البلاغ ذهبت إلي جريدة »البلاغ« وقلت فلا حادث أولا الأستاذ عبدالقادر حمزة، ولكنه أفلت من يدي لأنه وقتئذ كان مسافراً إلي الاسكندرية، فانثنيت إلي المازني في غرفته البحرية أو الشرقية - لا أدري - ولكنها غرفة قليلة الضوء، ولعلهم اعتاضوا عن قلة الضوء بنور (أبي خليل)، وفيها مكتبان ودولاب (أو صوان للكتب إذا شئت)، أما أحد المكتبين، فيجلس إليه المازني، وأما الثاني فلم أجد أحداً جلس إليه مرة مع كثرة زياراتي له، ولا أعرف الحكمة في ذلك، ولعله "ذو المكتبين" كما يقولون: »ذو القرنين«! ودخلت فجأة عليه بلا استئذان، فوجدته مكبا علي كتابة مقال، فقلت: - ماذا تكتب؟ فقال: اكتب مقالاً اقتصادياً لا أفهم في موضوعه شيئاً قلت: »فما هو عنوانه؟« قال: »لم أضع له عنواناً كعادتي في سائر مقالاتي فإنه أصعب شيء عندي، ولذلك فأنا لا أفكر فيه إلا بعد كتابة المقال، إذ لو وضعت العنوان أولا لفكرة معينة، فقد تسنح أفكار أخري لابد منها في سياق الموضوع فتخرج عن العنوان أو لا يشملها العنوان مهما عظم، ولابد أن تلاحظ أن العنوان هو المقالة كلها في كلمة أو جملة وهذا عسير بلاشك«. ثم أمسك بالقلم واستأنف يكتب، فقلت له: - وهل فهمت الموضوع الذي تكتب فيه؟ قال: »صدقني إنني أشعر أن وحيا يوحي إلي الكاتب حينما يمسك بالقلم ويتناول موضوعا من الموضوعات، قد لا يكون من اختصاصه، ولكنه لا يشعر حتي يري نفسه قد كتب فيه جيداً، فأنا أنقد الآن مشروع الاتفاق التجاري الذي عقدته الحكومة، وأبدي عليه ملاحظات في حين أنني لست اخصائياً، ولو سألتني عنه في غير وقت الكتابة لاجبتك أنني لا أفهم فيه شيئا«. الكوكب وكان الدكتور أحمد بك ماهر جالساً إلي مكتبه يتحدث في التليفون حينما دخلت عليه، فسلمت ورد علي تحيتي بلطف انساني إنه كان وزيراً سابقاً وجعلني أشعر بأني أجلس إلي زميل.. والحق أن الدكتور ماهر مثل حسن في كبار الكتاب الذين يشرفون هذه المهنة بدماثة أخلاقهم وسمو كتاباتهم عن اللغو والفضول. ورأيته يمسك بالقلم ويكتب شيئاً. فقلت له: »ماذا يكتب الدكتور؟« فقال: »رد علي سؤال صحفي بسيط« قلت: وماذا كتبت اليوم من المقالات؟« فقال: »كنت أريد أن أكتب اليوم في مشكلة القمح. ولكني ما كدت أصل إلي مكتبي حتي شعرت بثقل في رأسي، فأجلت الكتابة إلي الغد«. الأهرام وفي صدر غرفة متسعة مستطيلة جلس رئيس تحرير الأهرام وقد تراكمت أمامه أكوام من المقالات و الرسائل التي كان يراجعها. وفيما هو جالس بين هذه الأكوام يدخل عليه محرر ، فيكلفه بمهمة، ثم يقبل عليه آخر فيفضي إليه بمسألة. وكذلك تراه في مكتبه حركة مفكرة، هذا إلي الزوار الذين لا ينقطعون نهاراً ولا ليلا. وقد قلت له: »متي تستطيع كتابة مقالك وأنت علي هذه الحال؟« فقال: »اكتب مقالي إما صباحاً، وإما في الساعة الحادية عشرة مساء. وقد أبدأ كتابته في الصباح. ولا أتمه إلا في ذلك الوقت المتأخر من الليل«. فقلت: »وهل تعني بوضع العناوين؟