مبارك أمين لجنة السياسات فى الحزب الوطنى الديمقراطى ورئيس المجلس الأعلى للسياسات فى الحزب أصبح قاسما مشتركا فى أى تقرير عن قضية توريث السلطة فى العالم كما أنه حاضر دائما فى أى تقرير عن مستقبل الحكم فى مصر سواء صدر هذا التقرير عن جهة أجنبية رسمية أو عن مركز أبحاث أو عن كاتب رأى فى إحدى الصحف. وتحت عنوان «صعود التوريث فى العالم» نشرت مؤسسة «أكسفورد أنلاتيكا» البحثية البريطانية تقريرا قالت فيه إن السنوات القليلة الماضية شهدت رغبة متزايدة من جانب رؤساء وحكام العديد من دول العالم الثالث فى الاحتفاظ بالسلطة داخل أسرهم رغم أنهم يحكمون جمهوريات وليست ممالك. وأشار التقرير إلى أن العالم وعلى مدى عشرات القرون عرف انتقال السلطة من الحاكم إلى الوريث الشرعى فى ظل أنظمة حكم ملكية. ولكن القرن الحادى والعشرين شهد ظهور «الجمهوريات الملكية» التى كان استمرار الرؤساء فى السلطة مدى الحياة العامل الرئيسى فى ظهورها. فاستمرار الرئيس فى السلطة سنوات طويلة وصلت إلى 40 عاما بالنسبة للرئيس الجابونى الراحل عمر بونجو أو نحو 30 عاما بالنسبة للرئيس حسنى مبارك وغيرهما فتح الباب أمام صعود أنجال هؤلاء الرؤساء على سلم السلطة وتطلعهم إلى خلافة آبائهم. واستعرض التقرير عمليات التوريث الناجحة بدءا بما جرى فى سوريا عندما رحل الرئيس السورى حافظ الأسد فجأة فى يونيو عام 2000 حيث استطاعت الطبقة الحاكمة فى دمشق استيعاب المفاجأة سريعا وعقدت اجتماعات عاجلا لتعديل الدستور بهدف خفض سن رئيس الجمهورية بما يتناسب مع سن طبيب العيونبشار الأسد الذى كان ترتيبه الثانى «فى ولاية العهد» بالجمهورية السورية حيث كان المرشح الأول الابن البكر للرئيس باسل الأسد الذى مات فى حادث سيارة ليتجه الرئيس الأب إلى ثانى أبنائه بشار فيلحقه بالجيش كضابط طبيب ويفتح له أبواب القصر. ومن سوريا انتقل تقرير «أكسفورد أنلاتيكا» جمهورية الكونغو الديمقراطية التى شهدت فى يناير 2001 اغتيال الرئيس لورين كابيلا ليقفز ابنه جوزيف كابيلا سريعا إلى السلطة بعد اعتقال المتورطين فى عملية الاغتيال. وشكل كابيلا الابن حكومة تكنوقراط حصلت سريعا على اعتراف المجتمع الدولى بعد تعهد جوزيف كابيلا بالالتزام بعملية السلام فى الكونغو. وفى عام 2003 كان العالم على موعد مع سيناريو جديد للتوريث فى أذربيجان حيث تولى إلهام عالييف الرئاسة خلفا لوالده حيدر عالييف أول رئيس للجمهورية بعد انفصالها عن الاتحاد السوفييتى السابق عام 1991. وعندما فاز عالييف الابن بالرئاسة فى انتخابات منتصف 2003 شن حملة قمع عنيفة ضد المعارضة التى اتهمت الحكومة بتزوير الانتخابات. ولكن تقرير أكسفورد أنلاتيكا التى تأسست عام 1975 كمركز أبحاث مستقل يقول إنه بغض النظر عن الاتهامات بالتزوير فإن فرص عالييف الابن فى الفوز بالرئاسة كانت قوية بفضل سيطرة الحكومة على وسائل الإعلام وكل مظاهر الحياة من ناحية وبفضل شعبية والده الذى نجح فى وضع أسس الطفرة الاقتصادية التى تحققت بفضل اكتشاف كميات كبيرة من النفط والغاز فى البلاد. كما يحظى إلهام عالييف بدعم الدول الغربية التى تريد تأمين مصالحها النفطية والغازية فى أذربيجان. وأسرع قطار التوريث فى أفريقيا عام 2005 عندما مات الرئيس التوجولى جناسينبى إيديما فى شهر فبراير وكان الدستور يقضى بتولى رئيس البرلمان الرئاسة المؤقتة ليدعو إلى انتخابات رئاسية خلال 60 يوما. لكن الجيش انقلب على الرئيس المؤقت فى توجو وعدل الدستور لتخفيض سن الرئيس من 40 عاما إلى 35 عاما وهو ما فتح الباب أمام فور جناسيبى لخوض الانتخابات الرئاسية والفوز بها. واعترض المجتمع الدولى على فوز فور جناسيبى إيديما بالرئاسة وطالب بإجراء انتخابات رئاسية