"تنين الرمال" .... مقال كبير يكشف العديد من المعلومات المثيرة التي قد تكون مجهولة للعديد من القراء تتحدث فيه مجلة "لوبوان" الفرنسية عن دولة قطر المثيرة للجدل وأميرها الشيخ حمد بن خليفة الثاني. وتصف المجلة الفرنسية تلك الدولة بأنها "تعتبر بلد أحلام بسبب ثرائها الفاحش ، حيث يبلغ متوسط دخل الفرد هناك 73,500 دولار سنويا (103 آلاف دولار سنويا بحسب إحصائيات وكالة المخابرات المركزية الأمريكية) ، وهي تمتلك ثالث أكبر مخزون للغاز الطبيعي في العالم بعد روسياوإيران ، وستصبح قريباً المنتج والمصدر الأول على مستوى العالم للغاز الطبيعي السائل. أما أميرها الشيخ حمد – 57 عاماً – وزوجته الشيخة موزة - 47 عاماً - فقد اعتبرتهما المجلة ثنائيا غير عادي في منطقة محافظة مثل الشرق الأوسط عامة ، ومنطقة الخليج خاصة. ويُعرف الشيخ حمد بزياراته المتكررة إلى باريس حيث قال عنه أحد أصدقائه الفرنسيين : "عادة ما تراه يرتدي البنطلون الجينز وسترة وهو يقضي معظم وقته في التنزة في ضاحية لو ماريه" ، وهي واحدة من الضواحي الفاخرة في باريس والتي تحوي الكثير من المطاعم والمكتبات ، وكانت هذه الضاحية تشتهر في الماضي بأنها مركز استقبال المهاجرين اليهود القادمين من أوروبا الشرقية في نهاية القرن التاسع عشر. وتتحدث المجلة بإسهاب عن استثمارات رجال الأعمال القطريين في فرنسا فتقول إن قطر واحدة من أهم الدول المستثمرة في القطاع الخاص في فرنسا ، حيث اشترت إدارة الاستثمار القطرية – المتحكم الأساسي في رأس مال قطر - مركزاً عالمياً للمؤتمرات في باريس بالإضافة إلى العديد من الأبنية الأخرى ، واشترى الشيخ عبد الله – الأخ غير الشقيق للشيخ حمد - حلبة "قوس النصر" أوArc De Triomphe لسباق الخيول بحوالي 18 مليون دولار لأن الشيخ عبد الله هاو كبير لهذه الرياضة ويمتلك مجموعة متميزة من الخيول العربية الأصيلة. وفي يوليو 2008 اشترى الشيخ حمد فندق لامبرت الأثري والذي يرجع بناؤه إلى عام 1640 ، وقدرت صفقة شراؤه ب111 مليون دولار , ولكن هناك جدل في فرنسا بسبب رغبة الشيخ حمد في إجراء تعديلات في الفندق منها تركيب مصاعد وبناء جراج ، وهو الأمر الذي يعارضه الكثير من الفرنسيين الذين يريدون المحافظة على هذا الأثر الكلاسيكي بطابعه المتميز , وقد تشكلت لجنة من الخبراء وأوصت بعدم إجراء التعديلات التي يرغب بها الشيخ حمد , إلا أنه لم يتم الفصل في هذه المسألة حتى الآن. وتشير المجلة إلى أنه على الرغم من هذا الثراء الكبير وانتشار الممتلكات القطرية في كل مكان ، فإن قطاعا كبيرا من الفرنسيين قد لا يعرف شيئا عن قطر ، بدليل أن الشيخ حمد نفسه تعرض لموقف غريب ذات مرة في مطار فرنسي – بحسب المجلة - عندما أمسك موظف الجمارك بجواز السفر الخاص به وسأله بدهشة : "قطر؟ أين تقع هذه الدولة"؟! وتقول المجلة إن حمد قرر أن يجعل العالم كله يعرف مكانة وأهمية قطر التي تقع بين دولتين عملاقتين , المملكة السعودية من جهة وإيران من الجهة الأخرى ، وأن يعمل على جعلها بلداً غنياً من الدرجة الأولي , ويبدو أن هذا ما حدث بالفعل ، حيث أن متوسط دخل الفرد في قطر هو الأعلى على مستوى العالم ، وكان هو شخصيا حريصا مثلا على تعليم كل أولاده اللغة الفرنسية. وارتكزت خطة الشيخ حمد للخروج ببلاده من المجهول – بحسب لوبوان - على دعامتين أساسيتين : الأولي كانت إنشاء قناة الجزيرة عام 1998 وإعطاؤها الحرية المطلقة في مناقشة كل القضايا ، وبالفعل نجحت الجزيرة في جعل قطر مكانا معروفا على الخريطة ، حيث اشتهرت القناة بسرعة فائقة في نقل الخبر والحدث ، وفي غضون عامين فقط أصبحت منبراً لمشاكسة الولاياتالمتحدة والقوى العالمية الأخرى التي عرفتها على وجه الخصوص من خلال انفرادها ببث تسجيلات أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة بعد هجمات 11 سبتمبر 2001. أما الدعامة الثانية فهي استخدام الدبلوماسية في كل الاتجاهات ، مثل إصرارها – أي قطر - على طلب استضافة قمة عربية طارئة في 2 يناير 2009 بعد العدوان الدموي التي شنته إسرائيل على قطاع غزة في 27 ديسمبر 2008 ، ومثل دورها في الوساطة بين الفرقاء اللبنانيين ، كما استفاد الشيخ حمد من علاقة بلاده مع إسرائيل في التوسط بشأن القضية الفلسطينية. وقالت المجلة إن كثيرين يحاولون التقليل من أهمية النشاط الدبلوماسي للشيخ حمد ، ويطلقون عليه مسمى "دبلوماسية دفتر الشيكات" ، إلا أن هذا لم يمنع تلك الدبلوماسية من تحقيق النجاحات المتوالية ، وهو ما يجعلها تدريجيا دبلوماسية لا يمكن الاستغناء عنها ، بحسب تعبير لوبوان. ومثل جيرانها ، لا تخشى قطر شيئاً غير قصف أمريكي أو إسرائيلي على إيران يكون ضحاياه الفعليين دول الخليج ، وقد يفسر هذا رغبة قطر في المحافظة على العلاقات الطيبة مع إيران ويظهر هذا في دعوة الشيخ حمد للرئيس الإيراني أحمدي نجاد لحضور قمة مجلس دول التعاون الخليجي. لكن المشكلة القطرية الأساسية بحسب لوبوان هي نقص السكان ، حيث أنه من بين 1,4 مليون مواطن يوجد 200 ألف قطري فقط والباقي كلهم أجانب! وفي محاولة لاستثمار أموال البترول أنشأ حمد وزوجته موزة مؤسسة تعليمية ضخمة صممها أفضل المعماريين وتدرس نفس المناهج الموجودة في الولاياتالمتحدة ، إلا أن عدد طلابها يبلغ 2000 طالب فقط. ولذا ، فعلى الرغم من كل هذه المبالغ الهائلة لتزويد القطريين بأفضل المناهج بأحدث الطرق وأعلى التكاليف ، فإنه تبقى مشكلة إقناعهم بجدوى كل ذلك ، فبالنسبة للكثير من القطريين "يكفي أن تكون قطرياً لكي تكون غنياً .. فما فائدة الدراسة"؟ وهذا هو ما تحلم الشيخة موزة بتغييره!