السيسي وبوتين يُشاركان في فعالية تاريخية لتركيب وعاء ضغط المفاعل النووي بالضبعة    بعد غد.. انطلاق تصويت المصريين بالخارج في المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    وزير التعليم العالي يبحث سبل تعزيز التعاون مع السفير السعودي بالقاهرة    إطلاق أول برنامج دولي معتمد لتأهيل مسؤولي التسويق العقاري في مصر    وزير الري يؤكد استعداد مصر للتعاون مع فرنسا في تحلية المياه لأغراض الزراعة    أبناء القبائل: دعم كامل لقواتنا المسلحة    سعر الريال القطرى اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى بداية التعاملات    اسعار السمك البوم الأربعاء 19 نوفمبر 2025 فى المنيا    تراجع معدل التضخم في بريطانيا إلى 3.6% خلال أكتوبر    المشاط: 1600 شركة ألمانية تستثمر في مصر، والحكومة تتبنى مسارا واضحا لتمكين القطاع الخاص    وزيرة الب تترأس الاجتماع ال23 لمجلس إدارة صندوق حماية البيئة    ارتفاع أسعار العملات العربية في بداية تعاملات اليوم 19 نوفمبر 2025    البيت الأبيض: الولايات المتحدة والسعودية توقعان حزمة اتفاقيات ضخمة    زيلينسكي: الهجوم الروسي أدى لمقتل 9 أشخاص    حريق هائل يلتهم أكثر من 170 مبنى جنوب غرب اليابان وإجلاء 180 شخصا    بولندا تستأنف عملياتها في مطارين شرق البلاد    وزير الإعلام البحريني يبحث في زيارة للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية سبل التعاون الإعلامي ويشيد بنجاح احتفالية المتحف المصري الكبير    موعد حفل جوائز الكاف 2025 والقنوات الناقلة    المغرب يهيمن على القوائم النهائية لجوائز "كاف 2025".. وبيراميدز ممثل مصر الأبرز    جيمس يشارك لأول مرة هذا الموسم ويقود ليكرز للفوز أمام جاز    موعد مباراة الأهلي وشبيبة القبائل بدوري أبطال أفريقيا.. والقنوات الناقلة    أدفوكات يصبح أكبر المدربين سنا في كأس العالم بعد تأهل كوراساو    تنمية متكاملة للشباب    «حالة الطقس».. ظواهر جوية متوقعة وارتفاع في درجات الحرارة نهارًا    الإسكندرية تترقب باقي نوة المكنسة بدءا من 22 نوفمبر.. والشبورة تغلق الطريق الصحراوي    موعد إجراء القرعة الإلكترونية لاختيار حجاج الجمعيات الأهلية    مصرع 3 شباب فى حادث تصادم بالشرقية    هنا الزاهد توجه رسالة دعم لصديقها الفنان تامر حسني    مهرجان القاهرة السينمائي، العرض العالمي الأول لفيلم "كوندافا" الليلة    «اليعسوب» يعرض لأول مرة في الشرق الأوسط ضمن مهرجان القاهرة السينمائي.. اليوم    رحلة اكتشاف حكماء «ريش»    7 آلاف سنة على الرصيف!    الصحة: «ماربورج» ينتقل عبر خفافيش الفاكهة.. ومصر خالية تماما من الفيروس    وزير الصحة يوجه بسرعة إنهاء تطوير مستشفى أم المصريين    صحة البحر الأحمر تنظم قافلة طبية مجانية شاملة بقرية النصر بسفاجا لمدة يومين    بعد انسحاب "قنديل" بالثالثة.. انسحاب "مهدي" من السباق الانتخابي في قوص بقنا    محكمة الاتحاد الأوروبي تعتزم إصدار حكمها بشأن وضع أمازون كمنصة كبيرة جدا    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    الضفة.. جيش الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 100 فلسطيني شمالي الخليل    المنتخبات المتأهلة إلى كأس العالم 2026 بعد صعود ثلاثي أمريكا الشمالية    طن عز بكام.... اسعار الحديد اليوم الأربعاء 19 نوفمبر 2025 فى المنيا    شهر جمادي الثاني وسر تسميته بهذا الاسم.. تعرف عليه    