إذا كانت مصر ليست مساهما رئيسيا في الانبعاثات الكلية للغازات المسببة للاحتباس الحراري في العالم, إلا انها تدرك مدي خطورة تعرضها لتغير المناخ في المجالات الحيوية التي تهدد استدامة النظم الطبيعية والاجتماعية والاقتصادية, لذلك تواجه مصر هذه التحديات بروح المسئولية واتخاذ تدابير فعالة لحماية الأجيال في المستقبل من تهديدات خطيرة من شأنها أن تزيد في غياب الإجراءات المتخذة, فقد قامت مصر بالتوقيع علي اتفاقية الأممالمتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في عام1995, كما اعدت خطة عمل وطنية بشأن تغير المناخ لتنسيق جهودها لمواجهة هذا التحدي الخطير والمهم, وللحفاظ علي التنمية الاقتصادية المستدامة, وتوفير بيئة آمنة للأجيال في المستقبل, خصوصا بعد أن ازداد الي حد بعيد القلق في السنوات الأخيرة حول تدهور نوعية الهواء والتأثيرات المحلية والعالمية المرتبطة به وخاصة الملوثات وثيقة الصلة بالتغيرات المناخية. تري هل هناك منافع متبادلة بين تلوث الهواء وتغير المناخ؟ الدكتور محمود عبدالمجيد حسانين أستاذ ورئيس قسم بحوث تلوث الهواء وتقييم المخاطر البيئية بالمركز القومي للبحوث أجاب علي السؤال بأخر دراسة علمية له أعدها حول ملوثات الهواء وعلاقاتها بالتغيرات المناخية وقدمها لمجلس علوم البيئة برئاسة الدكتور محمد رجائي بأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا مؤكدا خلالها علي وجود التفاعل بين ملوثات الهواء وتغير المناخ حيث شحذت الأدلة العلمية التركيز علي العلاقة بين غازات الاحتباس الحراري( غازات الدفيئة) في الغلاف الجوي وارتفاع درجات الحرارة العالمية, فالمناخ يؤثر علي حالة الغلاف الجوي, وهذا بدوره له تأثير علي تكوين وتدفق ملوثات الهواء, فعلي سبيل المثال, فإنه قادر علي تغيير ارتفاع طبقات الغلاف الجوي المختلفة, وكذلك معدل التفاعلات الكيميائية في الهواء. ولذا فإن هناك قلق من أن تغير المناخ يمكن أن يزيد من عبء الأمراض والوفيات المرتبطة بتلوث الهواء وإضاف أنه من ذلك, فمن الصعب التنبؤ بالضبط كيف ستتأثر نوعية الهواء من جراء تغير المناخ في المستقبل, مشيرا إلي أن استمرار التقليل من مستويات تلوث الهواء وغازات الاحتباس الحراري( غازات الدفيئة) هو شيء شديد الضرورة, لأنها تشكل تهديدا خطيرا لصحة كل الناس والبيئة في جميع انحاء العالم, كما يمكن لسياسات نوعية الهواء والمناخ توفير مناخ متبادلة لأن إجراءات التخفيف من تغير المناخ يمكن ان تساعد في الحد من تلوث الهواء, وفي المقابل تساعد التدابير المتخذة لتوفير الهواء النقي علي خفض انبعاثات غازات الدفيئة والتي تؤدي بدورها الي تخفيضات في ظاهرة الاحتباس الحراري, وأوضح الدكتور محمود عبدالمجيد في دراسته الأخيرة ان تلوث الهواء وتغير المناخ يؤثران علي بعضهما البعض من خلال التفاعلات المعقدة في الغلاف الجوي فزيادة مستويات الغازات الدفيئة تغير توازن الطاقة بين الغلاف الجوي وسطح الأرض والتي بدورها, يمكن ان تؤدي الي تغييرات في درجة الحرارة التي تغير التركيبة الكيميائية للغلاف الجوي كما يمكن للانبعاثات المباشرة لملوثات الهواء( مثل أسود الكربون) أو تلك التي تشكلت من الانبعاثات مثلا إلكبريتات والأوزون, وتؤثر أيضا علي هذا التوازن في مجال الطاقة. وهكذا, فإن إدارة تغير المناخ وتلوث الهواء لهما عواقب علي بعضها البعض, وأشار في دراسته بأنه علي الرغم من أن تقليل الجسيمات العالقة بالهواء له فوائد واضحة, فإن فهم تأثير هذا التخفيض علي تغير المناخ أمر ضروري, حيث إن تقييم كل الآثار الناتجة عن التقليل من الجسيمات العالقة بالهواء شيء معقد للغاية لأن هذه الجسيمات تتكون من العديد من المكونات الكيميائية والتي لها خصائص فيزيائية مختلفة, وبعضها يؤدي إلي ارتفاع في درجات حرارة( مثل آسود الكربون) عن طريق امتصاص الحرارة من الشمس, والبعض الآخر( مثل الكبريتات) تؤدي إلي إحداث تبريد بواسطة عكس اشعة الشمس. ومن جانبه أشاد الدكتور مجدي توفيق أمين عام مجلس البيئة بالاكاديمية بالدراسة حيث تمكن الدكتور محمود عبدالمجيد من تحديد نقاط الضعف في السياسات الحالية والمطالبة بدمج سياسات تغير المناخ مع سياسات تلوث الهواء, ومن خلال خارطة للطريق تحدد النهج الزمني للتركيز علي الأهداف القريبة الأجل, وتشمل تحديد الاحتياجات اللازمة لتحسين قدرات التنبؤ المناخية من خلال جهود تعاونية داخل الحكومة المصرية والأوساط العلمية والأكاديمية.