المكتب الجديد غير موثوق فيه.. والقاهرة لم تجرؤ على المطالبة بإيقاف بناء السد فرضت إثيوبيا شروطها على مصر خلال المفاوضات الأخيرة حول سد النهضة، التي انتهت اليوم الثلاثاء في العاصمة السودانية الخرطوم، واستمرت ثلاثة أيام، بحضور وزراء الخارجية والري في مصر والسودان واثيوبيا. إثيوبيا انحازت منذ بدء الاجتماعات إلى المكتب الاستشاري الفرنسي "بي آر أل" المعني بإجراء دراسات فنية حول السد، لأعماله في كبرى المشروعات بأديس أبابا، ونجحت عبر سياسات معينة في دفع المكبت الهولندي، الأكثر خبرة، للانسحاب من إجراء الدراسات، ثم فرضت اثيوبيا على مصر مكتب فرنسي آخر بديل ل"الهولندي"، وهو "آرتيليا"، وستسعى في مخططها لبناء 33 سدًا آخر، من بينها سد النهضة، الذي تم إنشاء أكثر من 50% منه. قال الدكتور نادر نور الدين، عضو لجنة حوض النيل وأستاذ الموارد المائية والري بجامعة القاهرة، إن المباحثات مع إثيوبيا تتسم بالغموض، كما أن إثيوبيا ستنتهي من بناء المرحلة الأولى من السد، وتخزين 14 مليار متر مكعب من المياه، قبل إعداد الدراسات التي تستغرق 8 أشهر، لافتًا إلى أن إثيوبيا طلبت أيضًا من مصر، تخزين 3 مليار متر مكعب خلف السد؛ لتجريب أعمال توليد الكهرباء. انتقد نور الدين، في تصريحات ل"التحرير"، مطالبة مصر زيادة فتحات السد، بدلًا من المطالبة بالتزام إثيوبيا بحد أدنى من تخزين المياه، بما لا يؤثر على حصة مصر من مياه النيل، مبديًا استياءه من مغادرة وزير الري والموارد المائية، حسام مغازي، جولة المفاوضات الأخيرة؛ لحضور افتتاح مشروع ال"1.5 مليون فدان" بالفرافرة غدًا، خاصة أنه ترك قضية أمن قومى تُهم كل المصريين، ما يُعد خطأ فادح. في حين، قال الدكتور عباس شراقي، الخبير الجيولوجي ومدير مركز تنمية الموارد الطبيعية بافريقيا بجامعة القاهرة، إنه لم يحدث أي تقدم في جولة المفاوضات الأخيرة، منتقدًا عدم إخطار إثيوبيا لمصر بتحويل مجرى النيل الأزرق إلى مجراه الطبيعي، وعلم وزير الري الأمر عبر وسائل الإعلام، ما عرضه لحرج كبير، مبديًا رفضه لاعتزام وفد مصري زيارة سد النهضة الأسبوع المقبل، ولفت إلى أنها زيارات "سياحية وليست فنية، وتعطي إثيوبيا اعترافًا رسميًا من مصر، أمام العالم، بالسد". شراقي أشار، في حديثه ل"التحرير"، إلى أن المكتب الفرنسي الجديد، الذي تم اختياره، غير موثوق فيه؛ لقبوله الشروط المجحفة التي فرضتها إثيوبيا، وهي تخصيص 30% من الدراسات له، مقابل 70% للمكتب الفرنسي الآخر "بي آر إل"، الذي سيكتب التقرير الفنى النهائي حول السد، وسيكون في سلطاته تكليف المكتب الذي يعمل معه، وهي جميعها شروط مجحفة "لا يقبلها مكتب عالمي يحترم نفسه"، على حد تعبيره. تابع شراقي: "مصر لم تجرؤ على مطالبة إثيوبيا بإيقاف بناء السد لحين الانتهاء من الدراسات الفنية، التي ستقيس تأثيراته عليها من النواحي المائية والبيئية والاقتصادية والاجتماعية". قال الدكتور حسام مغازي، وزير الموارد المائية والري، اليوم الثلاثاء، إنه تم الاتفاق، خلال أعمال الاجتماع السداسي الثانى الذي عقد بالخرطوم بشان مفاوضات سد النهضة، على عقد اجتماع على المستوى الفني لدراسة بعض المقترحات المصرية المتعلقة بأمور فنية خاصة بالسد، على أن يعقد هذا الاجتماع يومي 3 و4 يناير 2015 بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ويرفع لوزراء الري والخارجية في الدول الثلاث، "إثيوبيا والسودان ومصر"، خلال اجتماعم في الأسبوع الأول من فبراير. من جانبه، قال حسام مغازي، وزير الري والموارد المائية، في بيان، إلى تأكيد إثيوبيا التزامها باحترام نتائج الدراسات الفنية خلال مراحل الإنشاء المختلفة؛ طبقًا لاتفاق المبادئ الموقع بالخرطوم، لافتًا إلى أنه في سبيل تعزيز خطوات بناء الثقة بين الدول الثلاث، تم الاتفاق على ترتيب زيارات ميدانية لموقع السد؛ للإطلاع على مجريات العمل بالمشروع، وعقد اجتماعات دورية على المستوى السداسي، بحضور وزراء الخارجية والري بها، على أن يعقد الاجتماع المقبل في الأسبوع الأول من فبراير؛ بهدف استكمال مناقشة باقي الشواغل المصرية بشأن السد، ومتابعة أعمال تنفيذ الدراسات؛ حرصًا على إنجازها في التوقيتات المتفق عليها بخارطة الطريق، علاوة على استكمال المشاورات المتعلقة بآلية تنفيذ بنود اتفاق إعلان المبادئ. مغازي أضاف أنه تم التوافق بين الدول الثلاث على استبدال مكتب دلتارس الهولندي، بالمكتب الفرنسي أرتيليا (Artelia)، بالاشتراك مع المكتب الفرنسي الآخر برل "BRL"؛ لإتمام الدراسات المتعلقة بتأثيرات السد على دولتي المصب، منوهًا بأن "أرتيليا" أحد المكاتب التي سبق ترشيحها بواسطة مصر والسودان؛ للدخول ضمن القائمة المختصرة التي أعدت في وقت سابق لتقدم عروضها الفنية لاتمام الدراسات، ومشهود له بالكفاءة على المستوى الدولي. لفت مغازى إلى أنه تم الاتفاق أيضًا على خارطة طريق للمرحلة المقبلة؛ لسرعة إتمام الدراسات الفنية، على أن يكون التوقيع على عقد الأعمال الاستشارية في الأول من فبراير 2016 في الخرطوم بحضور الوزراء بالدول الثلاثة، على أن تنتهي الدراسة المائية خلال فترة لا تتجاوز 8 شهور، كما أشار الوزير إلى أن الدول الثلاث أكدت التزامها مجددًا بكافة بنود اتفاق إعلان المبادئ الموقع من رؤساء الدول في مارس 2015 بالخرطوم.