عاد مرتزقة "مجموعة فاجنر" الروسية لدائرة الضوء مرة أخرى، بعد وفاة ثلاثة صحفيين روس، في جمهورية أفريقيا الوسطى، الاثنين الماضي، كانوا يعدون فيلمًا تسجيليًا عن أنشطة المجموعة المرتزقة في البلد الأفريقي. "فاجنر" بنت سمعتها "السيئة" بسبب دورها في الصراعات الدائرة في سورياوأوكرانيا، كما أرسلت مرتزقتها إلى جمهورية أفريقيا الوسطى والسودان، وفقا لتقارير وسائل الإعلام الغربية والروسية المستقلة، فضلا عن تقارير الحكومات الأجنبية. وأشارت صحيفة "ساوث تشينا مورنينج" الصينية، إلى أن الصحفيون كيريل رادشينكو، وألكسندر راستورغييف، وأورخان دزييمال، قد وصلوا إلى البلد الأفريقي الذي تمزقه الحرب جوًا، لتصوير تقرير عن عمليات "فاجنر"، وفقًا لمنظمة "مركز إدارة التحقيقات" الإعلامية التي كانوا يعملون معها. من جانبها، قالت حكومة جمهورية أفريقيا الوسطى، الأربعاء، إن الثلاثة قتلوا رميًا بالرصاص، في كمين على الطريق من قبل مجموعة مؤلفة من تسعة رجال. وفي بيان على التلفزيون الوطني، قال المتحدث باسم الحكومة أنجي ماكسيم كازاجوي إن الرجال التسعة كانوا "يرتدون غطاءًا للرأس" ولم يتحدثوا بالفرنسية أو "السانجو"، اللتان تستخدمان في جمهورية أفريقيا الوسطى. وأضاف كازاجوي، أن أحد الصحفيين قاوم بعنف المسلحين، الذين أرادوا سرقة معداتهم، حيث توفي أحد الصحفيين على الفور وتوفي الأخران متأثرين بجراحهما، مشيرًا إلى أن هذه التفاصيل أدلى بها سائقهم الذي أصيب في الهجوم لكنه نجا. ويرى العديد من المراقبين أن بصمات "فاجنر" واضحة في الحادث. ويقول محللون، إن موسكو تستخدم مجموعة "فاجنر"، حتى تتمكن من ممارسة نفوذها العسكري في الصراعات النشطة، في الظل، وتخفيض الخسائر البشرية. اقرأ المزيد: «فاجنر».. مرتزقة بوتين في سوريا حيث صرح بافيل فيلجنهاور المحلل الدفاعي في موسكو، أن "فاجنر" تنظر إلى عملياتها في جمهورية أفريقيا الوسطى، كفرصة تجارية وليست جزءًا من مشروع عسكري أوسع. وأضاف "من الممكن أن يكون الكرملين قد أعطى الضوء الأخضر لأنشطة فاجنر في جمهورية أفريقيا الوسطى عندما زار فوستين اركانج تواديرا، رئيس البلاد، روسيا في مايو الماضي"، مؤكدًا أنه "بدون موافقة الكرملين، لن تكون فاجنر موجودة". وأشار إلى أن دول أفريقيا ستدفع لهؤلاء المرتزقة، أكثر بكثير مما يحصلون عليه في شرق أوكرانيا، مما يجعلها فرصة أكثر جاذبية للمجندين المحتملين. وأشارت الصحيفة إلى أن أعمال "فاجنر" في جمهورية أفريقيا الوسطى يتم بالتوازي مع الدور الرسمي لروسيا هناك، ففي ديسمبر الماضي، سمحت الأممالمتحدةلروسيا بدعم القوات المسلحة هناك بالأسلحة والتدريب. يذكر أن "فاجنر" أُنشئت على يد ضابط المخابرات الروسي السابق دميتري أوتكين، الذي كان جزءًا من أول قافلة للمرتزقة تم إرسالها إلى سوريا في عام 2013، قبل وقت طويل من مشاركة موسكو الرسمية في الصراع. وكانت تقارير لوسائل إعلام غربية وروسية، أكدت أنه تم تمويل المجموعة من رجل الأعمال يفغيني بريجوزين الحليف المقرب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ويعد بريجوزين رجل أعمال من سانت بطرسبرج، حصل على ثروته من العمل في صناعة الطعام، قبل توقيع عقود مربحة مع الجيش والحكومة في روسيا، كما يطلق عليه اسم "طباخ بوتين". اقرأ المزيد: مرتزقة «الحرب الهجينة».. درس روسي لأمريكا في