الأعلى للإعلام يشارك في مناقشة التوصيات النهائية للجنة تطوير الصحافة الورقية والرقمية    إعلان نتيجة المرحلة الثانية لاختبارات الابتعاث 2026 وانعقاد المرحلة الثالثة والأخيرة    التنمية المحلية: تشغيل 332 مجمع خدمات حكومية و129 مشروعا ضمن مبادرة حياة كريمة    رئيس "سلامة الغذاء" يستقبل نقيب الزراعيين لتعزيز التعاون المشترك    البورصة تختتم جماعي بمنتصف تعاملات جلسة اليوم الثلاثاء وربح 17 مليار جنيه    حماس ترد على كاتس: البقاء في غزة والاستيطان بها انتهاك لاتفاق وقف إطلاق النار    إيفان أوس: روسيا لا تخطط لإيقاف الحرب على أوكرانيا    الصليب الأحمر: الوضع الإنساني في غزة كارثي والحاجة ملحة لتدفق المساعدات دون عوائق    ألمانيا: إيداع سائق السيارة المتسبب حادث السير بمدينة جيسن في مصحة نفسية    اليوم.. اجتماع مهم بين أشرف صبحي ومجلس إدارة الزمالك    شوكويزي: محمد صلاح أسطورة وكل لاعب إفريقي يتطلع للسير على خطاه    قضية المخدرات الكبرى.. ماذا طلب دفاع سارة خليفة خلال جلسة محاكمتها اليوم؟    إحالة شاب اختطف طفلة وهتك عرضها بشبراخيت إلى المفتي    بدء إعادة تركيب مركب الملك خوفو الثانية في المتحف المصري الكبير    تراجع الأحزاب وصعود المستقلين، تقرير الائتلاف المصري يرصد ملامح جديدة لبرلمان 2025    جامعة كفر الشيخ تكرم طلاب «الذكاء الاصطناعي» الفائزين في مسابقة للمطورين    الطقس غدًا: شبورة كثيفة وأجواء شديدة البرودة.. والصغرى بالقاهرة 12 درجة    وزيرة التنمية المحلية تبحث التوسع في إنتاج السماد العضوي من وحدات البيوجاز    طرح البوستر الرسمي لمسلسل "بطل العالم"    محمد منير ل اليوم السابع: أنا بخير وفى البيت وكان عندى شوية مغص وراحوا    خالد الجندى يوضح معنى «إياك نعبد وإياك نستعين» ويدعو إلى تحرى الحلال    ملتقى المرأة بالجامع الأزهر يؤكد: الطفولة أمانة شرعية وحق إنساني يُصان    وكيل وزارة الشباب والرياضة بالفيوم يستقبل لجنة «المنشآت الشبابية والرياضية» لمتابعة أعمال مراكز الشباب بالمحافظة    مليار مشاهدة.. برنامج دولة التلاوة فى كاريكاتير اليوم السابع    حكام مباراة الثلاثاء ضمن منافسات الدوري الممتاز للكرة النسائية    وقف إطلاق النار في مهب الريح ..الاحتلال يعمل على تهجير الفلسطينيين بتفريغ قطاع غزة من مقومات الحياة    البحوث الفلكية تكشف موعد ميلاد شهر شعبان وأول أيامه فلكيا    وزارة الصحة تشارك في المنتدى الدولي الأول للشراء الطبي بالجامعة الأمريكية    اللجنة الدولية للصليب الأحمر تعلن استعدادها لدعم عملية إطلاق سراح المحتجزين في اليمن    اكتمال التشكيل النهائى لهيئات مكاتب الغرف الصناعية للدورة الانتخابية 2025-2029    محمد منير بخير.. مصادر مقربة تكشف حقيقة شائعة تعرضه لوعكة صحية    انطلاق «أيام الشارقة المسرحية ال35» 24 مارس 2026    وزيرة التعاون الدولي ونظيرها الأرميني يترأسان أعمال الدورة السادسة للجنة المصرية–الأرمينية المشتركة    أمم إفريقيا - مؤتمر محرز: لا أعذار.. نريد كتابة تاريخ جديد لمنتخب الجزائر    الاستفتاءات والتكريمات والجوائز ومصانع المكرونة؟!    