صدر أول قانون مصري للأحكام العرفية عام 1923، ثم صدر قانون آخر عام 1954، ثم نص دستور عام 1956 على تسمية الأحكام العرفية بحالة الطواريء، وهو ما انعكس على قانون رقم 162 لعام 1958، والذي صدر في وقت الوحدة بين مصر وسوريا، وهو القانون الذي يتم تطبيقه حتى الآن. ينص القانون في مادته الاولى على أنه "يجوز إعلان حالة الطوارئ كلما تعرض الأمن أو النظام العام في أراضي الجمهورية أو في منطقة منها للخطر، سواء كان ذلك بسبب وقوع حرب، أو قيام حالة تهدد بوقوعها، أو حدوث اضطرابات في الداخل، أو كوارث عامة، أو انتشار وباء." المادة الأسطورية أهم المواد هي المادة الثالثة التي تعطي لرئيس الجمهورية منذ إعلان حالة الطوارئ أن يتخذ بأمر كتابي أو شفوي، وضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع، والانتقال، والإقامة، والمرور في أماكن أو أوقات معينة، والقبض على المشتبه بهم، أو الخطرين على الأمن والنظام العام، واعتقالهم، والترخيص في تفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية. سلطات الرئيس تمتد أيضاً إلى الأمر بمراقبة الرسائل أيا كان نوعها، ومراقبة الصحف، والنشرات، والمطبوعات، والمحررات والرسوم، وكافة وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها، وضبطها ومصادرتها وإغلاق أماكن طباعتها، وتحديد مواعيد فتح المحال العامة وإغلاقها، وكذلك الأمر بإغلاق هذه المحال كلها أو بعضها. المادة الثالثة تنص أيضاً على إمكانية تكليف أي شخص بتأدية أي عمل من الأعمال، والاستيلاء على أي منقول أو عقار، والأمر بفرض الحراسة على الشركات والمؤسسات، وكذلك تأجيل أداء الديون والالتزامات المستحقة والتي تستحق على ما يستولى عليه أو على ما تفرض عليه الحراسة، فضلا عن سحب التراخيص بالأسلحة أو الذخائر، أو المواد القابلة للانفجار، أو المفرقعات على اختلاف أنواعها. المادة الخامسة تنص على أنه مالم توجد عقوبة أشد في قانون العقوبات، فإنه "يعاقب كل من خالف الأوامر الصادرة بالعقوبات المنصوص عليها في تلك الأوامر على ألا تزيد هذه العقوبة على الأشغال الشاقة المؤقتة ولا على غرامة قدرها أربعة آلاف جنيه أو أربعون ألف ليرة، وإذا لم تكن تلك الأوامر قد بينت العقوبة مع مخالفة أحكامها فيعاقب على مخالفتها بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تتجاوز خمسين جنيها أو خمسمائة ليرة أو بإحدى هاتين العقوبتين" الحلول البديلة للطوارئ واجه الرئيس مبارك مطالبات سياسية وأخرى حقوقية محلية ودولية لإلغاء القانون، خاصة في ظل إدانات متكررة من منظمات حقوقية، لما وصفته باعتقال الآلاف بموجب هذا القانون دون محاكمة، كما أعلنت هيومان رايتس ووتش في 2006 أنها تقدر عدد المعتقلين به في ذلك الوقت بحوالي 5 آلاف شخص. في 2005 أعلن الرئيس مبارك أن قانون الطواريء سيتم استبداله بقانون لمكافحة الإرهاب، إلا أن ذلك لم يحدث وتم تمديد قانون الطواريء عام 2006 ، إلا ان ما اختلف هو إعلان اقتصار تطبيق القانون على جرائم الإرهاب والمخدرات، وهو مالم يتقبله المعارضون في ذلك الوقت. قام المجلس العسكري بتصرف مماثل حين أعلن في 24 يناير 2012 