«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجزائر : دولة لايحكمها رئيس


إعادة اكتشاف شعب "شقيق"
الهمج
الذين رفعوا أيديهم بالدعاء لأنه خذل الفراعين

قال لى مثقف جزائرى كبير، عانى الكثير فى بلده بسبب مواقفه المستنيرة، شارحا لى بعض مظاهر الاختلاف فى مفاهيم وكلمات متداولة بين المصريين والجزائريين: (اللبوة فى الجزائر هو وصف تكريم للمرأة .. ولكنه فى مصر إهانة لها .. ولو واجهت الجزائرى بالبسملة - أى قلت بسم الله الرحمن الرحيم - لانتفض غضبا .. لأنها فى الجزائر أقرب إلى الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم) .. وأردف: (والواقع أننا جميعا مقصرون فى التعريف ببعضنا البعض).
وقد رددت عليه، إذ كان الحوار بيننا يدور فى رسائل خاصة عبر الإنترنت قائلا: (أتفق معك .. ولكنى لا أعتقد أن وصف العاهرة يمكن أن يختلف عليه شعب عربى .. كلنا يعرف معناها .. وقد أطلق فى صحف الجزائر على استاد القاهرة الذى كان يحمل اسم استاد ناصر .. وتعرف من هو عبدالناصر .. اسم استاد العاهرة .. فهل القاهرة صارت العاهرة؟).
ومن ثم عاد هذا المثقف المحترم وقال: (الانزلاقات اللفظية كثيرة ومقرفة، وكانت فرصة انتهزتها العناصر المعادية للعروبة، وليس لمصر، وقد تعرضت للكثير من وخزاتها).
بهذه العبارة يلمح المثقف الجزائرى إلى ما بين فريقين فى الجزائر من صراع سقيم .. فصم ثقافة البلد وهويته .. وجزأه بين حافتى جرف رهيب .. بحيث يبدو أن الجزائرى يضع ساقه اليمنى هنا وساقه اليسرى هناك .. بين الفرنسة والعروبة .. فإما سقط فى هوة سحيقة.. وإما بقى تائها ممزقا غير مستقر.. يولى وجهه شطر أوروبا ويريد أن يهاجر إليها، لكنه فى نفس الوقت لديه حنينه الذى يتجه إلى الأمة العربية.
لقد كان المصريون طيلة الأيام الماضية يندهشون جدا وهم يجدون فى مواجهتهم فريقا ينتمى لبلد اسمه (لالجيرى)، كما يهتف مشجعوه، فى حين أنهم ينتظرون فريقا عربيا اسمه الجزائر .. وقد وجدوا صعوبة هائلة فى أن يفهموا أن أشقاءهم الآتين من الخضرا مملوءون حقدا وغلا لكى يناصروا فريقهم .. ويتكلمونا لغة أخرى لا هى العربية ولا هى الفرنسية .. وأصحابها لا يعرفون من القاموس العربى المتداول سوى كلمات السب والقذف التى تدربوا عليها كثيرا.. لكى يوجهوا الإهانة لهم .. قبل أن يتحولوا إلى الضرب والبلطجة وممارسة أفعال الرعاع فى الخرطوم.
ولقد أذاع التليفزيون الجزائرى، بعد نحو ساعتين من مباراة أم درمان فيلما للاعبى الفريق وهم يرقصون فرحا فى غرفة الملابس، إلى أن أوقفهم شخص ما، يبدو أن له مكانة دينية، وراح يقول: كما بدأنا بالقرآن نختم بالقرآن، فتحلق اللاعبون.. وقرأوا الفاتحة.. وقادهم الرجل بالدعاء.. شاكرا الله على النصر.. ثم كرر مرارا فى ختام الدعاء: اللهم أنك أخذلت الفراعين.. اللهم أنك أخذلت الفراعين.
إن الفيلم المذكور ممهور بعلامة القناة الرسمية موجود على موقع يو تيوب لمن يريد أن يتفرج.
ولابد أن الجميع يدرك المدلولات المختلفة لكلمة الفراعين بين متطرفين بهذا القدر من الحدة والعنف.. وكانوا يقاتلون أنفسهم ما يزيد على عشر سنوات.. ودمروا نصف بلدهم على الأقل.
