عيار 21 الآن بالسودان وسعر الذهب اليوم الاحد 19 مايو 2024    «إزاي تختار بطيخة حلوة؟».. نقيب الفلاحين يكشف طريقة اختيار البطيخ الجيد (فيديو)    استشهاد 3 فلسطينيين على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على رفح    وتر أكيليس.. «المصري اليوم» تكشف تفاصيل إصابة معلول ومدة غيابه عن الملاعب    تشكيل الزمالك المتوقع ضد نهضة بركان في إياب نهائي الكونفيدرالية.. جوميز بالقوة الضاربة    إيطاليا تصادر سيارات فيات مغربية الصنع، والسبب ملصق    محافظ بني سويف: الرئيس السيسي حول المحافظة لمدينة صناعية كبيرة وطاقة نور    بعد الانخفاض الكبير في عز.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد بالمصانع والأسواق    رضا حجازي: التعليم قضية أمن قومي وخط الدفاع الأول عن الوطن    حزب الله يستهدف عدة مواقع لجيش الاحتلال الإسرائيلي.. ماذا حدث؟    تعزيزات عسكرية مصرية تزامنا مع اجتياح الاحتلال لمدينة رفح    حماية المنافسة: تحديد التجار لأسعار ثابتة يرفع السلعة بنسبة تصل 50%    اسكواش - وأخيرا خضع اللقب.. نوران جوهر تتوج ببطولة العالم للسيدات    عماد النحاس: وسام أبو علي قدم مجهود متميز.. ولم نشعر بغياب علي معلول    محمود أبو الدهب: الأهلي حقق نتيجة جيدة أمام الترجي    باقي كام يوم على الإجازة؟.. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    الأرصاد الجوية تحذر من أعلى درجات حرارة تتعرض لها مصر (فيديو)    حقيقة تعريض حياة المواطنين للخطر في موكب زفاف بالإسماعيلية    شافها في مقطع إباحي.. تفاصيل اتهام سائق لزوجته بالزنا مع عاطل بكرداسة    مصطفى قمر يشعل حفل زفاف ابنة سامح يسري (صور)    حظك اليوم برج العذراء الأحد 19-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    أصل الحكاية.. «مدينة تانيس» مركز الحكم والديانة في مصر القديمة    باسم سمرة يكشف عن صور من كواليس شخصيته في فيلم «اللعب مع العيال»    نشرة منتصف الليل| الحكومة تسعى لخفض التضخم.. وموعد إعلان نتيجة الصف الخامس الابتدائي    "التصنيع الدوائي" تكشف سبب أزمة اختفاء الأدوية في مصر    وظائف خالية ب وزارة المالية (المستندات والشروط)    إجراء من «كاف» ضد اثنين من لاعبي الأهلي عقب مباراة الترجي    بعد ارتفاعه.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 19 مايو 2024    رئيس الموساد السابق: نتنياهو يتعمد منع إعادة المحتجزين فى غزة    رقصة على ضفاف النيل تنتهي بجثة طالب في المياه بالجيزة    نقيب الصحفيين: قرار الأوقاف بمنع تصوير الجنازات يعتدي على الدستور والقانون    مدافع الترجي: حظوظنا قائمة في التتويج بدوري أبطال أفريقيا أمام الأهلي    دييجو إلياس يتوج ببطولة العالم للاسكواش بعد الفوز على مصطفى عسل    صرف 90 % من المقررات التموينية لأصحاب البطاقات خلال مايو    اليوم السابع يحتفى بفيلم رفعت عينى للسما وصناعه المشارك فى مهرجان كان    ماجد منير: موقف مصر واضح من القضية الفلسطينية وأهداف نتنياهو لن تتحقق    أخذتُ ابني الصبي معي في الحج فهل يصح حجُّه؟.. الإفتاء تُجيب    رغم تعمق الانقسام فى إسرائيل.. لماذا لم تسقط حكومة نتنياهو حتى الآن؟    