تربى وجداننا على برامج الأطفال فى الاذاعة من «بابا شارو» وحتى «أبلة فضيلة»، وعشنا السنوات التى لم يكن التليفزيون يذيع فيها سوى برنامج يومى واحد تقريبا للأطفال تقدمه المذيعة نجوى ابراهيم مع الممثل سيد عزمى «بقلظ». وعاصرنا ونحن كبار برامج التخلف العقلى التى كانوا يطلقون عليها برامج الأطفال، وتعتمد على مذيعات من «الوزن الثقيل» يدرن حوارات ثقيلة الظل مع عرائس أو بنى آدمين يرتدون زى الحيوانات..أما أطفالنا فقد أصبحوا أكثر حظا منا، ولم يعد أحد منهم يتابع برامج الأطفال فى التليفزيون الحكومي، بعد أن حلت الفضائيات العربية مشكلتهم بإطلاق عدد كبير من قنوات الأطفال المتخصصة، وأشهرها «سبيس تون»، و»ام بى سى ثري»، وقنوات الأطفال الغنائية، مثل «طيور الجنة 1و2»، و»طه» وغيرها.. والغريب أنه فى الوقت الذى نسمع فيه كل يوم عن انطلاق محطة فضائية مصرية جديدة، لا نسمع أن أحدا يهتم بقنوات الأطفال، ومعظم المستثمرين المصريين فى هذا المجال يفضلون قنوات الأغانى والقنوات المتخصصة فى برامج الكوتشينه والسحر والشعوذه، والقنوات الدينية والرياضية، رغم الجاذبية الشديدة ونسب المشاهدة العالية التى تحققها قنوات الأطفال وبالتالى حصيلة الاعلانات الكبيرة التى تدر الربح لمن يمتلك واحدة منها. ومما يزيد العجب والدهشة أننا بالفعل الدولة العربية الوحيدة القادرة على تقديم قناة أطفال بطابع محلى خاص جدا، لأننا نمتلك مواد قديمة وجديدة صنعت خصيصا للطفل المصرى والعربي، من أوبريت العرائس «الليلة الكبيرة» لصلاح جاهين وسيد مكاوي، وغيره من كنوز مسرح العرائس، وحتى مسلسل الكارتون المصرى الخالص»بكار» إخراج الراحلة منى أبو النصر، وأعمال الصلصال البديعة للمخرجة المتفردة زينب زمزم. ولدينا أيضاً أغنيات الأطفال المصورة من أيام العبقرى محمد فوزي، فضلا عن مئات الأوبريتات والمسرحيات وعشرات الأفلام، وهى كنز لا يملكه سوانا ممن يعتمدون اعتمادا شبه كلى على أفلام الكارتون الغربية الدبلجة والمترجمة والبرامج المستوردة والأغنيات فقيرة التصوير والانتاج وبعض برامج المسابقات المحلية. ولا أعرف حقيقة.. لماذا نترك الساحة خالية لغيرنا ونترك أطفالنا يغنون باللهجة الخليجية ويرتبطون نفسيا وعاطفيا بشخصيات غربية مثل «ميكى ماوس» و»توم وجيري» ونحن لدينا كل تلك الامكانات؟!..فعلا حاجه تجنن!