¢ أنا ملحد... النظام الإلهي لا يوجد به أي نوع من أنواع المصداقية ولا العدل ولا الرحمة أين الإله الذي يتحدثون عنه؟¢. الجملة السابقة وردت علي لسان بطل فيلم الملحد الذي وافق الأزهر علي عرضه مؤخراً وفي نفس الوقت الذي تستعد فيه دور العرض لاستقبال الفيلم أعلنت مكتبة الإسكندرية عن دورة تدريبية حول الإلحاد في محاولة لمواجهة تلك الظاهرة التي بدأت في النمو بشكل مثير للدهشة خلال الفترة الماضية بل ووفقا لرأي أحد الشباب الذين التقيناهم ونحن نعد هذا التحقيق فإنها أصبحت موضة جديدة يفتخر بها بعض الشباب من الموتورين الذين لا يحسبون للأمر حسابا...... والغريب أن مكتبة الإسكندرية جهزت دورتها التدريبية لمواجهة الإلحاد في الوقت الذي يرفض فيه وزير الثقافة الدكتور محمد صابر عرب الإعتراف بوجود الملحدين في مصر وكلما ناقشه أحد حول تفاقم ظاهرة الملحدين في مصر رفض الإجابة قائلا انه لا وجود للإلحاد في مصر.... عقيدتي تفتح من خلال تلك الحلقات ظاهرة الإلحاد في محاولة لإلقاء الضوء عليها قبل استفحالها والتفاصيل في السطور التالية: بداية فإننا لابد أن ندق ناقوس الخطر لأن الملحدين في مصر لم يكتفوا بكونهم هجروا الأديان السماوية بل أصبحوا يجهرون بإلحادهم مثل الطالب اسماعيل محمد الذي ظهر علي شاشة إحدي الفضائيات مؤخرا أو الطالب محمد جابر الطالب بجامعة قناة السويس والذي صمم صفحة دعا فيها صراحة للترويج لفكرة الإلحاد ليس هذا فحسب بل إن هناك مقهي شهير في وسط القاهرة بدأ يجذب أصحاب فكرة الإلحاد حيث يجتمعون فيه يانتظام لتبادل الأفكار ورغم معرفة أصحاب المقهي بحقيقة فكر هؤلاء فإنهم يتجاهلون الأمر معتبرين أنهم طالما لا يتسببوا في إثارة المشكلات فلا مانع من جلوسهم في المكان... كذلك في الإسكندرية يجلس مجموعة من الملحدين ومعظمهم من الشباب في أحد المقاهي المنتشرة علي ساحل البحر ومؤخرا قالت مؤسسة ¢بورسن مارستلير¢ بنيويورك المتخصصة في دراسات الأديان والإلحاد بالولايات المتحدةالأمريكية. في دراسة عن الإلحاد في مصر والوطن العربي بعد ثورات الربيع العربي. أن مصر ينتشر بها أكثر من مليوني ملحد لا يعترفون نهائيًا بالأديان¢. وفي مفاجأة غير سارة قال أحد الشباب الذي ألحد مؤخرا ورفض ذكر اسمه لعقيدتي أنه نجح في نشر فكرة الإلحاد عن طريق الفيس بوك لدرجة أنه تعرف علي فتاة محجبة ونجح في إقناعها بفكرة الإلحاد وقد ألحدت بالفعل ولكنها مازالت ترتدي الحجاب خوفا من أسرتها وقد اتفقا سويا علي الزواج بحيث يتاح لها الكشف عن إلحادها عقب زواجهما دون خوف. يقول الدكتور أشرف السويسي أستاذ مقارنة الأديان بجامعة أمستردام وعضو لجنة حوار الأديان بالأزهر في ندوة ¢ الإلحاد بين الشرق والغرب ¢ التي نظمتها مكتبة الإسكندرية ببيت السناري بالقاهرة نهاية الإسبوع الماضي كبداية لمجموعة ندوات حول الإلحاد وسبل المواجهة أن ظاهرة الإلحاد بدأت في الإنتشار والتزايد مؤخرا خاصة مع ظهور الفيس بوك فظهرت صفحات من عينة الملحدون الجدد والإلحاد لمن يعرف هو إنكار وجود الله فالملحد هو المنكر لوجود الله والأنبياء