أعرف أن الباحث السياسى والصحفى فى الخارج يبحثان عن تدقيق ما لديهما من معلومات بزيارات ميدانية للعواصم التى يتناولون شؤونها.. لذلك نهتم كثيرا بأولئك الذين يزورون القاهرة، للاطلاع على أوضاع وشؤون مصر على الأرض.. وعادة ما يلتقى هؤلاء بمن يدعمون رؤيتهم.. وبعضهم يحاول الاستطلاع غير المنظم - العشوائى - إذا رغب فى كتابة تقرير غير سابق التجهيز.. المهم أنهم يدققون عمليا معلوماتهم النظرية، برؤية عملية وموضوعية عبر الاحتكاك بالناس والنخبة لسماع ما يضيف لهم مؤكدا ما لديهم من معلومات.. والمنصف منهم يكون لديه الاستعداد للتغيير رأيه ورؤيته، بتجديد معلوماته. أما عندنا فى مصر فلدينا خبراء محترفون، يفرضون علينا كلاما نظريا أسميه «لغة الخشب» يتحدثون بها عبر قنوات التليفزيون، ويسوقونها بكتابة ما يطلقون عليه «التحليلات السياسية» من خلال صحف مختلفة.. وفى كل الأحوال هم يتقاضون المكافآت والأموال، نظير طلتهم وطلعتهم البهية!! ولو سألت أحدهم عن آخر زيارة له لإحدى محافظات الوجه البحرى أو الصعيد، سيهرب مستعليا «ومفبركا» «كام كلمة فاضية وكام اصطلاح» ليبدو مطلعا على شؤون الوطن.. والحقيقة أنهم أبعد ما يكونون عن فهم التغيرات الاجتماعية والسياسية للمجتمع. أشير لذلك لكى أحذركم من «الكلام الفاسد» و«المعلومات التايوانى» التى سيضخها السادة الخبراء و«دكاترة التحليلات» لأنهم سينشطون لكى يعلنوا توقعاتهم بعزوف الشعب عن التصويت فى انتخابات مجلس النواب.. وتلك هى أمنياتهم وأحلامهم.. لأن الناس فى اعتقادى سيشاركون بإيجابية فى معظم المحافظات.. وسيحدثونك عن توقعاتهم للنتائج، وأستطيع القطع بأن ما سيقولونه لن يتجاوز كونه شعرا.. لأن الشعب سيفجر مفاجآت مذهلة خلال الانتخابات المقبلة.. والدليل على ذلك أن كل ما حاولوا تسويقه من نظريات، قبل فتح باب الترشح.. ظهر مختلفا تماما فى مرتين شهدنا خلالهما شروعا فى عمليتين انتخابيتين.. ورغم ذلك لم يخجلوا أو يعتذروا، واستمروا فى ترويج ما فى جعبتهم كما لو كانوا سحرة يقدمون فقرات فى الموالد الشعبية!! وسامحونى على قسوتى وصراحتى، لأن أكاذيبهم ونصبهم فاق كل الحدود وجعل الناس ينصرفون لكرة القدم وأفلام الانحطاط الأخلاقى فى رسالة لم يفهموها!!