« فقال: »في كثير من الأحيان لا أضع عنوان المقالة إلا بعد الانتهاء منها، فان الكاتب قد تعرض له في أثناء الكتابة عدة أفكار لا تدخل في العنوان، ولذلك اضطر أحيانا إذا وضعت العنوان أولا أن أغير أو أعدل فيه. »وأنا دائما أحب الاقتصاد في الكتابة ولا أميل إلي التطويل، لأن قاريء الجريدة غير قاريء المجلة يجب أن يعرف حوادث اليوم وليس عنده من الوقت ما يساعده علي قراءة المقالات الطويلة، وأنت إذا تصفحت الجرائد الأجنبية لا تري المقالة الافتتاحية تزيد علي نهر ونصف نهر وقد تكون نهراً واحداً مقسوماً إلي جزءين. »ان العصر الذي نعيش فيه عصر يقوم علي الاقتصاد في الوقت والمال. وهو كذلك عصر السرعة«. وكان أنطون بك يحادثني هذا الحديث وهو يقلب ما أمامه من رسائل ومقالات، ويخاطب أحد الموظفين تارة أو يتحدث مع بعض الأفراد الذين يستدعونه في التليفون تارة أخري. وأنني لكذلك وإذا بفوج من الزوار يدخلون عليه في شأن من الشئون العامة. فاستعذت برب السموات والأرض من الصحافة ودوشة الصحافة ومشاغلها. السياسة وانتهيت إلي جريدة السياسة، وكان الدكتور هيكل بك جالساً في غرفة اجتماع أعضاء حزب الأحرار الدستوريين مع الأستاذ حفني بك محمود وبعض أعضاء هذا الحزب. فبعثت ببطاقتي إليه وقلت لمرسلها إني في حاجة شديدة إلي مقابلته في مكتبه وسرعان ما استدعاني فدخلت عليه فوجدته واقفاً كمن ينتظر مفاجأة صحفية. وبينما نحن كذلك إذا بالأستاذ حفني بك محمود يدخل فيشاركنا في الحديث ثم يدخل زائر لحاجة له ويخرج ثم يتناول الدكتور حسين هيكل بك القلم ويكتب في هذا الشأن الذي كان يتحدث فيه مع هذا الزائر، حتي إذا انتهي قلت له: - هل كتبت حديث اليوم؟ قال: - لم أكتبه ولم أفكر فيه حتي الآن وكانت الساعة قد بلغت منتصف التاسعة فقلت له: - وكيف تكتب مقالك؟ فقال: - اختار أهم موضوع يشغل الأذهان، وقبل أن أخط فيه سطراً استجمع عناصره كلها في ذهني، وربما قضيت في ذلك خمس دقائق أو عشر دقائق اشرب خلالها سيجارة، أو أسير في غرفتي ذهاباً وجيئة. ثم أجلس إلي المكتب فلا يمضي غير نصف الساعة حتي أكون قد انتهيت من حديث اليوم. وأنا أشعر بأني سريع في الكتابة، ومما يساعدني في هذه السرعة أنني أكون الموضوع في ذهني أولاً ثم أكتبه. أما العنوان فليس عندي من الأشياء التي تحتاج مني إلي مجهود خاص، فإنني استمده من الحادث أو الموضوع الذي أكتب فيه، ولست أميل إلي الترجيح (الشطب) في الكتابة ولا أحب أن اضيع الوقت في عمل تواليت للمقالة، بل أنا اكتب المقالة كما تصب في قالب واحد لا تعديل ولا تغيير«. المقطم وهأنذا أدخل علي رئيس تحرير المقطم الأستاذ خليل بك ثابت، فأجده بين أكوام من الرسائل والمقالات وهو يحادث محمد حامد بك قنصل مصر في القدس، فلا أكاد اطمئن في مجلسي حتي يقوم القنصل، ويقبل علي الأستاذ فأسأله: »ماذا تعمل الآن؟ فيجيبني: »اراجع بعض مقالات المحررين وغيرهم من مكاتبي الأقاليم والقراء حتي اذا انتهيت منها نزلت الي المطبعة للاشراف عليها، وأنا اقوم الآن بمهمتين: رئاسة التحرير، وادارة الجريدة لأن صاحبها مسافر، ولا أكتب مقالي إلا في الساعة السادسة صباحا وأسلمه للمطبعة في الساعة السابعة. وأنا أعد الكتابة الآن في الصحافة من أسهل الأمور، لأنه مضي علي نحو 32 سنة في الصحافة منها 21 سنة في رئاسة تحرير المقطم. وفي خلال اشتغالي برئاسة تحرير هذه الجريدة لم أضع اسمي تحت مقالاتي إلا أربع مرات: حين مات سعد زغلول، وثروت باشا، وصروف، وسليم مكاريوس، وأنا من أزهد الناس في الشهرة وحب التظاهر بين الناس، ولا أشعر بلذة في