زيلينسكي يزور تركيا لإحياء مساعي السلام في أوكرانيا    بشري سارة للمعلمين والمديرين| 2000 جنيه حافز تدريس من أكتوبر 2026 وفق شروط    زيورخ السويسري يكشف حقيقة المفاوضات مع محمد السيد    النيابة العامة تُحوِّل المضبوطات الذهبية إلى احتياطي إستراتيجي للدولة    انقلاب جرار صيانة في محطة التوفيقية بالبحيرة.. وتوقف حركة القطارات    ما هي أكثر الأمراض النفسية انتشارًا بين الأطفال في مصر؟.. التفاصيل الكاملة عن الاضطرابات النفسية داخل مستشفيات الصحة النفسية    النائب العام يؤكد قدرة مؤسسات الدولة على تحويل الأصول الراكدة لقيمة اقتصادية فاعلة.. فيديو    أبرزهم أحمد مجدي ومريم الخشت.. نجوم الفن يتألقون في العرض العالمي لفيلم «بنات الباشا»    آسر نجل الراحل محمد صبري: أعشق الزمالك.. وأتمنى أن أرى شقيقتي رولا أفضل مذيعة    حبس المتهمين في واقعة إصابة طبيب بطلق ناري في قنا    دينا محمد صبري: كنت أريد لعب كرة القدم منذ صغري.. وكان حلم والدي أن أكون مهندسة    مشروبات طبيعية تساعد على النوم العميق للأطفال    فيلم وهم ل سميرة غزال وفرح طارق ضمن قائمة أفلام الطلبة فى مهرجان الفيوم    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    هل يجوز أداء العشاء قبل الفجر لمن ينام مبكرًا؟.. أمين الفتوى يجيب    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تغيّر المناخ .. خطر قادم وسيناريوهات «مأساوية»

أيام قليلة مرت على اختتام أعمال قمة كوبنهاجن حول تغير المناخ، التى انتهت إلى اتفاق غير ملزم لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحرارى، وصفته الدول الفقيرة ومن بينها مصر بأنه «مُحبط وغير كافٍ»، وسط انقسام الأوساط العلمية حول مخاطر تغير المناخ، وتأثيره علينا، رغم كل التقارير الدولية التى تشير إلى حجم التأثير الواقع على مصر بحلول عامى 2050،2030 بسبب تغير المناخ..
وفى ظل غياب دراسات وبحوث مصرية تتناول الظاهرة بشكل مفصل وتأثيرها على قطاعات الزراعة والمياه والصحة والتجارة، التقت «المصرى اليوم» اثنين من كبار خبراء البيئة على مستوى العالم هما الدكتور محمد عبد الفتاح القصاص، والدكتور مصطفى كمال طلبة.
أكد الخبيران أن مصر ليس لديها خطط لمواجهة تأثيرات تغير المناخ، وبشكل خاص المؤكد منها، مثل ارتفاع درجات الحرارة وما يترتب عليه من تغير خريطة المزروعات والمحاصيل فى مصر، وتأثيرها على غرق مساحات كبيرة من الأراضى المصرية الساحلية، وإمكانيات تغير خريطة انتشار الأمراض لتصبح مصر معرضة لأن تكون هدفاً لناقلات مرضى الحمى الصفراء والملاريا، وما يترتب على ذلك من إضرار بالاقتصاد والأمن القومى المصرى، والإخلال بميزان المياه.
وفى السطور التالية يستعرض العالمان الجليلان سبل المواجهة، وسيناريوهات تهجير 5 ملايين مواطن من الدلتا، والمطالبات بتغيير مفهوم عملية التنمية فى مصر، الذى قد يصل إلى حد إلغاء الاعتماد نهائياً على الزراعة.
د.مصطفى كمال طلبة الخبير البيئى العالمى: الأمن القومى المصرى فى خطر بسبب تغيّر المناخ.. وما حدث فى كوبنهاجن «مهزلة»
طالب الدكتور مصطفى كمال طلبة، المدير الأسبق لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة بوضع خطط تهجير 5 ملايين مواطن من الدلتا ونقل مصانع المناطق الساحلية قبل موجات الغرق القادمة بسبب تغير المناخ، محذراً من أن ارتفاع درجات الحرارة يهددنا بانتشار مرض «الملاريا» وذلك بحلول عامى 2050،2030.