الحقد الذى انفجر
ولا أريد أن يصل الأمر إلى حد التنابذ الشعوبى بين البلدين .. ولا أريد أن أخوض معركة عنصرية ضد فئة من أشقائنا العرب .. و لا أريد أن أمارس تعاليا على الإخوة فى (لالجيرى)، لكن هناك مجموعة من الأمور يجب أن تستوقفنا:
إن مصر تعرضت بالفعل لحرب عنصرية خلال الشهر الفائت من مختلف وسائل الإعلام الجزائرية .. رسمية وخاصة.. وفى كل منتديات الإنترنت .. وفى ظل حالة صمت رسمى مطبق ومتعمد .
إن الأمر تخطى موضوع المباراة .. وأظهر قدرا هائلا من الحقد والغل .. لم تكن له بوادر وظواهر على الإطلاق .. لدى الشعب الجزائرى الشقيق .. كما لو أنه بيننا وبينهم حروب ضارية لم تمح دماءها السنوات .. وكما لو أننا احتللنا الجزائر عقودا طويلة.. حتى فرنسا التى احتلت الجزائر قرابة 132 سنة .. لا يكن لها الأشقاء فى (لالجيرى) هذا القدر من الغل الذى كشفته تفاعلات المباراة .. وتصفيات كأس العالم .
إن المسألة تخطت حدود الانفعال الشعبى .. وتهييج وسائل الإعلام .. بل إن الدولة الجزائرية قفزت فوق الأمر برمته .. وامتطته .. وراحت تمد جسرا جويا حربيا .. بطائرات روسية .. إلى الخرطوم .. حيث نقلت البلطجية فى شكل مناصرين ومشجعين .. إلى ساحة المعركة .. ثم حين ارتكبوا أفعالهم الشنيعة المرتبة حتى بعد أن فازوا .. فإنها صمتت.. ولم تصدر بيانا يرفض أو يدين .. أو يتوعد المجرمين بالعقاب .. فهل هو أمر مرتب ضد مصر .. أم أنه توظيف سياسى لصالح أمور داخلية.
لفت نظرى كثيرا ..أن رئيس الوزراء المصرى حين هاتف رئيس الوزراء الجزائرى بشأن ضرورة توفير الحماية للمصريين فى الجزائر .. لحظة تعرض بعضهم إلى أعمال تعدٍ وعدوان فى مأمنهم ومساكنهم .. كان أن فاجأه رئيس الوزراء الجزائرى بالحديث عن أن مقطعا على موقع (اليوتيوب) يظهر كلبا وقد ارتدى علم الجزائر .. ولم أستطع أن أستوعب كيف يمكن أن يشغل هذا رئيس وزراء .. وهو يتلقى طلبا بهذا القدر من الأهمية والحرج .
حالة نفسية معقدة
إننا أمام حالة عقلية ونفسية وحضارية وسياسية وثقافية لابد أن نستوعبها من جديد وأن نعيد اكتشافها .. ربما نعثر على مكمن نشوء الحقد .. ومنبع الغل .. وسبب الكراهية التى تخفت سنوات طويلة خلف شعارات براقة .. وكلمات قومية عريضة جدا .. وألفاظ تنتمى إلى قواميس مزخرفة من زمن فات .
إن ما روع المصريين فى الأحداث الأخيرة بالأساس هو قدر العنف الذى اتسم به المشجعون فى مباراة كرة قدم .. دعك من التلفيقات .. والافتعالات .. والمناورات .. والادعاءات .. وإنما أن الرغبة فى الشجار .. والتهديد بالذبح قبل وبعد مباراة الخرطوم .. وتكسير الباصات وقذف الناس بالطوب .. وملاحقة الجماهير المسالمة .. وشراء المطاوى والخناجر والأسلحة البيضاء استعدادا للخناق .. كل هذا طرح تساؤلات رهيبة .. ماذا يريد هؤلاء الناس ولماذا .. وما كل هذه الدموية .. ولماذا ضدنا ؟؟.. وكيف لا يخرج فنان واحد أو مثقف فريد أو سياسى مختلف ليقول ماهذا يا أبناء (لالجيرى ) ؟
العنف الذى اكتشفناه فجأة فى الشخصية الجزائرية خلال الأيام الماضية .. ليس موجها لنا وحدنا .. الذى حدث هو أن هناك من وجه به إلينا .. بدلا من أن ينفجر فى المجتمع الجزائرى وضده .. فيه قسوة مثيرة للتساؤل .. وهو فى أحيان كثيرة إذا لم يوجه إلى طرف ما .. فإن الشخصية الجزائرية توجهه إلى نفسها .. ولعل الكثيرين لايندهشون حين يعرفون أن فى شهر أكتوبر الماضى قتل 15 جزائريا على الأقل وأصيب 68 ليس خارج الجزائر وإنما داخلها .. وليس فى مناسبة الغضب من هزيمة كروية .. وإنما فى احتفالات فوز الجزائر على رواندا 3-1 .. ما هذه السادية المقيتة؟!
