تعليم الإسكندرية تستقبل وفد الوكالة الألمانية    اليوم .. سعر الذهب يسجل أعلى مستوى فى التاريخ 5322 جنيها    قطر تعلن توجه وزير الخارجية إلى شرم الشيخ للانضمام إلى مفاوضات غزة    6 أكتوبر.. أبطال الظل من "الهجان" إلى "مروان"!    الخطيب يدرس ترشيحات المدير الفني الجديد للأهلي والإعلان خلال ساعات    Number 1 برنامج رياضي جديد ل محمد شبانة على CBC بدءًا من الأحد    قائمة الممنوعين من السفر لحج القرعة لعام 2026 .. تعرف عليهم    رئيس الوزراء يتفقد سير العمل بمشروع حدائق «تلال الفسطاط»    حدث بالفعل .. عالم يكتشف فوزه بجائزة نوبل خلال رحلة فى البرية للتخلص من إدمان الهواتف الذكية    الكشف على 937 شخصا خلال قافلة طبية بقرية السلام في الإسماعيلية (صور)    مدبولي: استضافة مصر لقاءات بين حماس وإسرائيل دليل على قوتنا الإقليمية    هل نستقبل شتاء لم نشهده منذ 20 عاماً؟ .. الأرصاد تُجيب وتكشف حالة الطقس    قبل مغادرته.. البابا تواضروس يُدشّن كنيسة أُنشئت بأمرٍ ملكي في عهد الملك فاروق قبل أكثر من 80 عامًا    إزالة قاعة أفراح مقامة على أرض أملاك دولة في المنوفية    احتفالًا بذكرى نصر أكتوبر.. مكتبة مصر العامة بالإسماعيلية تنظم معرض «صمود شعب» بالأعلى للثقافة    4 أبراج روحهم في مناخيرهم.. العصبية جزء من شخصيتهم    رئيس الوزراء: الاحتياطي من العملة الصعبة تجاوز 49.5 مليار دولار    بحضور شخصيات عامة وسياسية.. أسماء زعفان تناقش رسالة الدكتوراة في طب الأطفال    محافظ الغربية يفتتح الملعب القانوني الجديد بنادي السنطة بتكلفة 797 ألف جنيه    شعبان يحيى: نستلهم روح انتصار أكتوبر فى بطولة العالم لرفع الاثقال البارالمبى    وزير الرياضة يطمئن على بعثة منتخب رفع الأثقال المشاركة في بطولة العالم بالنرويج    وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يزور مدرسة WE للتكنولوجيا التطبيقية (صور)    غداً.. موعد طرح أغنية «واحد اتنين تلاتة» ل محمد رمضان| فيديو    «في الحادية عشرة من عمري».. ماذا قال الدكتور أحمد عمر هاشم عن أول خطبه له؟ (فيديو)    كشف غموض اقتحام 3 محال تجارية في قنا    مجلس جامعة حلوان يستهل جلسته بالوقوف دقيقة حداد على روح رئيس الجامعة الأسبق    مدير الإغاثة الطبية في غزة: المساعدات الطبية لم تكن يومًا كافية والمأساة تفوق الإمكانيات    روسيا تحث الغرب على وقف نهج المواجهة وتحمل مسؤوليتها لإعادة إعمار أفغانستان    بمشاركة مصرية.. انطلاق برنامج الزمالة التقنية للشباب العربي 2025    توزيع جوائز مسابقة أفضل مقال أو دراسة نقدية حول الأفلام القصيرة جدًا بأكاديمية الفنون.. غدًا    أسماء جلال من كواليس «فيها إيه يعني؟»: «كل واحد يخليه في حاله»    «أشرف زكي» نجم نجوم مهرجان نقابة المهن التمثيلية الذي اختار «ظل الكواليس»    «بصلي وبصوم وبسرق وعاوزة أكفر عن ذنبي».. أمين الفتوى يجيب    رمضان عبد المعز: الإيمان بأقدار الله يُريح الروح ويُهدي القلب    ما حكم سب الدين عند الغضب؟.. أمين الفتوى يُجيب    بيان رسمي من برشلونة بشأن افتتاح ملعب كامب نو    خاص.. كيشو ممنوع من تمثيل أي دولة أخرى غير مصر حتى يناير 2028    تُدشّن مبادرة الكشف المبكر عن أمراض سوء التغذية لطلاب المدارس بالمنوفية..صور    «فوائد بالجملة».. ماذا يحدث لجسمك عند تناول كوب من الشاي الأخضر في الصباح؟    