نسخة من مصر المحروسة .. فيها العالم والعابد.. «أبو دقن» وأبو سكسوكة وأرباب «التاتو» .. الليبرالى والمتأسلم والمستسلم.. البيه والبواب.. الدكتور والجزار والشاعر والفاجر وابن السبيل.. وأحمد ومنى ومينا وسلسبيل.. زورونا تجدوا ما يسركم، لكنكم أبدا لن تجدوا الصادق يستضيفهم: حسن شاهين لم أكن أنوى أن احكى لكم هذه القصة المرعبة التى وقعت احداثها معى شخصيا .. لكنى فى النهاية مواطن مصرى غيور على أهل بلده حتى ولو كنت رافضا لحكم الاخوان المسلمين.. بدأت القصة عندما كنت فى زيارة لصديقى «الصادق المهدى» بدولة السودان الشقيق الذى حكى لى عن تلك السحابة التى غطت سماء الخرطوم متجهة للشمال .. قال لى الصادق: إنها قد حجبت الشمس بطول السودان وعرضه حتى ظننا انه كسوف للشمس أتى بغير سابق انذار.. ولكن أرصادنا الجوية اكدت ان الشمس ساطعة أعلى هذه الغيمة وأبدوا تشككهم فى كونها ليست غيمة.. ولكنها اقرب الى سرب من الطير غير المعروف يشبه الجراد الطائر. لم أطمئن لهذه الغيمة التى استقرت على حدود السودان الشمالية كما أكدوا لى, فالكلام يعنى انها فى طريقها لحدود مصر الجنوبية .. طلبت من المهدى أن يعيرنى الجيب الشيروكى الخاص به واستأذنته فى الرحيل.. وكاد الرجل لايصدق عقله عندما قلت له: إننى سأذهب الى مصر عن طريق أسوان لأتفقد تلك السحابة ..وقال لى: اهدأ ياعم أبوطقة مش كده .. أخشى عليك من الخطر فنحن كدولة تنفسنا الصعداء لأنها مرت من سماء السودان بسلام .. فدعنا نتصل بالحكومة فى مصر ليتفقدوا الأمر ويأخذون حذرهم.. بالفعل اتصل الرجل بعمنا هشام قنديل الذى استطلع الأمر مع وزرائه, وأكدت له مصادره أن سماء مصر ليس بها غيوم ولا كسوف شمس ولا أسراب لطير, اللهم إلا بعض الجراد الطائر الذى يظهر ويختفى, حتى انه ابلغ الرئيس مرسى الذى هاتف المهدى, وقال له: ابقى اتغطى كويس يا عم الصادق المهدى ولا تستمع الى كلام ابوطقة فهو فشار كبير.. انتهت المكالمة إلا اننى ظللت أشك فى الأمر لأننى خضت من قبل معارك مع الفضائيين وأعلم ألاعيبهم جيدا, وكان هناك هاتف يقول لى اكمل ما نويت عليه ياد يا أبوطقة.. فطلبت السيارة بإلحاح, وبالفعل حصلت عليها ووضع لى المهدى سلاحا آلياً وقنابل مسيلة للدموع وعدة خزائن من الرصاص الحي. انطلقت بالسيارة وقطعت مئات الكيلو مترات حتى وصلت الى الحدود, وفى المنطقة الصحراوية الفاصلة بين مصر والسودان بدأت أرى طيورا تحوم فى السماء ثم تهبط على الارض وكأنها تستطلع المنطقة. توقفت بسيارتى لأتفقد الأمر .. أخرجت السلاح الآلى وربطت على وسطى حزام الذخيرة الحية وقنابل الغاز, وترجلت ناحية الجبل, وفجأة رأيت مجموعة من تلك الطيور متجهة ناحية السيارة, فتواريت خلف الصخرة, وبدأوا ينزلون على كبوت السيارة وحولها, ورأيت ما يشبه الجراد, لكنه فى حجم أبو قردان -صديق الفلاح- بدأت الطيور تتبادل النظرات وكأنها تحكي عن السيارة وتتساءل عن قائدها اين ذهب.. ثم بدأت تطير فى جماعة وكأنها تتفقد المكان حتى اقتربت منى, فأسرعت بإطلاق قنبلة غاز فى اتجاهها فوقع معظمها على الارض إلا قليلا منها تمكن من الفرار.. اقتربت