هذه الاحتفالات الدموية أدت إلى سقوط تسعة قتلى فى العاصمة ومدن وولايات وهران وتيارات والسعيدة وعيد الدفلى .. أما الستة الباقون فقد ماتوا بالسكتة القلبية من فرط الفرح .. ولم تقع حوادث القتل بسبب اشتباكات .. وإنما بسبب استخدام المفرقعات وإشعال أنابيب المبيدات الحشرية والقفز فوق السيارات والسقوط تحت عجلاتها .. بينما الشرطة لايمكنها أن تفعل شيئا .
ولم تكن هذه هى المرة الفريدة .. بل إن المعتاد هو أن يسقط القتلى بعد كل مباراة .. وليس من المعتاد أن تصدر صحيفة بعد أى مباراة محلية ولايأتى فيها ذكر لموت شخص أو أكثر وإصابة العشرات .. وقد أدت عمليات العنف - وليس الشغب الكروى - بعد المباريات إلى إقامة 120 مباراة فى الجزائر بدون جمهور خلال السنوات القليلة الماضية. فى أعقاب مباراة زامبيا التى فازت بها الجزائر أيضا .. قرأت تقريرا صحفيا جزائريا عن مصابى وقتلى الأفراح فى (لالجيرى) .. ولم أتمكن من إحصاء الإصابات .. فهى بالمئات .. 31 فى البليدة .. و17 فى خنشلة .. و50 مصابا بكسور .. و95 فى وهران.. وغير ذلك كثير .. بخلاف قتلى متناثرين فى مختلف المدن .. أطفال وشيوخ وشباب .. وعلى أجناب كل هذا ولائم وحفلات أغانٍ .. وحوادث مرور .. أو كما وصف التقرير الأمر بأنه أقرب إلى فوضى عارمة.
كل هذه الجثث
أنا شخصيا لم أعش فى الجزائر .. زرتها مرة واحدة قبل عامين .. وكانت المناسبة هى اختيار الجزائر - العاصمة عاصمة للثقافة العربية .. وقد وجدها الجزائريون فرصة لكى يخرجوا من عزلة طويلة تعرضوا لها .. لا لشىء إلا لأنهم لايجدون ما يمكن أن يتفاعلوا به مع الآخرين من أشقائهم .. ومضت السنة المختارة فرصة للجزائر ولم تنته العزلة.
والكثيرون ممن عاشوا فى الجزائر أو اقتربوا منها .. يمتدحون مقومات الشعب الجزائرى .. وتاريخه وتركيبته .. أو قل إنهم ينافقونه .. لكنى لا أستطيع تجاهل كل هذا العنف .. فى مباريات يفترض أنها من أجل المتعة .. كما لا أستطيع أن أتجاهل أن الإرهاب الذى عاشته الجزائر كان عنيفا لدرجة مذهلة .. ودمويا لدرجة لا يمكن تخيل حدودها رغم أنها وقعت .. وقد حصد فى طريقه ما لا يقل عن مائة ألف قتيل .. خلال عقد ونيف من السنوات. والواقع أن هذا القدر الهائل من الجثث الذى يتم إهدارها فى تاريخ أى شعب لايمكن أن يمر .. حتى المليون شهيد الذين أنفقت الجزائر أرواحهم من أجل أن تتحرر لابد أنه رقم يستوقف الجميع .. مع كل التقدير لروح كل شهيد فردا فردا .. وتقديرنا لدوره ومكانة كل منهم فى مواجهة الاحتلال الفرنسى .