أوكرانيا تُسقط طائرة هجومية روسية من طراز "سوخوى - 25"    تزامناً مع الموجة الحارة.. نصائح من الصحة للمواطنين لمواجهة ارتفاع الحرارة    بذور للأكل للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    حريق بالمحور المركزي في 6 أكتوبر    مصرع شخص في انقلاب سيارته داخل مصرف بالمنوفية    مسلم يطرح أحدث أغاني ألبومه الجديد «اتقابلنا» (تعرف على كلماتها)    «فايزة» سيدة صناعة «الأكياب» تكشف أسرار المهنة: «المغزل» أهم أداة فى العمل    إعادة محاكمة المتهمين في قضية "أحداث مجلس الوزراء" اليوم    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    تعرف علي حكم وشروط الأضحية 2024.. تفاصيل    وزير روسي: التبادلات السياحية مع كوريا الشمالية تكتسب شعبية أكبر    البيت الأبيض: مستشار الأمن القومي الأمريكي سيبحث مع ولي العهد السعودي الحرب في غزة    على متنها اثنين مصريين.. غرق سفينة شحن في البحر الأسود    هل يعني قرار محكمة النقض براءة «أبوتريكة» من دعم الإرهاب؟ (فيديو)    نقص أوميغا 6 و3 يعرضك لخطر الوفاة    أدعية مستحبة خلال مناسك الحج.. تعرف عليها    وزير التعليم: التكنولوجيا يجب أن تساعد وتتكامل مع البرنامج التعليمي    نموذج إجابة امتحان اللغة العربية للصف الثالث الإعدادي محافظة الجيزة    إطلاق أول صندوق للطوارئ للمصريين بالخارج قريبًا    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أرض الخوف.. بلطجية وعصابات وفتوات وفلول

جرائم تختلط فيها السياسة بالمغامرة بالفلوس بحثًا عن الشهرة وأشياء أخرى
فى الأوقات العادية كان الأب ينصح ابنه بعدم تصديق من يقول له «إنه يعرفه.. وإنه سيوصله إلى والديه»، لأن الأب كان يعلم أن تلك الجملة تنتهى بالخطف. الآن يعلم الأب نفسه أن خروجه إلى الشارع قد ينتهى باختطافه هو شخصيا. أصبحت حوادث الاختطاف أخبارا شبه يومية، ولا يمكن لشخص أن تعصمه شهرته، أو مركزه، أو قوته من ذلك، فالأمر يحدث بسرعة البرق، ووفق تخطيط شديد الدقة.. الخاطفون أفراد، وعصابات منظمة، وبلطجية، وفتوات، وفلول، ولن يردعهم أن يقرؤوا فى ذلك الملف عن حبل المشانق التى ستلتف حول رقابهم لو سقطوا، كما أنهم لا يفكرون كثيرا فى الآخرة، وبالتالى لن تحرّك مشاعرهم كلمات المشايخ.. قد يقرؤون تصريحات الخبراء الأمنيين ويضحكون. إنهم مشغولون بأهدافهم، فمنهم من يسعى إلى المال، ومنهم من يرهب خصومه السياسيين، ومنهم من يريد أن يصير كبيرا على منطقة، ومنهم، ومنهم.. إذا أردت أن تعرف كل كبيرة وصغيرة فاقرأ ذلك الملف.

للناس فيما «يخطفون» مذاهب
لأن الناس مقامات.. فدية ابنة السادات مليونا جنيه.. و150ألف جنيه لنجل جبريل.. و50 ألفا لتاجر خردة.. وعشرة ملايين لمقاول فى الشرقية
للناس فى ما «يخطفون» مذاهب، فمع تكرار حوادث الاختطاف بالتزامن مع حالة الانفلات الأمنى «المشكوك فى أمره»، تنوعت معها مبررات ودوافع الاختطاف، وحجم الفدية المطلوبة، ومصير الضحية فى نهاية «فيلم الأكشن المغرق فى واقعيته»، من انتقام أو اغتصاب إلى سرقة ومساومة، ومن 50 ألف جنيه إلى عشرة ملايين جنيه، ومن إنقاذ فى غضون 24 ساعة فقط إلى الموت بلا ثمن.
مليونا جنيه، طلبها مختطفو الطفلة زينة السادات، ابنة رجل الأعمال عفت السادات، وهى الجريمة الأسرع إنقاذا، إذ تمكنت قوات الشرطة من تحرير الضحية فى أقل من 24 ساعة فقط، من خلال تتبع الهواتف المحمولة للمختطفين، ومن ثم إعداد الأكمنة للقبض عليهم فى أثناء عمليات التسليم والتسلم.
