«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خرافة الإلحاد"للدكتور"عمرو شريف" ..كتاب أسكت الملاحدة !
نشر في الشعب يوم 27 - 04 - 2014

"إن بنية المخ البشري مجهزة تماما لاستقبال بنية الدين"
"د. عمرو شريف"

النبوغ لا أرض له !
جراحة كبيرة أجراها "موريس بوكاي" وأخرى أجراها "عمرو شريف" غير أن جراحة الأول كانت في قلب الإيمان وجراحة الثاني في جسد الوهم؛ نعم النبوغ لا أرض له، ومشرط الجراح يرى في دقة عالية ومهارة فائقة روعة عمل الخالق تعاظم وأرتفع فتتضاءل جميع معارفه إلى جانب ما يرى ويلمس وتملأ نفسه بشحنة إيمانية فائقة فينطق أنه لا إله إلا الله الخالق البارئ المصور.

"إخلاص يتميز به أصحاب الرسالات"
هذا ما قاله العلامة (محمد عمارة) عن مختصر كتاب (وهم الإلحاد) للدكتور عمرو شريف الذي أصدرته مجلة الأزهر كملحق لها بعدد المحرم 1435ه‍.
ويقول الفقيه (طارق البشري) عن العلامة (محمد عمارة): "ومحمد عمارة مثل فذ للصلة الوثيقة بين الجانب الأخلاقي والمسلك العلمي والفكري ذلك أنه من الزهاد العاكفين. لم يطلب بجهده مالا ولا منصبا …" محمد عمارة مفكر الوسطية، مركز الإعلام العربي ص 23.
وحين يقدم العلامة محمد عمارة لكتاب (وهم الإلحاد) في شكله المختصر، قبل أن يصدر باسم "خرافة الإلحاد" فإننا إذن أمام شهادة عالية في حق الدكتور عمرو شريف، فمن هو الدكتور عمرو؟ الكتاب، نشر مكتبة دار الشروق، ط1، عام 2014م 496ص 17×24سم.
وعلى المستوى الشخصي: فالمؤلف من مواليد بورسعيد 1950 حاصل على الدكتوراه في الجراحة العامة من طب عين شمس 1981 أستاذ ورئيس أقسام الجراحة السابق بها.
وقد أثرى المكتبة العربية بعدة كتب نذكر منها رحلة عقل، كيف بدأ الخلق، المخ ذكر أم أنثى، رحلة عبد الوهاب المسيري الفكرية، وخرافة الإلحاد، موضوع كلمتنا.
ولعل من أشهرها وأهمها - في نظري - كتابه عن عبد الوهاب المسيري بعنوان: رحلة عبد الوهاب المسيري الفكرية وقد صدر عن وزارة الثقافة عام 2006م وقد وفق الله الباحث في عرضه على حلقتين بجريدة وموقع
الشعب 26/11/2013 و 3/12/2013 وأيضا نشر على موقع الجريدة ذاتها في 12/11/2013.
وترجع أهمية هذا المؤلف في نظري إلى أنه تضمن التصريح الواضح للأستاذ الدكتور/ عبد الوهاب المسيري بإيمانه بالثنائية ورفضه لفكرة البعد المادي للإنسان.
ونود أن نركز على ما ركز عليه المؤلف وهو ما انتهى إليه الدكتور عبد الوهاب المسيري (إن براهين وأدلة الألوهية والرسالة في الإسلام تقوم على العقل وتنبيه الفطرة لذلك انتفت الحاجة إلى رسالات لاحقة)
يتضمن الكتاب موضوع كلمتنا الموضوعات الآتية: (1) العلم والدين والإلحاد (2) بين الإله والإلحاد (3) مستنقع الملاحدة (4) مع الله.
وقد تفضل النابغة عمرو شريف على القارئ بأن أهداه بعض مشاعره الراقية نحو دينه شملها كتابه (خرافة الإلحاد) … فهو يفتتح الفصل الأول من كتابه ص 19 بكلمة (تعلمنا) وهي لعمري تدل على تواضع جم لمسته بنفسي في لقاء معه. إنه تواضع العلماء ولا أقول أكثر حتى لا أفتن به !
