وكيل أوقاف بالفيوم يتناول خطبة عيد الأضحى عن أهمية الامتثال لأوامر الله والتدبر في شعيرة الفداء وما فيها من قيم    تعرف على أسعار الذهب في أول أيام عيد الأضحى المبارك    رئيس مدينة الشهداء: استمرار معارض السلع والشوادر طوال أيام العيد    بن غفير: من قرر هدنة تكتيكية في غزة لا يجب أن يستمر في منصبه    الأوقاف الإسلامية بالقدس: 40 ألف فلسطيني أدوا صلاة عيد الأضحى بالمسجد الأقصى    بن غفير: من قرر تطبيق هدنة في رفح لا يجب أن يبقى في منصبه    الزمالك يستأنف تدريباته استعداداً للمصري    محافظ أسيوط يزور داري الحنان والصفا للايتام لتهنئة الاطفال بعيد الأضحى المبارك    في اول ايام العيد.. وكيل وزارة الصحة بالشرقية يتابع التأمين الطبي وانتشار الفرق بالمساجد وأماكن التجمعات    محافظ السويس يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد بدر.. صور    عقب أداء صلاة العيد.. الأهالي يتزاحمون لالتقاط البالونات بالمنصورة    توافد المصلين لأداء صلاة عيد الأضحى المبارك بساحات الجيزة.. صور    القنوات الناقلة لمباراة إنجلترا وصربيا في كأس أمم أوروبا يورو 2024    الألاف يصلون صلاة عيد الأضحى في مجمع أبو العباس بالإسكندرية    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم على طريق بحيرة قارون السياحي بالفيوم    بالصور.. الآلاف من أهالي الإسكندرية يؤدون صلاة العيد في أكثر من 200 ساحة    بالصور والفيديو.. توافد الآلاف من المصلين على مسجد خاتم المرسلين بالهرم لأداء صلاة العيد    عاجل - بث مباشر شعائر صلاة عيد الأضحى المبارك 2024 من مسجد السيدة زينب    عيد الأضحى 2024| توافد أهالي وزوار مطروح على الساحات لأداء صلاة العيد.. صور    محمد رمضان يحقق 80 ألف مشاهدة بأغنية العيد "مفيش كده" في ساعات    بدء توافد مواطني الأقصر على ساحة أبو الحجاج لأداء صلاة عيد الأضحى (بث مباشر)    الاحتلال يمنع الفلسطينيين من دخول المسجد الأقصى قبيل صلاة عيد الأضحى (فيديو)    لإنقاذ فرنسا، هولاند "يفاجئ" الرأي العام بترشحه للانتخابات البرلمانية في سابقة تاريخية    الرئيس السيسي يشيد بحسن تنظيم السلطات السعودية لمناسك الحج    أنغام تحيي أضخم حفلات عيد الأضحى بالكويت وتوجه تهنئة للجمهور    محافظ جنوب سيناء يشارك مواطني مدينة الطور فرحتهم بليلة عيد الأضحى    ريهام سعيد: «أنا عملت عملية وعينيا باظت ومش محتاجة حد يصدقني» (فيديو)    حماس: موقفنا واضح ومتوافق مع مبادرة بايدن وقرار مجلس الأمن    العليا للحج: جواز عدم المبيت في منى لكبار السن والمرضى دون فداء    الجمعية المصرية للحساسية والمناعة: مرضى الربو الأكثر تأثرا بالاحترار العالمي    ننشر موعد صلاة عيد الأضحى المبارك لعام 1445ه‍    تعرف على سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    إصابة 9 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بالطريق الأوسطى    ريهام سعيد: محمد هنيدي تقدم للزواج مني لكن ماما رفضت    متلازمة الصدمة السامة، ارتفاع مصابي بكتيريا آكلة اللحم في اليابان إلى 977 حالة    دعاء لأمي المتوفاة في عيد الأضحى.. اللهم ارحم فقيدة قلبي وآنس وحشتها    موعد صلاة عيد الأضحى المبارك في القاهرة والمحافظات    طقس أول أيام العيد.. أمطار