كما الأحداث فى فيلم أكشن «أمريكانى» قبِل السادات دفع الفدية فى الطريق الصحراوى بوادى النطرون وتسلم طفلته على منضدة داخل كافيتيريا «ماستر». حتى تمكنت أجهزة الأمن من تعقب المتهمين وإلقاء القبض عليهم بعد تبادل لإطلاق النار، وكانت المفاجأة حين تبين أن المختطفين من أهالى بلدته.
فدية أقل كثيرا، طلبها مختطفو نجل الشيخ محمد جبريل، إذ لم تزد فدية عمرو على 150 ألف جنيه. وحين لم يجد جبريل بُدا من الاستجابة للخاطفين، توجه وصديق نجله إلى المكان الذى حدده المختطفون، ومعه المبلغ المطلوب. وكانت المفاجأة حين احتجز أفراد العصابة صديق نجل الشيخ أيضا، ليتضح أن هناك خلافا ماديا قديما بينهم، دفعهم إلى اختطاف نجل الشيخ انتقاما من صديقه. فذهب جبريل إلى قسم الشرطة وحرر محضرا بالواقعة، وبعد تشكيل فريق للبحث الجنائى، فوجئ الجميع بأن العصابة أطلقت سراح عمرو دون مقدمات.
فكرة اللجوء إلى دوامة المحاكم ورد الحقوق بالتقاضى، لم تكن مطروحة فى «دماغ» التاجر الذى لجأ إلى خطف تاجر خردة فى منطقة عين شمس، بعد أن باع له مخزنا، وبعدما اعتبر أن المقابل لم يكن مناسبا، قرر خطفه تحت تهديد السلاح والاتصال بشقيقه ليطلب استعادة عقد بيع المخزن وتعويضا قدره 50 ألف جنيه.
خلافات تجارية أيضا فى الإسكندرية، تعرض بسببها المقاول عبد الله.م للخطف، بتحريض من أحد تجار محافظة أسيوط لخلافات مالية بينهما، تم احتجازه بعدها فى مدينة ديروط لنحو أربعة أشهر، إلى أن تمكن من الهرب، وحين حاول المختطفون تكرار جريمتهم سقطوا فى قبضة المباحث.
وفى مدينة مشتول السوق بمحافظة الشرقية، تعرض المقاول عبد الحميد رمضان لحادثة خطف من قلب منزله، وأمام جيرانه، من قبل مجموعة ملثمين طلبو فدية 10ملايين جنيه، فأبلغ الأهالى الشرطة، وحاول أهل الضحية تخفيض مبلغ الفدية لكنهم رفضوا، إلى أن عثر الأهالى على جثته ملقاة على أحد الطرق الزراعية فى قرية نبتيت.

خلّى بالك.. من مكانك
مسلّم: الشرطة والجيش وشيوخ القبائل هم الحل
بالمنطق نفسه، الذى يهاجم به الذئب فريسته الشاردة عن القطيع بعيدا، يختار المختطفون أيضا مكان تنفيذ جريمتهم بعيدا عن الزحام غالبا، لكنها ليست قاعدة، لأن بعض تلك الجرائم يتم من أمام المدارس ومن داخل المساجد والمستشفيات فى وضح النهار، إلى جانب تعرض السائحين إلى حالات خطف فى أثناء رحلات السفارى فى قلب الصحراء بعيدا عن أى تأمين، كما حدث مؤخرا حين اختطف المتهم ياسر الحمبولى ركاب منطاد سياحى فى الأقصر، مقابل إطلاق سراح نجله المحتجز لدى الشرطة.
الخبير الأمنى اللواء طلعت مسلم، أوضح أن حوادث الاختطاف تتزايد بشكل ملحوظ فى الأماكن البعيدة عن الزحام، فى الطرق الصحراوية والزراعية، خصوصا المحاطة بزراعات الذرة والقصب فى الصعيد وجناين الفاكهة. منبها إلى أن السيطرة على المجرمين فى تلك الأماكن الواسعة أمر بالغ الصعوبة، معتبرا أن الحل الأيسر والأكثر عملية، هو طلب تدخل شيوخ القبائل وكبار العائلات فى تلك المناطق لمنع الجرائم، بمساعدة الشرطة، فى القبض على المسجلين والمتهمين فى قضايا أخرى.