وقال طلبة: «إن قضية تغير المناخ عالمية ولها تأثيرات واضحة على مصر، أخطرها غرق مساحات كبيرة من السواحل المصرية، بشكل يهدد 40% من الصناعات المصرية، بما يترتب على ذلك من آثار اجتماعية سلبية». وانتقد طلبة، الذى يعمل على قضايا البيئة فى مصر منذ أكثر من 15 عاماً، فى حواره مع «المصرى اليوم»، غياب خطط واضحة للتعامل مع قضية المناخ، التى تشكل خطراً على الأمن القومى المصرى والعالمى،
ويبدى دهشته من عدم وجود متخصصين فى هذا المجال فى مصر، وحذر من أن خريطة الأمراض فى العالم ستتغير بسبب ارتفاع درجة الحرارة، بما سيساهم فى انتشار الأمراض التى ستضر بكفاءة الفرد الإنتاجية وتعود بتأثيرات سلبية على الاقتصاد القومى المصرى، إضافة إلى ضرورة التفكير فى تغيير مفهوم عملية التنمية فى مصر وما قد يترتب على ذلك من إلغاء الزراعة.. وإلى نص الحوار.
■ ما تقييمك لما جرى فى قمة كوبنهاجن الأخيرة؟
- توقعت قبل قمة كوبنهاجن ألا يحدث شىء هناك، وأنهم لن يفعلوا شيئاً، وأبلغت ذلك لسفير الدنمارك المعين خصيصاً للتغيرات المناخية، الذى كان حاضراً فى مؤتمر الأوزون فى مرسى علم، وسألنى عن رأيى، وأكدت له أن شيئاً لن يحدث لأنهم لم يتبعوا أسلوب المفاوضات المطلوب، ولم يتفقوا على شىء قبل ذهاب الوفود إلى كوبنهاجن، ولم يكن فى أيديهم شىء يتحدثون عنه، وأكد لى أنهم تنبهوا إلى ذلك وخفضوا سقف آمالهم فى المؤتمر إلى الاتفاق حول مبدأ أو أكثر تبدأ على أساسها المفاوضات العام المقبل.
ولذلك تعجبت عندما علمت حجم الوفد المصرى المشارك فى القمة، خاصة أن كل ما يمكننا التحدث بشأنه فى مثل هذا المؤتمر هو تمويل الدول المتضررة من التغيرات المناخية ومن بينها مصر، وأن تلتزم الدول الصناعية الكبرى بخفض انبعاثاتها، وبالتالى انتهى الأمر إلى «كلام عايم»، بعدم زيادة درجة حرارة الأرض على حدود درجتين حتى 2030، وهو كلام مستقر ومتفق عليه، ولكن لكى يحدث ذلك ماذا يتوجب علينا فعله، خاصة أن العلم يتحدث عن تخفيض الانبعاثات بنسبة 40% حتى سنة 2025، و80% حتى سنة 2050، وكلها أمور كان يجب مناقشتها فى كوبنهاجن،
ومن بينها إمكانيات تخفيض الانبعاثات وحصة كل دولة منها، وحجم التمويل، ولم يتخذ قرار فى أى منها، وخرج المؤتمر بتوفير 30 مليار دولار، دون تحديد كيفية توزيعها أو المسؤول عن توزيعها أو المسؤول عن التمويل أو حصة الدول النامية منها أو أوجه إنفاقها، ولم تسبق المؤتمر اتصالات غير رسمية أو الاستماع إلى أصحاب الآراء المختلفة،
وكان معروفاً أن الصينيين لن يقبلوا اتفاقية ملزمة، وأن الأمريكيين سيقولون «لن ندخل اللعبة إلا إذا دخلت الصين»، والخوف من أن تتقدم الصين إنتاجياً عنها إذا خفضت أمريكا انبعاثاتها، والدولتان مسؤولتان عن 50% من حجم الانبعاثات على مستوى العالم، وإذا اتفقت الدولتان على تخفيض الانبعاثات 50% بحلول عام 2050 سيتم حل المشكلة، وعلى كل الأحوال لم يتم الإعداد بشكل جيد لمؤتمر كوبنهاجن،
وأرجو ألا تتكرر هذه المهزلة فى مؤتمر المكسيك العام المقبل، بحيث تسبقه اجتماعات ولقاءات حول الخطوط العريضة، وتتبقى نقطتان أو ثلاث يمكن التفاوض بشأنها خلال المؤتمر أو فى لقاء القمة وتسفر عن توقيع اتفاقية.
