هل تنجح الحكومة فى وضع استراتيجية متكاملة لتعزيز حصون الوعى، عبر عمل تكاملى بين مختلف الوزارات؟ إذ تتطلب مواجهة الشائعات مواجهة شاملة «متكاملة إجرائيًا وتشريعيًا»، وفى القلب منها إصدار قانون تنظيم إتاحة المعلومات، وفى هذا الإطار كشف عدد من الخبراء ل»روزاليوسف»، أن الخسائر العالمية للشائعات تقدر بنحو 78 مليار دولار، منها 39 مليارًا تأثيرًا مباشرًا نتيجة خسائر البورصات العالمية، لذا فهى ظاهرة عالمية أكثر منها محلية، لكن تظل مصر من أهم وأكثر الدولة المستهدفة من قوى الشر، فى محاولة يائسة منهم لإعاقة الإنجازات المصرية. من جانبه، أكد المستشار محمد الحمصانى، المتحدث باسم مجلس الوزراء، ل«روزاليوسف»، أن الدولة المصرية تعمل على رصد الشائعات والرد عليها، وبناءً على ما تم رصده من الشائعات فى الفترة الأخيرة، فقد عقد رئيس مجلس الوزراء، اجتماعًا مخصصًا لهذا الموضوع، تناول جهود وضع استراتيجية لمواجهة الشائعات وضرورة تفنيدها والرد عليها بصورة مباشرة، موضحًا أن الاجتماعات فرّقت بين النقد الموضوعى للمؤسسات وأهمية الرد عليه، وبين الشائعات المقصودة التى استهدفت شركات وقطاعات اقتصادية، مسببة بلبلة وخسائر كبيرة. وأشار إلى أن الشائعات الأخيرة وصلت إلى حد الإضرار بشركات بعينها عبر ادعاء أخبار أو معلومات غير صحيحة، ما أدى إلى بلبلة وخسائر اقتصادية استوجبت وقفة واضحة لمواجهة تلك الشائعات، مؤكدًا أهمية المنصة الرقمية للمركز الإعلامى لمجلس الوزراء، والتى تقوم بتحليل مضمون الشائعة لإعطاء نتائج عالية الدقة فى كيفية الرد عليها، علاوة على أن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، لديه مرصد إعلامى يرصد ما يتم تداوله من أخبار أو شائعات، ويحللها ويعود للمصادر الرسمية للتأكد من صحتها، وفى حال ثبوت أى شائعة يتم نفيها على الفور وبصورة حاسمة. وأشار المستشار محمد الحمصانى إلى موافقة مجلس الوزراء على أن تكون هناك وحدات رصد مبكر فى جميع الوزارات لرصد الشائعات وبحثها، والرد عليها وتفنيدها فى مهدها، حتى يتم وضع حد مبكر لانتشارها، خاصة أن الإطار التشريعى الحاكم لمواجهة الشائعات والأخبار الكاذبة يُعد كافيًا فى الوقت الحالى لتحقيق الردع الفعال، لكن مع الإشارة إلى عدم كفاية الغرامات الواردة بالقوانين لردع تلك الشائعات ونشر الأخبار الكاذبة، حيث يتم مناقشة مقترح بزيادة تلك الغرامات المقررة، بما يحقق الردع العام، والحفاظ على استقرار الأمن العام، وكذلك الحفاظ على الصورة العامة للدولة المصرية. وتابع: «جار العمل حاليًا على إعداد مشروع قانون ينظم إتاحة وتداول البيانات امتثالا لحكم المادة (68) من الدستور، بما يحقق التوازن بين تحقيق الشفافية وتوافر المعلومات والبيانات والإحصاءات، وحماية المعلومات والبيانات السرية، وبين تحقيق الردع والتصدى الفعال للشائعات والأخبار الكاذبة، موضحًا أن مجلس الوزراء قرر تكليف وزارة العدل بالتنسيق مع الوزارات والجهات المعنية بإعداد مشروع قانون يتضمن تعديل قانون العقوبات لتشديد الغرامات ذات الصلة بجرائم الشائعات والأخبار الكاذبة، وكذا