أمريكي يعتدي على شباب مسلمين أثناء الصلاة في ولاية تكساس.. فيديو    استقرار أسعار العملات العربية في بداية تعاملات اليوم 15 نوفمبر 2025    الصحة: مصر تمتلك مقومات عالمية لتصبح مركزًا رائدًا في السياحة العلاجية    وزيرا الإنتاج الحربي والإسكان يستعرضان مستجدات التقدم في المشروعات المشتركة    محافظ أسيوط يتفقد مواقع مقترحة لإنشاء أول نادي للذكاء الاصطناعي بالمحافظة    ترامب يلمّح لقراره بشأن فنزويلا بعد تعزيز الانتشار العسكري الأمريكي| فما القصة؟    الجيش السوداني يعلن سيطرته على بلدة أم دم حاج أحمد بشمال كردفان    فحص طبي لياسين مرعي يحسم موقفه أمام شبيبة القبائل    شيكابالا يقترح تنظيم مباريات خيرية لدعم أسر نجوم الكرة المتوفين    أمن الشرقية يضبط المتهم بسرقة أبواب المقابر في بلبيس    «الأول في الشرق الأوسط».. المتحف المصري بالتحرير يحتفل بمرور 123 عاما على افتتاحه    أحمد مالك والأخوان ناصر في حلقة نقاشية حول السينما العربية الصاعدة    في ذكرى وفاته| محمود عبدالعزيز.. ملك الجواسيس    أستاذ بقصر العيني يشارك في قمة Forbes Middle East لقادة الرعاية الصحية    تحاليل اختبار الجلوكوز.. ما هو معدل السكر الطبيعي في الدم؟    اللجنة المصرية بغزة: استجابة فورية لدعم مخيمات النزوح مع دخول الشتاء    الطقس اليوم.. أمطار واضطراب بالملاحة على عدة مناطق    إصابه 4 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ملاكي بطريق سفاجا-الغردقة    وصول الطفل ياسين إلى محكمة جنايات دمنهور مرتديا ملابس سبايدر مان    بدء أولي جلسات استئناف حكم سائق التريلا المتسبب في وفاة فتيات العنب بالمنوفية    أيمن عاشور: التحضير للمؤتمر الدولى للتعليم العالى فى القاهرة يناير المقبل    تراجع فى بعض الأصناف....تعرف على اسعار الخضروات اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى اسواق المنيا    هشام حنفي: محمد صبري عاشق للزمالك وعشرة 40 عاما    عمرو حسام: الشناوي وإمام عاشور الأفضل حاليا.. و"آزارو" كان مرعبا    حارس لايبزيج: محمد صلاح أبرز لاعبي ليفربول في تاريخه الحديث.. والجماهير تعشقه لهذا السبب    مؤتمر السكان والتنمية.. وزير الصحة يبحث مع البنك الأوروبي تعزيز الاستثمارات وتطوير المنشآت الصحية    طرق حماية الأطفال ودعم مناعتهم مع بداية الشتاء    إخماد حريق محل عطارة امتد لعدد من الشقق ببولاق الدكرور.. صور    نشر أخبار كاذبة عن الانتخابات يعرضك لغرامة 200 ألف جنيه    معلول يغيب عن مواجهة تونس والبرازيل    الصين تحذّر رعاياها من السفر إلى اليابان وسط توتر بشأن تايوان    الري: الاعتماد على البصمة المائية لتحديد المحاصيل التي يتم زراعتها بالمياه المعالجة    سعر طن الأسمنت اليوم السبت 15نوفمبر 2025 في المنيا بسوق مواد البناء    آخر يوم.. فرص عمل جديدة في الأردن برواتب تصل إلى 33 ألف جنيه    جامعة القناة تقدم ندوة حول التوازن النفسي ومهارات التكيف مع المتغيرات بمدرسة الزهور الثانوية    انتخابات النواب، تفاصيل مؤتمر جماهيري لدعم القائمة الوطنية بقطاع شرق الدلتا    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    مواعيد مباريات اليوم السبت 15 نوفمبر 2025 والقنوات الناقلة    قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل ثلاثة فلسطينيين ويداهم عدة منازل بنابلس    الشرطة السويدية: مصرع ثلاثة أشخاص إثر صدمهم من قبل حافلة وسط استوكهولم    