جديدة فاز فيها فور مرة أخرى. وأخيرا وصل قطار توريث السلطة إلى الجابون التى رحل رئيسها العتيق عمر بونجو بعد 40 عاما من الحكم فى يونيو الماضى ليقفز ابنه على بونجو إلى الرئاسة عبر انتخابات مازالت تلاحقها اتهامات التزوير والتلاعب. وعندما انتقل تقرير المؤسسة البحثية التى تمتلك مكاتب فى واشنطن وباريس ونيويورك وكيبيك ودبى من قائمة «الوارثين» الفعليين إلى قائمة «الوارثين المنتظرين» تصدرت مصر القائمة حيث أشار إلى وجود صعوبات شديدة تواجه سيناريو التوريث فى مصر بسبب ما يعتبره التقرير معارضة داخل النخبة الحاكمة نفسها. كما أشار التقرير إلى دراسة سابقة كانت قد نشرتها المؤسسة فى مايو الماضى عن تأثير جماعة الإخوان المسلمين باعتبارها أكبر قوة معارضة فى مصر على سيناريو التوريث المحتمل. ومن مصر انتقل التقرير إلى اليمن التى يدور الحديث فيها عن الدور المتزايد للعقيد أحمد على عبدالله صالح نجل الرئيس وقائد قوات الحرس الجمهورى فى اليمن. وقال التقرير إن الرئيس على عبدالله صالح الذى يواجه تحديات أمنية وسياسية خطيرة سواء بالنسبة لتمرد الشيعة الحوثيين فى الشمال أو تنامى المعارضة السياسية فى الجنوب اتخذ العديد من الإجراءات الرامية إلى إضعاف المعارضة تمهيدا لاستخلاف ابنه. السيناريو نفسه يتكرر تقريبا فى ليبيا حيث يتنامى نفوذ سيف الإسلام القذافى نجل الزعيم معمر القذافى. ورغم أن القذافى الابن يتحدث كثيرا عن ضرورة الإصلاح السياسى فى ليبيا فإن كل المؤشرات تقول إن سيف الإسلام يتحرك فى اتجاه الرئاسة عبر مسارات عديدة مرتديا عباءة الإصلاح. وإلى الجنوب من ليبيا يسعى عبدالله واد إلى ترتيب الأمور لنجله كريم واد رغم كل الاتهامات التى تطارد الابن بسبب تصرفاته غير المسئولة على المستوى الشخصى. ومن المنتظر أن يتم ترشيح كريم واد عن الحزب الديمقراطى السنغالى الحاكم فى الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2012. وأخيرا يصل الحديث أوزباكستان التى يحكمها الرئيس إسلام كريموم ويبلغ عمره 71 عاما. فالرجل عدل الدستور لكى يستمر فى الحكم مدى الحياة وفى الوقت نفسه يعد ابنته جلنار كريموف لخلافته. ويرى التقرير أنه كما تهدد المعارضة الداخلية سيناريو التوريث فى مصر فإن الانقسامات الداخلية فى أوزباكستان قد تقطع الطريق أمام جلنار التى لا يزيد عمرها على 37 عاما الآن. وإذا كان العديد من الأسماء التى تناولها تقرير «أكسفورد أنلاتيكا» معروفة للكثيرين فإن جلنار كريموف تحتاج إلى إلقاء مزيد من الأضواء عليها. فقد أنهت دراستها الجامعية فى جامعة طشقند للدراسات الاقتصادية قبل أن تحصل على ماجستير فى الآداب من جامعة هارفارد ثم دكتوراه فى العلوم السياسية من جامعة الاقتصاد والدبلوماسية فى طشقند. المفارقة أن الرئيسة «المنتظرة» لأوزباكستان مطلوبة للعدالة فى الولاياتالمتحدة بعد أن تزوجت من مواطن أمريكى من أصل أفغانى يدعى منصور مقصودى وأنجبت منه طفلين هربت بهما من الولاياتالمتحدة بعد طلاقهما فى حين صادرت سلطات أوزباكستان مشروعات الطليق هناك. التحقت جلنار كريموف بالعمل فى وزارة الخارجية لتصبح فى فبراير 2008 نائب وزير الخارجية للتعاون الدولى. وفى سبتمبر 2008 أصبحت المندوب الدائم لبلادها لدى مقر الأممالمتحدة الأوروبى فى جينيف. وتتحدث التقارير عن ثروة طائلة تمتلكها جلنار كريموف حيث تمتلك حصة رئيسية فى شركة الهاتف المحمول ونسبة كبيرة من مناجم الذهب فى أوزباكستان وسلسلة من متاجر التجزئة والملاهى الليلية. ولكن جلنار تنفى هذه التقرير وتقول إن هذه الشركات مملوكة لأصدقائها. فى الوقت الذى يقول فيه البعض إن «التوريث» فى مصر ليس إلا وهما فى عقول المعارضين للحكم فإن اسم جمال