يقول الدكتور "عمرو شريف" في رده على الملاحدة الجدد في الغرب والشرق، أن للكون بداية انطلقت من العدم المطلق (البرهان الكوني) ولقد أدرك المنصفون إن ما أنشأ الكون لم يكن انفجارا أعظم وإنما هو التخطيط الأعظم الذي لا يقدر عليه إلا حكيم قادر، لأن الانفجار حدث غير منضبط تسوده الفوضى ! إنه الاستخدام الأمثل لاستخدام الطاقة العقلية التي يطلق عليها العقل والتي انتهى عمر شريف إلى أنها طاقة محدودة أيضا.
ويقول أيضا: إن أهم ما يتميز به المخ / العقل الإنساني وجود العديد من الآليات التي تخدم المنظومة الدينية. أولها أن للعقل الإنساني رغبة فطرية في تجسيد الأفكار والمشاعر، رغبة تقف وراءها مراكز ودوائر عصبية. إن بنية المخ البشري مجهزة تماما للتعامل مع بنية الدين ويظهر ذلك في عدة مستويات تبدأ بالقدرة على الفهم العقلي للوحي السماوي ثم وجود الشوق الفطري إلى مفاهيم الألوهية والدين، والرغبة الفطرية في تجسيد المفاهيم العقلية، وتحويل المفاهيم النظرية العقلية للعقيدة إلى تجارب شعورية ذاتية ثم القدرة على إغلاق دوائر الشعور بالذات وبالوجود المادي مع استحضار مشاعر التسامي والتواصل مع العوالم الغيبية ويستطرد النابغة "عمرو شريف" قائلا:
والسؤال المحوري هنا ه كيف تم إعداد المخ بهذه الهيئة ليكون ملائما تماما لبنية الديانات أو كيف تم صياغة الديانات لتكون ملائمة تماما لبنية المخ البشري؟
ويجيب الدكتور عمرو قائلا: ليس لدى الدراونة الماديين إجابة عن هذا السؤال !!
ويضيف أيضا رائعة أخرى هي أن العبادات تجسيد لمعتقداتنا ومشاعرنا، وهذه فطرة لها آليتها في المخ / العقل وتعتبر خطوة هامة لتعميق معتقداتنا وأيضا فالعبادات بما تحويه من طقوس - تحول العقيدة من مفاهيم عقلية إلى تجارب ذاتية ومشاعر وأحاسيس. كما تؤدي إلى إغلاق مناطق الشعور بالذات وبالمحيط فيستشعر الإنسان قدرا كبيرا من التسامي قد يصل إلى التواصل الحقيقي مع الوجود الغيبي المتوحد المطلق، لقد جعلتني تلك الحقائق فخورا بأنني من المتدينين الحريصين على ممارسة طقوس دينهم. (هل هذه نزعة صوفية عالية من الدكتور عمرو شريف؟) سؤال يطرحه الباحث.