■ بالنسبة للشأن المحلى، تحدثت عن ضرورة تغيير طبيعة الاقتصاد المصرى بسبب التأثيرات المتوقعة لتغير المناخ.. لماذا؟
- بعض النماذج الرياضية القادمة من أوروبا وأمريكا تشير إلى زيادة منسوب المياه بنسبة 30%، والغالبية تقول إنه سينخفض بنسبة 70%، فليست لدينا نماذج رياضية حول آثار الظاهرة فى مصر، وبالتالى لا يوجد أحد فى كامل قواه العقلية، يستطيع أن يطلب من دولة تجهيز خطط على احتمال زيادة المنسوب، وتجهيز خطط على احتمال النقص.
ولكن إذا زاد منسوب المياه يجب أن ننظر إلى السد العالى وسبل تقويته ليتحمل الفيضانات الآتية، وسبل التعامل مع المياه الزائدة على طاقة بحيرة ناصر الاستيعابية، وهل سندفعها إلى توشكى أم منخفض القطارة؟، وإذا انخفض منسوب المياه حتى يصل إلى نسبة 70% نقصاً، علينا التفكير فى احتمالات أخرى من بينها إلغاء الزراعة فى مصر، وذلك فى وقت تستهلك الزراعة 80% من مواردنا المائية، بمعنى أن الدولة يجب أن تغير مفهوم التنمية بالكامل فى هذه الحالة، وتدرس الاعتماد على الصناعة أو السياحة أو المشغولات اليدوية، وأن تفعل شيئاً لا يحتاج إلى المياه.
■ هل هناك أيضاً مخاوف من انتشار أمراض معينة؟
- لا يقف الأمر عند حد الغرق أو الجفاف، وإنما خريطة الأمراض ستتغير، والسياحة ستتأثر، كل الكلام ده مفيهوش هزار، فنسبة الأشخاص الذين سيصابون بالملاريا ستزيد بمراحل كبيرة جداً، لأنه كلما ارتفعت درجة الحرارة فى الجنوب الأفريقى تحرك الناموس إلى أعلى بحثاً عن أماكن أكثر برودة مروراً بمصر، ومنها إلى البحر الأبيض المتوسط وحتى أوروبا، وبدأت الدول الأوروبية بالفعل مراجعة مستشفيات الحميات لديها، لتصبح جاهزة حال حدوث وباء الملاريا لاستقبال آلاف الحالات، نحن منشغلون
بوباء أنفلونزا الخنازير، ولم يتحدث أحد عن مخاطر الملاريا.
■ تحدثت سابقاً عن سيناريوهات تهجير مواطنين من الدلتا والمشكلات الاجتماعية المرتبطة بذلك فما هى؟
- الأخطر من ذلك هو أن إنتاج البشر سيقل نتيجة المرض، وستكون نسبة الغياب عن العمل فى أعلى معدلاتها، مما يؤثر على الاقتصاد القومى، وكذلك عندما تقل إنتاجية الزراعة، وما يرتبط بها من موارد الثروة الغذائية، سواء الزراعة أو الثروة السمكية أو تربية الحيوانات، وستتأثر هذه الموارد نتيجة ارتفاع درجة الحرارة، بالإضافة إلى تأثيرات اجتماعية منها مصير العاملين فى الزراعة فى منطقة الدلتا والعاملين فى الصيد فى البحيرات، أين سيذهبون؟، خاصة أن التقديرات تتحدث عن 4 أو 5 ملايين
مواطن سيتأثرون بسبب تغير المناخ، آخذين فى الاعتبار أننا ننتظر من 30 إلى 40 مليون فرد زيادة سكانية على مدار الثلاثين إلى أربعين سنة المقبلة.. ماذا خططنا لهم؟
وعندما يتم تهجير الناس من شمال الدلتا ومن منطقة البحيرات، ستبدأ المشاكل بينهم وبين السكان الأصليين فى المناطق التى سيتم تهجيرهم إليها، خاصة أنهم سيبحثون عن سكن وعمل، وكلها ستصب فى خانة عدم استقرار المجتمع، فضلاً عن مشكلات اجتماعية لا أول لها ولا آخر، فمطلوب لهم فرصة عمل وهو غير متاح، ومطلوب لهم سكن وهو غير متاح أيضاً، وإذا لم أبدأ من اليوم فى توفير مساكن على مدار العشرين سنة المقبلة لن أستطيع احتواء هذه الأزمة حال وقوعها.
