سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الوادى الجديد «المعزولة» بأمر الحكومة..واللصوص: القطار «المنسى» يعلم السرقة عصابات القضبان «تلتهم» أقدم خط «سكة حديد» فى مصر بعد إنشائه بخبرات إنجليزية منذ 103 أعوام.. والأمن «نائم»
لم يكن لأبناء الوادى الجديد حظ فى التعامل مع قطارات السكك الحديدية، وكأن المحافظة النائية التى تشغل 44% من مساحة مصر، مقدر لها أن تظل معزولة طبيعيا وسط الصحراء المصرية إلى الأبد، رغم أنها عرفت القطارات منذ نحو 103 سنوات، عندما أنشأت شركة إنجليزية خطا ليربط واحة الخارجة عاصمة المحافظة بمحافظة قنا، لمساعدتها فى التنقيب عن المعادن بالصحراء الغربية، واستردت الحكومة المصرية الخط بعدما أفلست الشركة، ليظل فى الخدمة حتى آخر رحلة له فى 25 يناير 1961. ورغم توقف الخط عن العمل، استمر حلم ربط الوادى الجديد بوادى النيل القديم عن طريق السكك الحديدية قائما، وبعد مرور 35 عاما على توقف «خط الشركة الإنجليزية»، تم إنشاء خط جديد لخدمة أبناء المحافظة، ومشروع فوسفات أبوطرطور، وغيره من المشروعات الاستثمارية، وبالفعل افتتحت الحكومة الخط الجديد فى عام 1996، بتكلفة قيمتها 1.2 مليار جنيه، إلا أن لعنة التوقف ظلت تطارده، فالعمل به لم يدم لأكثر من 6 سنوات، وتبدد حلم أبناء المحافظة مجددا. ومنذ عام 2002 لم تتوقف مطالبات الأهالى بالعودة إلى تشغيل الخط، خاصة مع ظهور بيزنس جديد على يد العصابات، التى بدأت فى سرقة القضبان الحديدية له، وسط غياب تام للحكومة، فتناست الخط تماما، كما تناست ملايين الجنيهات المهدرة عليه دون الاستفادة منه، ومرة أخرى بحت الأصوات المطالبة بإعادة النظر فى تشغيل خط سكك حديدية عرضى، لربط الوادى الجديد بمحافظة قنا، ومنها لميناء سفاجا فى محافظة البحر الأحمر، لكن دون جدوى. يقول مدير مكتبة مصر العامة بالوادى الجديد، المؤرخ إبراهيم خليل، إن «أول خط للقطارات فى المحافظة، الذى أنشأته الشركة الإنجليزية فى عام 1910، كان الهدف منه مساعدتها فى التنقيب عن المعادن واستصلاح الأراضى، واختارت وقتها أقرب نقطة اتصال مع محافظة قنا لإنشاء الخط، حيث كان يتجه شمالا إلى مدينة الخارجة، منها إلى الشرق، وتم إنشاء الخط وقتها بفلنكات حديدية نقلتها الجمال عبر الصحراء، وكان القطار الذى يعمل بالفحم مكونا من 3 عربات، واحدة للبضائع، واثنتان للركاب، كما كانت له رحلة واحدة أسبوعيا فى كل ثلاثاء، ولأن الخط القديم تم إنشاؤه بدراسة جيدة، ظل يخدم الأهالى لمدة 50 عاما، أما القطار الحديث الذى أنشأته الحكومة فى عام 1996، فاتجه جنوب المحافظة بمنطقة صحراوية على مسافة ممتدة فى الصحراء ما عرضه للسرقة والنهب». القطارات من الداخل تحولت إلى خردة «خاص الشروق» من جهته، يشير عمدة قرى الشركة بالخارجة، أبوالعلا محمد، إلى أن «الواحات اعتمدت بشكل أساسى على القطار فى السفر، لأن الطرق البرية لم تكن ممهدة، لذلك لابد أن تنظر الدولة إلى احتياجات المحافظة، وعلى رأسها إعادة إنشاء خط سكك حديدية يتجه إلى الشمال، لربط الوادى الجديد بأقرب نقطة اتصال مع الخط الرئيسى بين أسوان والإسكندرية، خاصة أن المسافة إلى محافظة أسيوط القريبة تبلغ 232 كيلومترا، ويمكن إعادة تشغيل الخط الحالى، رغم صعوبة الأمر، نتيجة تعرض القضبان للسرقة والنهب». ويشير مأمور الضرائب العقارية، محمد سيد، إلى أن «قطار 