المادة (380) من قانون العقوبات، بما يحقق مستوى كافيا من الردع العام، ويكفل الحد من انتشار تلك الجرائم ذات الأثر المباشر على الأمن المجتمعى والاقتصادى، وسيتم الانتهاء من التعديلات خلال الفترة المقبلة». وأردف»: تعزيز ودعم الدور الذى يضطلع به المركز الإعلامى لمجلس الوزراء، والمكاتب الإعلامية الأخرى بالوزارات والجهات المختلفة، فى الرد الفورى والمباشر على الشائعات والأخبار الكاذبة، يتم من خلال إرساء آليات تعاون مؤسسية فعالة تضمن تنسيقا مستمرا بين المركز والوزارات والجهات والمصالح الحكومية كافة، بما يسهم فى تمكين المركز الإعلامى والمكاتب الإعلامية الأخرى من التعامل مع الشائعات، أو الأخبار الكاذبة فور ظهورها، والرد عليها وتفنيدها فى حينها، استنادًا إلى بيانات دقيقة ومعلومات موثقة وأدلة قاطعة تصدر عن الجهات المعنية صاحبة الاختصاص»، مؤكدًا أن الإسراع فى استكمال وإصدار مشروع قانون تنظيم تداول البيانات والمعلومات الرسمية الجارى إعداده، بالتنسيق بين وزارتى العدل والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، يسهم كأداة فعالة فى مكافحة الشائعات والأخبار الكاذبة، وتنظيم وصول المواطنين إلى المعلومات الصحيحة من مصادرها الرسمية، عبر قنوات قانونية واضحة، وغلق باب تداول المعلومات المضللة، وذلك انطلاقًا من تكريس مبدأ الشفافية. بينما أوضح، المهندس زياد عبدالتواب خبير التحول الرقمى وأمن المعلومات وعضو المجلس الأعلى للثقافة، أن الشائعات والأخبار المغلوطة أخطر أزمات العصر الرقمى، وتأتى فى المرحلة الثانية من حيث التأثيرات السلبية على الاقتصادات العالمية بعد الهجمات السيبرانية مباشرة، إذ يبلغ حجم الخسائر التى يتكبدها الاقتصاد العالمى جراء الهجمات السيبرانية حوالى 10.5 تريليون دولار هذا العام، أما خسائر «الشائعات» فتصل إلى 78 مليار دولار، منها 39 مليارًا عبر التأثير المباشر على البورصات العالمية، فضلًا عن أن التأثير يتخطى الجانب الاقتصادى إلى جوانب مجتمعية أخرى منها الصحة النفسية للأفراد وتكشف مدى تماسك تلك المجتمعات. وتابع «عبدالتواب»: «الشائعات تزرع فى عقول الأجيال الجديدة مفاهيم مغلوطة، خاصة أن الجميع الآن يلجأ لشبكة الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعى، للبحث عن المعلومات أو التسلية، لذلك فإن مطلقى الشائعات لن يجدوا مساحة خصبة لنشر ما يريدون، غير منصات التواصل والسوشيال ميديا، حيث يعملون باستمرار عبر لجان «إلكترونية» وتطبيقات للذكاء الاصطناعى لنشر الشائعات والأخبار المغلوطة، عبر استخدام «تقنية التزييف»، التى غيرت الكثير من حقائق الماضى وزيفت الحاضر، لدرجة أن البعض ينادى بفصل محتوى الإنترنت قبل 30 فبراير 2022، عما بعده، فهذا التاريخ هو بداية نشر أحد أهم تطبيقات الذكاء الاصطناعى التوليدى على نطاق واسع لكافة مستخدمى شبكة الإنترنت والذين يبلغ عددهم حاليا حوالى 6.04 مليار مستخدم، موضحًا أن ما تقوم به الدولة من جهود هو استجابة محمودة لهذا الخطر المحدق بالسلم الاجتماعى والاستقرار الاقتصادى على حد سواء، ويحتاج لمزيد