أصبح تلوث الأسماك الناتج عن انتشار المواد الملوثة للمياه والبيئة قضية تثير القلق والمخاوف بين شعوب العالم بعد أن أكدت الدراسات العلمية إصابة الأسماك بأنواع عديدة من التلوثات إلي حد أن الشعب الياباني والذي يعيش علي تناول الأسماك حتي في وجبة الإفطار.. أصبح لدي كل مواطن ياباني جهاز صغير يقيس به درجة تلوث الأسماك قبل تناوله في المطاعم.. وقد بدأت مصر تعاني هذا الخطر بعد أن تسللت عديد من مسببات التلوث إلي مياه النيل والبحيرات الأخري المنتشرة في البلاد, وأيضا شواطئ البحار التي تغذي مصر بالأسماك طوال العام. وقد أكدت قياسات السمية في الأسماك المصرية كما تشرح د. أميمة خفاجي رئيس قسم الثروة السمكية بجامعة قناة السويس وجود معادن ثقيلة, وبالذات الزئبق والكادميوم والرصاص في عينات من الأسماك المنتشرة الآن فوق المائدة المصرية.. وقد أثبتت أبحاث أجريت في جامعة الإسكندرية وجود تلوث في مياه إحدي مناطق الساحل الشمالي, حيث يتم صرف مخلفات مصنع كيميائي يستخدم معدن الزئبق وهو من أكثر المعادن سمية, حيث يؤثر علي المخ والأعصاب.. واثبتت الابحاث أيضا أن أكثر الأسماك المصابة بتلوث الزئبق هي اسماك الماكريل والتونة التي يتم استيرادها. ويلي ذلك معدن الكادميوم وهو أيضا شديد السمية وينقل للأسماك مع صرف مخلفات المصانع والمناجم في المياه.. أما الرصاص وهو ثالث المعادن الأكثر سمية فإنه يصل إلي الأسماك أيضا نتيجة تلوث الانهار بمخلفات المصانع, ويأتي الخطر أيضا مع الأسماك المعلبة في علب صفيح, حيث ينتقل الرصاص من العلبة إلي أنسجة الأسماك.. ورغم أن الأسماك المعلبة خالية من الميكروبات فإنها تسبب متاعب للمستهلك لوجود الهستامين في لحوم هذه الأسماك, وتأتي المبيدات الحشرية علي قمة قائمة ملوثات الأسماك في بلادنا بالذات إذ تتلوث الأسماك بالمبيدات الحشرية التي تستخدم في الزراعة وتنطلق مع ماء الصرف إلي نهر النيل أو البحيرات.. والكارثة, كما تؤكد البحوث العلمية أن الأسماك يمكن أن تركز المبيدات الحشرية في لحمها حتي تصل إلي آلاف الأمثال بالمقارنة بتركيزها في نفس الماء المحيط بها.. وقد وجد علي سبيل المثال أن تركيز مادة إل. د. د. ت موجود بنسبة واحد في البليون في أنهار أوروبا في حين يصل التركيز في أسماك هذه الأنهار إلي خمسة أجزاء في البليون نتيجة لتراكمها في أنسجة دهون هذه الأسماك.. وقد أثبتت الابحاث التي أجريت في مصر كما تضيف د. أميمة خفاجي أن أسماك بحيرة ناصر بالذات تعتبر أقل الأسماك إحتواء علي المبيدات الحشرية في المعادن الثقيلة لبعدها عن مناطق التلوث الصناعي علي امتداد النهر.. إلا ان تلوث الأسماك بالذات سمك البلطي يتزايد كلما إقتربنا من شاطئ البحر الأبيض.. وأكثر الأسماك تلوثا بالمبيدات والمعادن الثقيلة في منطقة وسط الدلتا.. وتظهر أعراض التلوث علي المستهلك في شكل تهيج الجهاز العصبي واتلاف الكبد وفقر الدم واضطرابات هرمونية.. بل ان الأبحاث التي أجريت علي مستخلصات كبد الأسماك التي تستخدم في تقوية الأطفال تحتوي بدورها علي تركيزات عالية جدا من المبيدات الحشرية المحتوية علي الكلور إلي حد أن ملعقة واحدة من هذا الدواء تعطي الطفل كمية مخيفة منه. ومن المثير للدهشة أن بعض بائعي الأسماك يرشون المبيدات فوق الأسماك لضمان عدم وقوف الذباب عليه ولا يعلمون أن هذا التصرف خطر قاتل. كما قامت مجموعة من خبراء الطاقة الذرية المصرية بعمل أبحاث علي البحيرات المصرية كشف عن أن التلوث الاشعاعي للسمك قضية أخري اكثر خطورة.. وأهم مصادر هذا الاشعاع هو المفاعلات النووية والنفايات النووية.. ولكن لا يقتصر التلوث الاشعاعي بهذه المصادر فقد زاد اهتمام العلماء بدراسة خصائص وصفات المواد المشعة وكيفية انتقالها إلي جسم الانسان ووسائل الوقاية من هذا الخطر.. وثبت ان عدد المواد المشعة كبير جدا وعندما تتسرب هذه العناصر في الهواء فإنها تسقط مع الأمطار إلي الأرض لتهدد الحياة.. وعندما تصل إلي المياه في الأنهار والبحيرات فإن الأسماك تكون أول ضحية لهذه المواد. وقد أثبتت الدراسات أن معظم عناصر التلوث الاشعاعي للأسماك تزيد في الأسماك التي تعيش في المياه العذبة عنها في المياه المالحة.. بخلاف عناصر الحديد والكالسيوم والتليويوم واليود التي تتركز في اسماك المياه المالحة ويتوقف معدل تركيز المواد المشعة في الأسماك علي مستوي التلوث الاشعاعي الذي يصيب المياه. ويشكل تلوث قناة السويس الناتج عن التخلص من الصرف الصحي والزراعي والصناعي دون معالجة خطر واهما بما تحمله المياه من مبيدات وكيماويات وهرمونات في المجري الملاحي وفي البحيرات المرة والمنزلة والتمساح وهي مناطق تعتبر بمثابة المصادر الرئيسية لصيد الأسماك الأمر الذي أدي إلي تناقص الثروة السمكية.