وعواصف تضرب الوادي الجديد    سعر الأرز والسكر والسلع الأساسية بالأسواق اليوم الاحد 16 يونيو 2024    93 دولة تدعم المحكمة الجنائية الدولية في مواجهة جرائم إسرائيل    «الموجة الحارة».. شوارع خالية من المارة وهروب جماعى ل«الشواطئ»    أثناء الدعاء.. وفاة سيدة من محافظة كفر الشيخ على صعيد جبل عرفات    استقبال تردد قناة السعودية لمشاهدة الحجاج على نايل سات وعرب سات    عاجل.. رد نهائي من زين الدين بلعيد يحسم جدل انتقاله للأهلي    «التعليم العالى»: تعزيز التعاون الأكاديمى والتكنولوجى مع الإمارات    تشكيل غرفة عمليات.. بيان عاجل من "السياحة" بشأن الحج 2024 والسائحين    دعاء النبي في عيد الأضحى مكتوب.. أفضل 10 أدعية مستجابة كان يرددها الأنبياء في صلاة العيد    تأسيس الشركات وصناديق استثمار خيرية.. تعرف علي أهداف عمل التحالف الوطني    غرامة 5 آلاف جنيه.. تعرف علي عقوبة بيع الأطعمة الغذائية بدون شهادة صحية    كرة سلة.. عبد الرحمن نادر على رأس قائمة مصر استعدادا للتصفيات المؤهلة لأولمبياد باريس    مش هينفع أشتغل لراحة الأهلي فقط، عامر حسين يرد على انتقادات عدلي القيعي (فيديو)    تزامنا مع عيد الأضحى.. بهاء سلطان يطرح أغنية «تنزل فين»    عاجل.. عرض خليجي برقم لا يُصدق لضم إمام عاشور وهذا رد فعل الأهلي    عاجل.. الزمالك يحسم الجدل بشأن إمكانية رحيل حمزة المثلوثي إلى الترجي التونسي    شيخ المنطقة الأزهرية بالغربية يترأس وفداً أزهرياً للعزاء في وكيل مطرانية طنطا| صور    «المالية»: 20 مليون جنيه «فكة» لتلبية احتياجات المواطنين    للكشف والعلاج مجانا.. عيادة طبية متنقلة للتأمين الطبي بميدان الساعة في دمياط    حلو الكلام.. لم أعثر على صاحبْ!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعادة رسم خرائط المشرق على قاعدة مذهبية
نشر في الشروق الجديد يوم 06 - 05 - 2015

تجاوز الحديث عن مرحلة «الحروب» التى تمزق أقطار المشرق العربى، ما بين سوريا والعراق وصولا إلى اليمن، التخمينات والتقديرات، وباشرت الدوائر المتصلة بأجهزة المخابرات الغربية الحديث عن خريطة جديدة لهذا المشرق ودوله، لا سيما بعد التطورات الميدانية الأخيرة فى كل من هذه الأقطار.
فى هذا المجال، تبرز زيارة الزعيم الكردى مسعود برازانى، رئيس إقليم كردستان العراق، لواشنطن يسبقه إليها مطلبه المعلن بتثبيت انفصال إقليمه (كردستان)، الذى يتمتع الآن باستقلال ذاتى فى إطار دولة العراق.
وهو قد وجد فرصته فى الحرب التى شنها «داعش» على العراق واستيلائه على مدينة الموصل ومحافظتها وأجزاء من محافظات أخرى جعلته على أبواب بغداد، لرفع الصوت مطالبا بأن تكون كردستان دولة مستقلة ذات سيادة، تربطها بسائر أنحاء العراق علاقات حسن جوار كالتى بين الدول، وضمنها اتفاق واضح حول نصيب كل من الدولتين فى نفط العراق جميعا.
بالمقابل، فإن عشائر الأنبار قد وجدوا، عبر «الحرب» التى شهدوها بين الجيش العراقى ومعه وحدات «الحشد الشعبى» على أرضهم، من يحرضهم على الانفصال الكامل عن دولة العراق بزعم أن الهيمنة على البلاد جميعا ستكون للشيعة، ولن يكون للسنة فيها أى دور فى الحكم وأى نفوذ، بغض النظر عن النهج المعتمد حاليا فى تقسيم السلطة على «المكونات» الثلاثة: الشيعة العرب والسنة العرب والكرد.