من القتلى فى حذر, وبدأت اتفحصه فوجدته يشبهون الجراد الى حد كبير وبينه احجام صغيرة فى حجم الجراد الفعلى هى التى تتقدمه وكأنها فرق استطلاع .. كانت بينها جرادة بين الحياة والموت فأمسكت بجناحها, ولأننى اعرف لغة الطير دعوت ربى ان تكون لغة الجراد هى نفسها لغة الطيور, وبدأت اقول لها: لاتخافى منى, سوف أنقذك من الموت لتطيري الى حيث شئتى.. أومأت الجرادة الصغيرة برأسها, وقالت: أكيد انت عمو أبو طقة ! .. قلت لها ضاحكا: وكيف علمتى ذلك ؟! .. قالت: أعرف انه لا يعرف لغة الطيور من بنى البشر سوى سيدنا سليمان وقد مات, وعمنا ابو طقة المصرى الذى يعيش فى القاهرة ! قلت: نعم.. لكن كيف عرفتى هذا ؟!.. قالت: أمى كانت تحكى لى عن مغامراتك مع الطيور, ولكنها قالت انك لم تحتك بالجراد لأنك كنت تظن أن لغتها غير لغة الطيور, وأنا لى الشرف أن اكون صاحبة الفضل فى أنك عرفت هذه المعلومة على يدى .. لكنى أريد أن أحذرك من الطيور التى استطاعت الإفلات من الغاز السام الذى اطلقته علينا, فهي ليست جرادا مثلنا وانما هم فضائيون وسيبلغون أقرانهم, وقد يأتون الآن للتخلص منك.. إنهم أخذونا أسرى لنمهد لهم الطريق فى دخول مصر كى لايظهرون مباشرة, فتطلق عليهم جيوشكم القنابل, فمقاومتنا تكون بالمبيدات وهذه لا تؤثر فى تلك المخلوقات! قلت: ولماذا يريدون دخول مصر ؟! .. قالت: فهمت من حديثهم أن رجلا من مصر يدعى «البرادعى» هو الذى استعان بهم للتخلص من جماعة فى مصر تدعى جماعة الإخوان المسلمين! قلت: وكم عدد هؤلاء الفضائيين أيتها الجرادة ؟! قالت: العدد فى الليمون يا عمنا .. ملايين من الفضائيين لن تستطيعوا صدهم إذا دخلوا مصر .. لكن أنا لدىّ فكرة جميلة لإنقاذ الموقف ! .. قلت: قليها وبسرعة ! .. قالت: أذهب أنا إليهم وكأننى هربت من قنبلة الغاز وأحكى للجراد أننى التقيتك وحكيت معك وأخبرهم بأنك تريد الحديث معهم, فكل الجراد فى العالم مثلى يتمنى أن يلقى أبوطقة الرجل الوحيد فى العالم الذى يفهم لغتهم, وبالتأكيد لن يؤذوك أو يسمحوا بتعرضك للأذى, وبهذا تكون قد كسبت الجراد فى صفك .. ثم أخبر الفضائيين عنك, وعندما يأتون تتفاوض معهم وانت فى حماية الجراد! .. قلت لها: هذا جميل وأنا سأستغل الوقت الذى ستذهبين فيه لإجراء بعض الاتصالات.. اتصلت بالرئيس الأمريكى اوباما الذى أراد أن يهرج معى فى التليفون فقلت له: مش وقته دلوقتى يا أوباما ..وحكيت له الموقف وقلت له: امنع ذلك وبسرعة وإلا سيندم الجميع !!.. أوباما أقسم بأغلظ الأيمان أنه لايعرف أى شيء مما فعله البرادعى.. وبينما أحاول الاتصال بالرئيس مرسى لأبلغه بالأمر كى يتصل بزملائه فى وكالة «ناسا» ليتصرفوا معنا, إلا أننى وجدت تلك الطيور تأتى من كل حدب وصوب وتلتف حولى ويلتقط أحدها التليفون ثم يتحول فى صورة فضائى فى نفس طولى وله ملامح مازنجر الفضائى المعروف.. قال: من أنت وكيف تجرؤ على ما فعلت ؟! .. كان الرجل يتحدث بلغة «الهامانا» ,وهذه اللغة أفهمها جيدا منذ ان كنت أستضيف «مازنجر» ,عليه رحمة الله فى منزلى.. وقبل أن يضغط على أحد أزراره كى يترجم لى ما قاله, قلت له: أنا أبو طقة المصرى, ومن أنت كى تأتى على حدود مصر دون أن تستأذن أهلها كما كان يفعل جدك «مازنجر»؟! تعجب الفضائى من كونى أتحدث بلغة «الهامانا», وقال: من أين تعرف لغتنا؟ وهل تقصد بمازنجر جدنا العظيم ملك الفضاء ؟! .. قلت: نعم أقصده, فهو صديقى, وأنا الذى صنعت له افلام الكارتون فى ديزنى الامريكية, وأعرف زوجته «تونا» التى ما زالت على قيد الحياة, ولك ان تهاتفها ان استطعت, وهما اللذان علمانى لغة «الهامانا». أخرج الرجل هاتفا وأجرى مكالمة طويلة عاد بعدها ليركع على قدميه ويبدى أسفه, وأبلغنى تحيات الجدة «تونا», وقال لى: لك الأمر والطاعة يا سيد أبوطقة .. لقد أبلغونا أن ننزل أرض مصر ونقضى على أى رجل نقابله من ذوى اللحى المعروفين بالإخوان والسلفيين حتى نصل لرئيسهم مرسى ومرشدهم بديع, ونأتى برءوسهم للسيد البرادعى, ثم نوليه حاكما على مصر ونرحل, وستنا «تونا» كانت تظن انك ضد هؤلاء الملتحين كما أبلغها أصدقاء البرادعى, ولما علمت بلقائى معك طلبت منى ان ألبى كل طلباتك, فنحن لا يهمنا برادعى ولا اى مخلوق من بنى الإنسان سوى انت والأخ زخارى الامريكى الاصل, وهو الذى طلب منا القيام بذلك. اتصلت بزخارى لأنه صديقى منذ ان عرفنى عليه مازنجر- الله يرحمه- ووجهت له اللوم على فعلته هذه, فقال لى: أقسم لك يا عمنا اننى كنت اعلم انك على علم بما سيحدث, فقد قال لى البرادعى ذلك عندما قلت له إننى لا أستطيع ان أفعل شيئا فى مصر دون الرجوع لأبوطقة بيه, لكننى الآن سوف اصدر امرا للفضائيين بالعودة طالما أنك مع طرف الاخوان !. قلت له: أنا لست مع أحد على أحد, ولكن من العيب أن يحدث هذا فى مصر دون علمى, فمعى الآن مجموعة أسلحة على كتفى أستطيع بها إبادة هؤلاء الفضائيين من حولى, لكنى لن أفعل من أجل ذكرى صديقى مازنجر !.. ضاحكا قال: قادر وتعملها يا أبوطقة بيه, سوف اتصل بالبرادعى وأوبخه على هذه الفعلة !. نظرت الى الجرادة الصغيرة فتحدثت مع الفضائى بلغة «الهامانا», وطلبت منه أن يترك الجراد يذهب الى حيث أتى, فأشار لها بالحرية, فالتف حولى الجراد وشكرونى على حريتهم, وقالوا لى: اسمح لنا أن نرعى ونلتهم الطعام من زراعات مصر قبل ان نعود الى اثيوبيا !. قلت لهم: لكن وزارة الزراعة تقاوم الجراد هذه الايام وتقتل منها الكثير ! .. قالوا: يا عمنا هم يصرحون بقتلنا للشعب دون ان يتحركوا تجاهنا اصلا, فنحن منذ اسبوع ونحن نحوم في فضاء مصر ونأكل من زرعها ونعود الى مكاننا هنا على الحدود, وهم يرشوننا بمبيدات انتهت صلاحيتها ويكذبون على الشعب !. قلت: إذن انتم أحرار فى دخولكم مصر, وهم أحرار فى قتلكم, فأنا لن أمنعكم من الطعام, ولم أمنعهم من مقاومتكم, فهذا حقهم, فما رأيكم ؟! قالوا: عين العقل ياعمنا ..ثم التفت حولى تتراقص وسلمت علىّ بلغة الطير الجميلة وشكرت الفضائيين على إطلاقها ورحلت متجهة الى حدود مصر, ثم سلمت على الفضائيين وطلبت منهم عدم اتخاذ اى إجراء على أرض مصر أو الوطن العربى إلا بعلمى, فوافقوا وانحنوا جميعا احتراما وتقديرا, وسلمت على كبيرهم, فتحولوا الى ما يشبه أطباق الفضاء وانطلقوا للسماء وأنا أشير لهم «باى باى» !.