فى لحظة فارقة من تاريخ الحياة السياسية المصرية، جاءت توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى للهيئة الوطنية للانتخابات، لمراجعة الأحداث التى شهدتها بعض الدوائر الانتخابية خلال منافسة المرشحين الفرديين. التوجيه الرئاسى تضمن ضرورة الالتزام بالقواعد القانونية وحماية مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع المرشحين لتعيد رسم خطوط المنافسة الانتخابية، والتأكيد أن الدولة تقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف، ولن يتم السماح بأى تجاوز أو خروج عن الإطار القانونى من شأنه الإضرار بنزاهة المنافسة. الرسالة الرئاسية، حملت بعدًا استراتيجيًا مهمًا، إذ أكدت استقلال الهيئة الوطنية للانتخابات، ودورها الدستورى فى حماية إرادة الناخبين، وهو ما يعزز ثقة المواطنين فى المؤسسات الوطنية، ويؤكد استمرار مصر على طريق البناء الديمقراطى، واحترام القانون فى جميع مراحل العملية الانتخابية.
خبراء السياسية وممثلو الأحزاب، يؤكدون فى تصريحات خاصة لجريدة «روزاليوسف»، أن الرئيس السيسى يصحح مسار العملية الانتخابية ويضمن إرادة الناخبين، إذ يوضح الدكتور عبدالمنعم سعيد، الكاتب والمفكر السياسى، أن توجيهات رئيس الجمهورية للهيئة الوطنية للانتخابات بمراجعة الأحداث التى وقعت فى بعض الدوائر الانتخابية تعد قرارًا صائبًا. ويشير المفكر السياسى إلى أن الرئيس على علم بمجريات الأمور فى الدولة بشكل عام، ويدرك الأهمية الكبيرة لضمان أن تكون الانتخابات عملية جيدة من حيث الالتزام الكامل بمبادئ النزاهة، ويمكن القول إن تدخله خطوة مرحب بها تمامًا، لأن مثل هذه القضايا تتطلب مستوى عال من الشفافية، لافتًا إلى أن اللحظة التى يعلن فيها الرئيس عن موقفه الحازم، يتوجب علينا متابعة المزيد من الشفافية فى هذا السياق. المفكر السياسى، يؤكد حرص الرئيس على انتخاب مؤسسة تشريعية تعكس إرادة الناخبين، مما يعنى أنه لا يتدخل رئيس الجمهورية إلا إذا كانت هناك ضرورة لضمان سير العملية الانتخابية، وإلا فإن النظام السياسى قد يكون مبنيا على أسس خاطئة تؤدى إلى نتائج غير مرغوبة، ومن الجيد أن الرئيس اتخذ هذه الخطوة، وأعتقد أنها صحيحة وفعالة ومثمرة.
حماية الديمقراطية
سامح عاشور، رئيس اتحاد المحامين العرب ونقيب المحامين الأسبق، يشير إلى أن رسالة الرئيس عبدالفتاح السيسى الأخيرة تحمل مضمونا سياسيا واضحا، مفاده أن الدولة عازمة على حماية سلامة الانتخابات، وضمان عدم وقوع أى تجاوز يخل بنزاهتها أو يؤثر على إرادة الناخبين والتشديد الرئاسى على مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع المرشحين يعكس إدراكا عميقا لأهمية أن تكون المنافسة عادلة، وأن تصان العملية الانتخابية من أى محاولة للضغط أو التأثير غير المشروع. عاشور يوضح أن الرئيس أعاد تذكير الجميع بأن الانتخابات ليست مجرد حدث سياسى عابر، بل «مؤسسة تشريعية تمثل الإرادة الحرة للمصريين»، وأن الحفاظ على نزاهتها هو الأساس الذى يبنى عليه احترام الدولة وسيادة القانون، لافتا إلى أن رسالة الرئيس جاءت فى لحظة تتطلب ضبط مسار الدعاية الانتخابية ومنع أى ممارسات قد تهدد مبدأ تكافؤ الفرص، سواء من خلال دعاية مخالفة أو أدوات تؤثر على اتجاهات التصويت.