الانتشار الجيد للشرطة يحد من تلك الظاهرة، حل بديهى أشار إليه مسلم فى المرتبة الثانية، مبررا ذلك بأن الاعتماد على قوات الشرطة لا يجب أن يكون كليا، فلا بد من مساعدة الأهالى لهم، إلى جانب خدمات القوات المسلحة، خصوصا فى تلك المرحلة المهمة فى تاريخ مصر، لافتا إلى أن الشرطة المصرية ليس لديها نظام متبع لمواجهة حالات الاختطاف، وأن كل من يتعامل مع جريمة كتلك، «يتعامل باجتهاد شخصى منه».

الاختطاف.. أسرع الطرق إلى حبل المشنقة
ما بين السجن لمدة سنتين أو ثلاث على الأكثر، إلى السجن المشدد، وربما الإعدام.. تلك هى عقوبات جرائم الاختطاف والاحتجاز، بحسب قانون العقوبات المصرى.
المستشار رئيس محكمة استئناف القاهرة الأسبق حشمت عزيز، ارتبط اسمه بقضية فتاة المعادى الشهيرة، فى أواخر الثمانينيات، حيث حكم على عدد من الشباب، ممن اختطفوا الفتاة وتناوبوا الاعتداء الجنسى عليها، بالسجن المؤبد على ثلاثة منهم، بينما حُكم على آخرين بالإعدام.
عزيز علق على تصاعد معدلات جرائم الاختطاف، فى مصر فى الفترة الماضية بالإشارة إلى أن مثل تلك الجرائم ترتبط بسلوك المواطن فى المقام الأول.
فى الاتجاه ذاته، يرى المحامى والناشط الحقوقى نجاد البرعى، أن جريمة الاختطاف فى الأساس «جريمة اجتماعية قد ترتبط أسباب اقتصادية بها، وقبل هذا وذاك، فهى تتعلق بسلوك المواطن فى الشارع المصرى»، مشيرا إلى أن عقوبة الاختطاف تختلف باختلاف ملابسات الجريمة، كما أن عقوبة المتهمين تتراوح باختلاف أدوارهم فيها، فاحتجاز شخص لفترة زمنية ما تكون عقوبته الحبس 3 سنوات والغرامة المالية.
بينما حدد القانون عقوبة الحبس سنتين، لكل شخص سهل للشخص الخاطف مكاناً ما لإيواء واحتجاز رهينته، باعتباره متهما فى ذات الواقعة عن طريق الاشتراك، فى حين أن احتجاز طفل لم يتعد عمره 16 عاما، تكون عقوبته السجن المشدد، مما ينطبق أيضا على عقوبة اختطاف الأنثى.
المثير أن البرعى يعارض تغليظ عقوبة جريمة الاختطاف، استنادا إلى أن الأمر لم يتخط كونه سلوكا اجتماعيا، بينما فضل إجراء دراسات بحثية، حول طبيعة مرتكبى مثل تلك الجرائم وكيفية القضاء على أسبابها، قبل أن يدلل على وجهة نظره بانتشار ظاهرة الاختطاف فى صعيد مصر، نتيجة لبعض الخلافات والموروثات الاجتماعية القديمة.
من جانب آخر، أشار أستاذ القانون الدولى سفير مصر السابق لدى اليونسكو الدكتور أحمد رفعت، إلى أن عقوبة جريمة الاختطاف قد تصل إلى الإعدام إذا اقترنت بالإكراه، أو الاغتصاب، لأن الخاطف يكون فى تلك الحالة قد عرض سلامة «المجنى عليه» للخطر، حيث احتجزه عنوة وبالقوة الجبرية. وإذا كان المتهم تربطه علاقة قرابة بشخص المختطف «المجنى عليه»، فإن العقوبة -بحسب رفعت- لا تختلف، وإنما يتم النظر إليها من ناحية توافر النية الإجرامية والقصد الجنائى من ارتكاب الجانى للحادثة.