وينتهي النابغة "عمرو شريف" إلى الآتي ننقله نصا:
"… ويتهاوى ما يدعيه الماديون من أن الألوهية والدين ابتداع إنساني وظاهرة تبريرة وكذلك اعتبارهم المشاعر الروحية أوهام نفسية وهلاوس يتهاوى ذلك أمام ما أثبته العلم الحديث من أن الوجود الغيبي وجود حقيقي وأن ما يستشعره الإنسان من مشاعر روحية مسئول عنها وظائف مخية سوية، كما أثبت العلم وجود تكامل بين بنيه المخ البشري وبين منظومة الدين يعجز التطور الدارويني عن تفسيره" ص 285 من (خرافة الإلحاد)
ويقول أيضا:
"إن الإلحاد الجديد لا يضعنا في خيار بين الإله والعلم كما يدعي، بل بين الإيمان بالإله وبين التخلي عن قدرتنا العقلية على فهم الكون، بذلك يفقد العلم والحقيقة مصداقيتهما وضمانتهما لذلك يبقي القول بالتصميم الذكي الذي وراءه إله حكيم قادر هو التفسير الأبسط والأنسب لكل الشواهد العلمية عن ملكات الإنسان العقلية" ص 286 من (خرافة الإلحاد)
لقد أسقط النابغة عمرو شريف كل دعاوى الملاحدة وسقط معها كبيرهم (دوكنز) وكل (منطلقاته الفكرية) ! مما جعل أقرانه من الملاحدة ينفضون من حوله ويصفونه بأنه مجرد ملحد هاو سفسطائي مبتدأ، مزيف للحقائق، يبدو كشخص ملأه الغرور والزهو بعد إن أفرط في شرب الخمر فأخذ يبعثر سبابه الحاقد على كل من لا يشاركونه الرأي. ص 356 من (خرافة الإلحاد)
يقول الدكتور (جيفري لانج) عالم الرياضيات الأمريكي المسلم الإسلام هو الخضوع لإرادة الله ويقول العالم الكبير (على عزت بيجوفيتش) رئيس جمهورية البوسنة سابقا أن الإسلام هو التسليم المطلق لله ! (من كتابه الإسلام بين شرق وغرب)
أو كما يقول الدكتور عمرو شريف: "إن إنكار منظومة الإيمان رهان خاسر" ص 466 من (خرافة الإلحاد)
وعن الإعجاز الإلهي في خلق في خلق الكائنات الحية يقول الدكتور عمرو: يرجع العلم الحديث الحياة للتوافق المذهل والتناغم بين بنية وسمات مختلف جزئيات المادة الحية وكذلك القوانين التي تحكم سلوك هذه الجزئيات ويغذي هذه المنظومة مصدر للطاقة، ويوجه ذلك أرشيف هائل من المعلومات تحمله الشفرة الوراثية للخلية الحية. إن العلم ينظر إلى الحياة باعتبارها (المكون المعرفي) سر الصنعة في ذلك كله. ولم يستطيع العلم حتى الآن إثبات أو نفي "سر غيبي" يمازج المكون المادي والمكون المعرفي للخلية، وحتى إذا ثبت عدم وجود هذا السر فإن جوانب الإعجاز الإلهي في خلق الحياة ستظل على إعجازها وتحديها.
ويقول أيضا عن إن ما يعتقده الملاحدة وأيضا المتدينون الأصوليين من أن التطور يتعارض مع الألوهية يرجع إلى خطأ منهجي أساسي فهم يعتبرون أن الإله والتطور البيولوجي بدائل متنافية أي أن القول بأحدهما ينفي الآخر … وهذا خطأ بين … والتطور (آلية بيولوجية) أما الإله ف‍ )فاعل أول له وجود حقيقي) يقوم (بالإضافة إلى مهام أخرى) بتصميم وخلق الآليات. لذلك فإن قولنا بأن الإله قد وجه عملية التطور هو المفهوم الوحيد القادر على الجمع بين الآلية (وهي التطور الذي أثبته العلم) وبين الفاعل الأول الذي أنشأ هذه الآليات … وعليه فإن (التطور الدارويني محصور في التطور الدقيق ويعجز عن إحداث التطور الظاهر).
كل ذلك لا يدع مجالا لغير القول بالتطوير الإلهي الموجه ص202 من (خرافة الإلحاد). وتحتاج هذه النقطة بالذات إلى مزيد من التبسيط من المؤلف الكريم.
وأخيرا أثبت العلم أن المنظومة الإلهية الدينية الأخلاقية فطرة في النفس البشرية تقف وراءها آليات جينية وعصبية ونفسية ولا يمكن أن تنشأ عشوائيا ولابد أن يكون وراءها إله حكيم قادر. سبحانه وتعالى الخالق البارئ المصور.
2/2
وبلا تحيز استطيع أن أقول أنه يصعب جدا أن يختصر هذا المؤلف إلا صاحبه ! إنه يذكرنا بمؤلفات الكاتب (يحيي حقي) الذي كان يستعصي على من يتناول أدبه أن يعثر على كلمة في غير مكانها من الجملة حتى ولو كانت باللهجة العامية !
وبرغم الشواهد الكثيرة التي ذكرها المؤلف فإنها لم تعطل رأيه أو تفقده معناه. إنها قوة الفكرة ووضوح الرؤية التي تظهر من أول سطر في هذا المؤلف الكبير.
