مع استمرار العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة المحاصر، في شهره الخامس على التوالي، منذ السابع من أكتوبر الماضي، مازالت غزة تعاني من كارثة إنسانية، حيث ضاعف العدوان الإسرائيلي على القطاع الألم الإنساني والاقتصادي لسكان القطاع الذين يعتمد نحو 80% منهم على المساعدات الدولية. وتسبب العدوان الإسرائيلي، الذي يندد به العالم أجمع، في استشهاد أكثر من 28 ألف فلسطيني داخل قطاع غزة، فضلا عن تدمير البنية التحتية ومصادر دخل سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة. وتسببت الحرب في تدمير نحو 90% من المنشآت الاقتصادية في غزة، في حين أكدت الحكومة أن الخسائر الأولية المباشرة تجاوزت 15 مليار دولار، وأكدت الأممالمتحدة أن اقتصاد غزة يحتاج نحو 70 عاما للعودة لمستوياته قبل الحرب في عام 2022. ولكن، كيف يمكن أن يستعيد قطاع غزة عافيته بعد العدوان الغاشم؟ وما هو حجم الالتزام المالي المطلوب من أجل دعم عملية تعافي الاقتصاد في غزة، وإعادة الإعمار بعد انتهاء العدوان الغاشم؟ أصدر مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد" تقريرا عن التدهور الاقتصادي والاجتماعي في غزة منذ بدء العدوان الإسرائيلي الغاشم في السابع من أكتوبر الماضي، حيث رصد ملامح التدهور على القطاع المنكوب. وأكد التقرير أن استعادة الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي كانت سائدة قبل بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ستستغرق عقودا من الزمن، وتتطلب مساعدات خارجية كبيرة. وقف العدوان فورا وبدء إعادة الإعمار وحدد الشروط اللازمة لتعافي اقتصاد غزة، وبداية هو وقف العدوان فورا، وبدء إعادة الإعمار، والتدخل الكبير المطلوب من الدول المانحة والمجتمع الدولي في تمويل إعادة الإعمار بشكل كبير. وأكد أنه يجب دمج قطاع غزة والضفة الغربية تحت مظلة واحدة، وذلك يساعد للوصول إلى حل سياسي عبر حل الدولتين، وفي أحسن الأحوال، وإن نُفذت جميع الشروط، سوف يستغرق القطاع، مع نمو مستمر بمقدار 10%، حتى عام 2035 للعودة للمستويات التي كان عليها في 2006 أي قبل الحصار الاسرائيلي على القطاع. وحذر التقرير من أن العودة إلى ما كان سائدا أو الوضع القائم قبل أكتوبر من عام 2023، لا يجب أن يكون خيارا مطروحا على الطاولة، حيث إن الاقتصاد في غزة في 16 عاما نما بمقدار 1% فقط، وكان معدل النمو في قطاع غزة خلال الستة عشر عاما الماضية هو 0.4% فقط. على المجتمع الدولي التدخل بشكل عاجل وإذا حدث ذلك فإن عودة الاقتصاد أو الناتج المحلي لمستوياته التي كان عليها عام 2022، يحتاج فترة من الزمن تمتد حتى عام 2092، ولكن يرى التقرير أنه ليس مطروحا على الطاولة حيث إن الأزمة الإنسانية هي شيء غير مسبوق، ولذا فعلى المجتمع الدولي الآن أن يتدخل بشكل عاجل لإنهاء الحرب لإيجاد حل جذري لهذه الدائرة المفرغة من العنف في الأرض الفلسطينية المحتلة من خلال حل الدولتين. وحذر خبراء الاقتصاد من أنه "لا لأنصاف الحلول حيث إن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة يعاني وسوف يظل يعاني إلى عقود لاحقة إذا ظل الوضع على ما هو عليه". أضعاف ما كان مطلوبا في 2014 وعن الالتزام المالي المطلوب من أجل دعم عملية تعافي الاقتصاد في غزة، أكد التقرير أنه أصبح أضعاف ما كان مطلوبا بعد العدوان الإسرائيلي في عام 2014، والذي كان 3.9 مليار دولار فقط لإعادة البناء. وأكد خبراء الاقتصاد في تقرير للأمم المتحدة، أن حجم الدمار غير المسبوق الموجود الآن في غزة وحجم المأساة الإنسانية تستوجب دعما ماليا بأضعاف الدعم الذي كان مطلوبا في 2014 فقط، لتلبية الاحتياجات الإنسانية في قطاع غزة حاليا، ولإعادة الإعمار بشكل جاد مع فتح المعابر، وإنهاء الحصار على قطاع غزة. وأيضا إعادة دمج القطاع مع الضفة الغربية تحت إطار واحد لبناء مؤسسات أقوى تستطيع قيادة إعادة الإعمار في غزة. دعم سياسي غير مسبوق من المجتمع الدولي ووفق تقرير الأممالمتحدة، فإن الخطوات اللازمة تستوجب دعما سياسيا غير مسبوق من المجتمع الدولي لإنهاء التدمير الاقتصادي، الذي تشهده غزة المنكوبة. وقال الخبير الاقتصادي رامي العزة، في مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد": يجب أولا وثانيا وثالثا إنهاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والتوصل من خلال حل الدولتين إلى حل جذري للمشكلة. ولفت العزة إلى حديث الأمين العام للأمم المتحدة في إحاطته أمام مجلس الأمن بأن أزمة غزة تعود إلى عام 1967 والاحتلال الإسرائيلي و17 عاما من الحصار على القطاع، والآن الدمار غير المسبوق. وأكد أنه يجب التحرك العاجل وبجدية على كل المستويات الإنسانية والتمويلية والسياسية لإيجاد حل جذري لما يحصل في قطاع غزة.