ولكن هذا كله لا علاقة له بمصر .. اللهم إلا أن مصر قدمت نوعا من الدعم والتعضيد للنضال الجزائرى فى عملية التحرير .. سلاحا وتمويلا ودعاية ومساندة .. وصولا إلى فيلم خالد مجد سيرة المناضلة جميلة بوحريد .. وهى أمور لا داعى لذكرها لأنها فيما يبدو تضايق الشعب الجزائرى الشقيق .. وتستفز كبرياءه .. إذ إن علينا أن نقول إنه تحرر وحده ولم يعضده أحد .. وهو صانع مجده .. لم يشاركه فيها آخر .. بل إن مصر لم يكن لها وجود أصلا وهو يخوض معركته تلك .. وعلى النقيض من هذا فإن نصرنا فى حرب أكتوبر لم يكن ليتحقق لولا أن الجزائريين قد ساهموا فيه وساعدونا خلاله .. هذا هو ما ينبغى أن نقوله ترضية لهم .. واسترضاء لعنصريتهم.
ومن الواضح أن عملية التحرير كانت تتواصل فى الخرطوم .. الصحف الرسمية الجزائرية تعاملت مع المباراة على أنها جزء من عملية نضال مقدسة .. وإذا كانت صحيفة خاصة قد قالت عن مباراة السبت (خسرنا معركة ولم نخسر الحرب) .. فإن صحيفة الشعب الرسمية .. قالت بالحرف إن فريق الجزائر أبدى (مقاومة بطولية فى ملعب القاهرة) .. واعتبرت أن التأهل فى مباراة الخرطوم .. سيكون (صفعة للفيفا وكل المتآمرين على منتخب الجزائر من الحكم الذى أدار لقاء مصر - رواندا فى الذهاب، وكذا الحكم الذى أدار لقاء الجزائر - رواندا، وكذا الحكم الذى أدار لقاء الجزائر - مصر .. وستظهر الجزائر التى تدفع ثمن نزاهتها وتضامنها مع المظلومين والقضايا العادلة بأنها أقوى ومنصورة بإذن الله) .
فقرة مثل تلك التى مرت تجد فيها عقلية مذهلة .. ترى أن الجزائر تعرضت لمؤامرة من الحكام المختلفين فى ثلاث مباريات .. وأنها - أى لالجيرى- تدفع فى مباريات الكرة ثمن نزاهتها .. والتضامن مع المظلومين .. والقضايا العادلة .. وصولا إلى الادعاء فى فقرة أخرى من المقال إن الفيفا قد أصبح مخترقا بالصهاينة .. وأنه يجامل مصر لأنها وقعت اتفاقية سلام مع إسرائيل.. وإن المباراة تحتاج إلى خطة جهنمية.
الفراعنة.. ومصرائيل
ولست أدرى ما هذا الاستخفاف بالعقول .. وكيف يمكن أن يكون هذا المعنى سائدا فيما بين النخبة الجزائرية .. وتردده أصواتها فى الصحافة .. ويقوله الناس فى تعليقات المنتديات .. بل يصل الأمر حد أن يحمل المشجعون الجزائريون لوحة فى استاد الخرطوم تطالب مصر بأن تفتح معبر رفح .. بل إن يصبح اسم مصر فى ألسنة عدد كبير من الجزائريين هو: (مصرائيل ).. أى كلمة تجمع بين اسم مصر واسم إسرائيل.. ويكتب هذا فى وسائل إعلام ويتم تداوله .. ومن المدهش أن بعضهم كتب أن هزيمتنا فى الخرطوم قد أعادت الفراعنة إلى قبورهم .. أى أننا مجرد أشباح .. ومتنا على أيديهم .. ولم يعد لنا وجود .. كما لو أن هذا سوف ينفى تاريخ حضارة الفراعنة من الوجود.
لا الإخوة فى الجزائر من الفرس الشيعة الذين يريدون فرض الهيمنة على المنطقة العربية .. ولا هم من بين الإسرائيليين الذين يرون فى مصر قيادة تبقى المنطقة حاضرة فى صراع حضارى ممتد مع الدولة العبرية .. ولا ينتمون إلى أصول تعود إلى الهكسوس الذين غزوا مصر قبل ألوف السنين .. ولا هم بينهم وبيننا تراث يعود إلى الحروب الصليبية .. لكنهم يجدون أن عليهم تصفية ثأر تاريخى مع مصر وحضارتها وشعبها .. خارج ملاعب الرياضة .. وفى كل الساحات .. وقد كلفوا أنفسهم بأن يقتصوا للأمة من خيانتنا لها.