***
ويعتمد من يحرّض عشائر الأنبار على الانفصال منطقا محددا: إن الملجأ الفعلى للتخلص من هيمنة الشيعة يتبدى فى طلب ضم الأنبار إلى المملكة الأردنية الهاشمية، كون الحكم فيها للسنة، ثم إن لهم أقارب وصلات رحم مع بعض العشائر فى الأردن، فضلا عن أن الملك فيها هاشمى سنى، وهو فى منزلة ابن العم للملوك الهاشميين الذين حكموا العراق بين العشرينيات وأواخر الخمسينيات حين قام الجيش بقيادة الزعيم عبدالكريم قاسم بخلع الملك الهاشمى وإعلان الجمهورية (14 يوليو 1958).
ويعيش الملك الهاشمى عبدالله بن الحسين مرحلة من القلق، فهو لا يطمئن إلى السعوديين الذين «يذلونه» كلما طلب مساعدتهم لتمويل احتياجاته.. فى حين يرتاح إلى «دفء العلاقة» مع إسرائيل التى جعلته فى موقع «الشريك»، وهكذا وقعت حكومتها مع الأردن اتفاقا مفتوحا لإمداده بالنفط والغاز قيمته مليارات الدولارات، كما سهلت له سبل الإفادة من مشروع زيادة منسوب المياه فى البحر الميت، وذلك لضخ مياه إضافية عبر قناة تصله بالبحر الأحمر، عند خليج العقبة.
كذلك فإن الملك عبدالله الثانى يتلقى تطمينات إسرائيلية متواصلة حول احتمال نزوح المزيد من الفلسطينيين إلى الأردن، بسبب ضيق أبواب الرزق فى الضفة الغربية والتزايد المتواصل فى عدد السكان فيها.
بالمقابل، فإن الحرب السعودية على اليمن تتكشف مع عنف تواصلها وجسامة التدمير الذى يحل بالمدن والبلدات ومعسكرات الجيش وصولا إلى المطارات والموانئ، لا فرق بين مطار مدنى وآخر عسكرى، عن أهداف عتيقة مضمرة وقد جاء وقت الإفصاح عنها: فالمملكة مترامية الأطراف تريد مرفأ على بحر العرب، يوصلها مباشرة إلى المحيطين الهندى والأطلسى و«يحررها» من مخاطر القبضة الإيرانية على الخليج العربى.. وهذا المرفأ يقع فى حضرموت، ولا بد من صيغة ما مع هذه المحافظة اليمنية الغنية بمواردها الطبيعية كما بكفاءات أهلها، الذين أسهم الكثير منهم فى بناء الإدارة فى المملكة المذهبة، كما تقدموا الصفوف فى التجارة وفى عالم المقاولات حيث تتربع أسرة بن لادن على قمتها.. وليس سرا أن شركات بن لادن هى التى تولت تنفيذ معظم مشاريع الإعمار والطرق فى مختلف أرجاء المملكة، بل إن بعض المدن الجديدة ومنها الطائف كانت معزولة لارتفاعها، وإحدى شركات بن لادن الأب المؤسس هى التى شقت الطريق الصعب فى قلب الجبال لربط هذا المصيف الجميل بسائر أنحاء المملكة، ولا سيما الحجاز.
ثم إن أرض حضرموت، كما أبلغ بعض الخبراء تحتوى على كميات محترمة من النفط والغاز.. ويُقال إن السعودية هى التى منعت، بتدخل معلن، الشركات الكبرى من إكمال التنقيب، وأساسا: من إعلان نتائجه المذهبة.
وأخيرا، فإن الأهالى فى جنوب اليمن هم بالكامل من أهل السنة (الشوافع)، واجتياح الحوثيين بالتواطؤ مع على عبدالله صالح، يمكن إدراجه فى خانة «قهر أهل السنة» بالقوة.
