"إخلاص يتميز به أصحاب الرسالات …" هذا ما قاله العلامة "محمد عمارة" عن كتاب (وهم الإلحاد) للنابغة الدكتور عمرو شريف أستاذ الجراحة بجامعة عين شمس، وأفضل ما يمكن أن نصف به العلامة الدكتور محمد عمارة هو أنه محمد القلعة: قلعة حصينة يدافع بها عن الإسلام، وصف وصفه به الشيخ محمد الغزالي فقال: هو ليس عمارة، ولكن قلعة حصينة من قلاع الإسلام، نعم إنه مفكر الوسطية وهو المفهوم الذي جاء به القرآن الكريم، وما جاء به القرآن هو الفطرة التي فطر الله الناس عليها والتي من خصائصها أنها تجرب كل الأفكار، وتجتهد في كل الاتجاهات وتمارس حياتها (تخطئ وتصيب) وفي تقديم الدكتور عمارة لكتاب (وهم الإلحاد) تأكيدا لما يؤمن به ودعا إليه وتضمنته كتبه وأحاديثه أنه عقل يفقه الأحكام ويفقه الواقع ويعقد بينهما. للعالم الفذ أينشتين مقولة شهيرة معبرة يقول فيها "إن أكثر الأمور استعصاء على الفهم في الكون إنه مفهوم" ص 48. ويتابع الدكتور عمرو قائلا: تشير هذه المقولة إلى أن الكون وكل ما فيه منظم، مترابط، يخضع لقوانين واحدة، وقابل للفهم والتنبؤ، وبدون هذه الحقيقة وبدون استيعابنا بها ما كان للعلم أن يقوم، فما مصدر هذا الانتظام ؟.. وما مصدر يقيننا بوجوده ؟.. ويرد الدكتور عمرو بقوله "يرجع العالم كالفن – الحائز على جائزة نوبل في الكيمياء الحيوية – هذا الانتظام وهذه القناعة إلى الإيمان بالله الواحد الذي أنشأ الكون ويديره بنظام وتناغم حيث أن آلهة متعددين يديرون الكون كل بقوانينه كان حتما سيؤدي إلى انهياره) ص 48، وصدق الله العظيم القائل في كتابه {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22] ويقول الدكتور عمرو: ويرجع كالفن القول بالتوحيد إلى نبي الله إبراهيم عليه السلام، ومن ثم يصبح الأصل التاريخي لاستشعار الكون منظم ومن صم يصبح التوحيد هو أساس العلم الحديث. ص 48 ومن أروع ما قاله الدكتور عمرو شريف: أما الإسلام، فليس للمعجزات دور فيه، فالسيرة النبوية لا تحمل لنا اسم أي صحابي بعد أن عاين أكثر معجزتين (الإسراء وشق القمر) إذ وثقهما القرآن الكريم، أما براهين وأدلة الألوهية والرسالة في الإسلام، فتقوم على: العقل وتنبيه الفطرة. لذلك انتفت الحاجة إلى رسالات لاحقة وأصبح الإسلام هو خاتم الرسالات السماوية، وكذلك فإن ثنائية الخالق والمخلوق والرب والعبد شديدة الوضوح في القرآن الكريم، حتى أن الله تعالى قد أثنى على رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم بمقام العبودية في كتابه الكريم، كما أن ثنائية الخالق والمخلوق، والرب والعبد ثنائية أساسية في علاقة الإنسان بالإله. يؤكد الدكتور عمرو شريف على: 1. محدودية دور المعجزات. 2. ثنائية الخالق والمخلوق والرب والعبد. 3. القرآن الكريم كلام الله قطعا، ولا يمتزج بكلام الرسل أو الشراح. ويقول أيضا في رده على (الدراونة) نسبة إلى (دارون) إن كل ما قدم الدراونة من تفسيرات لخلق التعاطف وللإيثار ليس إلا هروبا من التفسير الحقيقي، وهو أن الإله الرحيم قد فطر الإنسان على خلق الرحمة فصار يحيا تحركه القاعدة الإلهية بأن من لا يَرحم لا يُرحم. إذن الفطرة وهي الجلبة التي ولد عليها الإنسان والصفة التي يتصف بها كل موجود في أول زمان خلقته والمعنى الثاني لنا هو الدين، كما يقول العلماء. لقد فطر الله الإنسان على السلامة خلقه وطبعا وبنية، استعداد فطري لقبول الدين، ليست النفس شريرة بطبيعتها والذي يفلح هو الذي يتوجه فيها إلى الخير. ويقول العلماء: إن الفطرة من أهم الأدلة على وجود الله تعالى، فالكون بما فيه ومن فيه مفطور على الاعتراف بوجود الخالق إلا من غلبت عليه الشقاوة والغباوة. ويؤكد "دين هامر" رئيس مركز أبحاث الجينات بأمريكا، أنه توصل إلى مجموعة من الجينات المسئولة عن تشكيل المراكز المخية، وأطلق علي تشكيل تلك المراكز اسم (جين الألوهية) أكد فيه أن الشعور بالإله، والرغبة في التوجه إليه بالعبادة وكذلك الشعور بوجود النعيم والعذاب في حياة أخرى بعد الموت أمور فطرية عند البشر في جميع الحضارات عبر التاريخ وعبر الجغرافيا. ص 104 ويعلق الدكتور عمرو شريف على ما انتهى إليه دين هامر: "… قوبلت هذه المفاهيم بعدم ارتياح في الأوساط المادية فهي تنفي أن المشاعر الدينية مجرد هلاوس كما تثبت أنها نتاج عمليات عقلية سوية" وقد أوضح لنا العلامة محمد عمارة في مقدمته "أن الإلحاد عزبية ولا نلمح له وجودا حقيقا في مجتمعاتنا الإسلامية وقد نجد فقط نماذج قلقة إزاء الإيمان الديني وقد أرجع الدكتور عمرو شريف ظهور الأنماط الفكرية المعادية للدين إلى التوجهات العقلانية المادية التي ظهرت فيما عرف بفلسفات التنوير ثم إطلاع المصريون على التوابع الفكرية لنظرية التطور ومفاهيم فرويد الذي غذى الحلم الماركسي الملحد. وانتهى في كتابة إلى ضرورة أن تمتد حرية الحوار إلى المجتمع كله، فالآراء الصحيحة الصريحة الحرة هي القادرة على دحض الإلحاد وهو المنهج الذي وجهنا إليه القرآن الكريم {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ} [البقرة: 111] سبحانه مطلق القدرة خالق الوجود من العدم الذي أنشأ الزمان والمكان والطاقة والمادة الإله الخالق الحكيم القادر القديم الأزلي خالق الوجود من العدم ولا مكان لانفجار عظيم أو غيره إلا في عقول الذين لا يفكرون.