تحتاج مصر إلى إنشاء طرق ومرافق جديدة. ويرى البعض أن نظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص هو الحل. تراهن مصر كثيرا على الشراكات من أجل تمويل برنامج طموح للبنية الأساسية، تُكلف مليارات الدولارات، ويتضمن تشييد طرق وموانئ ومرافق فى غضون السنوات الخمس المقبلة. ذلك أن عقودا من انخفاض الاستثمار فى مصر تركت البنية الأساسية للبلاد فى حالة يرثى لها، وهو ما أصبح يعوق النشاط الاقتصادى، ويزيد من المصاعب التى يواجهها الشعب المصرى الذى يبلغ تعداده نحو 80 مليون نسمة. فقد أصبح النقل العام شديد الازدحام، وغير قادر على استيعاب حاجة المواطنين، بينما تعجز الطرق عن التلاءم مع حجم حركة المرور. ويؤدى عدم كفاءة نظام الصرف إلى تلوث القنوات، بينما يعمل نظام توليد الكهرباء بطاقته الكاملة. ويقدر بنك الاستثمار إى إف جى هيرميس أن مصر تحتاج خلال السنوات الخمس المقبلة إلى استثمار 45 مليار دولار فى النقل وتوليد الكهرباء والمرافق. ويأمل المسئولون المصريون أن يؤدى قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص الذى تم التوصل إليه فى الشهور الماضية إلى المساعدة فى جذب استثمارات القطاع الخاص كى تملأ الفجوة بين موارد الدولة وتكلفة الاحتياجات الضرورية. وفى الشهر الماضى، قال يوسف بطرس غالى، وزير المالية إن الحكومة تأمل فى التوصل إلى شراكات بين القطاعين العام والخاص بقيمة 17 مليار دولار خلال الأعوام الخمسة المقبلة. وأضاف أن موازنة الدولة بمقدورها تغطية ما لا يزيد على 30 40% من هذا المبلغ. وأعلن مؤخرا عن مناقضات لإنشاء محطات مياه وطرق ومستشفيات تعليمية. ويقول المسئولون والمصرفيون إن هذه المناقصات جذبت شركات خاصة محلية ودولية. ويقول بكر عبدالوهاب، النائب الأول للاستثمار الخاص المباشر فى إى إف جى هيرمس إن «أحد مصادر جذب المستثمرين فى مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص هى أن هذه المشروعات طويلة الأمد... وتقوم وزارة المالية بدعم هذه المشروعات. ويجب على الوزارة منح مؤسسات الإقراض الضمانات الذى تجعلها قادرة على تقديم قروض طويلة الأجل. كما يثق المستثمرون أن هذه المشروعات سوف تولِّد تدفقات نقدية كبيرة.» ويضيف أنه إلى جانب ذلك، هناك ميزة أخرى، هى مشاركة الحكومة مستثمرى القطاع الخاص المخاطر. ويرغب القطاع الخاص فى تغطية ما يصل إلى 75% من تكلفة تلك المشروعات. ويقول المصرفيون إن العائد على الاستثمار فى مشروعات البنية التحتية فى مصر يجب أن يتراوح بين 11 16% على الدولار أو اليورو، بحسب القطاع الذى يجرى الاستثمار فيه. لكن المحللين ورجال الأعمال يقولون إن حجم الاستثمارات المطلوبة من المرجح أن تتجاوز حدود قدرات القطاع المصرفى المصرى. ويشيرون أيضا إلى أن المقرضين المحليين لا يقدمون قروضا على مشروعات تمتد أكثر من 15 عاما، بينما تمتد عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص 20 سنة على الأقل. ويقولون إن تطوير سوق السندات للشركات يجب أن يكون على رأس الأولويات من أجل التمكن من تمويل تلك المشروعات. كما يطالب البعض باعتراف البنك المركزى المصرى بقروض الشراكة بين القطاعين العام والخاص باعتبارها «مشروعات يجرى تمويلها دون الرجوع إلى الملاك»، مما يجعل من حق المقرضين الحصول على العوائد من أرباح المشروعات نفسها فقط، وليس من الأصول المملوكة للمدين. وسوف يعنى ذلك إزالة ما يُعرف ب «حد منح الائتمان للدائن المفرد»، الذى يمنع البنك من تقديم ما يزيد على 20% من رأسماله لدائن فرد. وتشير الحجة الداعية إلى إزالة هذا الحد إلى أن مخاطر مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص تكون أقل بسبب دعم الحكومة لهذه المشروعات. ويقول أسامة بشاى، مدير عام أوراسكوم للإنشاء إنه «فى الوقت الحالى، سوف يؤدى واحد أو اثنان من هذه المشروعات الكبرى إلى جعل الشركة تستنفد حدود الائتمان». وكانت أوراسكوم للإنشاء قد وقعت عقدا لتطوير محطة معالجة مياه القاهرةالجديدة، وهو أول مشروع للشراكة بين القطاعين العام والخاص فى مصر. وتوافق على ذلك رانيا زايد، رئيسة وحدة الشراكة بين القطاعين العام والخاص فى وزارة المالية. وتقول إن الوزارة تقوم حاليا بالضغط على البنك المركزى من أجل منح استثناءات فيما يتعلق بحد منح الائتمان للدائن المفرد. وتضيف أنه «إذا لم نقم بذلك، فسوف يضطر المستثمرون إلى اللجوء إلى البنوك الأجنبية، وهو ما سوف يأتى بالمخاطر المرتبطة بتقلبات العملات الخارجية.» وقد وُقِعَت جميع مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص بالعملة المصرية، من أجل ضمان ألا تُثقَل الحكومة بسداد مدفوعات مالية ضخمة حال انخفاض قيمة الجنيه المصرى أمام الدولار أو أية عملة أجنبية أخرى. وتقول السيدة رانيا: «تعلمنا من مشروعات الكهرباء التى نُفِذَت فى التسعينيات وفقا لنظام البناء والتشغيل ونقل الملكية، وهى المشروعات التى وضعت أعباء كبيرة على الخزانة عندما انخفض سعر الجنيه» . كما يوصى المصرفيون باللجوء إلى مقايضات العملات من أجل تقليل المخاطر بالنسبة للمستثمرين الأجانب، الذين يريدون ترجمة عوائدهم فى صورة دولارات أو عملات أجنبية أخرى. وبشكل عام، هناك اتفاق على أن ثقافة مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص لا تزال قيد التشكُل، وأن الحكومة والبنوك والمستثمرين مازالوا يؤسسون خبراتهم. لكن المستثمرين يقولون إنهم يريدون رؤية المزيد من القوة الدافعة، ويريدون المشاركة فى المزيد من المشروعات الكبرى. ويقول عادل مرغوب، رئيس إنترناشيونال كلاستر، الشركة الدولية المتخصصة فى التمويل، «نحن المستثمرين نرغب فى تمويل مشروعات فى مصر. ونريد رؤية المزيد من الصفقات فى السوق».