فليس للغموض فيه نصيب ولا شأن للضبابية في منهج الرجل إنه يقول ما يريده دون خوف حسب ما نراه يقول ما يعتقده فعلا معتمدا على التجارب الشخصية التي يخرج منها بنتائج مذهلة مثل ما حدث مع ابنه الأصغر.
ويصل النابغة الدكتور عمرو شريف إلى قمة التحليل والإبداع والرقي في منظومة الإيمان الثلاثية.
فيقول: إن قضية الإيمان قضية مركبة ويمكن تحليلها إلى ثلاث مستويات:
‌أ- هل هناك إله ؟
‌ب- هل تواصل الإله مع مخلوقه الإنسان عبر الرسالات السماوية؟
‌ج- أي الرسالات السماوية أولى بالإتباع ؟
عن ( أ ) هل هناك إله ؟
انتهى النابغة عمرو شريف إلى الآتي نصا:
"نشأة الكون من عدم، وظهور الحياة في المادة غير الحية، وبزوغ العقل الإنساني، أمور لا يمكن أن تقوم بها الطبيعة العمياء، ولابد لها من موجد حي ذكي خالق بارئ مصور، وما عليه منظومة الكون والحياة والعقل الإنساني من تعقيد هائل لا يمكن تفسير بقائها وممارستها لأنشطتها من خلال قوانين الطبيعة فقط ولابد لها من الإله القيوم سبحانه وتعالى" ص 452 من (خرافة الإلحاد)
وبلغ التواضع بالعالم عمرو شريف أن يفضل إجابة أستاذه العالم الكبير عبد الوهاب المسيري - وهو يعتقدها ويؤمن بها - على تحليله وإجابته على السؤال (ب) هل تواصل الإله مع الإنسان ؟ يقول المسيري رحمه الله:
"إن استكمال منظومة الوجود تتطلب وجود حياة أخرى يتم فيها محاسبة البشر على أفعالهم" ص 461 من (خرافة الإلحاد)
يقدم الدكتور عمرو في الإجابة على (ج) أي الرسالات السماوية أولى بالإتباع من خلال كتاب المهندس الدكتور محمد الحسيني إسماعيل (الدين والعلم وقصور الفكر البشري) إنها الأمانة في أعظم معانيها بل أدق معانيها كما يطلبها الله من عباده يقول حفظه الله:
"إن الدين حق مطلق، إذ يمكن تقويمه بشكل موضوعي عن طريق تقويم مكوناته الأساسية الثلاثة (محتوى الرسالة - الرسول - الإله)" ص 461 من (خرافة الإلحاد) وينتهي إلى أنه:
"لا مكان لديانة تصف الإله بصفات إنسانية متدنية أو صفات وثنية أسطورية أو تصوره في صورة حيوان أو مسخ أحمق، تتعالى عليه مخلوقاته البشرية حكمه وذكاء وقدرة أو تعتبره إلها أحمق متسرعا لا يدري ماذا يفعل ولا مكان لديانة تخبرنا أن أنبياءها زناة وسفاحون وقتلة، ولا مكان لديانة تفطح نصوصها بالفاحشة في أحط وأقذر معانيها وقبل كل شيء لا مكان لديانة لا تعطينا البراهين العقلية الواضحة والكافية للحكم على صحة ما جاء بها" ص 463 من (خرافة الإلحاد) والمقاييس التي ينبغي الأخذ عند اختيار الدين الأولى بالإتباع هي:
- النص الديني وطبيعته.
- مفهوم الرسالة وطبيعتها.
- مفهوم الإله وطبيعته.
وللحقيقة فقد كان العلامة "سعيد حوي" قد ذكر هذا الكلام في دراسته الرائعة تحت عنوان" دراسات منهجية هادفة - حول الأصول (الله - الرسول - الإسلام) ط3 عام 1398ه‍ / 1974م، عن دار الطباعة الحديثة مصر.
والحقيقة أن كتاب الدكتور الحسيني إسماعيل (الإسلام والعلم) كتاب عظيم لكاتب عظيم وواضح للغاية تأثر الدكتور عمر بما جاء في الكتاب.