أمم إفريقيا – مؤتمر مدرب السودان: أحيانا أسمع وفاة أحد أفراد أسرة لاعب في الفريق    مودى ناصر يوقع على رغبة الانتقال للزمالك وإنبى يحدد 15 مليون جنيه لبيعه    حصاد قطاع المعاهد الأزهرية عام 2025.. تعليم متجدد وإنجازات غير مسبوقة    ميناء دمياط يضخ 73 ألف طن واردات في يوم حيوي    الصحة: تقديم 34 مليون خدمة طبية بالمستشفيات والمراكز المتخصصة    محافظ شمال سيناء يفتتح عددا من الوحدات الصحية بمدينة بئر العبد    كيان تعليمى وهمى.. حيلة "مستريح مدينة نصر" لاستقطاب ضحاياه    إدارة ترامب ترفع مكافأة الترحيل الطوعي للمهاجرين إلى ثلاثة آلاف دولار    البابا تواضروس الثاني يستقبل الأنبا باخوميوس بدير القديس الأنبا بيشوي بوادي النطرون    لو لقيت فلوس في الشارع تعمل إيه؟.. أمين الفتوى يُجيب    وزير التعليم في جولة مفاجئة بمدارس إدارتي ببا وسمسطا بمحافظة بني سويف    أبطال وصناع "ميد تيرم" ضيوف معكم منى الشاذلي الخميس    ضبط شخصين بالمنيا لاتهامهما بالنصب على المواطنين    الحمصاني: الحكومة تستعد لتنفيذ المرحلة الثانية من منظومة التأمين الصحي الشامل    الاحتلال الإسرائيلي يواصل خرق اتفاق وقف إطلاق النار بأنحاء متفرقة من غزة    وزارة التعليم: أحقية المعلمين المحالين للمعاش وباقون في الخدمة بحافز التدريس    وائل القباني: هجوم منتخب مصر الأقوى.. والتكتيك سيتغير أمام جنوب إفريقيا    الداخلية تسمح ل 23 شخصا بالتنازل عن الجنسية المصرية    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 23ديسمبر 2025 فى المنيا    نظر محاكمة 89 متهما بخلية هيكل الإخوان.. اليوم    خطوات التصالح في سرقة الكهرباء    «المستشفيات التعليمية» تعلن نجاح معهد الرمد والسمع في الحصول على اعتماد «جهار»    أمم إفريقيا - ياسر إبراهيم: أحب اللعب بجانب عبد المجيد.. ونعرف جنوب إفريقيا جيدا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اغتيال الأفضل الجمالى
نشر في الوطن يوم 20 - 06 - 2015

الواقعة التى شهدتها مصر باستيلاء «المستعلى» على الحكم بمساعدة خاله «الأفضل الجمالى» وإقصاء أخيه «نزار» وقتله ليست جديدة، لا فى التاريخ العام، ولا فى التاريخ الخاص بالمسلمين. فما أكثر ما شهد التاريخ ويشهد الواقع أحداثاً مماثلة، يسرق فيها الأخ حق أخيه فى ولاية الحكم، ويستقوى بوزير سيفه على تحقيق هذا الهدف. المظلوميات من هذا النوع تجلل الكثير من صفحات تاريخ الخلافة. تاريخ التآمر وتحييد فكرة «الجدير بالحكم» لا يكاد يخلو منها فصل من فصول الخلافة الأموية، على سبيل المثال وليس الحصر.
من النماذج على ذلك معاوية الثانى (ابن يزيد بن معاوية) الذى مات مسموماً، وقد كان من المفهوم أن البيعة من بعده لأخيه خالد بن يزيد، لكن انقلاباً حدث داخل البيت الأموى، قاده مروان بن الحكم، انتقل الأمر بمقتضاه إلى الفرع الثانى من العائلة، من أبناء الحكم بن أبى العاص بن أمية. ويحكى «ابن الأثير» صاحب «الكامل فى التاريخ» رواية عجيبة تشرح كيفية وفاة «مروان»، يذكر فيها أن معاوية بن يزيد لما حضرته الوفاة لم يستخلف أحداً، وكان «حسان بن بحدل» -خال يزيد بن معاوية- يريد أن يجعل الأمر بعد وفاة معاوية الثانى فى أخيه خالد بن يزيد، وكان صغيراً، فبايع «حسان» مروان بن الحكم وهو يريد أن يجعل الأمر بعده لخالد، فلما بايعه هو وأهل الشام قيل لمروان: تزوج أم خالد، وهى بنت أبى هاشم بن عتبة، حتى يصغر شأنه فلا يطلب الخلافة، فتزوجها، فدخل «خالد» يوماً على «مروان» وعنده جماعة وهو يمشى بين صفين، فقال مروان: والله إنك لأحمق!. تعال يا ابن الرطبة الاست!، يقصر به -أى يهينه ويسخر منه- ليسقطه من أعين أهل الشام. فرجع خالد إلى أمه فأخبرها، فقالت له: لا يعلمن ذلك منك إلا أنا، أنا أكفيكه. فدخل عليها مروان فقال لها: هل قال لك خالد فىّ شيئاً؟ قالت: لا، إنه أشد لك تعظيماً من أن يقول فيك شيئاً. فصدقها ومكث أياماً، ثم إن مروان نام عندها يوماً، فغطته بوسادة حتى قتلته. وأراد عبدالملك بن مروان قتل أم خالد، فقيل له: يظهر عند الخلق أن امرأة قتلت أباك، فتركها. لم يكن ثمة جديد فى أن يستولى «المستعلى» على الحكم ويقتل أخاه «نزار». فالقوة هى القانون الأبرز الذى يحكم القصور، وهى الأداة الأبرز للسيطرة على السلطة، كان الجديد حقيقة هو فى تلقف «الحسن الصباح» للفكرة وبلورة خطاب «المظلومية» تأسيساً عليها، لتحقيق أهداف معينة، يثبت التاريخ أنه لم يعدم الوسائل فى الوصول إليها، أولاً بسبب السياق المحيط به حينذاك الذى ساعده فى إنضاج الفكرة وخلق أتباع ومريدين يتحلقون حولها، وثانياً بسبب القدرات الشخصية التى كان يتمتع بها وأهلته لكى يكون قائداً ملهماً لديه مهارة خاصة فى إدارة البشر، ظهرت بداية فى قراره استقدام «على الهادى بن نزار بن المستنصر» ليحكم إلى جواره، ويمنحه شرعية إقامة دولة «نزارية»، لتكتمل شرعية القوة مع الشرعية القانونية، تمهيداً للاستناد إلى شرعية واحدة، هى شرعية القوة التى استند إليها «الصباح» فى عقد الإمامة له، وهو الذى كان ينعى بالأمس على «الأفضل» تمكين «المستعلى» ب«السيف».
ليس بمقدور المحلل المنصف أن يذهب إلى أن «الحسن الصباح» تحرك بمبدأ إيمانى بالمذهب الإسماعيلى، وهو ينحاز إلى «نزار» المقتول على يد الأفضل الجمالى، ويخاصم «المستعلية». فالمذهب الإسماعيلى كان قائماً فى كل الأحوال، لأنه المذهب الأصلى لكل من «النزارية» و«المستعلية». والواضح أن «الصباح» كان لديه طموح للزعامة، وكان فى الوقت نفسه يمتلك القدرات التى تؤهله لذلك، لكنه كان يبحث عن «الفكرة الخلابة» التى يمكن أن يتحلق حولها الأتباع، ووجد ضالته فى «المظلومية» التى وقعت على «نزار» فبادر إلى التقاطها، وجعل منها أساساً للتأصيل لفكرة العمل الفدائى (الانتحارى بالتعبير الحديث)، واسترخاص حياة الذات وحياة الآخرين فى سبيل العقيدة أو الفكرة التى زرعها فى نفوس أتباعه ومريديه، وجعلها أكبر وأعلى من أى نقد عقلى أو نقاش يحدد مستوى جدواها أو وجاهتها، متذرعاً بأن من يوقظ عقله ويجادل فيها هو ببساطة ظالم لا يفهم معنى «المظلومية» التى حاقت بمجموعات معينة، ولا يريد العدل فى الأرض، ويبغى الانتصار للباطل.
الجديد فى أداء «الحسن الصباح» ارتبط بالمجموعات الفدائية التى تنفذ عمليات الاغتيال فى الخصوم السياسيين، فرغم اختلاف كتب التاريخ فى تحديد المسئولين عن واقعة اغتيال «الأفضل الجمالى» الخصم اللدود ل«الصباح»، إلا أن الرواية التى يحكى فيها «ابن الأثير» كيفية اغتياله تؤشر إلى أصابع الحشاشين. ويقول فيها: «ركب الأفضل إلى خزانة السلاح ليفرقه على الأجناد، على جارى العادة فى الأعياد، فسار معه عالم كثير من الرجالة والخيالة، فتأذى بالغبار، فأمر بالبعد عنه، وسار منفرداً، معه رجلان، فصادفه رجلان بسوق الصياقلة، فضرباه بالسكاكين فجرحاه، وجاء الثالث من ورائه، فضربه بسكين فى خاصرته، فسقط عن دابته». الواضح أن عملية الاغتيال تمت من خلال فرقة فدائية لقى كل أفرادها حتفهم بعد ذلك، عندما ظهر على مسرح الاغتيال أصحاب «الجمالى»، وهى ذات الطريقة التى اغتيل بها «الآمر بن المستعلى» كما حكيت لك على أيدى «الحشاشين».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.