أعرب مصدر بمنظمة سياسية دولية موجودة فى غزة والأراضى الفلسطينية عن «الانزعاج الشديد» من تنازل الرئيس الفلسطينى محمود عباس «عن السعى لإدانة إسرائيل على الأقل لما ارتكبته بحق مواطنيه» من الفلسطينيين فى غزة خلال الحرب الأخيرة نهاية العام الماضى وبداية العام الجارى. وقال «إن قرار (عباس) خاطئ وستكون هناك تبعات مضرة له ولحركة فتح وللتوازن السياسى الفلسطينى الداخلى». وحسب المصدر نفسه الذى تحدث مشترطا عدم ذكر اسمه أن هناك أسبابا معقدة وراء قرار عباس مطالبة مجلس حقوق الإنسان الدولى فى جنيف أمس الأول إرجاء مناقشة تقرير القاضى ريتشارد جولدستون الذى انتقد الانتهاكات الإنسانية بحق المدنيين الفلسطينيين خلال حربها الأخيرة على قطاع غزة المحاصر والتى وصف التقرير بعضها بأنها تصل إلى جرائم حرب مباشرة ومتعمدة. وقال المصدر إن «الأمر ليس سرا» لأن أبناء شخصيات قيادية فى السلطة الفلسطينية لديهم مصالح اقتصادية «هائلة» يمكن لإسرائيل عرقلتها، كما أن إسرائيل لديها ما يثبت قيام جهاز الأمن التابع للسلطة الفلسطينية بتوفير معلومات لإسرائيل «فى إطار التعاون الأمنى» الموثق بين الجانبين حول نشاطات المقاومة الفلسطينية فى غزة. وأضاف أن «تهديدات» رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو بوقف التعاون مع المنظمات الإغاثية الدولية و«تجميد» التجاوب مع الجهود الأمريكية الهادفة لاستئناف التفاوض دفعت بعباس لاتخاذ هذا القرار. وحسب المصدر نفسه، فإن هذا القرار «سيتسبب فى كارثة إن لم يكن الآن فسيكون فيما بعد» لأن «كوادر حماس» لن تقبل بمثل هذا الأمر وستلجأ لاحقا إلى «الانتقام» من كوادر فتح لدماء الفلسطينيين من «أهل غزة» التى تديرها حماس منذ أكثر من عامين. وقال المصدر إن المصالحة الفلسطينية التى تقوم مصر الآن بإنجازها ستكون مهددة بسبب «الضغينة» التى أصبحت «متعمقة بل وربما غير قابلة للعلاج» بين حماس فى غزة وفتح التى يترأسها عباس وتسيطر على السلطة الفلسطينية فى الأراضى الفلسطينية بالضفة الغربية. وقد تسبب القرار «بصدمة وإحباط شديدين» للوفود العربية والإسلامية والأفريقية التى كانت تعمل بجد لجمع أصوات مؤيدة لتحويل التقرير الحقوقى لمجلس الأمن الدولى لمحاولة استصدار إدانة دولية لارتكاب إسرائيل جرائم حرب بحق الشعب الفلسطينى الأعزل والمحاصر فى غزة. وقال مصدر تحدث ل«الشروق» من جنيف شريطة عدم ذكر اسمه «إن ما قام به عباس فضيحة سياسية وأخلاقية كبرى.. لقد نزل قراره ك«دش بارد، وأصابنا بالوجوم». وفى الوقت نفسه علمت «الشروق» أن عواصم عربية أبلغت عباس احتجاحها من هذا القرار، وقال مصدر سورى رفض ذكر اسمه إن قرار عباس تم بالتشاور مع عدد من الدول العربية الداعمة لمثل هذا التوجه. ومن ناحية أخرى، قال محمد دحلان المفوض الإعلامى للجنة المركزية لحركة فتح إن حركته تعارض تماما تأجيل عرض تقرير جولدستون على الأممالمتحدة وطلبت عقد اجتماع لمركزية فتح أمس، للبحث فى أسباب طلب أبومازن هذا التأجيل. وكان وزير الاقتصاد الفلسطينى باسم خورى قدم استقالته احتجاجا على أداء الوفد الفلسطينى فى مجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان بشأن التقرير الذى ينتقد إسرائيل.