ما سبيل الطمأنينة إلى خمارة هى ملتقى للمغامرين واقعة بين عشرات من الخمارات المنافسة الفتى: إليك رزمة أخرى دون تعرض لمناقشة المقدار المستحق. الرجل: والقضية وتكاليفها؟.. والتحفظ على المال وتعرضه للضياع؟ الفتى: أعتقد أننى أعطيت ما فيه الكفاية. الرجل: أتعاب المحاماة؟.. الرسوم؟.. سجنك؟.. تعرض عملك الذى ترتزق منه للخسران؟ (الفتى يعطيه رزمة ثالثة) الفتى: تذكر أننى أعطيتك ثروة. الرجل: لعل هذا يكفى بالنسبة لك. (صمت وتبادل نظرات حائرة) الرجل: ولكن هذه السيدة لم تدفع مليما بعد؟ الفتاة: إنى زوجته. الرجل: قلت إننى عملت طويلا فى مواطن السوء فلا تحاولى الضحك على ذقنى. الفتى: لقد أعطيت فدية لكلينا. الرجل: بل فدية لك وحدك! الفتى: ماذا تريد؟ الرجل: الأتعاب الخاصة بالسيدة. (يعطية رزمة رابعة) الفتى: هاك رزمة رابعة. الرجل: كن كريما كسائر القتلة واللصوص. الفتى: أتريد أن تستولى على نصف التركة؟ الرجل: الأمر يتوقف على مدى تقديرك لحريتك. (يقطب الفتى فى قهر ثم يسلمه رزمة جديدة) الفتى: تفضل مصحوبا بالسلامة. (الرجل يدير ظهره ليذهب، الفتى يسل من ملابسه مطواة فيفتح نصلها ويهجم على الرجل، الرجل حذر وكان يتوقع حركة غادرة فيتفادى الطعنة ويقبض على معصمه فيلويه ثم يلكمه فيسقط على الأرض. يجىء بكرسى فيجلسه عليه ويخرج من ملابسه حبلا ويكبله بمهارة قبل أن يفيق من اللكمة، وهو يهدد الفتاة بأنها إذا ندت عنها حركة أو صوت فسوف يساقان إلى القسم ثم يجىء بكرسى آخر ويأمر الفتاة بالجلوس مهددا ويكبلها بحبل آخر يتجه نحو النقود على الخوان فيستولى عليها ثم يلفها فى الحصيرة يلقى عليهما نظرة ثم يذهب). (الفتى يفيق من أثر اللكمة، ينظر فيما حوله، يتذكر ما وقع، يحاول تخليص نفسه ولكن عبثا) الفتى: ذهب؟ الفتاة: بعد أن استولى على النقود كلها.. الفتى: (غاضبا) لمّ لم تصوتى؟.. كان يجب أن تصوتى بأعلى صوتك. الفتاة: خفت أن يرجع فيضربنا أو يقتلنا. (يحاول تخليص نفسه مرة ثانية دون فائدة) الفتى: سأقتله ولو اختفى فى بلاد الواق. الفتاة: تهورك هو المسؤول عما حل بنا، لم حاولت الهجوم عليه؟ الفتى: ليس من مبادئى أن أسمح لإنسان باستغفالى. الفتاة: ها هو قد ذهب بالثروة كلها. الفتى: سيكون التنكيل به هو هدفى الأول فى الحياة. الفتاة: وقد تحقق هدفك ولكن الحلم السعيد تبدد. الفتى: سأقبض على عنقه عاجلا أم آجلا. الفتاة: ولا شاهد أو دليل لدينا عما حصل. الفتى: المهم الآن أن نتحرر من قيدنا. الفتاة: نحن مقيدان فى بيت مغلق النوافذ والأبواب. الفتى: ويعز علىّ أن أتصور أن الثروة حقا ضاعت. الفتاة: هى الحقيقة الأليمة، وربما تقتله ولكنك لن تسترد مليما من ثروتك. الفتى: لم يعبث بى أحد من قبل. الفتاة: ها قد عبث بك كأنك لا شىء. الفتى: أين المفر؟.. إنه يعمل فى دائرة هذا القسم. الفتاة: إذا كان حقا مخبرا. الفتى: ولم لا يكون مخبرا؟ الفتاة: كان يجب أن تطالبه بإبراز بطاقته الشخصية. الفتى: أعترف بأننى لم أحسن التفكير ولا التدبير. الفتاة: أنت مغرور، تتوهم أنك إله ثم تقع كالرطل. الفتى: كيف أصدق ما حصل؟ الفتاة: قلبى يحدثنى بأنه ليس مخبرا. الفتى: هو مجرم محترف على أى حال. الفتاة: ويخيل إلىّ.. ربما لم يكن إنسانا أيضا! الفتى: ماذا تعنين؟ الفتاة: أعنى أننا فى بيت ولى: هو وكر للأرواح والشياطين. الفتى: أنت حمقاء، لا يسرق النقود إلا إنسان عاقل. الفتاة: تذكر كيف اقتحم علينا المكان وكيف ذهب. الفتى: جاء كما يجىء المجرم وذهب بما يذهب به المجرمون. الفتاة: أنت لا تحسن الرؤية عند الانفعال. الفتى: أنت حمقاء، هذه حقيقة مفروغ منها. الفتاة: لنفكر فى حالنا، نحن مقيدان بطريقة جهنمية، البيت محاط بفناء واسع يعزله عن الحارة فلن يسمع صوتنا أحد، الجو هنا لا أرتاح إليه، فثمة روح ميت لعله لم يدفن بعد، وثمة أرواح كثيرة لا علم لنا بها ولا سيطرة لنا عليها. الفتى: يا مجنونة، يا مخرفة، ما هذا الهذيان؟ الفتاة: أنا خائفة. الفتى: عهدتك دائما عربيدة ساخرة فكيف خانتك جرأتك الداعرة؟ الفتاة: إنه بيت مهجور ألا تدرك ذلك؟ جثة أبيك الآن فى المشرحة وستدفن كجثة رجل مجهول، ولم ينبس المخبر إذا كان حقا مخبرا بكلمة، وسيظل البيت مغلقا مهجورا زمنا غير قصير، ولكنه يكفى لقتلنا جوعا وعطشا، وهناك الأرواح. الفتى: الأرواح! الفتاة: أنا خائفة.... الفتى: كيف قيدنا بهذا الإحكام؟.. لقد جاء مبيتا النية على فعل ما فعل. الفتاة: وقد يرجع للإجهاز علينا. الفتى: فليرجع. (صمت تتخلله محاولة منه يائسة لفك قيده ولكن دون جدوى) الفتاة: كأننا فى حلم. الفتى: ولكنه أسخف من الحقيقة. الفتاة: أحيانا يكاد يغلبنى الضحك. الفتى: اضحكى إن استطعت. الفتاة: حتى حياتنا المألوفة بين المغامرين والمنافسين . لم نكن فقراء ولكننا لم نعرف الطمأنينة والأعداء أخف وطأة من هذا السجن فى بيت أبيك. الفتى: ليرحمه الله. الفتاة: ادعه أن ينقذنا. الفتى: (ساخرا) أبانا الذى فى المشرحة.. أنقذ ابنك الوحيد. الفتاة: ماذا كان رأيك فى أبيك؟ الفتى: كان دجالا كوحيده. الفتاة: حدثونا فى كل موضع عن كراماته. الفتى: حارة مخبولة مسطولة. الفتاة: لكن الطمأنينة التى بثها فى القلوب حقيقية. الفتى: ردى إلىّ ثروتى وأنا أغرقك فى بحر من الطمأنينة. الفتاة: لم نكن فقراء، ولكننا لم نعرف الطمأنينة. الفتى: وما سبيل الطمأنينة إلى خمارة هى ملتقى للمغامرين واقعة بين عشرات من الخمارات المنافسة، فى حى مكتظ بالأعداء، ووراء ذلك كله إحساس ثابت بالمطاردة؟! كنا سنرتفع بالثروة وفوق ذلك كله. (دقيقة صمت) الفتاة: سيجىء الظلام ونحن مكبلون بالحبال فى هذا البيت المسكون. الفتى: لا فرق بين النور والظلام. الفتاة: كيف نخرج من هذا المأزق؟ الفتى: اصرخى، صوتك أحد من الرصاصة. الفتاة: لن يسمعنا أحد. الفتى: علينا أن ننتظر حتى يجىء إنقاذ من حيث لا ننتظر أو يجىء الموت. (صمت تتخلله محاولات فاشلة لفك القيود) الفتاة: لمَ دعاك أبوك؟ الفتى: مات سره معه. الفتاة : ماذا ظننت؟ الفتى: قلت لعله حنين قلب عجوز. الفتاة: لم تقل كل الحق. الفتى: وحلمت بثروة! الفتاة: وقد وهبك ثروة. الفتى: وضاعت. الفتاة: ولكنه أراد أن ترث عمله. الفتى: فكرة سخيفة. الفتاة: كان يجب أن تجاريه ولو فى الظاهر. الفتى: لم يكن ليغير من الأمر شيئا. الفتاة: ربما لم يكن حدث الذى حدث. الفتى: أراهن على أنك فقدت عقلك. الفتاة: هل حاول أن يلقنك سره وأنت صغير؟ الفتى: نعم. الفتاة: ولكنك عصيته؟ نستكمل غداً