ثلاثة أشهر وتبدأ إثيوبيا في حجز المياه عن مصر، بحسب خبراء الذين حذروا من أن "أديس أبابا" ستبدأ مع الفيضان المقبل في يونيو، في تخزين 14 مليار متر مكعب في البحيرة خلف سد النهضة، وهي الكمية المحددة ضمن مرحلة الملأ الأول له. إثيوبيا تتجاهل مصر "سد النهضة يبنى وفق مخطط مدروس ومدعوم من جهات مختلفة؛ لينتهي تماما في أكتوبر المقبل"، يقول الدكتور نادر نور الدين، عضو لجنة حوض النيل، وأستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، الذي يرى أن إثيوبيا تتتخذ قراراتها بشكل منفرد، دون الرجوع إلى مصر، رغم مخالفة ذلك للقانون الدولي، الذى يلزمها بإخطار دول المصب مسبقًا قبل إقامة المشروعات المائية على النهر. ويضيف نور الدين، ل"التحرير"، أن إثيوبيا أعلنت بالفعل بدء تخزين المياه خلف سد النهضة ضمن المرحلة الأولى لبنائه، في يونيو المقبل، رغم مخالفة ذلك أيضا لمبادئ اتفاق الخرطوم الموقع بين رؤساء الدول الثلاثة مصر والسودان وإثيوبيا، والمعروف بوثيقة سد النهضة، والذي وقع فى العاصمة السودانية الخرطوم في مارس 2015. 10 سنوات "عجاف" ويوضح نور الدين أن مصر عاشت 10 سنوات من الجفاف خلال الأعوام الماضية، ورغم ذلك فان أديس ابابا تعلن ب"كل تعنت" أنها ستغير من مواصفات السد لتزيد من قدرته على توليد الكهرباء، وبالتالي تخزين كمية أكبر من المياه، وذلك من خلال تزويده بإثنين من التوربينات الجديدة. ويكشف نور الدين أن مصر استفسرت إثيوبيا حول تغيير مواصفات السد دون الرجوع إليها، لافتا إلى تكتيم وزارة الري على سير المفاوضات مع أديس أبابا، خاصة مع مخالفة إثيوبيا إعلان المبادئ الموقع مع مصر، والذي يلزمها بالرجوع لها قبل ملأ السد. إثيوبيا تخالف القانون الدولي الدكتور مساعد عبد العاطي، الخبير في القانون الدولي للمياه، نوه بأن القانون الدولي العام يؤكد بكل موضوعية سلامة ومتانة الحقوق المصرية في مياه النيل، والتي أكدتها محكمة العدل الدولية في حكميها الشهيرين عامي 1997 و2010، متابعًا: "رغم مخالفة إثيوبيا الأعراف والثوابت القانونية التي تحكم استخدامات الأنهار الدولية، وأهمها الضوابط القانونية في إنشاء السدود، إلا أن مصر سلكت المسلك التفاوضي الدبلوماسي، وأعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي رسميا ومن على منبر البرلمان الإثيوبي، أن مصر تمد يد العون لإثيوبيا، وتساندها في خطط التنمية التي ترتقي بالمستوى الاقتصادي والاجتماعي للشعب الإثيوبي". وتابع، في تصريحات خاصة: "كما أكد السيسي أن مياه النيل تعد شريان الحياة لمصر، وقد أبرمت مصر والسودان وإثيوبيا اتفاقية إعلان المبادئ والمعروفة بوثيقة سد النهضة بالعاصمة السودانية الخرطوم، بإرادة صريحة منهم على احترام قواعد القانون الدولي". "سوء" النية وأوضح عبد العاطي أن إثيوبيا التزمت بعدم بدء ملأ بحيرة السد إلا بعد اكتمال الدراسات الفنية التي لم ينته منها المكتبان الاستشاريان الفرنسيان "بي آر إل" و"أرتيليا" إلى الآن، ومن ثم فلا يجوز لإثيوبيا البدء في تخزين المياه خلف السد إلا باكتمال الدراسات الفنية، كما أن مبادئ حسن النية في القانون الدولي توجب عليها التشاور المباشرمع مصر بحسب مبدأ حسن النية، باعتبارها الدولة الأولى بالرعاية، والوحيدة دون سائر دول حوض النيل التي تعتمد على النيل في احتياجاتها المائية بنسبة تفوق 97%". وأكمل: "بالتالي لابد أن تخطر إثيوبيا مصر بكل البيانات والإحداثيات الخاصة بالسد، وبالتالي فإن مصر تملك ملفًا قانونيًا قويًا آخر أسانيده إعلان المبادئ الموقع في الخرطوم بين رؤساء الدول الثلاثة، وبالتالي فان مصر لديها أسانيد قانونية وواقعية ترخص لها الدفاع عن حقوقها المائية في المحافل الدولية"، لافتًا إلى أنه حال مخالفة إعلان المبادئ، فعلى مصر الاحتكام للقانون الدولي عبر الاحتجاج القانوني لدى المنظمات الدولية ذات الصلة. "تعلية" السد وسلط الدكتور عباس شراقي، المدير بمركز البحوث والدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة، الضوء على تصريحات وزير الاتصالات الإثيوبي، التي ذكر فيها أن أديس أبابا تنوي زيادة قدرات توليد الكهرباء من 6000 إلى 6450 ميجا، ما يعني تطوير مواصفات السد وزيادة ارتفاعه وسعته، من خلال 16 توربينًا، لافتًا إلى التوربين الواحد يولد 400 ميجا، بينما قدرات السد العالي بأكملها 175 ميجا فقط. وكشف شراقي عن أن إثيوبيا تنتظر موسم المطر لتبدأ تخزين المياه خلف سد النهضة، وأن ارتفاعه وصل إلى مراحل متقدمة وصلت إلى 100 متر، بينما المستهدف مع نهاية بناء السد 145 مترا، ما يؤكد أنها ركزت خلال الفترة الماضية على تعلية السد. وأوضح شراقي أنه منذ سبتمبر الماضي لم تجتمع اللجنة الوطنية لسد النهضة؛ ما يشير إلى حالة من الجمود في مفاوضات السد. تفعيل وثيقة سد النهضة وطالب شراقي بتفعيل البند الخامس من وثيقة سد النهضة، الموقعة في الخرطوم، والذي ينص على التعاون بين مصر والسودان وإثيوبيا في المرحلة الأولى من تشغيل السد، ما لم يتم الاتفاق عليه معأاديس أبابا؛ نتيجة خوف مصر من الصدام مع إثيوبيا. وشدد شراقي على ضرورة محاسبة لجنة التفاوض حول ما أنجزته خلال 5 سنوات، منوها بأن هناك حالة من الغموض حول المفاوضات مع الجانب الإثيوبي، محذرًا من خطورة اكتمال بناء السد رغما عن مصر؛ لأنه فضلا عن تهديد حصتها المائية، سيؤدي إلى فرض الهيمنة الإثيوبية على القارة الإفريقية، كما سيشجع دول إفريقية أخرى على بناء مزيد من السدود التي ستؤثر على حصة مصر المائية. سد جديد وكشف شراقي عن أن إثيوبيا تخطط لبناء سد جديد وهو "سد مندايا"، الذي سيحجز 50 مليار متر مكعب عن مصر، وبالتالي فلابد أن يكون هناك اتفاق حول أي مشروعات مائية جديدة تنوي إثيوبيا بناءها، وأن تلتزم بشرط الإخطار المسبق قبل إقامة أي مشروعات مائية جديدة؛ وفق ما تنص عليه الاتفاقيات التاريخية والدولية.