ويقول الدكتور عمرو:
إن الفكر الديني القاصر (المسيحي والإسلامي) كان سببا رئيسيا في تبني الكثير للإلحاد فكيف يجد الإنسان الحائر ما يروي ظمأه نجاة الشكوك والحيرة والإلحاد؟ وقبل أن نتهم الآخرين بالتقصير، علينا النظر في الفكر الديني نظرة ناقدة لنضع أيدينا على ما فيه من عوار ونقترح العلاج الذي يجعل من هذا الفكر عامل جذب للعقول الصادقة في البحث بدلا من أن يكون مدعاة للنفور من الدين.

وقبل أن نعرض لأمر تجديد الفكر الديني كما يقدمه الدكتور عمرو ندعه يقدم لنا سمات وملامح المستنقع الذي يحيا فيه الملاحدة الذين هم إما جهلاء فيسهل تعليمهم وأما من فريق الكبر الإبليسي الأعظم ! ويذكرنا قول الدكتور عمرو بوصف شيخ العربية مصطفى صادق الرافعي لواحد من الملاحدة فقال أنه من الذين تومهم إبليس أو الذين نوموا إبليس وتعاطوا أفكاره !
ويقول د. عمرو أن مستنقع الإلحاد يتسم بالآتي:
عقائديا: نحن حيوانات عشوائية فانية.
أخلاقيا: كل شيء مباح.
علميا: الاغترار بالعلم والعلماء.
فكريا: جعلوا من المذهب المادي دينا.
والآن جاء دور كيفية الخروج من المستنقع الآسن الذي يحيا فيه الملاحدة.
والمتأمل للخطاب الديني يجد أن قصوره ليس قاصرا على الأسلوب والهيئة فقط، بحيث إذا عدلناهما أنصلح الأمر، بل أن هذا الخطاب يعكس قصورا حرجا في المحتوى ينبغي تداركه فورا، أي يحتاج إلى علاج مكثف ورعاية مركزة كما نقول بلغة الأطباء.
وأيضا يتسم الفكر الديني الجامد بالآتي:
1. الأخذ بظاهر النصوص، وتقديس التراث وأعمال السلف.
2. إهمال العامل التاريخي في التشريع.
3. عدم التفرقة بين الفكر البشري والدين.
4. إهدار دور العقل والعلم في الحياة.
5. تحريم الاجتهاد فيما ورد فيه نص.
6. توظيف مبدأ الحاكمية توظيف نفعيا.
ويوجه الدكتور عمرو صيحة تحذير ملخصها:
إن تجديد الفكر الإسلامي أصبح بمثابة حق للمجتمع وفرض عين على علماء المسلمين وأن الأسس التي ينبغي أن يقوم عليها تجديد الفكر الإسلامي هي:
1. نزع القداسة عن التراث وإدراك أنه منتج عقلي بشري يتناسب مع زمان ومكان ما طرح من أحكام فقهية.
2. عدم الوقوف عند ظاهر النصوص، والنفاذ إلى المقاصد والحكمة من التشريع وإعلاء قيمة المصلحة.
3. تأكيد أن الحاكمية لله في أمور العقيدة والالتزام في الأمور المعيشية بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "أنتم أعلم بأمور دنياكم"
4. فتح باب الاجتهاد وإعلاء قيمة العقل.
5. إعلاء قيمة العلم والعمل في الحياة.
6. التسليم بشرعية تعدد المذاهب الفقهية وإسقاطها على واقع المسلمين وفي نفس الوقت إباحة عدم التقيد بمذهب معين ما لم يتعارض اختيار الأحكام من المذاهب مع ثوابت الدين.
7. وأخيرا دعوة إلى مصالحة حقيقة لا مصالحة صورية مع جميع جوانب الحياة.
مصالحة مع الدين، مصالحة مع العقل، مصالحة مع الإنسان، مصالحة مع التاريخ، مصالحة مع العلم، مصالحة مع الطبيعة.
