على الرغم من شراء وزارة التربية والتعليم ل 1426 جهازًا حساسًا للكشف عن أجهزة المحمول والاتصالات الأخرى للحيلولة دون قيام الطلاب بالغش خلال الامتحانات، وذلك بتكلفة تقدر بمليون ونصف المليون جنيه، إلا أن امتحانات الثانوية العامة شهدت حالات للغش الجماعي عن طريق دوائر البلوتوث بأجهزة الاتصال، وكذلك حالات للغش بالمحمول، في امتحان اللغة العربية للصف الثالث الثانوي بالأمس. كما يأتى ذلك، في الوقت الذي شدد فيه أكثر من مسئول بالوزارة قبل انطلاق ماراثون الثانوية العامة، على استحالة تسريب أسئلة الامتحانات، إلا أن امتحان اللغة العربية تم تسريب أجزاء منه في الليلة التي سبقت الامتحان، وكذلك تم تسريب جزء آخر من الامتحان عبر جهاز "بلاك بيرى" قبل بدء الامتحان بدقائق، وتم تسريب أسئلة الامتحان بالكامل من داخل اللجان أثناء سير الامتحان بالأمس، وهو ما يعنى فشل "التربية والتعليم" وأجهزتها الحساسة في محاصرة الغش وتسريب الامتحانات. ما حدث في امتحان اللغة العربية للمرحلة الثانية من الثانوية العامة، يؤكد ما حذرت منه "فيتو" من قبل حول إمكانية تسريب امتحانات الثانوية العامة، نكاية في قيادات وزارة التربية والتعليم المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين، أو انتقامًا لمحمود ندا مدير الإدارة العامة للامتحانات الموقوف عن العمل، وتحديدًا بعد عقد عدد كبير من موظفي الإدارة العامة للامتحانات أكثر من اجتماع خارج ديوان الوزارة لمناقشة كيفية الدفاع عن مديرهم الموقوف عن العمل، وكيفية الرد على الدكتور إبراهيم غنيم الذي أحال ملف مخالفات "ندا" للنيابة الإدارية التي أمرت بوقفه عن العمل لمدة 3 أشهر لحين الانتهاء من التحقيقات. وقد أكدت مصادر بوزارة التربية والتعليم أن باقى المواد المقرر أداء طلاب الثانوية العامة امتحاناتهم فيها هذا العام، مهددة بتسريبات أسئلتها، انتقامًا من الدكتور إبراهيم غنيم وزير التربية والتعليم، لإصراره على توقيع الجزاءات على المخالفين في الوزارة، ولتورط عدد كبير من مسئولى الوزارة في ثلاثة من أخطر أجهزة الوزارة، وهى الجهاز "المالي والإداري - القانوني - الإدارة العامة للامتحانات"، والذين حصلوا على مكافآت كبيرة من أموال تظلمات الثانوية العامة وغيرها دون عمل يذكر. المصادر ذاتها، أوضحت أن "ندا" ورط كل هؤلاء في التوقيع واستلام مكافآت مالية تقدر بمئات الآلاف من أجل مساندته عند أي ورطة قد يواجهها، ويفسر هذا الأمر حالة الارتباك التي وقعت فيها الوزارة أمس مع أول امتحان للثانوية العامة، وبعد الكثير من النفى، اعترف الدكتور رضا مسعد رئيس قطاع التعليم العام بالوزارة، ورئيس عام امتحانات الثانوية العامة بأنه كانت هناك محاولة لتسريب امتحان اللغة العربية للصف الثالث الثانوى، لكن الوزارة سيطرت عليها. ولعل أكثر ما يقلق مسئولي التعليم هو إمكانية تسريب باقي امتحانات الثانوية العامة، وهو الأمر الذي بات "سُنة" للثانوية العامة في الأعوام الماضية، وما يزيد من القلق تأكد المسئولين في الوزارة من