انتخابات مجلس النواب.. مرشحو "مستقبل وطن" يتقدمون بأوراقهم على المقاعد الفردية بالإسماعيلية    الاتصالات : تنفيذ البرنامج العالمى للتعليم الرقمي HP IDEA فى مدارس WE بالمحافظات    القناة 12 الإسرائيلية: ترامب يدرس حضور مراسم توقيع اتفاق غزة بمصر    الضفة.. إصابة فلسطيني برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي قرب القدس المحتلة    الرئيس السيسي يهنئ المنتخب الوطني بعد التأهل لكأس العالم: أدخلتم الفرحة في قلوب المصريين    المقاولون العرب يهنئ منتخب مصر على التأهل لكأس العالم    حريق هائل في شارع المرسيدس بمنطقة الحرفيين بالقاهرة    رفض استئناف البلوجر شاكر محظور على حبسه احتياطيا 45 يوما في اتهامه بغسل أموال التيك توك    "أرواح فى المدينة" تحتفل بذكرى انتصارات أكتوبر بالأوبرا    مقبرة للعدو.. كيف تحطمت أسطورة خط بارليف بعزيمة القوات المسلحة؟    نهضة بركان يتعرض لضربة قوية قبل مواجهة بيراميدز في السوبر الأفريقي    عدم اكتمال الجمعية العمومية غير العادية لسحب الثقة من مجلس الإسماعيلي    دعوى أمام القضاء الإداري لوقف نشر صور متهمات وقاصرات جرائم الآداب    على السجادة الحمراء.. استقبال مهيب لبوتين في دوشنبه    حبس 3 أشخاص بتهمة الاتجار في المخدرات بالبحيرة    مقتل طفل وإصابة 3 أشخاص إثر تجدد خصومة بين طرفين في سوهاج    نبيلة مكرم: التحالف الوطني نموذج فريد للحماية الاجتماعية على أرض الجيزة    جائزة نوبل في الكمياء 2025.. عالم عربي بين الفائزين    رحمة أحمد تنضم ل«نصيب»بطولة ياسمين صبري    زاهي حواس: كنت على ثقة بفوز العناني بمنصب مدير عام اليونسكو(فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 8-10-2025 في محافظة الأقصر    تكريم خطباء الاوقاف والازهر بمدينة السرو من قبل مركز الشباب    جامعة أسيوط تنظّم يومًا علميًا للتعريف بوحدة التأهيل الرئوي ودعم منظومة علاج أمراض الصدر بصعيد مصر    مدير مستشفيات قصر العيني يتفقد مستشفى أبو الريش الياباني ويشيد بالالتزام    ريال مدريد يكشف تفاصيل إصابة مدافعه.. وشكوك حول لحاقه بالكلاسيكو    شهر رجب يتكرر للمرة الثانية فى عام واحد ب 2025    فوز «العنانى» التاريخى    تقرير دنماركي: يس توروب وقع على عقود تدريب الأهلي 3 سنوات    خالد سليم وعبد الباسط حمودة يجتمعان فى دويتو ليلة مِ اللى هيا    إثيوبيا يعبر غينيا بيساو ولا تغيير فى ترتيب مجموعة مصر بتصفيات المونديال    هيئة الدواء: دستور الدواء المصرى يواكب التطورات العالمية للصناعة    "التحالف الدولي" يعيد تموضع قواته في سوريا لمواجهة بقايا "داعش"    ندوة تثقيفية لجامعة أسيوط الأهلية حول "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان ودور الجامعات في تعزيزها"    إصابة شخصين فى حادث انقلاب سيارة ملاكى فى إحدى ترع الغربية    وكيل «تعليم البحيرة» يشهد ندوة «التعليم بين تحديات الحاضر ورهان المستقبل»    محافظ الجيزة يعتمد حركة مديري ووكلاء الإدارات التعليمية    وزارة الاتصالات: تنفيذ برنامج عالمى لأكاديمية إتش بى للابتكار فى مدارس WE    أحمد عمر هاشم.. تعرف على أبرز 10 معلومات عن جهوده الدعوية    «نادية عمارة» تكشف الأسس الشرعية والاجتماعية لاختيار شريك الحياة    تكاثر السحب الممطرة على هذه المناطق.. الأرصاد الجوية تكشف حالة الطقس في القاهرة والمحافظات    ضبط سائقي سيارتين سمحا لأطفال بالجلوس فوق النوافذ خلال زفة فى القليوبية    استئصال ورم ليفى يزن كيلوجرام من أذن تيس بالطب البيطرى جامعة القاهرة    انطلاق برنامج مصر جميلة لاكتشاف المواهب الفنية والأدبية بالوادي الجديد    أسعار الدواجن بأسواق الإسكندرية تصل إلى 80 جنيها للكيلو    علاج 1928 مواطنا مجانا ضمن قافلة طبية بقرية في الشرقية    الأهلي يستعد للمشوار الأفريقي بكتيبة غيابات    الإحصاء: 36.8 % زيادة بقيمة المبالغ المودعة فى صندوق توفير البريد 2024 / 2025    رجال لا يكررون الخطأ مرتين.. 