ثم يختم الدكتور عمرو بقوله:
"إن الصراع الذي يواجه المسلم المعاصر ولا يرضى الله ابدأ التقاعس عن البلاء فيه ليس مع العقائد والفلسفات المعادية للإسلام والتي واجهت أسلافنا، بل هو الصراع مع جحافل الطبيعة الضنينة، قهرا للجهل والفقر والعجز والمرض وهو أيضا صراع من أجل ألا نمد أيدينا طلبا:
للطعام - والكساء - والعلاج من الآخرين" ص 484 (خرافة الإلحاد)
بقي للباحث كلمة يلخصها في الآتي:
الصفحات من 467 حتى 475 والتي تتضمن رأي الدكتور "عمرو شريف" في تجديد الفكر الديني لتجديد الخطاب الديني، وكذا تقديم المصلحة على النص وفتح باب الاجتهاد وما هو منسوب لسيدنا عمر رضى الله عنه بخصوص تعطيل حد السرقة، مسألة لا اجتهاد مع نص، توظيف مبدأ الحاكمية.
أقول وبالله التوفيق:
أولا: إن الشريعة الإسلامية قد اشتملت أحكامها على مصالح الناس، والمصالح المعتبرة هي التي تحقق مصالح الناس وهي ترجع إلى أمور خمسة: حفظ الدين، حفظ النفس، حفظ العقل، حفظ النسل، حفظ المال، لأن هذه الأمور الخمسة لها قوام الدنيا التي يعيش فيها الإنسان ولا يحيا حياة تليق به إلا بها (المرجع: الموافقات للشاطبي)
ثانيا: خطابنا الإسلامي ينبثق فقط من إسلام القرآن والسنة، ولا ننكر أن تيار الغلو عالي الصوت ولأسباب ظاهرة للعيان منها ما يقع على المسلمين في كل مكان من مظالم والحرب التي تقودها الصهيونية العالمية ضد الإسلام والمسلمين تحت يافطة عريضة اسمها (الإرهاب) !!
ثالثا: إن الاجتهاد باب فتحه رسول الله صلى الله عليه وسلم لفهم الشرع الحنيف فلا يملك أن يغلقه أحد المهم أن يفتح باب الاجتهاد في محله (المرجع: أصول الفقه - محمد أبو زهرة)
رابعا: لا اجتهاد مع نص قاعدة شرعية ثابتة وأحيل إلى كتاب (أدلة التشريع فيما لا نص فيه) للشيخ عبد الوهاب خلاف.
خامسا: لم يعطل سيدنا عمر رضى الله عنه حدود الله والمسألة أنه لم تتوفر شروط قيام الحد، وقد شرح هذه المسألة مولانا الشيخ الغزالي في محاضراته كثيرا)
سادسا: لا قداسة مطلقا إلا لكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يوجد للفكر والأحكام مصادر نقلية بخلاف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم (المرجع: كيف نفكر استراتيجيا، للدكتور فوزي محمد طايل)
سابعا: إن فكرة الحاكمية أساء فهمها الكثيرون فهي تعني الحاكمية التشريعية فحسب أي أن الله هو الشرع لخلقه فهذا الأمر ليس من اختراع أحد بل هو مقرر عند المسلمين جميعا أما سند السلطة السياسية فمرجعه إلى الأمة، هي التي تختار حكامها وهي التي تحاسبهم وتراقبهم، بل وتعزلهم (المرجع المستصفي من علم الأصول للغزالي)
واختم بكلمة للإمام الأكبر محمود شلتوت: "والحق الذي نؤمن به أن القرآن لم يعرض لخلق السموات والأرض وما أودع فيهما إلا تنبيها للعقول على النظر فيها، والاستدلال بهما على قدرة الله، وعموم علمه وتمام حكمته، ومنابع نعمه ورحمته وإنه لم يكن من مهمته شرح حقائق الكون، ولا بيان تاريخ الخلق بين السماوات والأرض وإنما مهمته توجيه الإنسان إلى أدلة الإيمان الواضحة وإلى أن يحاول المعرفة لما وراء ظاهر الكون بما يتاح له من طرق البحث، قياما بحق إنسانيته العاقلة المفكرة) ص 426 من الفتاوى ط17، دار الشروق، 1991، مصر.
شكر الله للدكتور عمرو شريف وثبتنا وإياه على الحق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.