«النزاع العائلى بين أسرتين» هكذا يبرر رفعت وقوع معظم جرائم الاختطاف، لافتا إلى أن البعض يلجأ إلى ذلك الأمر، من أجل الحصول على فدية ما أو تصفية حسابات شخصية، قبل أن يؤكد أن المجتمع المصرى ذو طبيعة إسلامية، ومن ثم فإن إعلان العقوبات الرادعة فى مثل تلك الجرائم فى وسائل الإعلام المختلفة، سيكون له مفعول السحر، وقد يردع كل من يفكر فى ارتكاب جريمة الاختطاف، قبل وقوعها.

الخطف أنواع.. حقائب وذهب وأرواح
قطرى: وسيلة النقل والمخدر أهم أدوات الخاطف.. وحماد: الانفلات الأمنى هو السبب
الخطف، يعد أحد أشد الجرائم خطورة، لأنه يتعلق بأرواح البشر. من هنا تأتى أهمية التصدى له، وبأسلوب علمى يتجاوز الطرق التقليدية فى التعامل مع حوادث الاختطاف، كما نراها فى أفلام السينما العربية.
اللواء محمود قطرى يقول إن أجهزة الأمن لا بد أن تستنفر لصد جرائم الاختطاف التى زادت مؤخرا عن حدها، حيث شهدت مصر خلال الفترة الماضية أكبر عدد من حوادث الخطف، بسبب الانفلات الأمنى، الذى تتحمل مسؤوليته وزارة الداخلية. قطرى صنف جرائم الخطف إلى عدة أنواع، منها خطف المشغولات الذهبية والحقائب، وفى أغلب الأحيان يكون المجنى عليهم فى هذه الجرائم من السيدات، ولا يضطر الخاطف هنا إلى حمل أسلحة، لكنه يستخدم الدراجات البخارية، ويستغل فيها وجود المجنى عليه فى منطقة نائية أو أحد الشوارع الخالية من المارة، والغريب أن هذ النوع انتشر فى الآونة الأخيرة فى أماكن كثيفة السكان وفى وضح النهار. أما خطف الأشخاص، فيقول عنه قطرى، إن الجانى يعتمد على عاملين مهمين، وهما وسيلة انتقال يستخدمها لنقل المخطوف، ومخدر للسيطرة عليه.
اللواء قطرى شن هجوما حادا على الطرق العنترية التى تستخدمها وزارة الداخلية، التى تفتقر إلى الأساليب العلمية للبحث الجنائى. ولفت إلى ضرورة التعاون بين أهل المخطوف والشرطة، خلال مرحلة جمع المعلومات ومن ثم تستعين بالمساعدات الفنية وشرطة المواصلات ومراقبة الهواتف.
الخبير الأمنى اللواء برهان حماد اعتبر أن الانفلات الأمنى هو المسؤول الأول عن انتشار حالات الاختطاف والبلطجة، موضحا أن العصابات الإجرامية ترتكب عديدا من جرائم الخطف عن طريق التخدير أو قطع الطريق أو الاستدراج. ويضيف أن سبب زيادة هذه الأنواع من الجرائم هو صعوبة ملاحقة الجناة وامتناع الأهالى عن الإبلاغ، خوفا على سلامة أولادهم وتهديدات الخاطفين.
الحل الأمثل للقضاء على ظاهرة الاختطاف -كما يقول حماد- هو تحقيق الشدة والانتشار الأمنى، واستعادة الأسلحة المسروقة من أقسام الشرطة، ومنع الاعتداء عليها.
مشيرا إلى أن عددا كبيرا من رجال الأعمال والمشاهير يحملون الأسلحة، سواء المرخصة أو طبنجات الصوت أو الصواعق الكهربائية خوفا على حياتهم من البلطجية، الذين انتشروا عقب فتح السجون خلال الثورة، وهذه ظاهرة مقلقة. أما اللواء فؤاد علام الخبير الأمنى، فقال إن الفترة الحالية تشهد تراجعا أمنيا شديدا، وأن الشرطة لم تعد إلى الشارع بالشكل المطلوب، وهو ما تسبب فى وقوع جرائم كثيرة، منها استخدام السلاح بشكل علنى وفى وجه الجميع حتى الشرطة والجيش.

كيف يحل رجال الأمن لغز الاختطاف؟
اللواء محسن حفظى: خطورة تلك الجرائم أنها لحظية وصعبة جدا على ضباط المباحث
«جريمة لحظية وخطيرة جدا»، هكذا يصف الخبير الأمنى ومحافظ الدقهلية السابق اللواء محسن حفظى، جرائم الاختطاف، لافتا إلى أن أجهزة الأمن لا يكون لديها أى معلومات مسبقة عنها، مما يجعل من مهمة ضبط المتهمين فيها، أمرا غاية فى الصعوبة، خصوصا فى ظل الظروف الحالية عقب الثورة.