■ كيف يمكن التعامل مع غرق السواحل؟
- علينا التعامل من الآن مع قضية الشواطئ التى ستغرق، وعلى سبيل المثال 40% من الإنتاج الصناعى المصرى فى الإسكندرية، إذا جاءت عواصف عالية، وهو أمر محتمل حدوثه جداً، فستغطى جزءاً كبيراً من الإسكندرية، والصناعات المقدرة بالملايين ومئات الألوف من العاملين فيها، يجب بحث نقل هذه الصناعات بعيداً عن البحر، أو بناء أخرى جديدة، وهو أمر يحتاج إلى تكنولوجيا وتمويل.
■ ماذا عن دور المواطن العادى والدولة فى مواجهة الظاهرة؟
- جهود الإنسان العادى لا تزيد على عملية الإقلال من مصادر إنتاج الغازات الدفيئة، وقدرة الإنسان فى بلد مثل مصر على المساهمة فى هذا الإقلال محدودة جداً، لا تزيد على استخدام سيارة «مش منفثة» حتى لا تحرق غازات كثيرة، وأن يتوقف عن تشغيل عدد كبير من اللمبات، وألا يستخدم «الدفاية» أو أجهزة التكييف خاصة إذا لم تكن الحرارة منخفضة بشكل كبير، أما واجب الدولة فهو دعم البحوث العلمية وبشكل خاص فى قطاع الزراعة، خاصة أن الإنتاج الزراعى سيتأثر تأثراً واضحاً جداً، ويجب على مراكز البحوث إنتاج سلالات نباتات جديدة تستطيع تحمل الملوحة ونقص المياه، وارتفاع درجة الحرارة، كما أن ارتفاع درجة الحرارة سيجعل الآفات التى تهاجم النباتات أشرس وأكثر انتشاراً عما هى عليه الآن، وبالتالى يجب أن
تتحمل النباتات ذلك أيضاً، وهو دور معاهد البحوث والفرق البحثية المكلفة.
■ ترى تغير المناخ قضية أمن قومى.. كيف؟
- كبير الاقتصاديين فى البنك الدولى، وكان إنجليزياً عندما كان تونى بلير رئيساً لوزراء إنجلترا، طلب منه إعداد تقرير ودراسة عن اقتصاديات تغير المناخ، وجمع ما يقرب من 30 عالما معه وأعدوا التقرير، وخلاصته الأساسية أنه فى حالة إيقاف نمو الغازات الدفيئة عند ما يعادل 450 جزءا فى المليون ستكون هناك استحالة، لا التكنولوجيا تسمح ولا التمويل يسمح، وستكون التكاليف رهيبة، وإنه علينا الاجتهاد لتثبيت المعدل عند 500 أو 550 جزءا فى المليون، وأن تكلفة هذه العملية على الاقتصاد العالمى تبلغ 1% من الناتج القومى العالمى، وإذا انتظرنا حتى عام 2050،
ستصبح التكلفة فى حدها الأدنى 5% من الناتج القومى العالمى، و10% فى الدول النامية، وعندما تم عرض التقرير على تونى بلير طلب من وزيرة خارجيته أن تتوجه به إلى مجلس الأمن وأن تثير قضية تغير المناخ كقضية أمن قومى عالمى، وليست قضية بيئية فقط.
د. محمد عبدالفتاح القصاص: سنواجه مأساة إذا زادت المياه بنسبة 30٪.. وعلينا الاستعداد ل«أوبئة» جديدة
كعادته جلس خبير البيئة العالمى محمد عبدالفتاح القصاص فى مكتبه داخل كلية العلوم فى جامعة القاهرة، وسط عشرات الكتب والمراجع والأبحاث والتقارير الدولية والمحلية الحديثة، فى مجالات البيئة والمياه والتصحر، يتفحصها بدقة من خلال نظارته ذات الإطار الأسود السميك، وأمامه «علبة بونبون» يقدم منها لضيوفه الذين تعج الغرفة بهم من تلامذته من أساتذة البيئة فى مصر، ومن تلامذته فى كلية العلوم.
«المصرى اليوم» التقت القصاص الذى حذر من خطورة تغير المناخ على مصر، مؤكداً أن السيناريوهات المتفق عليها بين علماء العالم تشير إما إلى زيادة المياه بنسبة 30%، مما يهدد ب«مصيبة» على حد وصفه، فى ظل غياب القدرات التخزينية لهذه الكمية من المياه، أو تقديرات أخرى بانخفاض المياه بنسبة 67%، و
دعا «الساسة وواضعى القرار» فى مصر إلى اتخاذ قرارات فى ظل «عدم التيقن» قبل فوات الأوان، مشيراً إلى أن التقارير الدولية تشير إلى تغير خريطة الأمراض فى العالم، وهو ماعلق عليه بقوله: «هل سنشاهد يوماً ما، فى مصر «ناموسة الجامبيا التى تصيب الإنسان بالحمى الصفراء».. وإلى نص الحوار.
