تتعاطى جرعات من الكتابة كلما استبد بها الملل الزوجى، أو فتحت خزانة ذكرياتها لتستودعها موقفاً مؤلماً جديداً فتجدها قد امتلأت عن آخرها.. هى أيضاً ممن يخذلهن لسانهن إن استعانت به كصديق فكان القلم لسان حالها والورق خير صديقٍ لها.. حملت أجندتها الزرقاء وقلمها إلى المطبخ فهو المستقر والمآل لها كربة منزل لا تعمل.. وشى لها جو المطبخ بأُمنياتٍ كوميدية ابتسمت على أثرها ابتسامة تثاقلت على شفتيها تثاقل الدقائق فى عمرها.. تمنت لو أن لها ذاكرة من التيفال لا تلتصق بها ذكرياتها التعيسة أو كمصفاة المعكرونة يتسرب الألم من خلال ثقوبها ولا يبقى إلا ما يُسعد صاحبتها.. فى بُطئ السلحفاة امتدت يدها اليمنى تتحسس ندبة كبيرة فى كفها الأيسر، تشكلت من جُرحٍ غائرٍ فى قلبها ليلة قامت تبحث عن زجاجة "البارفان" الثمينة التى منحها لها زوجها كمكافأة على احتمالها عاماً كاملاً من الغياب للعمل فى دولة من دول الخليج تاركاً إياها مع ثمرةٍ فى أحشائها.. بالنسبة لها لم تكن قيمة قنينة العطر فى غلو ثمنها، إنما فى لحظة اختطفتها من تفكيره المشغول 24 ساعة بحساب الدينارات وأوهمتها أن فى حياته امرأة تستحق التفكير.. لم تستنشق رذاذها الآخاذ إلا مرة واحدة يوم مجيئه من السفر وفضلت أن تحتفظ بها هكذا فإذا ما "رجعت ريمة لعادتها القديمة" تجد ذكرى تربت على كتفها وتقول لها "اصبُرى"، فى تلك الليلة لم تجد زجاجة "البارفان" فى مكانها المعهود على "التسريحة"، بحثت عنها فى كل مكان فلم تجدها ..سألته عنها ف رد ببروده المعهود "أختى طلبتها وما قدرتش أقولها لأ"، لم تنطق بكلمة واحدة وابتلعت دموعها وفجأة قررت أن تعاقب تلك الواقفة أمامها فى المرآة على اختيارها بضربة قاضية غاضبة أطاحت بحطام كيانها فى فضاء الغرفة ثم عادت لتجمعه على الورق.. دخل ليسألها عن الغذاء، فهذا هو جل اهتمامه منها، لم يقطع حبل ذكرياتها الموصول بطرف ردائه دائماً .. أغلقت الأجندة وتركتها وهى على يقين أنه لم ولن يفتحها فهو لا يحب القراءة، فكم تكلمت بعينيها ودموعها ولم يفهم.. هو لا يفهم لغة العيون ولا المشاعر.. هو لا يفهم إلا لغة الأرقام.