إن المشكلة فى الجزائر هى أنها تقدم ذاتها على أنها نصير أكيد للقضية الفلسطينية .. وأنها داعم حقيقى فى مواجهة الصراع الذى يخوضه الفلسطينيون .. ولكن هذا النصير لايترجم عمليا على الرغم من كون هذا الملف كان دوما مثار شعارات ترفعها الدولة فى (لالجيرى) لإقناع الشعب بأنها تقوم بأدوار قومية .. وهذه الأدوار لا يمكن لها أن تترجم على أرض الواقع لأسباب كثيرة أهمها أنه لا توجد فرصة جغرافية .. ومن ثم فقد كانت الجزائر ولم تزل تنحو الاتجاه الأكثر ميلا لشعارات الستينيات .. وهو اتجاه لا يكلفها شيئا.. إذ ليس مطلوبا منها أن تفى بأى التزام إقليمى أو دولى .. لذا تبقى هناك بعيدا فى المغرب العربى تتحدث عن الشعارات دون أن يحاسبها أحد.. وتمارس الخديعة على شعبها.
النضال المزيف
ولم نكن نحن فى مصر نشغل بالنا بما يجرى .. وربما كنا نرى أن قليلا من المزايدات يصلح المعدة الجزائرية .. لكن الذى اتضح فى الأيام الأخيرة هو أن تلك المزايدات قد تراكمت .. وخلقت موقفا داخل الشعب نفسه .. فى (لالجيرى) .. حيث عُبئ كثيرا وطويلا ضد مصر .. وتم تصويرها له على أنها خائنة .. وعلى أنها باعت القضية .. وعلى أن مواقفها المتتالية هى سبب مشكلة عدم تلبية أحلامه بتحقق نصرة الشعب الفلسطينى .. وبالتالى كان من السهل أن تجد لافتات فى استاد أم درمان تطالبنا بفتح معبر رفح .. وكان من الطبيعى أن تجد أن الحرب العنصرية ضد مصر قد أعطت باعا كثيرا لموضوع أزمة غزة .. التى تبين أن كل قيمها ومواقفها لدى الأشقاء فى (لالجيرى) قد بنيت على أساس ما تردده قناة الجزيرة عن مصر وضدها.
وإذا كان هذا العبث النضالى المزيف بالقضية الفلسطينية، من دول تردد أمام شعوبها أنها تخوض الغمار القومى من أجل فلسطين، قد أفرز هذه الحالة، فإن الوقائع تثبت بما لا يدع مجالا للشك أنه قد تم توظيف هذه العنصرية ضد مصر رسميا .. وأنه قد تم استغلال حدث تصفيات كأس العالم بشكل أساسى من أجل تحقيق أهداف داخلية مختلفة .. ربما يكون أهمها هو تأكيد أن الرئيس بوتفليقة يقوم بأدوار عظيمة .. وأنه يذهب بالشعب إلى آفاق نضالية بعيدة .. ففى الجزائر لم تزل تلك الكلمات تتمتع برونق .. وتروى ظمأ الشعب السياسى .. وتبنى عليها الشرعيات الملفقة.
لقد وصف الفوز على مصر بأنه (استقلال جديد) .. وقال كاتب صحفى إن ما فعله الفريق الجزائرى إنما يمهد لنجاحات مستقبلية فى مجالات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية .. بل ذهب إلى حد اعتبار الرياضة (سلطة تتجاوز السلطة السياسية والقضائية والتشريعية) .. وهكذا فإن (التأهل لتصفيات كأس العالم هو ملحمة من صنع القيادة والشعب) .. وأيضا الفوز هو تعبير عن أن (الجزائر تجنى ثمار وقوفها تجاه القضايا العادلة) .. وأضف إلى ذلك أن (التأهل لنهائيات كأس العالم يؤكد مكانة الجزائر الدولية) .. بل إن (على إسرائيل أن تتحسب للإنزال القادم الذى سيقوم به الجمهور الجزائرى من أجل استرجاع حق العرب ).. إن كل هذا هو نقل حرفى من مقال قرأته صباح الخميس فى جريدة الشعب.