«أحيانا ما تصنع الظروف من بعض الأشخاص العاديين مجرمين» هكذا يرى حفظى، ضاربا المثل، بأنه قد يحدث فى طريق عودة أى شخص من المطار، أن يستغل أحد «الشيالين» مصافحتك أهلك، ويتحين الفرصة، ويهرب بمتعلقاتك الشخصية، وبالمنطق نفسه، ربما يصادف مجموعة من الشباب، رجلا وزوجته، عائدين إلى منزلهما، فى ساعة متأخرة، فيقومون باختطافها والاعتداء عليها، وفى مثل تلك الجرائم، يصعب على رجال الشرطة الوصول إلى الجناة، لأنهم فى الأغلب يكونون غير «مسجلين».
حفظى أوضح، أن عملية تتبع الجانى فى جريمة الاختطاف تأخذ مجهودا كبيرا، خصوصا بعد الثورة، حيث «دخلت اللعبة أناس كثيرة سجلّها الإجرامى نظيف»، مشيرا إلى أن البعد عن الدين، ساعد على انتشار وتصاعد معدلات الجريمة، قبل أن يؤكد أن الاختطاف، يعد الجريمة الوحيدة، التى لا يعتمد فيها ضابط المباحث على السجلات الموجودة لديه عن مسجلى الخطر، ومن ثم تتطلب منه جهدا خارقا، وحرصا شديدا، حتى لا يتعرض المجنى عليه للاعتداء أو القتل من قبل الجناة.
يأتى هذا بينما ناشد حفظى المواطنين، بأن يتوخوا الحذر، وأن يبتعدوا عن أى أماكن قد تعرضهم للاختطاف، مطالبا الجميع بالتعاون، لمنع تلك الجرائم والتصدى للبلطجة، والكف عن الهجوم المتواصل على الشرطة، لأن هذا ليس فى مصلحة البلد، قبل أن يطالب أيضا، بضرورة الانتشار الجيد والسريع للشرطة على الطرق السريعة والصحراوية والأماكن النائية، لإحباط الجرائم قبل وقوعها، وزيادة الخدمات الأمنية أمام المدارس والمستشفيات والجامعات والمولات الشهيرة للحد من تلك الظاهرة الخطيرة.

النشاط: بلطجة.. الهواية: خطف
المحروق يخطف بغض النظر عن الفدية.. والحمبولى «خُط» يخطف للضرورة
فرعون شبرا.. الخطف منظرة.. وفرافيرو غاوى سيارات بركابها
مع انتشار حالات الاختطاف فى أغلب محافظات مصر، بدأت تتكشف سيَر من يقفون وراء هذه الأعمال، من المجرمين، الذين توحشت سيرتهم وأعمالهم، فصاروا نجوما فى عالم الإجرام. هنا نعرض ما هو متاح من قصص وروايات عن 4 من نجوم الاختطاف، هم محروق الشرقية، حمبولى الصعيد، فرعون شبرا، فرافيرو القليوبية.
المحروق
شوقى المحروق أو كما يطلق عليه البعض شوقى «كسيحة»، شخص هزيل البدن، لا يزيد وزنه على 55 كيلوجراما، ولا يزيد طوله على 160 سم، اكتسب شهرة واسعة فى عالم الإجرام، ولقب نفسه بصاحب القلب الميت، تحول من لص عادى متخصص فى السرقات إلى كائن لا يخشى الموت.
تحقيقات وتحريات المباحث فى محافظة الشرقية نسبت إلى المحروق عمليات إجرامية عديدة، منها سرقة أطفال علنا، وطلب فدية مالية، مقابل عودتهم إلى أهلهم، وأكثر من 5 حالات اغتصاب، وسرقة أكثر من 20 سيارة بالإكراه، وسبق أن أطلق النار على عدة أكمنة على الطريق العام، علاوة على ترويع أهالى مركز ديرب نجم، وسرقة مجموعة من محلات المحمول الكبرى، وقتل شخصين وإصابة طالب بكلية الشرطة بإصابات خطيرة وإطلاق النار على عميد شرطة، وعلى أحمد الجزار نجل رجل الأعمال أيمن الجزار فى مركز ديرب نجم، فى أثناء حادثة الهجوم عليه فى شهر رمضان الماضى، مما دفع الجزار إلى عرض مبلغ 200 ألف جنيه لمن يقبض على المحروق حيا أو ميتا.