4 أبراج تتعلم بسرعة من التجارب    وزيرة التضامن تترأس اجتماع اللجنة العليا للأسر البديلة الكافلة    عزاء الدكتور أحمد عمر هاشم اليوم بمسجد الشرطة بالتجمع الخامس بعد صلاة المغرب    موقف عصام صاصا بعد اتهامه فى مشاجرة وصدور حكم بالحبس سنة مع إيقاف التنفيذ    وفد لبنانى يزور هيئة الاعتماد والرقابة للاطلاع على تجربة مصر بالإصلاح الصحى    بن جفير يقتحم الأقصى مجددًا وسط توتر أمني في عيد العرش اليهودي    «الشكاوى الحكومية» تتلقى 13.5 ألف شكوى واستغاثة صحية    يد - بعثة الأهلي إلى المغرب للمشاركة في بطولة إفريقيا    أكسيوس: ويتكوف وكوشنر يصلان شرم الشيخ للانضمام لمفاوضات إنهاء حرب غزة    سعر سبيكة الذهب اليوم الأربعاء 8-10-2025 بعد الارتفاع الكبير.. بكام سبيكة ال10 جرام؟    اعرف اسعار الدولار اليوم الأربعاء 8-10-2025 في بني سويف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لنتكلم عن الأطفال
نشر في الشروق الجديد يوم 24 - 09 - 2013

لا أريد اليوم أن أتكلم فى السياسة ومتاعبها ومشاكلها. اليوم أريد أن أستأذنكم فى الكلام عن موضوع مختلف تماما. أريد أن أفتح نقاشا هادئا حول شيئا قد يبدو تافها فى خضم ما تمر بها البلاد من تقلبات سياسية وإرهاب وكتابة دستور واضطرابات وخلافه. فعذرا مقدما عزيزى القارئ..
فى الأسابيع القليلة الماضية تسنى لى قضاء وقت أكبر مع عائلتى ومع طفلتى التى لم تتجاوز العام ونصف. ابنتى عبارة عن «مكنة فرك» أى إنها تتحرك وتلعب وتكسر وتصيح وتتداخل مع كل أحد ومع كل شىء. مثلها مثل باقى الأطفال فى سنها (لكن بصراحة نادية مزوداها حبتين). وقد سعدنا جدا حين وجدنا ما يجعلها هادئة ومنتبهة و«راسية كده». جاء الحل السحرى فى متابعة أغانى وفيديوهات الأطفال على قنوات اليوتيوب وقنوات التليفزيون.
شىء جميل أن تجد طفلك يتابع شيئا ما بهدوء واهتمام بدلا من أن يتحول لسلاح دمار شامل فى منزلك.
من باب الفضول تابعت بعض هذه القنوات سواء على الإنترنت أو التليفزيون ووجدت أنه لا توجد قناة مصرية واحدة بينهم.
فقنوات الأطفال المتخصصة على الإنترنت السواد الأعظم منها قنوات أجنبية وتحقق الفيديوهات فى هذه القنوات عدد مشاهدات تتخطى عشرات الملايين. هناك قنوات أخرى عربية ولا يوجد أى منها باللهجة المصرية. اما على التليفزيون فقنوات الكارتون إن لم تكن أجنبية فهى مدبلجة. هذا إلى جانب قنوات من دول عربية أخرى، أو قنوات متخصصة كجزء من شبكة عملاقة مثل ام بى سى أو الجزيرة.
تساءلت هنا، أين برامج الأطفال المصرية؟
أتذكر حين كنت طفلا أن هناك علامات فارقة فى طفولتنا مثل برنامج سينما الأطفال مع عفاف الهلاوى وما يطلبه الأطفال، أو بقلظ وماما نجوى وبابا ماجد. انتهاء بكارثة برامج الأطفال ماما سامية شرابى.
وبالرغم من ان هذه البرامج قد شكلت وجداننا ونحن أطفال وبالرغم من ان هذه البرامج كانت رائدة فى وقتها فإننا اكتشفنا بعد أن تقدمنا فى السن أننا قد خدعنا. فكل ميزة هذه البرامج انها كانت وحدها بدون منافسة من قنوات فضائية أو إنترنت. لقد تعلقنا بهذه البرامج بسبب شخصية المذيع ولكن إعداد الحلقات نفسها لم يكن يتعدى قص ولزق من منتجات أجنبية مع ترجمة من صوت المذيع.
اكتشفت الآن أن التليفزيون المصرى بكل ريادته لم ينجح فى أن يقدم أى نموذج ناجح لأطفالنا بالرغم من أنه أول تليفزيون فى المنطقة.