1996 تم تنفيذه بشكل خاطئ من البداية، لأنه اتجه جنوبا، وتكلفت الدولة 1.2 مليار جنيه لإقامته، وفى النهاية توقف عن العمل بعد مرور 6 سنوات فقط على تشغيله، ودفنت الرمال قضبانه، فيما تكفلت عصابات اللصوص بالإنهاء على كافة محتويات المحطات الفرعية، والقضبان، لذلك لابد أن تتدخل الحكومة سريعا، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، والاستفادة مما تبقى من القضبان والعربات والجرارات، والتى مازالت محبوسة فى محطة الخارجة، وغير قادرة على التحرك بسبب سرقة القضبان». وطالب أمين حزب مصر الحديثة بالوادى الجديد، هانى عبدالمقصود، بإطلاق دوريات أمنية للحفاظ على الأجزاء المتبقية من القضبان، مرة اخرى، مشددا على «ضرورة التدخل الفورى لوقف أعمال النهب والسرقة المستمرة، مع ضرورة عودة قطار الوادى الجديد للعمل مرة أخرى، ونقل الخط من الخارجة إلى أسيوط أو سوهاج، ليكون وسيلة مواصلات أخرى بجوار الأتوبيسات، وسيلة المواصلات الوحيدة، والتى تتكرر أعطالها يوميا». ويؤكد مدير مشروع فوسفات أبوطرطور، المهندس عبدالرحمن أحمد، أن «شركة فوسفات مصر التابعة لقطاع البترول، تحملت تكلفة خط السكك الحديدية لربط المحافظة بقنا ومنها إلى ميناء سفاجا، دون أى فائدة نتيجة التخطيط غير السليم، فالمحطات الفرعية والقضبان، والفلنكات، كلها تمت سرقتها، وجزء كبير منها تم إهداره، وهناك بلاغات للشركة من أهالى القرى الواقعة جنوب مدينة الخارجة، تؤكد استمرار اللصوص فى سرقة القضبان، وقمنا بإبلاغ الجهات الأمنية أكثر من مرة، دون اتخاذ موقف حاسم تجاه العصابات». وشدد مدير المشروع على «ضرورة وضع خطة أمنية محكمة لوقف السرقات، بالإضافة لرصد العصابات من خلال طائرات، لسرعة ضبطها، خاصة أن الأهالى غير قادرين على المقاومة»، لافتا إلى أن «توقف القطار تسبب فى إلغاء الكثير من التعاقدات التى لم تنفذ، ولم يتم الاستفادة من ميناء سفاجا، ولجأت الشركة إلى نقل الفوسفات من خلال سيارات النقل، وهو ما رفع معدلات الخطر، وكلف المشروع وقتا وجهدا كبيرين، بالإضافة إلى التكلفة المالية المرتفعة، وكان مفترضا أن يخدم الخط مشروع الفوسفات والأهالى فى نفس الوقت، بما يؤدى إلى تنمية المنطقة، لكن ما حدث فعليا هو إهدار واضح للمال العام، ولن نفقد الأمل فى عودة القطار إلى العمل مرة أخرى، لخدمة الأهالى والتنمية الشاملة بالمحافظة». وأكدت مصادر بمديرية أمن الوادى الجديد، أن «أجهزة الأمن تقوم بتفتيش سيارات النقل الثقيل فى جميع الأكمنة، خاصة سيارات نقل الطفلة، وتم ضبط قضبان حديدية مسروقة وسط الطفلة أكثر من مرة، كما نجحت قوات الأمن فى ضبط لصوص بالمحطات الفرعية، أثناء محاولات سرقة كابلات كهربائية، ومحتويات أخرى، وواحدة من أسباب المشكلة عدم وجود مباحث للسكك الحديدية فى المحافظة، والتى من المفترض أن تتولى إجراءات التأمين بشكل مستمر». من جهته، شدد محافظ الوادى الجديد، اللواء محمود خليفة، على ضرورة نقل خط السكك الحديدية لمسار آخر، مثل الخط القديم المتجه إلى الخارجة شمالا ثم شرقا حتى محافظة سوهاج، ولابد من دراسة نقل الأجزاء المتبقية من القضبان الحديدية، لمسافة لن تتعدى 160 كيلومترا إلى سوهاج، بما يسهل إنشاء طريق برى، وخط للغاز الطبيعى، وآخر لمياه النيل، كما يسهم فى تخفيف المشقة التى تقع على كاهل المواطنين، نتيجة اعتمادهم على وسائل النقل البرى».