ومن الطريف أن الأطفال يتسابقون على من يحمل اسمه ويتقمص شخصيته، فى لعبة عسكر وحرامية. فحكايات الأهالى عنه حولته إلى مجرم أسطورى يحمل أكثر من 20 رشاشا، ويسرق السيارات ويغتصب النساء فى وضح النهار. وحاولت قوات الأمن القبض عليه، وفى كل مرة كان يهرب منها، بمساعدة معاونيه الذين يخبرونه بمواعيد الحملات الأمنية التى تلاحقه، ليبقى المحروق أسطورة يرددها أهالى الشرقية ويرددون حكاياته الإجرامية.
الحمبولى
ومن الشرقية إلى أقصى الصعيد، حيث الأساطير التى لا تنتهى عن رجل الإجرام الذى تعجز الشرطة عن الإيقاع به، وجرت العادة على تسميته ب«خُط الصعيد»، ففى الأقصر ألقت أجهزة الأمن القبض على مجرم يدعى هاشم العزب، أطلقوا عليه فى ما بعد «خط الصعيد» بعد قتل رئيس مباحث القصير وحكم عليه هو وذراعه اليمنى ياسر الحمبولى بالمؤبد، غير أن الأخير ما زال هاربا، وتحول خلال فترة قصيرة إلى مجرم خطير أيضا، واستحق أن ينافس صديقه على لقب «الخط»، فهو لا يزال يواصل نشاطه الإجرامى بمحافظات الصعيد، وسط إخفاق مستمر لأجهزة الشرطة فى القبض عليه، وهو ما دفع وزارة الداخلية إلى إصدار حركة ترقيات شملت تغيير مدير أمن الأقصر ونقله إلى أسوان ونقل مدير أمن أسوان إلى الأقصر.
فرعون شبرا
وفى القليوبية هناك أكثر من بلطجى اكتسبوا شهرة كبيرة فى عالم الإجرام والبلطجة والخطف هو جهاد الصعيدى، الشهير ب«فرعون شبرا»، وهو مجرم تنطبق عليه مقولة «كل ذى عاهة جبار»، فهو بذراع واحدة، بعد أن فقد الأخرى بسبب حقنة ماكس بطريق الخطأ، تسببت فى بتر ذراعه. تم اعتقاله 6 مرات، نظرا إلى خطورته الشديدة على الأمن العام، ويتركز نشاطه فى تجارة السلاح والمخدرات والخطف ويهوى كثيرا، حسبما أشيع عنه فرض السيطرة والنفوذ والمنظرة والتباهى بين زملائه من البلطجية والخارجين عن القانون، ومن فرط إجرامه حاول بعض العناصر التى تنتمى إلى الجماعات السلفية أن تتدخل وتدعوه للهداية والتوبة، وعرضوا عليه إعطاءه مبلغا من المال وتزويجه ليعيش حياة بعيدة عن الإجرام، إلا أنه رفض، وما زال يواجه الداخلية والأهالى بنشاطه الإجرامى.
فرافيرو
وفى مركز قليوب هناك أيضا بلطجى ذاع صيته يتخذ من حدائق البرتقال فى منطقة رمادة وكرا له، يختبئ فيها بعيدا عن أعين الأمن، متحصنا ومستعينا بعدد من البلطجية، «فرافيرو» متخصص فى الخطف وسرقة السيارات التى عادة يكون بها ركاب، مستغلا حالة الانفلات الأمنى، حيث يسرق السيارة ويطلب فدية من صاحبها، وإن لم يستجب يقوم بتقطيعها وبيعها أجزاء، وقيل إنه وراء سرقة سيارة محمد البلتاجى أمين حزب الحرية والعدالة بالقاهرة، وأعادها مقابل 14 ألف جنيه، وكذلك سيارة نائب سابق مقابل 80 ألف جنيه، وحكايات الأهالى وتحريات المباحث وتفاصيل البلاغات التى تقدم ضده تقول إنه يقوم بتخزين كمية كبيرة من الأسلحة والذخيرة والسيارات المسروقة فى الوكر الذى يختبئ فيه، وقد تمكنت أجهزة الأمن فى القليوبية مؤخرا من القبض عليه.