■ دائماً تفضل التفرقة بين «الاحتباس الحرارى» وتغير المناخ.. لماذا؟
- يجب أن نُفرق بين الأمرين، وهما مسألتان أحياناً يخلط الناس بينهما.. الدفء العالمى نتيجة لتزايد بعض الغازات الخاصة فى الهواء الجوى تحبس الحرارة الصادرة من سطح الأرض إلى الهواء فتسبب الدفئ، وهذه الغازات هى ثانى أكسيد الكربون والميثايين وأكسيد النيتروز وغيرها،
ورغم أن نسبها بسيطة فإنها قادرة على حبس الحرارة الصادرة من سطح الأرض إلى الهواء الجوى وتسبب زيادة درجة الحرارة، وكون درجة الحرارة ستزيد بنهاية هذا القرن، نتيجة لزيادة هذه الغازات التى سببتها الصناعة، واستخدام الوقود الحفرى من الفحم والبترول والغاز الطبيعى،
والتى ظهرت مع ظهور الثورة الصناعية فى منتصف القرن الثامن عشر، وعملية الدفئ العالمى لا أحد يتناقش فيها، الكل يقبلها ولا أحد ينكرها، وتُذكر فى التقارير الدولية على أنها «ليست موضع نقاش»، ونتيجة لارتفاع درجة الحرارة ستزيد نسبة البخر فى البحار، وستزيد السُحُب وكميات الأمطار، وهذا هو تغير المناخ.
■ ماذا عن تغير المناخ؟
- نتيجة لزيادة درجات الحرارة ستزداد مناطق ضغط الهواء فى العالم، لأن الحرارة العالية تسبب ضغطاً أعلى وتغير اتجاه حركة الرياح وشدتها وعملها، كما قد تتمدد مياه البحار ويرتفع منسوب سطح البحر نتيجة لزيادة درجات الحرارة،
كما سيتسبب ارتفاع درجات الحرارة فى ذوبان كميات من «الجَمَد» فى المناطق القطبية الشمالية والجنوبية، وكميات من الثلوج الموجودة على قمم الجبال، وستنضم المياه الناتجة عن الذوبان إلى مياه البحار والمحيطات وسترتفع منسوباتها، وكل هذه الظواهر يؤكد حدوثها 95% من العلماء، وهو الرأى الغالب، وهناك نسبة أخرى تؤكد أن ذلك لن يحدث ويؤكدون أنهم يحتاجون وقتاً أكبر لمراجعة أنفسهم، وبالتالى فالأمر المتعلق بالتغيرات المناخية به قدر من عدم التيقن.
■ إذن لماذا لا نتحرك رغم تأكيدات العلماء خطورة تغير المناخ؟
- المشكلة التى تقابل الساسة وواضعى القرارات فى كل أنحاء العالم ومنها الدول النامية، بما فيها مصر، إنهم ليسوا معتادين على اتخاذ قرارات فى ظل عدم تيقن، ويقولون «نستنى لما نتيقن»، ولكن يجب أن يعلموا جيداً أننا إذا انتظرنا حتى يكون اليقين ستصبح المشاكل دون حل، وبناءً عليه يجب أن يتخذ الزعماء قراراتهم فى ظل عدم التيقن.
هذا الأمر لاحظناه فى «كوبنهاجن» فهناك اختلاف بين آراء الصناعة الأمريكية على سبيل المثال والصناعة الصينية من جانب آخر، وهناك قدر من عدم التيقن، وهنا يخرج أصحاب المصالح ويمسكون فى «الريشة أو القشة» وهى عدم التيقن، ويقولون «نستنى لما نتيقن»، لأنها ستكلفنا الكثير، وهذه أولى المشكلات التى تواجهنا فى العالم وفى مصر.
