سنوات عديدة مضت ظلت كلمة "طوارئ" مقترنة خلالها فى العقول المصرية بالظلم والاستبداد والاعتقالات العشوائية، فمصر هعاشت حالة طوارئ دائمة لعقود طويلة، حالة الطوارئ بدأ العمل بها منذ عام 1958 عبر "قانون رقم 162 لسنة 1958" ثم عطلت بعدها، وتم العمل بها مرة أخرى بعد النكسة فى عام 1967 ثم تم إيقافها مرة أخرى لمدة سنة ونصف عام 1980 وأعيدت بشكل نهائي بعد اغتيال الرئيس السادات في حادث المنصة أثناء احتفالات نصر أكتوبر. وقبل ثورة يناير بشهور وفي عهد الرئيس المخلوع مبارك، كان قانون الطوارئ قد تم حصره على جرائم الإرهاب والمخدرات، لكن في أعقاب الثورة وبالرغم من تأكيد المجلس العسكري على أنه سيلغى الطوارئ, تم الالتفاف على الأمر بل ووسعت قاعدة الطوارئ مرة أخرى لتشمل جرائم تعطيل المواصلات أو الأشغال، وحيازة الأسلحة بأنواعها, وتكدير السلم العام، وبعد تولي الدكتور محمد مرسي الرئاسة واختياره لأحمد مكى كوزير للعدل، تم الحديث عن إعداد قانون جديد للطوارئ، ووصل الأمر إلى أن مكي قال "الطوارئ مذكورة في القرآن" ولكن الأمر قوبل برفض مجتمعي واسع، إلى أن صدر حكم المحكمة الدستورية العليا منذ أيام ببطلان قانون الطوارئ لمخالفته للدستور. في هذا السياق قال نبيل زكى، المتحدث الرسمي باسم حزب التجمع ل"البديل"، إنه يمكن الاستغناء عن الطوارئ عن طريق تعزيز الأمن، سواء من الشرطة أو الجيش، مؤكداً أن الأوضاع فى مصر لا تحتمل استمرار قانون الطوارئ والأفضل الاستعاضة عنه بقانون "العقوبات" خاصة أن مهمة الرئيس هي تحقيق العدل والمساواة بين المواطنين وفرض الأمن بدون ظلم، مضيفاً أن قانون الطوارئ أساء إلى سمعة مصر في الخارج. من جانبه شدد عبد الغفار شكر، رئيس حزب التحالف الشعبي الإشتراكي، على ضرورة إنهاء حالة الطوارئ، مشيراً إلى أن الظروف التي أدت إلى إعلان هذه الأحكام لمدة تزيد على ثلاثين عاماً، لم تعد موجودة الآن، وقال إن هناك أوضاعا جديدة. ويتكون قانون الطوارئ من 20 مادة، أهمها المواد ال 6 المتعلقة برئيس الجمهورية، تلك التى أتاحت له: "أن يتخذ بأمر كتابي أو شفوي، وضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والانتقال والإقامة والمرور في أماكن أو أوقات معينة والقبض على المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام واعتقالهم والترخيص في تفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية وكذلك تكليف أي شخص بتأدية أي عمل من الأعمال". وقالت المحكمة الدستورية في حيثيات حكمها التي أصدرته بالأمس بعدم دستورية قانون الطوارئ استندت إلى نص في المادة (148) والتى تقول "يعلن رئيس الجمهورية، بعد أخذ رأي الحكومة، حالة الطوارئ على النحو الذي ينظمه القانون"، موضحة أن القانون المنظم لحالة الطوارئ، يتعين أن يتقيد بالضوابط المقررة للعمل التشريعي، وأهمها عدم مخالفة نصوص الدستور الأخرى، كما أضافت أن المادة (34) من الدستور تنص على أن: "فيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد ولا تفتيشه ولا حبسه ولا منعه في التنقل ولا تقييد حريته بأي قيد إلا بأمر قضائي مسبب يستلزمه التحقيق". كما استندت المحكمة الدستورية إلى نص المادة (39) من الدستور والتي تقول "للمنازل حرمة وفيما عدا حالات الخطر والاستغاثة، لا يجوز دخولها ولا تفتيشها ولا مراقبتها إلا في الأحوال المبينة في القانون، وبأمر قضائي مسبب يحدد المكان والتوقيت والغرض" ، وبالتالي فإن النص في البند (1) من المادة (3) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم (162 لسنة 1958) على الترخيص في القبض على الأشخاص، والاعتقال وتفتيش الأشخاص والأماكن دون إذن قضائي مسبب يكون قد أهدر حريات المواطنين الشخصية واعتدى على حرمة مساكنهم، مما يشكل خرقًا لمبدأ سيادة القانون الذي يعد أساس الحكم في الدولة بالمخالفة لأحكام المواد (34 ، و35 ، و39 ، و81) من الدستور.