أمِّن نفسك بنفسك
قطب: المفسدون فى الأرض.. كلٌ حسب جريمته
«حكمهم شرعا، هو حكم المفسدين فى الأرض»، قاطعا حازما، قالها رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف الدكتور جمال قطب، مشيرا إلى أن جميع المتورطين فى أعمال البلطجة والخطف وترويع الناس، باعتبارهم ممن يحادون الله ورسوله، فى زمن ساد فيه الانفلات الأمنى وأصبح المواطن غير آمن على ماله وعرضه. لافتا إلى أن التعامل معهم يختلف من حالة إلى أخرى، حسب درجة الجريمة والضرر، حين تتمكن السلطة من الإيقاع بهم.
قطب، طالب المواطنين بأن يبادروا هم إلى مواجهة التأثيرات السلبية للانفلات الأمنى، بضبط مواقيت حركتهم وتشديد تعليمات الأمان، وتحمل أعباء اليقظة والانتباه، منعا لتعرض الأبناء والأموال للخطف من قبل هؤلاء الخارجين عن القانون.
المفكر الإسلامى، أوضح أن من خطف ضحية واستُردت منه حية، يستحق نفيه وإبعاده من المجتمع، وإذا لم يكن النفى متاحا فالسجن المشدد، ومن أصاب أحدا من الناس بأذى أو قتله فالإعدام مصيره، ويعاقب هؤلاء المجرمين بقدر جناياتهم فى حق الآخرين.

اختطاف «النشطاء» على ودنه.. والفاعل معلوم
شعبان تم اختطافه لمعرفة علاقة «حملة البرادعى» ب«6 أبريل»
جرائم الاختطاف ليست حكرا على الفتيات ورجال الأعمال والمقاولين فقط، فللنشطاء السياسيين نصيب منها أيضا. حيث أن مرتكبى تلك الجرائم معروفون للجميع، رغم أن إيقاع أى منهم يعد أمرا صعبا، إن لم يكن مستحيلا، لأنهم فى الأغلب ينتمون إلى جهة أمنية. خلال السنوات القليلة الماضية، بدأت مصر تسمع عن بعض حوادث الاختفاء الغامضة، لعدد من النشطاء السياسيين فى مصر، غير أن هؤلاء النشطاء سرعان ما كانوا يظهرون مجددا، ليتبين للجميع، أنهم كانوا فى ضيافة جهاز أمن الدولة المنحل. الغريب، أن مصر شهدت بعد ثورة 25 يناير، عددا من حوادث الاختطاف لعدد من النشطاء كان أبرزها فى أغسطس الماضى، حيث تعرض عضو الحملة الشعبية لدعم البرادعى الناشط السياسى محمود شعبان، لعملية اختطاف من قبل مجهولين، فى أثناء عودته إلى منزله، فى منطقة العوايد فى الإسكندرية، بعد أن تم تقييده بسلك كهربائى، وشحنه فى سيارة، ونقله إلى مكان مجهول، لسؤاله عن علاقة حملة دعم البرادعى، بحركة 6 أبريل ومصادر تمويلها، وبعد التحقيق الذى أجاب فيه شعبان بالنفى، تم تقييده وإلقاؤه فى الطريق فى منطقة محرم بك، فيما أوهمه مختطفوه بأنه فى طريقه إلى النيابة العسكرية، وأن كل النشطاء هيتجابوا واحد واحد. بينما تعرض أيضا الناشط شريف الروبى، بحسب بيان لحركة 6 أبريل «الجبهة الديمقراطية»، لعملية اختطاف مماثلة، من قبل أفراد ينتمون إلى أن أجهزة أمنية، قاموا باصطحابه إلى مكان غير معلوم، فى أثناء عودته من الفيوم، قبل أن يتم احتجازه عدة أيام لاستجوابه عن نشاط الحركة، وفى النهاية تم إطلاق سراحه وإلقاؤه، كالعادة على الطريق الزراعى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.