سكرتير عام المنيا يتابع معدلات تنفيذ المشروعات التنموية    بسبب معاكسة فتاة.. إصابة شخصين في مشاجرة بالأسلحة البيضاء في أوسيم    وزير الخارجية يلتقي رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري    بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم: أحمد عمر هاشم خدم كتاب الله وساند المسابقة    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 7 اكتوبر 2025 فى المنيا    قطاع الأمن الاقتصادي يضبط 2691 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    طاقم تحكيم مصري لإدارة مباراة أولمبيك أسفي والملعب التونسي في الكونفدرالية    مدبولي يوجه بتوفير التغذية الكهربائية للمشروعات الزراعية الكبرى    اليونيسيف: أطفال غزة يعيشون رعبا ينبغي ألا يواجهه أي طفل    كيروش: مواجهة قطر صعبة.. ونطمح للانتصار في بداية مشوار التأهل    رحيل مداح النبي، لمحات من حياة الدكتور أحمد عمر هاشم بعد وفاته (بروفايل)    الأهلي يحيل ملف ثلاثي الفريق إلى لجنة التخطيط لحسم مصيرهم    محافظ بورسعيد للطلاب: عليكم بالتمسك بالأخلاق الحميدة التي يرسخها الأزهر الشريف    وكيل صحة بني سويف يشيد بدور التمريض: العمود الفقري للمنظومة الصحية    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 5 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    ضبط 99 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    وزير الخارجية: نثق في قدرة الرئيس ترامب على تنفيذ خطة غزة    مفاجآت فى واقعة اختفاء لوحة أثرية من مقبرة بسقارة.. فيديو    أسعار اللحوم الحمراء اليوم الثلاثاء 7 أكتوبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كتاب مدهش وتاريخ لم يقرأ
نشر في الشروق الجديد يوم 01 - 07 - 2025

أدين للصديق الإعلامى عمرو خفاجى، رئيس تحرير الشروق السابق، بأشياء كثيرة آخرها لفت نظرى إلى كتاب مهم لم يكن ليثير اهتمامى بسبب عنوانه الذى يبدو غريبًا على القارئ المعاصر، وهو (السياسة الأمينة بأخبار من سكن المدينة).
وزاد من شغفى أن الكتاب ذاته بدا بعيدًا عن الإنتاج العلمى السابق لمؤلفته الدكتورة زينب أبوالمجد، وهى أستاذة مصرية للتاريخ فى جامعة أوبرلين الأمريكية، درست فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بالقاهرة ثم حصلت على الدكتوراه من جامعة كاليفورنيا فى موضوع أقرب للتاريخ الحديث وليس التاريخ الإسلامى الذى ذهبت إليه فى كتابها الأحدث وهو موضوع هذا المقال.
قبل هذا الكتاب تُرجم كتابها «إمبراطوريات متخيلة - تاريخ الثورة فى صعيد مصر»، إلى العربية عن طريق المركز القومى للترجمة بحماس من الصديق أحمد زكى عثمان، الخبير الإعلامى فى الصليب الأحمر، وضم رسالتها إلى الدكتوراه وآثار اهتمامًا كبيرًا من قبل المهتمين بتاريخ الصعيد، لأنه يغطى حوالى 500 سنة من تاريخه وينبش فى حوادث مجهولة.
غير أن كتابها الجديد الصادر عن دار المرايا فى مصر يعالج موضوعًا يندر أن تجد كتابًا حوله فى مصر، وهذا الموضوع هو قصة قبر الرسول عليه الصلاة والسلام فى مسجده بالمدينة المنورة وعلاقته بتاريخ المسلمين من زواية وثيقة الصلة بتاريخ النساء وحركة التطور العمرانى وما يسمى بالعمران البشرى أو ما يسمى الآن بالهندسة الاجتماعية أيضًا.
كم كان مثيرًا ما روته مؤلفة الكتاب من أنها تفرغت للبحث فى كل ما يخص المقبرة طوال 3 سنوات، بسبب شغفها بمحاضرة قدمها أحد الناشطين السعوديين عبر الإنترنت كشف فيها عن مؤرخ كانت تسمع باسمه للمرة الأولى، وهو نور الدين السمهودى، الذى يعد من أوائل من كتبوا عن تاريخ وعمارة المدينة المنورة.