المراجعة وليست الإلغاء
أستاذ العلوم السياسية طارق فهمى يؤكد أن توجيهات الرئيس إلى إعادة النظر فى بعض الإجراءات التى قامت بها الهيئة الوطنية للانتخابات، دون أن يمس ذلك باستقلاليتها أو مكانتها ومطالبتها بتحليل بعض الأمور ومراجعتها لا ينتقص من إشادته باللجنة «الموقرة»، لكنه يفتح الباب أمام مراجعات ضرورية، خصوصا أن إعادة الانتخابات ببعض اللجان قد تمثل إشكاليات رئيسية فى دوائر عديدة، بينما تبقى المراجعة الدقيقة هى الطريق الأسلم فى سياقها الصحيح. فهمى يشير إلى أن الدلالة الأبرز لما جرى هى أن الرئيس استمع وأنصت جيدا إلى الأصوات التى طالبت بالنظر فى سير الانتخابات، خاصة فى الدوائر الفردية التى شهدت بعض الأحداث مؤكدا أن استجابة الرئيس للنبض الشعبى والرأى العام ليست جديدة، لكنها اليوم تحمل وزنا أكبر لأنها تعكس حرصا على ما يجرى، سواء فى الانتخابات أو غيرها، فى لحظة حساسة تتطلب وضوحا فى الرؤية وقدرة على التقاط إشارات الجمهور المصرى وهذه الاستجابة يمكن البناء عليها، فهى جزء من استراتيجية مقاربة سياسية تراعى الصورة الذهنية للانتخابات، خصوصا مع وجود مخالفات وانتهاكات، فضلا عن الأموال التى دفعت فى بعض الدوائر وشكاوى المرشحين على مواقع التواصل الاجتماعى بصور "فجة وكبيرة".
تصرف حكيم من قائد عظيم
من جانبه يؤكد اللواء الدكتور راضى عبدالمعطى، عضو هيئة التدريس بكلية الشرطة ورئيس جهاز حماية المستهلك سابقا، أن توجيهات الرئيس التى طالب فيها الهيئة الوطنية للانتخابات بالفحص والفصل فى المخالفات الدعائية تمثل «تصرفا حكيما من قائد عظيم»، على حد تعبيره وهذه الخطوة تعكس تفاعل الرئيس مع نبض الشارع، وهو أقوى مؤشر على أن مصر تسير فى الاتجاه الصحيح فالقيادة– كما يقول– لا يمكن أن تتجاهل وجود سلبيات طرحت على الرأى العام خلال المرحلة الأولى من الانتخابات، لاسيما عندما تؤثر تلك السلبيات على الواقع والمجتمع المصري. عبدالمعطى يشير إلى أن سرعة استجابة الرئيس تعكس انحيازا واضحا للديمقراطية وللشعب المصرى، وأن هذا التوجه سيترك أثرا واسعا وغير تقليدى فى الشارع، مضيفا: أن الرئيس أكد استقلال الهيئة الوطنية للانتخابات واستقلال القضاء، مع ضرورة التعمق فى الفحص حتى لو اقتضى الأمر إلغاء المرحلة كاملة أو إلغاء بعض الدوائر، وهو ما يعكس حرصا على إقامة عدالة مجتمعية حقيقية تمكن الناس من ممارسة حقوقهم السياسية. من جانبها وصفت الأحزاب والقوى السياسية التوجيهات بأنها خطوة حاسمة لضمان نزاهة العملية الانتخابية حيث يؤكد النائب أحمد عبدالجواد، نائب رئيس حزب مستقبل وطن والأمين العام للحزب، حرص القيادة السياسية على ضمان نزاهة العملية الانتخابية والحفاظ على إرادة الناخبين فى اختيار من يمثلهم فى انتخابات مجلس النواب 2025، مشيرا إلى أن توجيهات الرئيس السيسى تشكل خارطة طريق دقيقة وواضحة تهدف لضمان وجود برلمان يمثل إرادة المواطنين، وقادر على ترجمة أولوياتهم الوطنية على أرض الواقع، وأن الالتزام بهذه التوجيهات من جميع الأطراف المشاركة فى العملية الانتخابية أساسى لنجاحها، وتحقيق انتخابات نزيهة وشفافة تعكس وعى المصريين ومصلحة الوطنية.
السيادة للشعب
أحمد العطيفى، أمين التنظيم بحزب حماة الوطن أكد أنها حملت عدة رسائل واضحة أهمها أن السيادة للشعب، وإرادة الناخبين خط أحمر، وأن القانون هو الفيصل فى أى تجاوزات وأن حزبه يرى فى تدخل القيادة السياسية رسالة حاسمة تؤكد أن الشفافية والنزاهة لا تهاون فيهما، وأن البرلمان المقبل يجب أن يكون انعكاسا حقيقيا لصوت المواطن. أمين التنظيم بحزب حماة الوطن يوضح أن إحالة الرئيس الكلمة الفصل للهيئة الوطنية للانتخابات يعزز ثقة المواطنين فى مؤسسات الدولة، مشيرا إلى أن الحزب يتعامل بارتياح كامل مع ما تضمنته رسالة الرئيس، خصوصًا ما يتعلق بإمكانية إبطال بعض الدوائر أو إلغاء المرحلة كاملة إذا لزم الأمر، معتبرًا ذلك دليلا قويا على صون الإرادة الشعبية.