أما الآن فالموضوع أسوأ بكثير، فأنا أعلم أن هناك الكثير من المواهب التى تحاول أن تقدم محتوى مصريا للأطفال. هذه المواهب تواجه برفض شديد، وكأن القنوات المصرية قد وقعت على ميثاق سرى بعدم شراء أو تشجيع أى منتج مصرى للأطفال. يبدو أنه من غير المربح أن تقوم قناة مصرية بشراء هذه البرامج ولذلك فكل ما تراه فى القنوات الخاصة هو البرامج الحوارية والمسلسلات التركى وبرامج المسابقات المصورة فى لبنان.
أين المحتوى المصرى؟
يقولون إن هناك قناة اسمها قناة الأسرة والطفل. هل يشاهدها أحد؟ هل يتابعها ويتأثر بها أحد؟ وإذا كانت القنوات الخاصة التى تهدف للربح لا تريد القيام بهذا الدور فأين الدور القومى الذى يجب أن تقوم به الدولة؟
بعد أن كانت أصوات مثل عفاف راضى ومحمد ثروت تغنى للأطفال.. من يغنى الآن لهم؟
بعد «يا شمس يا شموسة» أصبح أطفالنا يغنون «بوس الواوا».
حين حاول حمادة هلال أن يقدم أغنية للأطفال استخدم سبونج بوب وهى شخصية كارتونية غير مصرية وغير عربية
حتى صفاء أبو السعود التى كانت تظهر مرة فى السنة فى احتفالات الطفولة امام سوزان مبارك وكان يتم تكليف ملحنين عتاولة لتلحين أغانيها، حتى هذا لم يعد موجودا.
أطفالنا الآن تتشبع عيونهم ببرامج أطفال أجنبية وتتشبع آذانهم بلهجات مدبلجة غير مصرية ولا عزاء لثقافتنا ولا وجود لمصريتنا.
ربما تظن أن هذا مقال تافه لأنه يتكلم عن برامج الأطفال وأغانى الأطفال ولكن فى بيتى وبيتك وبيت أقاربك هناك أطفال تتشكل شخصياتهم وقيمهم ولغتهم ولهجتهم ببرامج وأغانى وشخصيات لا تنتمى لنا.
لست ممن يحبون تهويل الأمور وادخال نظريات المؤامرة على الفاضى والمليان ولا اريد أن استخدم عبارات مثل «إنها حرب على هويتنا ومحاولة لطمس شخصيتنا». هى ليست حربا. فالحرب عبارة عن صراع بين جانبين. أما جانبنا فقد اختار ألا يدخلها من الأصل وسلم الميدان للآخرين ليفعلوا به ما يشاءون وجلسنا نحن مبتسمين راضين ونحن نشاهد أطفالنا يغنون أغانى الأطفال الأجنبية سعداء بتعلمهم لغة أخرى غير مبالين بلغتنا «البلدى».
لست أيضا ممن يكررون اتهامات الحرب على الهوية أو «القيم الغربية المنحلة» التى تتسرب إلى أولادنا، ففى الحقيقة هذه البرامج مفيدة جدا وتعليمية جدا وما يستفزك حقا أن افكارها بسيطة ولا تحتاج إلى تمويل ضخم، ومع ذلك اخترنا الطريق الأسهل فاستوردنا أشياء كان الأجدر بنا ان نصنعها ونبتكرها ونقدمها لأولادنا هنا.
ولست من هؤلاء الذين يحاربون اللغات الأجنبية، بالعكس أنا أؤمن أنه يجب أن يتعلم الطفل منذ الصغر لغة ثانية وثالثة، وان يتفوق فيهما ولكن ليس على حساب اللغة الأم.
نحن نترك أطفالنا أمام التليفزيون واليوتيوب سعداء بهدوئهم وتركيزهم على شىء اخر غير تكسير البيت وإثارة الفوضى ولكننا على المدى البعيد نخسر أكثر.
نحن خبراء فى اهدار مواردنا. لقد اكتسب المصريون شهرة بأن بلدهم لديه كل المميزات التى تحلم بها بلاد اخرى، مثل الموقع الجغرافى ونهر النيل والشواطئ الممتدة والطقس الرائع والثروات المعدنية الكثيرة، ومع ذلك فنحن أساتذة فى إهدار هذه الثروات ومتخصصون فى عدم الاستفادة منها.
يبقى لدينا مورد واحد، ثروة واحدة، هى أطفالنا، ولكننا للأسف نهدرهم بين إهمال وأمية وتعليم سيئ، إن كانوا فقراء. أما إن كانوا من بيوت ميسورة مقتدرة فنحن نغربهم ونخلق منهم أطفالا يغنون ويفكرون ويحلمون ويمزحون بلغة أخرى غير لغتنا الام. ربما تكون سعيدا الآن بهذا الإنجاز، لكن فى المستقبل القريب إن لم تتغرب انت ايضا فمصيرك مثل لغتك «البلدى»، يستخدمها ابنك فقط عند اللزوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.