تزايد معارضي جماعة الإخوان المسلمين داخل الديوان وخارجه، الأمر الذي قد يكون سببا مباشرا في تسريب أسئلة الثانوية بهدف إحراج الحكومة الإخوانية أمام الرأي العام، كما فعلت إسرائيل عقب النكسة عندما استطاعت الحصول على امتحانات الثانوية العامة، وأذاعتها إذاعة إسرائيل باللغة العربية، لإحراج الرئيس الراحل جمال عبد الناصر أمام شعبه، ولتوصيل رسالة أنها تستطيع الدخول لأدق تفاصيل البلاد، وكان من نتائج ذلك إلغاء امتحانات الثانوية العامة وتأديتها في وقت لاحق. والمتتبع لخط سير الامتحان يتأكد أن إمكانية تسريب امتحان الثانوية العامة واردة بقوة رغم التشديدات والاحتياطات التي تتخذها وزارة التربية والتعليم هذا العام، فامتحانات الثانوية العامة، تمر بأكثر من حلقة، تبدأ من واضعى أسئلة المواد وعادة يكون واضع أسئلة الامتحان هو مستشار المادة أو أحد الموجهين العموم بالوزارة، ويتم اختيار هؤلاء على درجة عالية من الكفاءة والأمانة، وبعد وضع الامتحان يعرض على عدد محدود جدًا من لجنة الإدارة وتنظيم امتحانات الثانوية العامة، ويحفظ في خزينة سرية، ثم ينتقل قبل موعد الامتحانات بفترة وجيزة إلى المطبعة السرية للثانوية العامة التي تقع خلف الإدارة العامة للامتحانات، وهذه المطبعة تخضع لرقابة أمنية شديدة، وعدد العاملين بها محدود، وفى الغالب هم غير معروفين على مستوى موظفى الديوان، إلا أنهم معروفون بالنسبة لقيادات الوزارة. وفى السابق كانت المطبعة السرية هي إحدى حلقات تسريب امتحانات الثانوية العامة، وخصوصًا أن جميع العاملين بالمطبعة بدءا بالساعى وحتى أكبر موظف فيها يستطيعون الإطلاع على ورقة أسئلة الثانوية العامة عند طباعتها، أو عند تغليفها ووضعها في مظاريف بعدد اللجان وداخل كل مظروف عدد أوراق يساوى عدد الطلاب المقيدين في اللجنة، وتشهد المطبعة السرية هذا العام تشديدا أمنيا، ويمنع دخول أي شخص إلى الداخل مهما كانت صفته إلا من كانت له صلة مباشرة بالعمل الذي يدار داخلها. والحلقة الثانية التي قد يتم فيها تسريب الامتحان هى حلقة النقل، وينقل الامتحان إلى المحافظات البعيدة بالطائرات العسكرية في الليلة التي تسبق الامتحان، في حين ينقل بسيارات النقل العادية إلى المحافظات القريبة، مع الصباح الباكر ليوم الامتحان، ويتم ذلك تحت حراسة أمنية مشددة. ويظل الامتحان في مراكز توزيع الأسئلة في المحافظات الجنوبية والحدودية مدة تتجاوز التسع ساعات كاملة، وهى مدة كافية جدا للاطلاع على الأسئلة وتسريبها أو تسريب أجزاء منها، وقد حدث العام الماضى وتم تسريب عدد من أسئلة امتحان اللغة العربية للمرحلة الأولى من الثانوية العامة، في الليلة التي سبقت الامتحان، وهو الشيء نفسه الذي حدث هذا العام مع امتحان "اللغة العربية" للصف الثالث الثانوى، وانتشرت تلك الأسئلة على مواقع التواصل الاجتماعى، وبالفعل وجد الطلاب الأسئلة المسربة ضمن أسئلة الامتحان. وقد يحدث تسريب الامتحان أثناء سير الأسئلة من مركز التوزيع، إلى مقار اللجان الامتحانية، وقد تصل الرحلة التي تقطعها