■ ماذا يجب علينا عمله فى مصر لمواجهة هذه الظاهرة من وجهة نظرك؟
- تحتاج قضية المناخ فى التعامل معها دراسة 3 قطاعات مهمة، أولها التحليل والدراسة العلمية للمشكلة، والثانية تحديد آثار المشكلة علينا وعلى المجتمع، والثالثة تتعلق بالسياسات والإجراءات التى نتخذها فى سبيل تحقيق هدفين رئيسيين، الأول يتعلق بمنع المشكلة قبل أن تتم أو التقليل منها، وهو ما يطلق عليه «Mitigation»،
والأمر الثانى يتعلق بحالة عدم استطاعة التعامل مع المشكلة والاكتفاء بتقليل الأضرار الناجمة عنها، وهو ما يُسمى «Adaptation»، ويوجد فى العالم «IPCC» أو اللجنة الحكومية لتغيرات المناخ، وهم قرابة 1000 عالم يجتمعون بشكل دورى، ويصدر عنهم تقرير كل 5 سنوات من 3 مجلدات، يتحدث أولها عن العلم، والثانى عن آثار تغير المناخ على الزراعة وموارد المياه والحكومات والأمراض والصحة والتجارة العالمية، ويتناول التقرير الثالث إجراءات المواجهة.
■ أين مصر من كل ذلك؟
- مصر غير موجودة فى المجال الأول، والمتعلق بالدراسات والبحوث العلمية التى تستطيع التنبؤ بما سيحدث، وليس لدينا برنامج وطنى للبحوث العلمية فى مجال تغير المناخ، كما أن الموضوعات المتصلة بقضية المناخ متفرقة، هناك بعض المهتمين من علم الأرصاد الجوية وهو جزء من الفيزياء ويُدرس فى كليات العلوم، وآخرين من علم المناخ وهو جزء من علم الجغرافيا ويُدرس فى كليات الآداب، وهناك فجوة بينهما، ويجب تشكيل مجموعات عمل من الطرفين، ولكن لا يزال بعض علماء هيئة الأرصاد الجوية يجرون بحوثاً وينشرون أوراقاً علمية ويؤكدون أنه لن يحدث تغير فى المناخ، ونقرأ لهم بكل احترام.
■ ما موقف مصر من قضية تغير المناخ وفقاً لتقارير اللجنة الحكومية لتغير المناخ؟
- أعضاء اللجنة الحكومية لتغير المناخ يصدرون تقريراً كل 5 سنوات، كان آخرها عام 2007، وذكروا فى تقرير عام 2001 فى التنبؤ بما سيكون عليه الأمطار فى شرق أفريقيا عامة، وفى مرتفعات إثيوبيا خاصة، وقالوا إن ما لديهم يشير إلى إمكانية أن تزيد كمية الأمطار 30%، وقد تقل بنسبة 67%، ومعنى هذه الإجابة أن النظم العلمية العالمية غير قادرة على التنبؤ،
كما ذكروا فى تقريرهم أنه على الدول المعنية إنشاء مؤسسات علمية إقليمية تستطيع عمل دراسات علمية تكون أقدر على التنبؤ بمستقبل الأمطار فى المرتفعات الأثيوبية، وذلك منذ عام 2001، وكان لدينا أمل بأن تجتمع ال10 دول المشتركة فى حوض نهر النيل فى إطار مبادرة حوض نهر النيل ويشكلون مؤسسة علمية، تقوم بالتحليل العلمى حتى نستطيع التنبؤ.
■ ماذا سيحدث حال زيادة منسوب سطح البحر؟
- فى حالة زيادة المياه بنسبة 30% فإننا سنواجه مأساة.. أين ستذهب هذه المياه، ليس لدينا طاقة لتخزينها، وعندما يأتى منسوب الفيضان عالياً نضطر لإلقاء المياه فى الصحراء فى منخفض توشكى، إذن يجب أن نُعد أنفسنا. وفى حالة نقص المياه بنسبة تفوق 60% فهى مصيبة كبيرة وخطيرة، ماذا سنفعل؟، المجتمع العلمى فى العالم ممثلاً فى اللجنة الحكومية لا يستطيع الإجابة عن هذا التساؤل،
وقال: «يا صاحب المشكلة اعمل وطور قدراتك العلمية لتستطيع الإجابة لك». كما أنهم حذروا من زيادة منسوب الأمطار فى منطقة جنوب البحر المتوسط بنسبة 15%، وهى نسبة ليست خطيرة فالأمطار فى الاسكندرية منسوبها 150 ملليمتر وستزداد إلى 170 ملليمتر، ليست مشكلة «مش مهمة»، ولكن تقارير عام 2007 لم تحسم الأمر فيما يتعلق بمنطقة جنوب المتوسط، و
هى مسألة لا يجب أن نتركها معلقة، وكنا نتمنى أن يعنى «الاتحاد من أجل المتوسط» بهذه المسألة، بأن يدرس قضية التغيرات المناخية وتأثيرها على حوض البحر المتوسط وسواحله، وهو أمر لا يعنى مصر فقط وإنما 30 دولة أخرى، وبالتالى مصر مُقصرة فى جانب الدراسات والبحوث العلمية التى تتناول أصل مشكلة تغير المناخ والقدرة على التنبؤ المستقبلى، وتحتاج إلى تعاون إقليمى فى هذا المجال.
