يعد مشروع الدكتور عمرو شريف أستاذ الجراحة بقصر العينى أهم مشروع فكرى عربى للرد على الملحدين بالعلم، وبنظريات العلم الحديث المتفق عليها وبأقوال علماء الغرب، ويذيل ذلك بآية من القرآن أو أكثر دون الاعتماد على هذه الآيات فى الاستدلال. وقد أخرج العلامة د. عمرو شريف قرابة عشرة كتب موسوعية أثبت فيها أن الإلحاد وهم وخرافة لا تستند على دليل من العلم، وأن الكون بما فيه وخلق الإنسان رسالة توحيد لله فى حد ذاتها، وأعاد إثبات ما أثبتته بعض الدراسات الغربية من أن الإلحاد مشكلة نفسية وتحدث عن ذلك فى بعض كتبه، وتناول «علم نفس الإيمان، وعلم نفس الإلحاد حتى أسماه بالإلحاد السوفسطائى أو غير الموضوعى. وقد عاش د. عمرو جيدا بعقله ووجدانه مع كتاب الله المسطور «القرآن العظيم» وكتاب الله المنظور وهو الوجود كله كونا وإنسانا. وقد سئل يوما عن المخاطبين بمشروعه الفكرى فأجاب أنه يخاطب بمشروعه أحد خمسة عقول وهو: 1 متدين يريد أن يرقى بإيمانه من إيمان الميلاد إلى إيمان اليقين ليعيش حقا مع قوله تعالى «سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِى الْآفَاقِ وَفِى أَنْفُسِهِمْ حَتَى يَتَبَيَنَ لَهُمْ أَنَهُ الْحَقُ». 2 متدين غابت عنه حقيقة الإنسان كموجود متكامل من جسد وروح وقلب وعقل، فنظر نظرة عوراء لا ترى فيه إلا مادية متدنية أو روحانية منفصلة عن الواقع. 3 متدين يظن أن فهمه للدين «تمام التمام» وهو لا ينزل العقل والعلم منزلتهما فى منظومة الإيمان. 4 متدين يبهره ما يردده الملاحدة «من كلام كبير» حول مساهمة العلم فى تأكيد الإلحاد، فيغمره شعور بالنقص لانتمائه لهذه الطائفة المتخلفة «المتدينين» بدلا من الزهو بالإيمان. 5 ملحد أو متشكك اتشح بالعلم عن كبر أو جهل ورأى فيه برهان الإلحاد بدلا من أن يكون دليلا للإيمان. أما مشروعه فى تجديد الفكر العلمى فيتلخص فى دعم نظرية أن الله أراد أن يكون عمله فى الكون من خلال قوى وقوانين الطبيعة، واستدل بمقولة ريتشارد دوكتر «ليس هناك تعارض بين وجود تفسيرات علمية لظاهرة ما وبين منشئ هذه الظاهرة». ويرى عدم الاكتفاء بالسبب المباشر للظواهر بل التسلسل مع حلقات الآليات إلى أعلى حتى نصل للسبب الأول، وكان يردد قول هيزنبرج «قد تحولك أول رشفة من كأس العلوم الطبيعية إلى ملحد لكنك ستجد الإله ينتظرك عند اكتمال الكأس». أما رؤيته فى تجديد الفكر الإسلامى فتتلخص فيما يلى: 1 إدراك أن التراث منتج عقلى بشرى يتناسب مع زمان ومكان ما طرح من أحكام فقهية. 2 عدم الوقوف عند ظاهر النصوص والنفاذ إلى مقاصدها وإعلاء قيمة المصلحة. 3 تأكيد أن مفهوم «الحاكمية لله» يكون فى أمور العقيدة، أما الأمور المعيشية فالفصل فيها بحديث «أنتم أعلم بأمور دنياكم». 4 فتح باب الاجتهاد وإعلاء قيمة العقل. 5 إعلاء قيمة العلم والعمل فى الحياة. 6 التسليم بشرعية تعدد المذاهب الإسلامية وإسقاطها على واقع المسلمين، وإباحة عدم التقيد بمذهب معين ما لم يتعارض اختيار الأحكام مع ثوابت الدين. فضلا عن دعوته لمصالحة تاريخية بين أهل الجمود فى الفكر الإسلامى مع جميع جوانب الحياة، حتى لا يكونوا سببا للإلحاد وتكئة للملحدين وفتنة لهم، بارك الله للمسلمين والناس أجمعين فى علم أستاذنا العلامة والجراح الكبير والأستاذ الجامعى المرموق أ.د. عمرو شريف.