كلام مثل هذا هو ضرب من الجنون .. ويكشف بالتأكيد عن عمق المشكلة التى يعانيها المجتمع فى (لالجيرى) .. وحقيقة الأزمة التى تواجهها الدولة مع شعبها .. إذ تريد أن تبيع له حلما لا أثر له .. وأن تشغله بقيمة لم تضفها إليه .. وأن تشاغله بموقع لم يحصده عمليا على المستويات السياسية والثقافية .. وتحاول أن تقنعه أنها إنما تقف على قدر مستوى طموحاته .. فتدخله فى هذه المتاهات وتلك الفخاخ التى فجرت حربا عنصرية وكشفت عن أن العبث قد أدى إلى نشوء حقد رهيب يتراكم يوما تلو آخر داخل النفسية الجزائرية طوال السنوات الماضية.
الأغنى والأفسد
(لالجيرى) هى بالأرقام وكل المقاييس واحدة من أغنى الدول العربية .. مئات من المليارات .. إن لم تكن ألوفا .. موجودة فى خزائن نتجت عن استثمارات الغاز والبترول .. والجزائر كان يمكنها أن تصبح موازيا غربيا للخليج فى المشرق .. لكن هذا لم يحدث .. بل إن أموالا طائلة لا تجد من يستثمرها ولا تتوافر إليه تشغيلها فى هذا البلد الكبير .. الذى يحل ثانيا من حيث عدد السكان بعد مصر بين الدول العربية .. وهو يتميز بمساحة جغرافية كبيرة .. وموارد متنوعة .. وسواحل متوسطية طويلة .. وجيش كبير .. أى كل ما يمكن أن يعين على نشوء نهضة لم تتحقق أبدا.
وهناك أسباب متنوعة تقف وراء هذا .. أهمها قدر هائل من الفساد الأسطورى الذى لا يمكن تجاوزه على الإطلاق فى كل مؤسسات وبنية المجتمع .. فساد يقف إلى جانبه أى فساد آخر كما لو أنه تلميذ صغير .. ولا يمكن مقارنته بأى حالة فى أى بلد يوصف بأنه فاسد أو يعانى من الفساد .
وقد تغلغل الفساد بحيث أصبح يقوم على أسس عريقة فى المجتمع .. من بينها التنازع بين المؤسسات ودور أقطابها وتأثير شخصياتها .. التى يلعب كل منها دورا ما فى ممارسة الخديعة للشعب .. وتوجيهه إلى موضوعات أخرى تبقيه سكران بمسائل معقدة تاريخية .. فينسى ما يجب أن يتحقق له .. وأن التنازع الثقافى فى المجتمع بين هويتين قد تحول إلى تنازع أيضا بين مصالح اقتصادية متضاربة لقوى مختلفة .. وشخوص متصارعة .. والأهم لأن هذه الطبيعة الدموية العنيفة للشعب تجعله عصياً على أن يمكن تطويعه فى اتجاه عمليات تنمية مستقرة ودائمة.
إن الرئيس هناك صاحب دور رئيسى .. وخصوصا أنه ينتمى لجيل توالى على حكم البلد منه عدد كبير من رفاق النضال من أجل التحرر من الفرنسيين .. لكن لا يمكن القول إن هذا الرئيس هو الوحيد الذى يحكم.. فهناك عشرات من الرؤوس الخفية والمعلنة.. ومؤسسات مختلفة على رأسها الجيش.. كل منها يوظف المضمون الإعلامى فى توظيف طاقات الناس العنيفة واستثمارها.. خصوصا بين الطبقات الفقيرة.. من أجل تحقيق أهدافه.. وفى ظل هذا المناخ بدا موضوع الصراع الذى تفجر فى وجه مصر على المستوى الرياضى نوعا من حالات تجسيد العبث الداخلى الجزائرى الذى لم نكن نرى منه شيئا ولانهتم به.