■ ما تأثير تغير المناخ على الزراعة المصرية؟
- عندما نتناول مسألة آثار تغير المناخ يجب أن نتناولها من حيث التأثير على القطاعات المختلفة فى مصر، ومنها على سبيل المثال قطاع الزراعة، وهو قطاع محكوم ومتأثر بدرجات الحرارة، وبالتالى المحاصيل المزروعة فى الدلتا تختلف عن المحاصيل فى الصعيد، فنزرع البنجر مثلاً فى الدلتا، ونزرع قصب السكر فى الصعيد لأن الحرارة هناك عالية،
كما تلعب درجات الحرارة دوراً رئيسياً بالنسبة للدورة الزراعية، وتحديد المحاصيل الشتوية والصيفية، ولدينا فى مصر اهتمام خاص بهذه المسألة، وهناك مجموعات عمل تدرس تأثير ارتفاع درجات الحرارة على المحاصيل الزراعية، وإمكانيات استنباط سلالات جديدة تواجه زيادة الحرارة.
■ لديك تخوف كبير من تأثير تغير المناخ على «ميزان الماء المصرى»؟
- تتناول التقارير الدولية تأثير ارتفاع درجات الحرارة على ميزان الماء فى مصر، بحيرة ناصر على سبيل المثال، عندما نتناول حساباتها نجد متوسط الماء الوارد عند أسوان 84 مليار متر مكعب فى السنة، نفقد منها بالبخر 10 مليار متر مكعب، يتبقى 74 مليار متر مكعب، تحصل مصر على نسبة 55.5% منها، والسودان 18.5%، وبالتالى كمية التبخر تلك كبيرة، خاصة إذا علمنا أن مصر كسبت بفضل بناء السد العالى 7.5 مليار متر مكعب مياهاً فقط،
ولنا أن نتخيل ما ستصبح عليه نسبة البخر إذا زادت درجات الحرارة عما هى عليه، فى وقت نحتاج فيه كل متر مكعب من المياه، هذا بالإضافة إلى الفاقد خلال سير المياه من أسوان مروراً بالترع والمصارف وفروع النيل، ونتيجة البخر أيضاً، فى وقت لدينا حسابات دقيقة بالنسبة لكمية المياه المطلوبة للمحاصيل، آخذين فى الاعتبار أن زيادة درجات الحرارة ستزيد فاقد المياه خلال عمليات «الندح» فى النباتات،
وسيزداد فقد الماء فى عمليات نمو النباتات، كلها أمور يجب حسابها بدقة، نحن نحتاج إعادة حسابات المياه، خاصة فى ظل ما يردده المسؤولون من زيادة مساحة رقعة الأرض المزروعة 2.4 مليون فدان، والذى يعنى زيادة احتياجاتنا المائية.
■ ذكرت أننا فى مصر نغفل قضايا مهمة مرتبطة بتأثيرات تغير المناخ ومنها الصحة؟
- بالتأكيد هناك أمر خطير متعلق بتأثيرات التغيرات المناخية، وللأسف لسنا مشغولون به فى مصر، وهو خريطة الأمراض المعرضة للتغير بسبب تغير المناخ، وأتحدث هنا عن ناقلات الأمراض، وأنواع الناموس مثلاً والقواقع الناقلة للأمراض، فهناك أمراض فى المناطق الحارة تشكل الصحراء حاجزاً بالنسبة لها،
ومع تغير المناخ يجب أن نتساءل فى ظل التغيرات المناخية هل سنشاهد يوماً فى مصر «ناموسة الجامبيا» التى تصيب الإنسان بالحمى الصفراء، ومن هنا أشدد على أهمية دراسة تأثير التغيرات المناخية على انتشار الأمراض التى تنتقل بسبب كائنات أخرى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.