ذلك، كما أني لا احضر احتفالا ولا أقبل دعوة، ولا أدخل سينما ولا تمثيلا، ولذتي كلها محصورة في اتقان عملي ونجاح الجريدة التي أتولي أمورها. وعندي نزعة إلي المحافظة علي قواعد اللغة العربية وأصولها وعلي سائر التقاليد الاجتماعية الصالحة. ولا اقبل في جريدتي كتابة في مذاهب العري وما أشبهها، بل أحب الاعتدال والاحتشام. أما رأيي في الصحافة فإني اعتقد أنها من أشرف الصناعات، ولكنها من أشقها وأشذها مسئولية وأعباء، ولعل ما يصادفه الصحفي من التشجيع والتكريم والاعتراف بفضله في المجتمع هو الذي يسهل عليه متاعب هذه المهنة، فضلا عن أن الصحافة تتيح لصاحبها أن يرضي نفسه إذا أراد اصلاحا أدبيا أو اجتماعيا أو سياسيا فيجد فيها فرصة سانحة للتعبير عما تكنه نفسه من آلام ورغبات في الخير العام والاصلاح الاجتماعي«. الوادي وأرسلت بطاقتي إلي الدكتور طه حسين مدير جريدة الوادي، لأنه يجلس في حجرة مغلقة الباب لا يفتحها إلا حاجبه أو أحد موظفيه، وبعد هنيهة - دعاني إلي حيث يجلس إلي مكتب أنيق في حجرة مستطيلة لم تكن لتصلح مكتباً لكاتب، ولكن لتكون حجرة استقبال، وكأني به وقد جلس وهو عميد كلية الآداب في حجرة من هذا النوع يملي الأوامر وينشر الثقافة بين أبنائه الطلاب الذين أصبحوا الآن أضعاف طلاب الجامعة المصرية التي حجبته عن ميدان الصحافة حيناً من الزمان: - مفاجأة يا دكتور.. فتحول عن كرسيه، وقال: »خيراً لعله تحقيق من التحقيقات...!« قلت: »أنتم أيها الكتاب السياسيون تحلمون دائما بالتحقيق حتي لا يكاد يفارقكم في يقظة أو منام..« وكان جالساً وقتئذ يكتب مقالاً سياسياً قوياً في موضوع »منع عقد المؤتمر الوفدي« فقلت له: - وهل وضعت العنوان؟ فقال: »أنا لا أكتب سطراً في مقالي حتي أكون قد وضعت العنوان أولاً، لأني أري أن المقال بمثابة التفسير لما أضعه من عنوان سواء أكان كلمة أم جملة، وقد اعتدت أن اجعل عنواني السياسي كلمة واحدة. أما في المقالات الأدبية، فلا أتقيد بذلك. وعلي كل حال فالعنوان عندي أسهل شيء في المقال. »وطريقتي في الصحافة أن أختار أهم حادث للكتابة فيه من الناحية السياسية التي أؤيدها، واعني بأن أكون دائماً مهاجماً لا مدافعاً، لأنني اعتقد أن المدافع ضعيف مهما قويت حجته. وإذا هاجمني كاتب فلا أدافع عن موقفي، وإنما اهاجمه من النواحي الضعيفة فيه«. الجهاد بعد انتظار خمس دقائق اقبل أستاذنا العقاد بهيبته وجلاله، فدخل علينا ووراءه أربعة من زواره، فسلم مرحبا بالهلال، ثم جلس يراجع بروفة مقالته، لأنه لا يحضر إلي الجريدة إلا لتسليم المقال أو تصحيحه.. وقد اعتاد أن يكتب دائما في منزله، وكثيراً ما يكتب في »سريره« حتي المقالات الحماسية التي يظن القاريء أن العقاد وهو يكتبها كان متقلداً سيفاً يضرب به علي القرطاس في وجه الخصوم، فانه يحررها وهو مضطجع في الفراش. والأستاذ العقاد يكتب العنوان والمقال دفعة واحدة بعد أن يكون قد استجمع العناصر والمعلومات الكافية، فلا يمضي غير نصف ساعة حتي يكون قد كتب مقالاته السياسية. أما المقالة الأدبية فإنه يستغرق فيها عادة نحو ساعة. وهو يمقت المقدمات أيما مقت، كما يمقت الخواتيم التي يعشقها بعض الكتاب، ويري أن المقال يجب أن ينتهي عندما يجب الانتهاء. وبعد أن جلست مع