أوراق الأسئلة حتى تصل إلى بعض اللجان مدة ساعتين كاملتين. وبعد أن تصل إلى مقار اللجنة تكون هناك ساعة أو نصف ساعة على الأقل تظل فيها ورقة الأسئلة داخل اللجنة قبل أن يتم تسليمها إلى أيدى الطلاب مع بدء الامتحان، وهى أخطر الحلقات على الإطلاق لأن مدة بقاء الورقة وإمكانية إطلاع العاملين باللجنة كافية جدا لتسريب ورقة الأسئلة من داخل اللجنة الامتحانية، وخصوصًا في اللجان التي تقل فيها الحراسة الأمنية، أو تلك التي تبعد عن الرقابة بشكل ما، وفى تلك الحالة لا يتم خروج ورقة الأسئلة خارج اللجنة، ولكن يتم تصوير تلك الأسئلة بآلة تصوير أو بأحد الأجهزة المحمولة، ويتم خروج الصورة خارج اللجنة، وهو ما حدث في امتحان الأمس في إحدى لجان محافظة الدقهلية، ليستقبلها واحد أو أكثر من معلمى المادة المنتظرين بالخارج، ليجيب عن الأسئلة الواردة في الامتحان، ويتم تعريف طلاب معينين بالإجابات الواردة من خارج اللجنة، قبل بدء الامتحان بدقائق. وقد يستخدم أولياء الأمور أو الطلاب في بعض اللجان الإرهاب وتخويف المراقبين القادمين من محافظة أخرى من أجل تمرير الإجابات على الطلاب، ويقوم المعلم الذي تسلم ورقة الأسئلة بالخارج بإذاعتها عبر موقعى التواصل الاجتماعى "فيس بوك" و"تويتر" وهو ما حدث بالفعل العام الماضى في امتحان اللغة الإنجليزية للمرحلة الثانية للثانوية العامة، وكذلك امتحان الجيولوجيا، حيث تم تداول الامتحان عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قبل انتهاء الفترة المحددة للامتحان بساعة كاملة. وقد اعترف جمال العربي - وزير التربية والتعليم وقتها – بهذا التسريب، لكنه نفى وجود أي تقصير من قبل الحكومة أو الوزارة، معتبرًا أن ما حدث "حالات غش تمت عبر تصوير ورقة الامتحان بهاتف (بلاك بيري) ممنوع اصطحابه داخل اللجان، إلا أن الطلاب يستطيعون تهريبه داخل الملابس". وقد يتم تسريب الامتحان أثناء سير العملية الامتحانية، وذلك من خلال استغلال الطلاب انشغال الملاحظين، وإلقاء إحدى الأوراق خارج أسوار المدرسة، أو تهريبها مع أحد العاملين بالمدرسة ليتلقاها أحد زملائهم أو معلميهم بالخارج ويتم تصويرها في لحظات لتعود الورقة إلى اللجنة بعد دقائق قليلة من خروجها، ثم يتم بعد ذلك تسريب الإجابات للداخل، وقد حدث ذلك بالفعل في لجان المرج وبولاق أبو العلا، وبعض اللجان في أسيوط والمنيا، وسوهاج، وقد حدث أن تهجم أولياء أمور على عدد من اللجان من أجل إدخال إجابات الأسئلة للطلاب. وهناك صفحات معينة مثل صحفة "عبيلو واديلو" على موقعى التواصل الاجتماعى "فيس بوك" وتويتر"، حيث كانتا أكبر الصفحات التي سربت امتحانات العام الماضى، وهى تتبع منتدى شبابى بنفس الاسم، يقوم عليه عدد من طلاب الثانوية العامة، بالإضافة إلى المواقع والمنتديات المتخصصة في تقديم نماذج الامتحانات وإجاباتها، كخدمة تعليمية للطلاب، وتلك المواقع يقوم عليها عدد من المعلمين ورجال التربية والتعليم، الذين يشارك بعضهم في أعمال امتحانات الثانوية العامة من خلال المراقبة والتصحيح.