وفيما يبدو فإن البعض اعتقد أنه يمكن ممارسة هذه اللعبة الحاقدة تجاه مصر .. وتفجير تلك الطاقة المدمرة فى نفوس الناس بحيث يمكن إلهاؤها لأشهر جديدة عما يعتمل فى الداخل .. على أساس أن الشقيقة الكبرى لن تقوم برد فعل .. ويمكن امتطاء كرامتها .. دون أن تقدم على عمل نوعى تعترض به على ما يحدث .. وأنها تغفر .. وأنها تتجاوز.. وأن رئيسها حكيم .. ولكن يبدو أن الأمر كان أكبر ممن أطلقوه .. وفجروه .. فانفجر فيهم .. وصار عليهم أن يخوضوا غماره .. فهل هم يقدرون عليه
أحلام ضائعة
إن الحلم الكبير الذى يباع داخليا يفوق طاقة النفوس فى (لالجيرى) على الاحتمال .. لأن مقومات تحقيق الحلم غير موجودة من الأصل .. فى ظل دولة غير قادرة على أن تلبى الاحتياجات رغم توافر الإمكانات المهولة .. وقد تبين فيما قبل أن الصراع الثقافى والسياسى الذى أدى لسنوات طويلة من التطرف والإرهاب كان قادرا على تفجير الدولة .. وقد عطلها بالفعل وأبقاها قيد عدم الاستقرار طيلة تلك السنوات إلى درجة هددت وجود النظام القائم .. وما إن تم التوصل إلى صيغة توافقية لم تنه التطرف .. حتى تم توجيه الشعب إلى أمور أخرى كثيرة .. كانت من بينها كرة القدم .
ولابد أن الجزائرى يسأل نفسه كيف يمكن أن تتوافر لديه كل تلك الإمكانيات وهذا التاريخ .. وهذه الثقافة .. المتنوعة رغم صراعاتها .. وكل هذه الشعارات الملونة البراقة .. ولا يجد نفسه فى مصاف الدول المتقدمة .. ومازال ضائعا تائها غير قادر على أن يلبى أحلامه؟! .. لابد أنه يسأل نفسه: لماذا تتوافر لديه بخلاف الإمكانيات المالية طاقات بشرية عظيمة .. جعلت فى تراثه وقائمة أسمائه اللامعة الأمير عبدالقادر قائد النضال الكبير ضد الفرنسيين .. ومالك بن نبى المفكر الكبير .. والطاهر وطار المثقف المعروف .. والطاهر بن جلون الروائى الكبير .. ووردة المصرية - الجزائرية .. والشاب خالد .. ومحيى الدين عميمور .. وغير ذلك ورغمه لايمكنه أن يشعر بالتحقق.
كيف يمكن له حتى الآن ألا يقوى على رفع صوته .. ألا يقول رأيه فيحترم .. أن يبقى فى مجتمع غير ديموقراطى .. أن تظل حياته قيد الرقابة .. أن يوصف بأنه مناضل دون أن يكون لديه نضال حقيقى .. أن يقال له أنه يقف إلى جانب القضايا العادلة دون أن يكون هذا الوقوف ملموسا وليس مجرد وهم وسراب .. أن يكون شعبا كبيرا .. ولكن ليس له تأثير حقيقى .. أن يكون له تاريخ ولكنه لايلمح المستقبل .. أن تكون لديه مقومات الاقتصاد ولكن لا يوجد اقتصاد .. أن تكون لديه مقومات الثقافة ولكن لاتوجد ثقافة .. أن تكون فيه القدرات المبدعة ولكن فنه غير مؤثر وغير واضح.
أسئلة الواقع
أسئلة كثيرة .. الإجابة عنها تؤدى إلى مزيد من الاصطدام بالواقع .. ومن ثم تتفجر موجات العنف .. وتسيل الدماء .. وتظهر الأحقاد .. وتنكشف مشاعر الغل .. التى كان أن وجهتها الدولة إلى مصر .. وفجرتها فى وجه الشقيقة الكبرى التى بالتأكيد سوف تتجاهل وتترفع وتتجاوز .. دون أن يعمل الأشقاء فى (لالجيرى) حسابا لقاعدة: اتق شر الحليم إذا غضب. وفيما يبدو فإن عملية التثوير وتفجير الحقد قد استغلت كل أحلام الجزائرى العادى .. وأمنياته لنفسه .. فهو يريد أن يتكلم .. ومن ثم منحت له كل الفرص لكى يعبر عن طاقاته فى الكلام عن الكرة .. وهو يريد أن يتواجد .. فصب جام غضبه على ما تملكه مصر من قنوات فضائية حتى إن بعضهم كتب فى أحد مقالاته ما يعبر عن الحسد على الأرائك المزركشة فى استديوهات القنوات المصرية .. وهو يريد أن ينتشر .. ولا يملك القدرة .. فلعنوا المسلسلات المصرية ولوحوا بإنهاء التعاقد مع منتجيها .. وهو يريد أن يقول إن له دورا .. فوجهت رغبته إلى ملاعب المونديال .. وهو يريد أن يقول إنه يحارب .. فوصف فريقه بأنه (محاربو الصحراء) .. وهو يريد أن يقول إنه صاحب إنجاز حضارى .. فأكدوا له أنه قد أعاد الفراعنة إلى القبور ومن ثم ليس عليه أن يشغل باله بالمقارنة معهم .. لقد انتهوا تماما .