الأستاذ العقاد فترة قصيرة دخلت إلي الأستاذ توفيق دياب.. وقد رأيته حين دخولي منهمكا في بعض أعمال ادارية يكتب ويراجع، فمنحني ساعة من وقته، فقلت له: - كيف تكتب المقال؟.. فقال: - إذا كانت أعصابي مستريحة كتبت مقالي بيدي، وإذا كنت أشعر بالتعب دعوت أحد الموظفين وأمليت عليه المقال. والفرق بين الحالين أني في الأولي أكون متمهلا وفي الثانية أكون متدفقا. »أما اختيار الموضوع، فإما أن يكون عن ايحاء نفسي، وحينئذ لا حاجة إلي مراجعة أخبار اليوم، وإما عن ايحاء الحوادث التي حولي فأستوحيها واستمد منها ما اكتبه. ولي عناية خاصة بالعنوان، فربما أمضيت في اختياره دقائق، وأنا أضعه غالبا قبل كتابة المقال، ولكن إذا كان الموضوع متفرعا فاني اكتبه أولا بلا عنوان ثم اختار فقرة من المقال فاجعلها عنوانا، وأحب ابراز المسائل المهمة والنقط الخطيرة«. آخر ساعة - هل الأستاذ محمد التابعي موجود؟ - نعم، ولكنه مشغول بذلك أجابني شاب متعلم يجلس في شبه غرفة داخل غرفة وهو يكتب علي »التيبرايتر« ينقل خطاباً، ولكن بعد قليل دخلت علي شاب يبدو علي وجهه الهدوء والسكينة علي الرغم من مشاكساته السياسية ومعاكساته التي يضيق بها خصومه. - ماذا تصنع؟ - أنظر بعض الشئون الادارية، ثم أكتب - وكيف تكتب مقالاتك؟ - أختار الفكرة أو رأس الموضوع الذي أريد أن أكتب فيه وأتركه حتي يأتي وقت الكتابة، فتتوافد علي الأفكار أثناء الكتابة، فأنا أريد الليلة مثلا أن أكتب في موضوع »الدار الجديدة التي اشترتها الحكومة لوزارة الخارجية«، ولا أعرف الآن ماذا أكتب. وطريقتي في الكتابة هي طريقة التهكم بمن يستحق التهكم من الوجهة العامة دون أن أتعرض لسبه لأني أمقت الشتائم والسباب فهي ليست خطتي، وإذا كان هناك شيء فهو التهزئة المضحكة، فأنا أحب أن أضحك الناس علي من أنتقده، وربما استطعت أن أجعله يضحك من نفسه. دار الهلا ل وهأنذا أفاجئكم أنتم أيضا - ماذا.. هل تريد القبض علينا، أو ترغب في التحقيق معنا؟ - لا يا أستاذ فكري، أرأيتني لبست وجهاً غير وجهي؟ وبدت علي وجه الأستاذ فكري أباظة علائم الدهشة، كما بدت علي وجه الأستاذ شكري زيدان أحد صاحبي دار الهلال، وكانا وقتئذ مجتمعين للبحث في شئون المصور، وقد دارت المناقشة حول ما صدر وما لم يصدر من مقالات، وهي مناقشة كلها ملاحظات طريفة واقتراحات مبتكرة، وهي السر في نجاح مجلات الهلال التي لا يتناولها الجمهور حتي تكون قد غربلت وانتخبت وبذل فيها من المجهود الجبار ما يستنفد من صاحبي دار الهلال ومحرريها وسائر موظفيها أوقاتهم في الليل والنهار. فإذا غزوت يوماً هذه الدار وأتيح لك الاطلاع علي أعمالها ومجهوداتها لهالك ما فيها من نشاط وعزم وقوة وسرعة ونظام. ولا أقول ذلك لأني أحد أعضائها، ولكن هو الواقع الذي تفرض علي هذه المقالة الاعتراف به. والأستاذ شكري زيدان كأخيه الأستاذ أميل المتغيب الآن في أوروبا، شعلة من النشاط، ومثل غريب في المثابرة علي العمل، ولست أترجم للقراء عن عملهما بغير هاتين العبارتين، وقد طلبت إليه أن يحدثني عن رأيه في الصحافة وفي نجاح مجلات الهلال فقال: - ان الصحافة من أصعب المهن وأدقها لاسيما إذا اعتبرت ما يصدر عن دار مثل دارنا من مجلات مختلفة في الشكل والأسلوب، وما يتطلب هذا