والرسالات السماوية والإلحاد هو إنكار وجود الله سبحانه وتعالي إن الكون والإنسان والحيوان والنبات وجد صدفة وسينتهي كما بدأ ولا توجد حياة بعد الموت عدم الاعتراف بالمفاهيم الأخلاقية ولا بالحق والعدل ولا بالأهداف السامية ولا بالروح والجمال الإنسان مادة تنطبق عليه قوانين الطبيعة التي اكتشفتها العلوم كما تنطبق علي غيره من الأشياء المادية ويضيف د. السويسي : والإلحاد ظاهرة غربية الأصل عرفها دارسو الفلسفة القديمة عن طريق ديموقريطس الأبديري الذي أرجع توالد العالم إلي الضرورة دون أن يخلقها إله ثم أصبح الإلحاد مذهبا فلسفيا بلغ ذروته في الماركسية بمادتها الجدلية والتاريخية التي هيمنت علي أحزاب وحكومات أوروبا بما مثل أكبر ظواهر الإلحاد في التاريخ الإنساني حتي سقطت أواخر القرن العشرين ورغم ذلك فقد ظلت ظاهرة الإلحاد متزايدة في المجتمعات الغربية بسبب سيادة الفلسفة الوضعية المادية وبسبب العلمانية التي نزعت القداسة عن المقدسات ويكفي أن نشير إلي أن الذين يؤمنون بوجود إله لهذا الكون في الغرب دون عبادته لا يتجاوزون 15% من الأوروبيين وقد ارتفع عدد الملحدين في بريطانيا إلي 25% من جملة السكان رغم أن ملكة بريطانيا هي رأس الكنيسة. أما في الإسلام فلم يظهر سوي الشخصيات القلقة في إيمانها ويعود هذا القلق إلي بعض المذاهب التي تقف عند ظاهرة النص الديني وتبتعد عن التأويل ففي التاريخ الإسلامي ظهر الجاحظ بمنهجية الشك قبل ديكارت بقرون طويلة وعبر الجاحظ بذلك عن استيعاب الأفق الإسلامي العقلانية بكل تجلياتها فانعدمت تقريبا الضرورة للجوء إلي الإلحاد وأصبح العلم في التاريخ الإسلامي الوسيط هو تقرب إلي الله فلم يعرف الإسلام الإلحاد بمفهومه الغربي وإنما شهد فقط قرون الزندقة عن طريق الشعوبية الفارسية ومثلها الراوندي في العصر العباسي ولم يظهر الإلحاد في مصر في العصر الحديث إلا في عام 1937 علي يد الدكتور اسماعيل ادهم الذي كشف في كتاب بعنوان لماذا أنا ملحد عن إلحاده وكانت ثقافة الرجل ثمرة الفكر الماركسي حيث درس وعاش في الإتحاد السوفيتي وظهرت ردود اسلامية راقية عليه وقتها ولم يكفرونه ولم يهدرون دمه وانتهت القضية برمتها بانتحار أدهم عند شاطيء الإسكندرية عام 1940. وعن طريق معالجة تلك الظاهرة يقول السويسي : لابد أن يكون الحوار مع الملحدين جدالا بالحسني لأن الإيمان والإلحاد ما هو موقف إيماني حتي ولو كان إنكارا لله فهو إيمان بأن الله غير موجود وعلينا التوضيح دون الإستماتة في إرجاعهم لحظيرة الإيمان فإنما علينا البيان وليس الهدي. وجود الإلحاد ويقول الدكتور زكي عثمان أستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة الأزهر: المشكلة في وجود الإلحاد هي وجود من يقوم علي الدين ,بشكل يدفع الناس لكي يلحدوا عن عقيدته وتعاليمه.المشكلة ليست في الملحد .