إن المسألة لم تكن مجرد مجموعة صحف تريد أن ترفع معدلات توزيعها فى الجزائر (بالفعل ارتفع توزيع جريدة الشروق الجزائرية إلى مليون ونصف المليون نسخة).. بل كانت حالة شاملة لها أبعاد سياسية وفنية وثقافية .. وقد وصل الأمر إلى حد أن انشغل (الراى) الجزائرى .. وهو فن موسيقى معروف .. قدم للجمهور العربى الشاب خالد وغيره .. إلى حد أن هذا الراى قد دخل المعركة .. وأنتجت أغانٍ تشتم المصريين .. ومنها أغنية الشاب سلطان (المصرى قلبوا ضرو) .. وقد تنبأ فيها أن المدرب سعدان سوف يتوج فرعونا فى القاهرة .. وآخر اسمه فارس ولد العملة يريد فى إحدى أغانيه فتح نفق ما بين الجزائر والجيزة حتى يتجاوز الجزائريون مشكلة الحصول على تأشيرة لكى يأتوا إلى القاهرة بدون إجراءات!!
ووصل الأمر أيضا إلى درجة أن كاتبة جزائرية معروفة هى (أحلام مستغانمى) .. وهى من النوع الجرىء .. التى تعيش خارج بلدها .. وأشهر كتبها (عابر سرير) .. رأت أنه كان على الرئيس مبارك أن يلتقى الفريق الجزائرى فى مطار القاهرة .. كما لو أنها صدقت ما تردده أغانى الراى عن الفريق حين تصف لاعبيه بأنهم (جلاديتورز) أى مصارعين من العصر الرومانى السحيق .. وكما لو أنه فريق من رؤساء الدول .
لقد كشفت تلك الأحداث أن علينا أن ننتبه إلى كثير مما يعتمل فى مجتمعات عربية شقيقة ضدنا .. وأن علينا ألا نتهاون فى حقوقنا .. وأن نطالب بها .. فإذا كان الحقد قد بلغ هذا المدى وتلك الدرجة من التوظيف ضد مصر .. فلا توجد مبررات إذن لكى نواصل الترفع والتعالى عما كنا نعتقد أنه أمور صغيرة لا يلتفت لها الكبار .. وحقنا هذا الذى أهدر فى السودان على أيدى مجموعة من البلطجية المرعيين رسميا من الدولة الجزائرية معلق فى رقبة الرئيس الجزائرى بوتفليقة .. الصامت حتى الآن .. والذى يعرف أن عليه أن يعتذر .. وأن على بلده أن يعتذر .. وأن كل ما تعرض له المصريون فى الجزائر وفى السودان يجب أن تدفع تعويضات مقابله .. ليس علينا أن نسكت مرة ثانية على مثل هذا العبث.
كما أننا نطالب جامعة الدول العربية بأن تحاكم - ولو معنويا - كل من مارس هذه الحملة العنصرية ضد مصر.. فى الجزائر.. محاكمة تمنع تخوين الشعوب والأشقاء وتسمى بلادهم مصرائيل!
عبد الله كمال
يمكنكم مناقشة الكاتب وطرح الآراء المتنوعة علي موقعه الشخصي
www.abkamal.net
أو علي موقع المجلة :
www.rosaonline.net/weekly
أو علي المدونة علي العنوان التالي:
http//:alsiasy.blogspot.com
Email: [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.