كدت أجن وأنا أشاهد جلسة البرلمان يوم الاثنين الفائت وهو يناقش ما إذا كانت وزارة الداخلية استخدمت «الخرطوش» ضد المتظاهرين أم لا، ووصل الأمر ذروته عندما قرأ الدكتور الكتاتنى خطاب وزير الداخلية الذى يؤكد فيه عدم إطلاق الخرطوش الذى لاقى استحسانا وتصديقا من أعضاء حزب الأغلبية حتى إنهم كذبوا النائب محمد أبوحامد عضو لجنة تقصى الحقائق الخاصة بأحداث الداخلية عندما رفع يديه بطلقات خرطوش ردا على الخطاب وبلغت «المسخرة» قمتها عندما قاموا بالتشويش عليه ومحاولة منعه من الكلام. كدت أجن ليس لأن استخدام الداخلية للخرطوش لا يختلف عليه اثنان بعد استشهاد البعض وإصابة المئات به ولكن لأن أحدا لم يذكر «الرصاص الحى» الأخطر من الخرطوش الذى استخدمته الداخلية وأكدت ذلك تقارير الطب الشرعى، ذكرتنى الجلسة «الهزلية» بتلك المكالمة الملتاعة لشاب قريب لى من أمام مشرحة زينهم قبيل جلسة البرلمان بيومين وقال لى «محمد» أرجوك ان تكشفى حقيقة ما يحدث فى شارعى محمد محمود ومنصور، فالتليفزيون المصرى يقول إن الداخلية تتعامل مع المتظاهرين بقنابل الغاز فقط بينما صديقى الذى ننتظر خروجه من المشرحة.. مات بطلقة رصاص فى الرأس
سألته أن يحكى لى القصة.. قال بأسى، «حسام» ابن الثانية والثلاثين عاما لم يكن بلطجيا كما ادعت الداخلية على المتظاهرين، كان محاسبا فى بنك مصر، «حسام» لم يكن يحمل حجارة فى يديه أو مولوتوف.. كان يحمل كاميرا يصور بها الاشتباكات لتوثيقها ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعى لكى يعرف الناس حقيقة ما يحدث من الأمن، كان بعيدا عن مبنى الداخلية وكان يحث صديقه الذى يقف بجواره على عدم الاقتراب من موقع الاشتباكات، وفجاة وقع «حسام» على الأرض لتنقله الإسعاف إلى المستشفى الميدانى الذى حوله إلى مستشفى قصر العينى لخطورة الحالة وهناك أبلغونا بأنه مصاب برصاصة قاتلة فى رأسه ومات حسام فى اليوم التالى
وصدر تقرير الطب الشرعى يؤكد أن سبب الوفاة رصاصة بالرأس. سكت محمد لحظات قبل أن يرجونى ثانية أن أفضح أكاذيب الداخلية والتليفزيون الرسمى الذى لا يتحدث سوى عن قنابل الغاز ويشوه الثوار، وعدت «محمد» وعندما طلبت من الصديقة «نجلاء بدير» أن تكتب عن «حسام» مثلما كتبت عن شهداء الثورة منذ اندلاعها وحتى اليوم وجدتها تعلم كل شىء عن المحاسب الشاب الذى ترك وراءه زوجة شابة وطفلة عمرها عامان، كانت هناك، أمام المشرحة كعادتها فى مثل هذه الأحداث وقابلت أهل وأصدقاء حسام، اكتفيت بذلك فكتابات «نجلاء» فرض كفاية عنا جميعا، لكن بعد جلسة البرلمان الشهيرة تذكرت وعدى لمحمد ووجدت أن برلمان الثورة هو «الفضيحة» بعينها.