من مراكز الرصد التى يجب أن تتكامل معًا لرصد وتفنيد الشائعات وتوضيح الحقائق، ويكتمل الحل بإبلاغ جهات إنفاذ القانون مع التوجه لتشديد العقوبات لضمان تمام الردع. بينما أوضح الدكتور محمد حجازي استشارى التشريعات الرقمية والملكية الفكرية والرئيس السابق للجنة التشريعات والقوانين بوزارة الاتصالات، أن مواجهة الشائعات والمعلومات المغلوطة تحديًا معقدًا يتطلب استراتيجيات متنوعة تشمل التعليم والتوعية، والتعاون مع وسائل الإعلام، وتحسين الأطر القانونية، بالإضافة إلى ضرورة الاستفادة من التحول الرقمى والتقنيات الحديثة للتحقق من المعلومات، مؤكدًا أن التعاون بين مختلف الأطراف يُعد أمرًا حيويًا لتقليل تأثير الشائعات على المجتمع. وتابع «حجازى»: «تتزايد سرعة انتشار الشائعات عبر وسائل التواصل الاجتماعى، مما يجعل من الصعب على المستخدمين التحقق من صحة المعلومات، ما يلزم الجهات الحكومية أن تقدم المعلومات الصحيحة بشكل سريع للجمهور، مما يساعد فى بناء الثقة وإزالة اللبس، ويدحض أى شائعات أو معلومات مغلوطة فى مهدها، حيث يمكن أن تؤدى المعلومات المغلوطة والشائعات إلى تقويض الثقة فى المؤسسات، إضافة إلى أن الشائعات المتعلقة بالصحة قد تؤدى إلى سلوكيات خطرة على الصحة العامة للمواطنين، كما فى حالات المعلومات الزائفة حول اللقاحات أو الشائعات عن مناطق جغرافية مصاب سكانها بأمراض معينة، علاوة على تأثيرها سلبًا على السوق والاقتصاد، مما يتطلب آليات واضحة لمواجهة هذه الأزمات. واستطرد»: أحد الحلول المهمة لمواجهة الأخبار المغلوطة، هو إعداد برامج توعية للمواطنين حول كيفية التعرف على الشائعات والتمييز بينها وبين المعلومات الصحيحة، وزيادة الوعى وتعليم الجمهور كيفية التحقق من المعلومات، من خلال التعاون مع وسائل الإعلام المختلفة، علاوة على تطوير وتفعيل القوانين التى تعاقب على نشر الشائعات، مع مراعاة حقوق الأفراد، والتعاون والتنسيق بين الحكومات ووسائل الإعلام والشركات التكنولوجية لمكافحة المعلومات المغلوطة وتعزيز الشفافية»، مستكملًا»: استخدام المنصات الرقمية إحدى الوسائل لنشر المعلومات الصحيحة وإعادة بناء الثقة مع الجمهور، مما يساهم فى تقليل انتشار الشائعات، بالإضافة لأهمية دعوة شركات تكنولوجيا المعلومات لتطوير أدوات تحليل قوية لكشف المعلومات المغلوطة، فضلًا عن العمل على بناء ثقة الجمهور فى المصادر الإعلامية من خلال الشفافية والمصداقية». فيما أكد مصدر مسئول بالمركز الاعلامى لمجلس الوزراء، أنه خلال الفترة الماضية تم التصدى للعديد من الشائعات الخاصة بالخدمات المقدمة للمواطن، وأخرى استهدفت الاقتصاد المصرى والسياحة والمشروعات التنموية وقطاعات مثل التعليم والصحة، منها شائعة خصخصة الجامعات الحكومية، واعتزام وزارة الصحة رفع أسعار جلسة الغسيل الكلوى ل 1200 جنيه، وزيادة ضريبة القيمة المضافة مع إلغاء الإعفاءات المقررة للسلع الغذائية الأساسية، وإلغاء نظام الثانوية العامة وتطبيق «البكالوريا» إجبارى، وغيرها من الشائعات، مؤكدًا أن المركز مستمر فى التصدى والرد على تلك الشائعات. مدبولى2