس الشبوخ الأمريكي).
ولكن في التفاصيل, فإن النظام السياسي السويسري ليست'يوتوبيا' توماس مور, فهذا النظام يجعل للأحزاب قوة استثنائية في منع القرارات حيث يمكن لأي حزب أن يجمع بسهولة50 الف او100 الف توقيع لمعارضة القوانيين وتغيير الدستور. مما يجعل آلية اتخاذ القرارات في سويسرا تسير ببطء شديد وتحول دون مبادرة الحكومة من جانب, ومن جانب آخر فإن إمكانية جمع آلاف التوقيعات غير ممكنة للأشخاص العاديين الذين لن ينفقوا الوقت والجهد لذلك, مما يجعل الاستفتاء في أغلب الأحيان أداة في أيدي جماعات المصالح المختلفة.. وفي النهاية فإن هذا النظام شديد التوافقية والممنوع من اتخاذ القرارات الحاسمة في وقتها' ينزع السياسة' من الحوار والجدل العام, وهو غير الممكن في اغلب دول العالم.
ويستمر السؤال معنا, هل النظام السويسري يمكن تقليده مثلما حدث مع الساعات الفاخرة؟.. الإجابة لدي السويسريين' لا'. فالنظام السياسي لهذه الدولة الصغيرة استفاد من عدم خوض حروب وعدم وجود تناحرات اثنية واجتماعية حادة طوال المائة عام الماضية بالإضافة إلي صغر حجم سكان هذه الدولة الأوروبية الذي يتمتع أغلبهم بمستويات دخول مرتفعة تعد الأعلي في العالم. فنحن أمام دولة أغنياء تمارس الديمقراطية من أجل التوافق ولا تدخل في نزاعات إقليمية أو دولية. إن الحديث عن الأنظمة السياسية الاستثنائية يظل استثنائيا فنظام الديمقراطية المباشرة عبر الاستفتاءات في سويسرا تظل امكانيات تطبيقة لا تتعدي تجربة ولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة. ومحاولة استنساخه تصبح مخاطرة قد تقود إلي الهاوية.. ولكن بين الإنبهار بالنظام السياسي السويسري ومحاولة تقليده ومحاولات صنع' الديكتاتور' علي المقاس الوطني فإن هناك العديد من البدائل أهمها تعزيز المؤسسات الديمقراطية وبناءها علي قاعدة المشاركة والتوافق.. هذه المهمة قد تفسد أحلام الساعين' القابضة الدامية' والواعدين بحكم الفرد المنقذ. ولكن في عالم يمارس ديمقراطيته المباشرة الجديدة عبر قنوات التواصل الاجتماعي فإن بناء ديكتاتورية الفرد تماثل في وهميتها محاولة تقليد النظام السياسي السويسري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.