الله ربنا كرمنا منه لا يجزي المؤمنين بمتوسط أعمالهم أو بمجموع أعمالهم وإنما يجزيهم بأحسن ما عملوا من الباقيات الصالحات في حياتهم كلها.. فرب عمل واحد من أعمال الخير يأتيه الإنسان, إبتغاء وجه الله وطمعا في مرضاته يدخله الدرجات العلي في الجنة.. وكلما ارتقي الإنسان كما وكيفا بالخيرات التي يرجو بها وجه الله, في أي صورة من الصور أو موقف من المواقف, مثل بر الوالدين, أو صلة الرحم, أو مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة, أو كفالة الأيتام, أو حسن تربية الأبناء, زادت فرصته في الفوز بالدرجات العلي في الجنة من عمل صالحا من ذكر أو أنثي وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون( النحل97).. وكل انسان ونيته, وكل انسان وفطرته, والله أعلم بالنوايا, يستطيع بفضل الله وبرحمته أن يصل إلي هذا المستوي الرفيع من الأعمال الخيرة.. والحياة لا تعطي كلا من الفرصة للوصول إلي المستوي الرفيع المنشود وبخاصة إذا طال عمره خير الناس من طال عمره وحسن عمله( حديث شريف) وعلي أي الأحوال فإن تراكم الحسنات يثقل موازيننا يوم القيامة فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية( القارعة6 7) والحسنات من ناحية أخري تمحو السيئات وتزيلها وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكري للذاكرين وإصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين( هود114 115).. كذلك الصدقات يربي الله بها الحسنات ويكفر بها السيئات إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ويغفر لكم والله شكور حليم( التغابن17).. ولو وضع كل انسان هدف الوصول إلي الدرجات العلي نصب عينيه وآلي علي نفسه أن يقدم لها من الصالحات وعمل الخيرات ما يؤهله لذلك لأوصله الله إلي مبتغاه والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا إن الله لمع المحسنين( العنكبوت69) ووعد الله حق وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا واستغفروا الله إن الله غفور رحيم( المزمل20).. والله يثني علي من يقوم للصلاة والاستغفار في جوف الليل, ويعتبرهم ممن يعملون أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعملون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب( الزمر9).. هذه درجة عالية من العبودية لله وهم إن شاء الله من الأبرار إن الأبرار لفي نعيم. علي الأرائك ينظرون. تعرف في وجوههم نضرة النعيم يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون( المطففين22 26).. والذي يدخل الجنة وفي أي درجة منها فقد فاز فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور( آل عمران185).. ولكن أجمل من ذلك أن يكون الإنسان في الدرجات العلي من الجنة, لأن الإقامة فيها أبدية لا نهاية لها, فذلك مجال التنافس الحق بين المؤمنين, وصدق الله العظيم لمثل هذا فليعمل العاملون( الصافات61).. فإن يقدم الإنسان لنفسه الخير, بعمل الصالحات, وإخراج ما تيسر من ماله لغير القارين, والبر بالوالدين وصلة الأرحام, والاستغفار آناء الليل, لهو خير له مما يجمعون...