دير الزور كما اتهمته محكمة أمريكية بإنشاء بالمشاركة في التدخل الروسي في انتخابات الرئاسة الأمريكية لعام 2016 لصالح دونالد ترامب. نشاط مجموعة "فاجنر" في سوريا، جذب اهتمام العديد من المراقبين، في شهر فبراير الماضي، بعد مقتل العديد من مقاتليها هناك، حيث ذكرت وسائل الإعلام المختلفة، سقوط أكثر من 200 مقاتل في هجوم أمريكي على القوات الموالية للنظام في دير الزور. وقد أثبت "فريق استخبارات الصراع" وهي مجموعة من الصحفيين الاستقصائيين الروس، أن العشرات منهم كانوا أعضاء في مجموعة "فاجنر". وبعد أيام من الصمت، اعترفت موسكو بأن خمسة مواطنين روس قتلوا وأصيب العشرات في الهجوم، قائلين إنهم كانوا في البلاد "كمتطوعين". وكان الرد مشابها لردود موسكو الرسمية عن الأحداث في شرق أوكرانيا، حيث أدى الصراع بين الجيش الأوكراني والانفصاليين الموالين لروسيا إلى مقتل أكثر من 10 آلاف شخص منذ عام 2014. وأدرجت وزارة الخزانة الأمريكية، "أوتكين" ومجموعة "فاجنر" على قائمة سوداء في عام 2016، لقيامهما "بتجنيد وإرسال جنود للقتال إلى جانب الانفصاليين في شرق أوكرانيا". انضم أوتكين نفسه إلى صفوف القوات الانفصالية هناك في السنة الأولى من النزاع، بعد مهمته غير المجهزة إلى سوريا. اقرأ المزيد: مسؤولون: الهجوم الأمريكي ضد المرتزقة الروس أكثر الاشتباكات دموية يرفض الكرملين باستمرار اتهامات كييف والغرب بوجودها العسكري في المنطقة، ويصر على أن الروس الذين يقاتلون هناك هم "متطوعون". وفي عام 2016، حضر أوتكين حفل متلفز أقيم في الكرملين لتكريم "أبطال الوطن" وتم تصويره بجانب بوتين. وفي أكثر من حادثة، كانت التحقيقات حول أنشطة "فاجنر" تعرض الصحفيين للعديد من المخاطر، حيث لقى الصحفي الذي كان يحقق في أنشطة المجموعة في سوريا، مصرعه، في أبريل الماضي، بعد سقوطه من شرفة شقة في الطابق الخامس بمدينة "يكاترينبورج" الروسية. فيما أشار المحلل بافيل فيلجنهاور، إلى أنه يعتقد أنه من غير المحتمل أن يكون الصحفيون الذين قتلوا في جمهورية أفريقيا الوسطى، لقوا حتفهم على أيدي أعضاء مجموعة "فاجنر". إلا أنه أضاف أن ذلك بمثابة "إعلان جيد بالنسبة لهم، فربما يسمع زعيم أفريقي آخر عن فاجنر بسبب هذا الحادث، ويسعى للتعاقد مع بعض المرتزقة الروس". وفتحت جمهورية أفريقيا الوسطى والسلطات الفيدرالية الروسية وبعثة الأممالمتحدة لحفظ السلام في البلاد، تحقيقًا في الحادث. ونقلت الصحيفة عن مصدر في بعثة الأممالمتحدة، قوله إن الحادثة وقعت يوم الاثنين شمالي بلدة "سيبوت" الواقعة على الطريق السريع الرئيسي بين مدينة "كاجا باندورا" والعاصمة "بانجوي". اقرأ المزيد: شبكات النازيين الجدد في أوكرانيا تستقطب البريطانيين للقتال في صفوفها وأضاف أن الصحفيين الثلاثة وصلوا إلى "سيبوت" من "بانجوى"، ثم قاموا بالتوجه إلى "ديكوا"، شمال "سيبوت"، في الساعة 5.45 مساء الاثنين، على الرغم من أنهم نصحوا بعدم الخروج في وقت متأخر. وقال المتحدث باسم حكومة جمهورية أفريقيا الوسطى، إنه "من المعقول جداً" أن يكون الصحفيون الثلاثة قد قُتلوا على أيدي "قطاع طرق ينتموا إلى جماعة مسلحة". يذكر أن "مركز إدارة التحقيقات" هو مشروع إعلامي أطلقه رجل الأعمال ميخائيل خودوركوفسكي، الذي قضى عشر سنوات في السجن في روسيا، بعد سقوطه من الكرملين، والذي يعيش الآن في بريطانيا.