تتبعت أبوالمجد بدأب حقيقى سيرة الرجل وما كتب حوله واكتشفت من خلاله أن قبر الرسول (ص) لم يفتح بعد وفاته سوى مرة واحدة، وقد ظل مغلقا طوال 800 عام، ولم يفتح إلا فى 881 هجرية و1476 ميلادية بأمر من السلطان الأشرف قايتباى الذى اتخذ قرارًا ثوريًا بترميم القبر الذى أُغلق بعدها رويضة، إلى جانب رفات الرسول -أيضًا- رفات اثنين من خلفائه، وهما أبوبكر الصديق وعمر بن الخطاب، رضى الله عنهما.
يكشف الكتاب تفاصيل عملية الترميم التى جرت عبر معمارى مصرى له اسم غامض وغريب يماثل أبطال ألف ليلة وليلة وهو شمس الدين بن الزمن.
ومن اللافت -أيضا- أن قرار الهدم كان أمرًا سلطانيًا أرسل من القاهرة معززا بالمهندسين والعمال لتنفيذه، وقد وجد -أيضًا- مقاومة ورفض شديدين من علماء المدينة إلا أن قايتباى عد قراره مسألة لا رجعة فيها التزامًا بمسؤليته تجاه دينه قبل أى أمر آخر.
سجل السمهودى ما راه فى كتابه (وفا الوفا بأخبار دار المصطفى)، وحاولت زينب أبوالمجد تقليده وكتبت عنوانا ينتمى إلى نفس النسيج انسجامًا مع ما جمعته من مادة.
ربما يعلم البعض أن الغرفة التى بناها الرسول الكريم لكى تكون بيتا للسيدة عائشة أصبحت ضريحًا ضم رفاته فيما بعد.
ومن خلال المادة التاريخية التى جمعتها من مصادر تراثية خالصة قدمت رواية مغايرة لأدوار النساء فى فترات شائكة خلال سنوات الخلفاء الراشدين وبالذات فى الفتنة الكبرى.
يقول الكتاب ببساطة إن النساء لم يكن بعيدات عن المشهد بل على العكس كن فاعلات تماما بما يدحض الرؤى التى تصور المجتمعات الإسلامية كمجتعات راكدة.
وتظهر مساحات إنسانية مطمورة تخص صور التنافس أو الغيرة وطبيعة الحياة بين النساء داخل مجتمع المدينة وتحررها من الصور المعتادة.
وتكشف أبو المجد من جديد الأدوات التى استعملها الرسول الكريم لتثبيت دعائم دولته وصورته كنبيّ وحاكم سياسى يقود دولة ناشئة لها رسالة عالمية كما تبرز جانبًا مجهولًا لم يسلط عليه الضوء بشكل كافٍ، وهو الجهود المبكرة لحركة التخطيط العمرانى فى المدينة عقب هجرة الرسول.
كما قدمت المؤلفة مقاربات فى منتهى الجدية حول موضوعات شائكة بنت سرديات مغايرة وبديلة حول نساء النبى ووضعية النساء فى المسجد، وكيف تطورت وظيفته داخل الحضارة الإسلامية.
أهم ما فى دراسة أبوالمجد أنها جاءت عبر تعامل مباشر مع مادة أرشيفية وتراثية لم تسقط عليها أية رؤى حديثة محملة بعبء الإيديولوجية رغم الاستفادة من دراسات معاصرة حول الجندر أو النوع الاجتماعى أو دراسات تاريخ النساء أو دراسات التاريخ البديل كما اطلعت على ما قدمته باحثات بارزات سبقن إلى تناول نفس القضايا منهن أميمة أبوبكر وفاطمة المرنيسى أو هدى الصدة وألفة يوسف وأخريات فاعلات فى مجموعات بحثية معروفة أحدثها حركة مساواة فى ماليزيا والتى تُرجم عن أعمالها كتاب مهم نشرته الكتب خان بعنوان (العدل والإحسان) وضم أبحاثًا مهمة لملكى الشرمانى وسارة مارسو وزينة أنور وأخريات.
وبحكم قاطع، فإن الكتاب الفريد فى مادته الشيقة الخالية من التعقيد يعمل على اكتشاف المدونات التراثية وانطلاقا منها يقوم بخلخلة صور الهيمنة الذكورية من داخل كتب التراث والأحاديث وكتب السيرة النبوية والتفاسير وتبنى المؤلفة منها كولاجًا فريدًا حول تاريخ الإسلام تقاوم عمليات تنميطه سواء جرت من داخل المجتمعات الإسلامية أو من خارجها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.