***
ولأن الغاية تبرر الوسيلة، فقد تم تسويق حرب «عاصفة الحزم» السعودية على اليمن بذرائع طائفية، وأخطرها تصوير الحوثيين وكأنهم مخلوقات من خارج مدى الأرض هبطوا فجأة بطائرات إيرانية فى اليمن محاولين السيطرة عليها بالشراكة مع «عدوهم» إلى زمن قريب، الرئيس السابق على عبدالله صالح، وهو الآخر «زيدى» المذهب.. وهكذا، فإن السعودية إنما تصد «حربا شيعية» على سنة اليمن، وتحمى عروبة اليمنيين السنة من الغزو الشيعى الإيرانى!
وفق هذا المنطق تصبح الحرب فى سوريا وعليها حربا لاستعادة «السنة»، وهم الأكثرية الساحقة فيها، زمام القيادة فى عاصمة الأمويين، بعدما «اغتصبها» العلويون لنحو ستين سنة، بالقوة، بعد تصفية المواقع القيادية فى الجيش من القادة من أهل السنة.
هكذا يتم إسقاط «السياسة» من الحساب، وتصير «عاصفة الحزم» تحريرا لأهل السنة فى اليمن من هيمنة الحوثيين خصوصا والزيديين عموما على القرار فيها، علما بأن الأئمة من آل حميد الدين، وهم «زيود»، قد حكموا اليمن أكثر من سبعة قرون من دون أن يعترض «الشوافع» فيها على هذا الحكم.. خصوصا أن أهل اليمن، عموما، قد تخففوا منذ دهر من آفة الطائفية أو المذهبية، ويعتبر الشوافع «الزيود» قريبين منهم، فى المذهب، أكثر من الشيعة الإماميين أو الإثنى عشرية.
صار لدينا ثلاثة أقطار، أو دول، مطلوب تحريرها من حكم الشيعة، أى وبصراحة مطلقة: إيران.. واستعادتها إلى حضن مذهب الأكثرية الساحقة فى الأرض العربية، أى أهل السنة.. ولا بأس من إرجاء الحديث عن لبنان وموقع كل من طائفتى الشيعة والسنة فى مركز القرار فيه.
لا تحتاج هذه الخطط إلى تبيان مؤداها أو نتائجها على الأرض: إنها «الفتنة الكبرى»، مرة أخرى، تُعاد أو تُستعاد بعد نحو أربعة عشر قرنا، وبذرائع طائفية أو مذهبية لتغطية الغرض السياسى.
بهذا المعنى تفهم «خطبة الحرب» التى ألقاها الملك السعودى سلمان بن عبدالعزيز فى قمة شرم الشيخ، مشفوعة باستنفار «الدول العربية السنية» ومعها باكستان لصد الغارة الإيرانية (الشيعية) على اليمن، والسعى لتجنيد الدول العربية، السنية تحديدا، من الأردن إلى المغرب مرورا بمصر، مع محاولة لاستدراج الجزائر، ومحاولة تحييد العراق.. أما سوريا فكانت غائبة كالعادة، وأما لبنان فقد قال ممثله كلاما خارج الموضوع!
***
ليس مفيدا طرح الأسئلة الصعبة من نوع: هل من الضرورى تدمير ثلاث أو أربع دول عربية بذرائع طائفية بل مذهبية، يمكن احتساب «داعش» و«القيادة المؤسسة» فى القاعدة بين أعظم المستفيدين من هذا التدمير.. فى حين لن ينفع البكاء أو التباكى على هذه الدول المعرّضة الآن لخطر التمزق والغرق فى بحور من دماء أهلها، يستوى فى ذلك السنة والشيعة، إذ إن الضحايا سيظلون ضحايا، على اختلاف مذاهبهم، أما الدول فإلى الخراب.. ومن الصعب، إن لم يكن من المستحيل، فى هذه اللحظة، أن نتخيل عودة العراق وسوريا واليمن (وليبيا فى الجهة الأخرى من الخريطة) إلى أوضاع تماثل ما كانت عليه قبل هذه الفتنة الكبرى التى يتوزع المسؤولية عنها قادة هذه المرحلة من التاريخ العربى، الأقوى أى الأغنى، من بين الذين يحكمون بالحرب التى جوهرها الفتنة.
وقديما قيل: الفتنة نائمة لعن الله مَن أيقظها!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.