عهد ومسئولية
حزب الجبهة الوطنية، يوضح أن الرئيس السيسى حسم فى توجيهاته للشعب المصرى الثوابت التى يجب أن تتسم بها العملية الانتخابية، مشيدا بالرسائل التى تضمنها بيان الرئيس من حرص واضح على ترسيخ النزاهة والشفافية وصون إرادة الشعب المصرى فى هذه اللحظة المفصلية من تاريخ الوطن، مؤكدا التزامه التام وكافة مرشحيه فى كل مراحل الانتخابات بكل الاجراءات القانونية، وتمسكهم بالقواعد المنظمة للعملية الانتخابية، واحترامهم التام لإرادة المواطنين وحقهم الأصيل فى اختيار من يمثلهم بحرية ومسئولية. «الحزب»، أعلن تأكيده على إعلاء إرادة الشعب المصرى من خلال دعم تشكيل برلمان متوازن يعبر بصدق عن الناس، ويعكس تنوع المجتمع، ويستحق ثقتهم، ويعمل من أجل مصالحهم الحقيقية، بما يتسق مع رؤية الدولة فى بناء مؤسسات قوية تستند إلى الديمقراطية وسيادة القانون.
خطوة نحو الشفافية
تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، تصف التوجيهات بأنها تؤكد حرص الدولة على صون نزاهة العملية الانتخابية وضمان التعبير الدقيق عن إرادة الناخبين، خاصة فى الدوائر التى شهدت جدلا خلال المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب، وثمنت تأكيد الرئيس على دور الهيئة الوطنية للانتخابات باعتبارها الجهة الوحيدة المختصة بالفحص والتحقيق فى الطعون والأحداث محل الجدل، مشيرة إلى أن دعوته للتدقيق الكامل فى تلك الوقائع يعزز الثقة العامة فى النتائج ويضمن سلامة الإجراءات. كما ترحب التنسيقية بتأكيد أهمية تمكين مندوبى المرشحين من الحصول على الوثائق الرسمية الخاصة بحصر الأصوات داخل لجان الفرز، معتبرة ذلك خطوة محورية لترسيخ مبدأ الشفافية ودعم الرقابة المتبادلة بين مختلف الأطراف.
خطوة على مسار الجمهورية الجديدة
الدكتور زاهر الشقنقيرى، المتحدث باسم حزب الشعب الجمهورى، يؤكد أن البيان الذى أصدره الرئيس بشأن الأحداث فى بعض الدوائر يؤكد عدة نقاط رئيسية، أولها استجابة الرئيس لمخاوف المواطنين وحرصه على معالجة أسبابها، ويبرز تأكيد الرئيس على استقلالية الهيئة الوطنية للانتخابات وأهمية الالتزام بالقرارات الصادرة عنها، وضرورة العمل بشكل مؤسسى دون تدخل من أى جهة مخولة وفقًا لنص القانون فى اتخاذ الإجراءات القانونية. الشقنقيرى يلفت إلى حرص الرئيس على استقلالية الهيئة الوطنية للانتخابات طبقا للدستور والقانون، والتأكيد على وجوبية تنفيذ ما يصدر عن الهيئة الوطنية من قرارات، موضحا أنّ البيان أكد الالتزام بأقصى درجات الشفافية فى الإجراءات الانتخابية، العدالة والدقة فى التحقيقات وعلانية القرارات، والاستجابة لشواغل المواطنين والحرص على إزالة أسبابها.
تعزيز نزاهة الجولات الانتخابية
من جانبه يؤكد حزب العدل أهمية التنفيذ الكامل للتوجيهات الرئاسية الخاصة بحصول كل مندوب عن المرشح على صورة رسمية من كشوف حصر الأصوات، والإعلان الشفاف عن الإجراءات المتخذة حيال المخالفات المرتبطة بالعملية الانتخابية، وعلى الهيئة الوطنية اعتبار ذلك مدخلا أساسيا لتعزيز نزاهة الجولات الانتخابية، واتخاذ ما يلزم من إجراءات وفقا لاستقلاليتها وسلطاتها المحددة بالقانون فى إعادة انتخابات بعض الدوائر إن لزم الأمر. ناجى الشهابى، رئيس حزب الجيل الديمقراطى وعضو مجلس الشيوخ يرى أن استجابة الرئيس عبدالفتاح السيسى السريعة لمطالبنا التى طرحناها بشأن تمكين المرشحين ووكلائهم من حضور الاقتراع والفرز، والحصول على صور محاضر الفرز، تعكس موقفا وطنيا راسخا يرفع من قيمة نزاهة الانتخابات ويحمى إرادة الشعب المصرى.