«مدفع الإفطار.. اضرب» , جملة تعود المصريون سماعها كلما هلّ علينا شهر رمضان الكريم , فمدفع الإفطار ارتبط اسمه بوجدان المسلمين فهو رمز للم شمل الأسرة على مائدة واحدة.. وتروي كتب التاريخ أن الصدفة وحدها لعبت دورا فى استخدام مدفع رمضان.. ومن هذه الروايات ما تقول إن والى مصر فى العصر الإخشيدى «خوشقدم» كان يجرب مدفعا جديدا أهداه له أحد الولاة , حيث لعبت الصدفة دورها وجاءت الطلقة الأولى وقت غروب شمس أول رمضان عام 859 هجرية وعقب ذلك توافد على قصر الوالى شيوخ وأهالي القاهرة يشكرونه على إطلاق المدفع عند موعد الإفطار , فالفكرة أعجبت «خوشقدم » وحرص على إطلاقه وقت الإفطار . هذه الرواية ليست الأولى, لكن هناك روايات أخرى تقول إن محمد على الكبير والى مصر ومؤسس حكم الأسرة العلوية كان يجرب مدفعا جديدا من المدافع التى استوردها من ألمانيا فى سعيه الجاد لتحديث الجيش المصرى, فانطلقت أول طلقة وقت آذان المغرب فى شهر رمضان الكريم, وبذلك ارتبط صوته فى أذهان العامة بإفطار وسحور رمضان, الطريف أن الشعب المصرى أطلقوا على المدفع الذى تم وضعه فى قلعة صلاح الدين الأيوبى «الحاجة فاطمة» . وبعد أن ارتبط المدفع بوجدان الشعب المصرى وأصبح له شهرة كبيرة , قرر الخديو عام 1853 بأن ينطلق مدفعان للإفطار وليس مدفع واحد, الأول ينطلق من القلعة والثانى من سراى «عباس باشا الأول» بالعباسية , وفى عهد الخديو «إسماعيل» تم التفكير فى وضع المدفع فى مكان مرتفع حتى يصل صوته لأكبر مساحة من القاهرة واستقر الرأى أن يتم وضعه فى جبل المقطم , وكان يحتفل شعبيا بخروجه من القلعة قبل شهر رمضان محمولا على عربة عجلات ضخمة , ويعود إلى مخازن القلعة بعد انتهاء الشهر الكريم والعيد . والروايات التاريخية توضح لنا مراحل تطور وظيفة المدفع , ففى الأول كان أداة للإعلان عن رؤية هلال رمضان , وبعد الثبوت تنطلق المدافع من القلعة ابتهاجا بشهر الصوم وكان يتم إطلاق 21 طلقة طوال أيام العيد الثلاثة . وفكرة المدفع بدأت تنتشر فى أقطار الشام أولا ,ثم القدس ودمشق ومدن الشام الأخرى, ولقد جاء دخول المدفع لبغداد فى أواخر القرن التاسع عشر, أما الكويت فيعد دخول أول مدفع لأراضيها فى عهد الشيخ مبارك الصباح عام 1907 وبعدها انتقل إلى جميع أقطار الخليج قبل بزوغ عصر النفط , ثم دخل المدفع بعد ذلك اليمن والسودان ودول غرب أفريقيا مثل تشاد والنيجر ومالى , وفى عام 1944 عرف المدفع طريقه لأندونسيا . وقد توقف إطلاقه من القلعة فى أحيان كثيرة لكن التسجيل الصوتى له يذاع يوميا عبر أثير الراديو والتليفزيون ,واستمر هذا حتى قرر المسئولون أن تتم عملية بث الإطلاق على الهواء فى آذان المغرب من القلعة, وفى عام 1983 قرر وزير الداخلية أحمد رشدى إعادة إطلاق المدفع من «قلعة صلاح الدين الأيوبى» طوال شهر رمضان إفطارا وسحورا . وفى بداية التسعينيات رأت هيئة الآثار المصرية بأن إطلاق المدفع من القلعة فيه خطر على المنطقة والتى تعد متحفا مفتوحا للآثار الإسلامية, فهى تحتوى على قلعة «صلاح الدين» التى بناها عام 1183م و«الجامع المرمرى» وفقا للطراز المعمارى العثمانى عام 1830الذى بناه محمد على علاوة على جامعى «السلطان حسن» و «الرفاعى» ومتاحف القلعة الأربعة» ولذلك طلبت من وزارة الداخلية وقف إطلاقه من القلعة محذرة فى نفس الوقت من أن إطلاق المدفع 60 مرة فى سحور وإفطار رمضان و21 طلقة كل آذان فى أيام العيد الثلاثة تؤثر على العمر الافتراضى لتلك الآثار بسبب الاهتزازات الناجمة عن إطلاقه . ولقد أخذت وزارة الداخلية هذه التحذيرات مأخذ الجد وبدأت التفكير فى نقله إلى مكان آخر, إلى أن أستقر الرأى لإعادته إلى جبل المقطم مرة أخرى حيث تم نقل مدفعين من المدافع الثلاثة الباقية من أسرة محمد على وتم الإبقاء على المدفع الثالث كرمز سياحى فى ساحة متحف الشرطة بقلعة «صلاح الدين» يطل من ربوة مرتفعة على القاهرة ولا يزال حتى وقتنا هذا . رمضان كريم فكرة المدفع بدأت تنتشر فى أقطار الشام أولا ,ثم القدس ودمشق ومدن الشام الأخرى, ولقد جاء دخول المدفع لبغداد فى أواخر القرن التاسع عشر, أما الكويت فيعد دخول أول مدفع لأراضيها فى عهد الشيخ مبارك الصباح عام 1907 وبعدها انتقل إلى جميع أقطار الخليج قبل بزوغ عصر النفط , ثم دخل المدفع بعد ذلك اليمن والسودان ودول غرب أفريقيا مثل تشاد والنيجر ومالى , وفى عام 1944 عرف المدفع طريقه لأندونسيا .