ضوابط تلقي التبرعات في الدعاية الانتخاببة وفقا لقانون مباشرة الحقوق السياسية    محاكمة خادمة بتهمة سرقة مخدومتها بالنزهة.. اليوم    إقامة المتاحف ووضع التماثيل فيها جائز شرعًا    حكم شراء سيارة بالتقسيط.. الإفتاء تُجيب    الاتجار في أدوية التأمين الصحي «جريمة»    نقيب المهن الموسيقية يطمئن جمهور أحمد سعد بعد تعرضه لحادث    دعاء الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج وافتح لي أبواب رزقك    أوروبا حاجة تكسف، المنتخبات المتأهلة لنهائيات كأس العالم 2026    مقتل 7 أشخاص وإصابة 27 إثر انفجار مركز شرطة جامو وكشمير    اشتباكات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    مناوشات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    مستشار الرئيس الفلسطيني: الطريق نحو السلام الحقيقي يمر عبر إقامة الدولة الفلسطينية    باحث في شؤون الأسرة يكشف مخاطر الصداقات غير المنضبطة بين الولد والبنت    عمرو عرفة يحتفل بزفاف ابنته بحضور ليلى علوي ومحمد ورامي إمام وحفيد الزعيم    "رقم واحد يا أنصاص" تضع محمد رمضان في ورطة.. تفاصيل    بيان من مستشفى الحسينية المركزي بالشرقية للرد على مزاعم حالات الوفيات الجماعية    نانسي عجرم عن ماجد الكدواني: بيضحكنى ويبكينى فى نفس الوقت    سنن الاستماع لخطبة الجمعة وآداب المسجد – دليلك للخشوع والفائدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لكل مقام مقال
نشر في الشروق الجديد يوم 17 - 01 - 2010

هذا هو المقال رقم خمسين الذى أكتبه فى هذا المكان تحت عنوان «انطباعات» منذ صدور جريدة «الشروق» منذ قرابة العام. وخلال هذه الفترة تلقيت عددا من الرسائل والتعليقات توقفت أمام بعضها. ويمكن تلخيص هذا البعض من الرسائل فى تعليقين: الأول كتب يقول لى أن ما أكتبه يدخل كثيرا فى عالم القصة ويبتعد عن المقال ويتساءل لماذا إذن أكتب فى الصحافة؟. أما الثانى فكان تعليقا على مقال الأسبوع الماضى كتب يقول: (هل أنت تعيش بيننا.. أم فى كوكب آخر.. مع لطافة الموضوع والذى يدخل فى باب الطرف والمزح.. إلا أننى أراه استخفافا بعقل القارئ.. أنا كنت أتوقع منك مثلا أن تسرد علينا شيئا من حياة الكاتب أحمد بهجت بمناسبة الاحتفالية المقامة له.. مع إسقاط شىء على واقعنا.. والله المستعان).
وأوافق القارئ العزيز الرأى أن المقال يبتعد عن هموم الوطن الكثيرة بدءا من الفساد ووصولا إلى الانتخابات الرئاسية القادمة ومرورا بمقتضيات أزمات وكوارث وقوارع تهز أركان الوطن كل أسبوع ويتم تغطيتها بشكل واسع فى وسائل الإعلام المختلفة، رغم قناعتى أن المقال يلامس قضية اجتماعية مهمة تتعلق بالعائلة المصرية. كما أوافق على الرأى الأول فى أن بعض ما أكتبه يحمل همّا أدبيا للتعبير عن انطباعات حول موضوع بعينه. ويعود السبب إلى المقام وليس لأننى أعيش فى كوكب آخر أو فى مجرة أخرى ويا ليتنى كنت. فأنا هنا زائر لعمود يومى يحمل شخصية بعينها وهى انطباعات كاتب. وكانت الفكرة من وراء هذا العمود وكما شرحتها إدارة تحرير الصحيفة هى وجود مساحة داخل صفحة الرأى لا تتعلق بقضايا السياسة والاقتصاد ولا تتعلق بهموم الوطن بشكل مباشر وهى القضايا التى تشغل معظم صفحتى الرأى ومقالات الصفحة الأخيرة، بالإضافة إلى التغطيات الصحفية العامة. أذكر ما قاله مسئول التحرير لتوضيح وجهة نظره: «هو كاتب تناول طعاما فى مكان جميل، فيكتب فى هذه المساحة عن انطباعاته عن هذا المكان وعن الطعام الذى تناوله».
