أتوبيس نقل الركاب التابع لإحدى الجمعيات التعاونية لنقل الركاب بمدينة كذا.. يتحرك بحمولته الثمينة من البشرية الفذة، حيث يبدأ المحصل فى المناداة على الركاب .. تذاكر! يقوم الركاب دواليك بمناولة المحصل قيمة التذكرة، والمفروض هنا أن يقوم المحصل بإعطاء الركاب التذاكر الدالة على الأجر المبين عليها، ولكنه لم يفعل كذلك لم يهتم الركاب بمتابعة الأمر، فالأتوبيس ملكية خاصة ولا يتبع هيئة النقل العام، أى ليس أوتوبيسا حكوميا. هذا الموقف يلفت نظر أحد الركاب فيسأل المحصل: أين التذكرة إذن؟ فيكون رد المحصل:أن الأتوبيس الذى تركبه عرضة لأن يعطل فى أى لحظة ويتوقف فيصمت الراكب مرغما. فها هى حجة لا تخطر على البال تساق إليه. ينظر إلى الأمر فيجد أن الأتوبيس يسير، ماشاء الله، كالرهوان أو كالبرق. إذن هناك سبب آخر لعدم إعطاء التذكرة، فما هو ياترى؟ يعود الراكب إلى منزله وقبل أن ينسى الأمر برمته، يقوده حسه إلى أن هناك شيئا جسيما قد حدث، إذن لابد أن يحادث المسئول. يعبث صاحبنا فى الدليل الإلكترونى للتليفونات، ويصل بصعوبة إلى هدفه! هاهو رقم تليفون صاحب الجمعية، المدون اسمه على لوحة خلف مقعد السائق، ولكنه رقم منزلى، يحدث نفسه، إذن لا بأس فليجرب هذا الرقم. يطلب الرقم ، فترد امرأة: نعم ؟ فيسألها هل أنتم أصحاب جمعية كذا لنقل الركاب؟ فيرد الصوت:نعم ،خير إنشاء الله، فيجيب هل من الممكن أن أحادث الأستاذ فلان صاحب الجمعية أو مديرها فيجيب الصوت النسائى ، لا ليس موجودا الآن .ثم يردف الصوت -بتوجس- ولكن من أنت؟ فيجيب الراكب إجابة مبهمة تحمل رائحة الخطر، أنا صديق! ولكى يجلب المتحدث الاطمئنان ثانية للطرف الثانى يردف قائلا: لا أرغب لكم إلا فى كل خير ثم يكمل حديثه قائلا:على فكرة الناس بتوع الأتوبيس يقصد المحصل والسائق، يسرقونكم! يجيب الصوت النسائى _بحزن _ آه نحن نعلم هذا !! فيرد صاحبنا _المتحمس_بدهشة: ألا يوجد من مفتش أو متابع ؟ عليكم بتلافى هذا الأمر.. يرد الصوت: نعم يوجد، ولكن المفتش أيضا يسرقنا ويتحالف مع (بتوع الأتوبيس).. يرد الراكب .. شكرا سيدتى فما أردت سوى الخير، وإزالة هذه العسرة.فيرد الصوت النسائى، عفوا. تتطاير الآن خفافيش وغربان الأفكار من رأس صاحبنا، فكيف يحدث هذا الأمر ولا يتم الاستدراك هكذا ؟ .. ظل صاحبنا فى أفكاره التى قادته إلى أن اللِّص الأكبر _ربما _يكون صاحب العمل نفسه، إنهم يسرقونه ولا يهتز ، إنه على الأرجح لايعطيهم الأجر المناسب. ولما كانت هذه المسألة ظنية أساسا فلا دليل لديه، يمكن أن يطمئن إليه .إذن فهناك سبب آخر جوهرى، لقد لاحظ أن أجر الركوب يتم تحصيله بزيادة 20% وأن المشوار تم اختصاره إلى نصف المسافة المفروضة، فالأتوبيس بدأ السير من منتصف الطريق وليس من بدايته ، وتم جلب الركاب بالمناداة عليهم ، لقد اختل إذن مبدأ تكافؤ الفرص بين الشركات المثيلة، والعاملة على نفس الخط، وربما يريد صاحب العمل لشركته أو للجمعية أن تستمر هكذا بصورة عرفية تهربا من الضرائب، التى يتم تحصيلها على التذاكر المباعة ، فإذا كان الأمر كذلك، إذن فأين الرقابة الرسمية التى يمكن أن تضع النقاط على الحروف؟ ولماذا تستمر مهزلة زيادة أجر الركوب هكذا بحيث صار الاستغلال للركاب أمرا عاديا؟ إذن فهل من تدارك؟