الاخراج من مجهود متواصل متجدد في مختلف الأبواب: من تحرير مبتكر، وادارة منظمة، وطبع متقن. ولا يتم الفوز في هذه الميادين إلا بمجهود عظيم قلما يدركه الجمهور. »لما إذا سألتني عن شروط النجاح في ميدان الصحافة فأجيبك باتباع الطريق المستقيم للنجاح في أي مشروع أو عمل يباشره الإنسان. وذلك يكون كالآتي عادة: »تتولد الفكرة أولا في ذهن صاحبها فإذا استهوته أمعن في التفكير فيها والاحاطة بها من جميع جهاتها إلي أن تختمر اختمارا تاماً في ذهنه، عندئذ يشرع في تنفيذها. ولابد لكي يضمن النجاح في التنفيذ - لاسيما إذا كان عمله كثير التشعب متعدد النواحي كالأعمال الصحفية الكبيرة - أن يراعي النقط الآتية: 1- حسن اختيار المعاونين وتخصيص كل منهم لنوع العمل الموافق لكفايته عملا بقول الانجليز the right man in the right place 2- توجيه المجهودات الفردية التوجيه الصحيح والاهتمام بأن يعمل كل فرد من الأفراد بالتعاون والتوافق مع المجموع بحيث لا يذهب مجهود سدي بل تتآزر المجهودات بالتوافق في سبيل ادراك الغاية المشتركة. 3- تنظيم العمل بحيث يتاح للمشرف عليه المسئول عنه أن يتتبع بطريقة منتظمة مجهود كل فرد من العاملين بحيث يشعر الجميع أنه معهم دائما. 4- السهر علي أن يسود الجميع روح مباركة من الثقة والمودة بحيث يشعرون أنهم أفراد عائلة واحدة تجمعهم أواصر الألفة وتربطهم رابطة المساهمة في تحقيق غرض شريف واحد ألا وهو خدمة الجمهور والوطن عن طريق الصحافة النزيهة المخلصة«. عند هذا التفت إلي الأستاذ فكري أباظة: - وبعد فاسمع يا أستاذ فكري.. - خيراً إن شاء الله.. - إن القراء ينتظرون منك أن تحدثهم كيف تكتب مقالاتك.. - أكتبها كعباد الله الكاتبين..! - لا أريد مزاحاً... - طيب اسمع: إن الفكرة دائماً تواتيني في غير أوقات الكتابة، أعني في القطار أو في الشارع. أو في أوقات الرياضة. فأدونها في مذكرتي. وقد تأتيني في المنام وأستذكرها في اليقظة، حتي إذا جلست إلي مكتبي تكون قد اختمرت في ذهني، فأندفع في كتابتها بسرعة. ولا تظن أنني أستطيع أن أجلس إلي المكتب وأفكر... لا.. إنني لا أستطيع أن أضع فكرة موضوع إلا إذا كنت بعيداً عن المكتب وعن القلم والقرطاس. وإذا لم تؤاتني الفكرة قبل ذلك فلا سبيل إلي الكتابة مطلقا ولو جلست ساعات. وأنا أشعر أن للكاتب مزاجاً خاصاً، فإذا جاءني مزاجي كتبت ما أريد، وإذا كنت منقبضاً فعبثاً أحاول كتابة سطر واحد. »ودائما أعني بالاستعارة والكناية في كلامي ولا استحي أن أذكر الواقع ولو كان يضحك مني القراء لأني أحب الصدق، وقد ذكرت لك أني اندفع بسرعة في الكتابة، وهذه هي عادتي فإنني سريع جداً. فإذا بدأت الموضوع وضعت العنوان قبل كل شيء، ثم أخذت في الكتابة بدون شطب إلا يسيراً، ولكن لي عادة غريبة فإنني دائما حينما أهم بوضع القلم علي القرطاس لأخط السطر الأول لا أسير في الكتابة حتي أكون قد مزقت ثلاث ورقات تذهب أطعمة لسلة المهملات، ولو علم صاحبا المصور هذه العادة، لألقيا الحجر علي .......« - وأخيراً.... - وأخيرا ماذا لقد عطلتنا عن اجتماع المصور. وكاد يحتد في وجهي، وكدت احتد في وجهه، فتداركنا الأستاذ شكري زيدان وتداخل بعض المحررين، ورأيت ان انسحب لئلا ينطحني بقوته التي يناطح بها الحكومة.