اقتصار استخدام القانون على جرائم البلطجة فقط، وهو ما رفضه المعارضون أيضاً. أصدر منظمة هيومان رايتس ووتش بياناً قالت فيه أنها وثقت اعتقال متظاهرين سلميين تم اتهامهم بتهمة "البلطجة". حالياً تقوم الحكومة بمناقشة قانونين للتظاهر والإرهاب، وظهرت أصوات، مثل اللواء محمد ربيع الخبير الأمني في تصريحات للشروق، تطالب بسرعة إقرارهما كبديل لقانون الطواريء. طريقة استعمال الطوارئ استخدم مبارك القانون بشكل رئيسي لتصفية الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد، حيث كان اعضائهما هم الغالبية الساحقة من المعتقلين بقرارت إدارية بموجب قانون الطواريء دون محاكمات. لم يسجل المجلس العسكري السابق اعتقال أي شخص بموجب قانون الطواريء، ولم يحدث ذلك في عهود مرسي أو العهد الحالي، الذي تمسك باعتقال المتهمين عبر اجراءات النيابة العادية. اقتصر تطبيق الطواريء حالياً على حظر التجوال، بالإضافة إلى وضع مبارك رهن الإقامة الجبرية بموجب قرار الحاكم العسكري بموجب قانون الطواريء، في مستشفى المعادي العسكري، رغم انهائه الفترة القانونية للحبس الاحتياطي في القضايا التي عقوبتها المؤبد أو الإعدام وهي عامين. في 25 سبتمبر أعلن الرئيس المؤقت عدلي منصور تعديلاً في قانون الاجراءات الجنائية، نص على أنه "لمحكمة النقض ولمحكمة الإحالة إذا كان الحكم صادراً بالاعدام أو بالسجن المؤبد أن تأمر بحبس المتهم إحتياطيا لمدة 45 يوميا قابلة للتجديد دون التقيد بالمدد المنصوص عليها فى الفقرة السابقة"، وهو التعديل الذي يتوقع قانونيون منهم المحامي خالد أبو بكر أن يتم تطبيقه على مبارك بعد انتهاء اقامته الجبرية بانتهاء قانون الطواريء. الطواريء تاريخ مصر "وخلاصة التاريخ السياسى والقانونى لمصر منذ مطلع القرن العشرين أنه تاريخ للطوارئ، تتحرر فيه السلطة التنفيذية من كل ضمانات دستورية تتعلق بالحقوق والحريات العامة، وتتغول على اختصاصات كل من السلطتين التشريعية والتنفيذية" بهذه العبارة أنهى الفقيه الدستوري الدكتور محمد نور فرحات ورقته المقدمة للمؤتمر العلمي الأول للحريات، والذي أقيم في عام 2005 تحت عنوان "الطواريء وأزمة الحريات العامة". الدكتور فرحات لاحظ أيضا فيما كتبه أن الطوارئ لا تحمي من خطر داخلي أو خارجي. «التقييم المنصف لحالة الطوارئ فى تاريخ مصر الحديث يثبت أنها على ما اقترفته من اغتيال حقوق وحريات الأفراد، لم تنجح فى تحقيق الغرض منها، وهو كفالة الأمن والإستقرار. فقد حدثت كثير من الإغتيالات السياسية الكبرى فى زمن الإحتلال البريطانى لمصر والأحكام العرفية معلنة، واشتعلت حروب الفدائيين ضد قوات الاحتلال فى ظل الأحكام العرفية، بل وقام ثوار يوليو بانقلابهم وأطاحوا بالنظام بأكمله فى ظل الأحكام العرفية. وفى عهد الثورة لم تنجح حالة الطوارئ من منع محاولات اغتيال عبد الناصر التى كان أشهرها حادث المنشية، ولم تمنع من حدوث مؤامرات متعددة لقلب نظام الحكم فى عهده، وعانت مصر فى الثمانينات من حوادث الإرهاب والعنف المسلح فى ظل إعلان حالة الطوارئ». فى الجزء الأول : الحرب العالمية الأولى أو فض اعتصام رابعة.. سبب لإعلان الأحكام العرفية