كما هو الحال في تخلف الدول الإسلامية المشكلة في المسلمين وليست في الإسلام. وأوضح الدكتور نصر فريد واصل عضو هيئة كبار العلماء ان هناك مواقع متعددة علي شبكة الانترنت تدعو الي الإلحاد ولها رواد كثيرون وحققت نتائج ايجابية بالنسبة لأصحابها بالحاد عدد من الشباب وهذا الامر بالغ الخطورة ويستدعي من الدولة والهيئات الدينية التكاتف في مواجهة هذه الظاهرة خاصة في ظل تطور وسائل اتصال الحديثة التي حولت العالم الي قرية صغيرة. ونظرا لصعوبة فرض الرقابة علي تلك المواقع يطالب الدكتور واصل الهيئات الدينية يتطوير وسائلها الدعوية للوصول الي قطاعات الشباب والتواصل معهم وعدم تركهم فريسة لتلك المواقع المشبوهة التي تبث ما يخالف فكر وفطرة المجتمع المصري المتدين كما طالب الازهر ووزارة الاوقاف ودار الافتاء وكل التيارات والجمعيات العاملة في مجال الدعوة بتنسيق الجهود لحماية الشباب وتحصينهم ضد المساس بعقائدهم عن طريق شبكة المعلومات الدولية. ويضيف د. واصل : لابد أن نعي أن إشاعة الثقافة الدينية المعتدلة والنهوض بالأزهر الشريف كمحفل علمي عريق وذو باع في خدمة الإيمان والشريعة هو رد عملي علي موجة الإلحاد من ناحية والتطرف من ناحية أخري وكل محاضرة علمية أو كتاب ديني يكون منظم الفكرة محدد الغاية عميق النظرة جيد الأسلوب كفيل بتفنيد شبه الملحدين فعلي علماء الأزهر الشريف أن يقوموا بدورهم الأصيل في تقريب روح الإسلام وتعاليمه الراقية إلي أفهام الناس باختلاف مراتبهم ومستوياتهم الاجتماعية والثقافية وذلك ليتمثلوها ويعملوا بها ولا تنطلي عليهم ألاعيب الملحدين وأيضًا حتي لا يقعوا فريسة لجماعات العنف والتخريب. من جانبه اتهم الدكتور مجدي عاشور. أمين الفتوي بدار الإفتاء المصرية. التيارات الإسلامية. بالمسئولية عن ظاهرة الإلحاد التي انتشرت في مصر. عازيًا ذلك إلي ¢خطابها المتشدد¢ الذي يتسبب في نفور الناس عن الدين. وقال عاشور في تصريحات إلي هيئة الإذاعة البريطانية ¢بي بي سي¢. إن ¢التيارات المتشددة التي لا تعرف سوي التشبث بالأمور الشكلية التي قد تبعد الناس عن الدين تتحمل مسؤولية هذه الظاهرة¢. وأضاف. أنه ¢لا بد لعالم الدين أو المفتي أن يضع عينًا علي الشريعة وعينًا أخري علي الواقع¢. مشيرًا إلي أن البعد عن الواقع والتمسك ببعض الأشياء التي لا تعد من جوهر الدين كان سببا في نفور أتباع الديانات منها¢. وتابع: ¢لا بد أن ننفر من التشدد كما ننفر من الإلحاد¢. ولم تتوقف ظاهرة الإلحاد عند الشباب المسلم فالشباب المسيحي بدأ ينحرف بفكره وعقيدته بنفس الطريقة حيث يقول القس بيشوي حلمي أمين عام الكنائس المصرية أن الكنائس المصرية الثلاثة رصدت ارتفاعا مبالغا فيه في عدد الملحدين من أبناءها خلال الفترة الماضية وخاصة في الفترة التي أعقبت ثورة يناير المجيدة وبسبب الإنفلات الأمني والسياسي الذي انتشر في مصر ولهذا فقد شكلت الكنائس الثلاثة لجنة مشتركة لرصد الظاهرة ووضع أفضل سبل مواجهتها لوقف هذا التخبط فلابد أن يعي الجميع أن مقاومة "الإلحاد" الذي تفشي بصورة كبيرة خلال السنوات الثلاث الماضية امر ضروري للغاية والكنائس تحتاج للاتحاد مع الأزهر الشريف لمقاومة الإلحاد لأول مرة. وفق الأساليب العلمية والمنطقية بجهود مشتركة عبر إنتاج مواد فيلمية مشتركة وتوحيد المفاهيم عن وجود الله. وهو ما نسعي له قريبًا.