وافقتهم على الكتابة فى هذه المساحة وبدأت بالكتابة عن انطباعاتى حول مدن زرتها حول العالم وبدأت بعض التعليقات والرسائل تطالبنى بالعودة إلى أرض الوطن. فعدت مع الاحتفاظ بالمقام الذى أنا ضيف عليه. يكتب فى هذه المساحة غيرى من أساتذة أجلاء، فكتب الأسبوع الماضى مثلا الدكتور جلال أمين انطباعاته عن لقائه بالسيد رئيس الجمهورية فى معرض الكتاب عند حصوله على جائزة أفضل كتاب، وكتب أحد القراء كتعليق على هذه المقالة الآتى: (يا كبار مثقفينا أنا مكسوف لكم) وهو أمر اعتبرته أنا حسب فهمى للمقال عدم إدراك من القارئ للموضوع الذى تناوله الدكتور جلال، والخلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية. ويكتب الدكتور أحمد مجاهد حول انطباعاته عن أبيات شعرية ومفاهيم لغوية والأستاذ جميل مطر عن الجسد والأطفال والشرود. وغيرهم من كتاب يكتبون فى موضوعات لا تتعلق بهموم الوطن بشكل مباشر. ورغم أن العمود ثابت لا يتغير كل يوم منذ قرابة العام ورغم أن كلمة انطباعات مكتوبة بحروف واضحة كعنوان للعمود فإن العديد من القراء الذين وصلتنى منهم رسائل لم يلتفتوا لغرض هذه المساحة من الجريدة.
لماذا؟
أولا: فقدت الصحافة المصرية منذ فترة طويلة القيم الصحفية الحقيقية القائمة على تقديم مادة ثرية ومنوعة تحمل صفات الإبداع والجدية والحرفية وانهارت المؤسسات الصحفية التقليدية (الأهرام والأخبار والجمهورية) تحت وطأة الديكتاتورية التى نعيش فى كنفها وتربت أجيال من القراء على ثقافة هذه المؤسسات واختفت أقلام تعزف ألحانا خاصة بها.
ثانيا: يبحث القراء فى العموم عن صدى لهمومهم والقضايا التى تشغل فكرهم فى يوم إطلاعهم على الصحيفة، وهى القضايا التى تشكلها فى العموم نفس وسائل الإعلام. وباتت هناك رغبة دائمة أن تكون مقالات الرأى صدى للمقالات الصحفية التى تغطى أحداث الساعة. فكيف لا يكتب الجميع عن كارثة نجع حمادى. وهى كارثة بكل المقاييس ألمت بوطننا المريض. ونفتح الجريدة وإذ بها سلسلة من التغطيات عن نجع حمادى، وبالطبع لا يوجد مقال واحد تمت كتابته بصورة حرفية مبدعة من صحفيين انتقلوا للمكان وأقاموا هناك لفترة كافية وقاموا بتحقيق مفصل يحمل جوانب القضية المختلفة الاجتماعية والسياسية والأخلاقية والاقتصادية والإنسانية من مكان الحادث، وإنما نجد كلاما «مهما» ونظريا فى العموم يكتب من القاهرة، ويبدو أن القراء اعتادوا على هذه النوعية من المقالات التى عفا عليها الزمن منذ قرابة النصف قرن.
ثالثا: الأزمة الطاحنة التى نعيشها تجعل الكثير من القراء غير قادرين على تلقى أى موضوع لا يدخل فى باب الجهاد من أجل تغيير الحال. وهو أمر أجده منطقيا تماما لمفصلية اللحظة التى نعيشها.
رابعا: أرى خللا كبيرا فى ثقافة الحوار فى المجتمع المصرى، فالحوار قائم على محاولة فهم ما يقوله كل طرف للطرف الآخر. ولكن ما يحدث هو أننا لا نبذل الجهد الكافى لفهم الطرف الآخر فيتحول الحوار إلى حوار للخرس. فنحن نقرأ ما نريد أن نقرأه وليس ما كتبه الكاتب. نريد مقالات كتبناها فى مخيلتنا قبل أن نقرأها كما كتب القارئ العزيز فى تعليقه(أنا كنت أتوقع منك مثلا....).
خامسا وأخيرا: هناك أزمة ثقافية عامة فى تلقى التنوع غير المحدود فى أنواع الإبداع. فثقافة الالتزام بمفاهيم مسبقة غالبة على ثقافة الإبداع. ثقافة الخير والشر، والصواب والخطأ تغلب على ثقافة قبول التنوع غير المحدود للإبداع. أقف أمام هذه التعليقات اليوم وبعد خمسين أسبوعا وأتساءل: ما العمل إزاء حوار مكتوب عليه ألا يتم. ما العمل؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.