لم تكن حادثة اغتصاب طفلة الدقهلية "جنا" هي الأولى من نوعها، فقد سبقها العديد من الحالات بدءًا من اغتصاب فتاة بورسعيد "زينة" مرورًا بحادثة طفلة المنيا "هدى" التي اعتدى عليها عاطل وقام بقتلها؛ وصولًا إلى حالة التحرش الجماعي التي لاحقت فتاة الشرقية في أحد ميادينها. وفيما يلي تسعى الشروق لمعرفة أبعاد الأزمة وكيفية الخروج منها.. أستاذة علم اجتماع: خطاب بعض الأئمة تسبب في انتشار التحرش تقول أستاذة علم الاجتماع هدى زكريا، تعليقًا على واقعة التحرش الجماعى لفتاة الشرقية، إن سبب ارتفاع نسبة التحرش الجنسي في مصر في الآونة الأخيرة يرجع إلى أمرين رئيسيين أهمهما: الخطاب الدينى الذي يقدمه خطباء المساجد، حيث تجد المحتوى المُقدم من جانبهم يضم في ثناياه تعصبًا واضحًا ضد المرأة ومحاولة لحجبها بكل الطرق باعتبار أن خروجها للشارع بشكل لافت للمارة يعد إثما؛ ما يعطى للمتحرش مبررًا أخلاقيًا للتحرش بالفتاة من باب «العقاب». وعن الأمر الآخر المؤثر في ظاهرة التحرش، أشارت إلى تراجع دور التنشئة الاجتماعية بشكل كبير سواء من المدرسة أو الأسرة، وأيضا غياب الطبقة الوسطى التي كانت تحكم المجتمع بقيم أخلاقية رفيعة، لكنها انعزلت بشكل كلي عن الشارع حتى أصبح الشارع «سداح مداح لا قيم فيه ولا اعتبارات اخلاقية»، حسب تعبيرها. وأضافت قائلة: "هناك حالة من الرفض للنساء في الشارع، وذلك يعود إلى تراجع مفاهيم الرجولة بشكل كبير، موضحة أن الشارع في حاجة إلى السيطرة. كما أشارت إلى أن سبب هذا الانفلات الأخلاقى الكبير يرجع أيضا إلى تدنى الأعمال الفنية المقدمة إلى الجمهور، حيث تظهر فيها العديد من الإيحاءات الجنسية، دون وجود رابط أخلاقي ملزم يحقق قدرُا من الحفاظ على القيم الأخلاقية للمجتمع. آمنة نصير تطالب بإعدام المتحرشين بالأطفال في ميدان التحرير ومن جانبها، قالت آمنة نصير أستاذة العقيدة وعضو مجلس النواب، إن مرتكبي تلك الجرائم يجب أن يجلدوا في ميدان التحرير حتى يكونوا عبرة لمن يعتبر، مشيرة إلى أهمية وجود عقاب رادع لأى شخص تسول له نفسه أن يفعل ذلك مع أولادنا التي هم ثورة المستقبل في الأساس. وأردفت قائلة "إن عقب ثورة يناير حدثت حالة من خلط الأوراق ما بين ثورة على نظام سياسي وما بين قيم وأخلاق اجتماعية لا يمكن الاستغناء عنها، فنحن لم نضع خطوط فارقة بينهما وهذا أدى مباشرة إلى حدوث خروج على قيمنا الاجتماعية وموروثنا الثقافي، ويرجع أيضا هذا الانفلات إلى الغياب الواضح لدور التربية الناضجة في المجتمع من خلال البيوت، وقد طالبت كثيرًا ضروروة وجود برامج تعالج تلك الأزمات الاجتماعية لكن كل مطالباتى ذهبت عرض الحائط، مشيرة إلى أهمية وجود توعية حقيقية للشباب بشأن ذلك الأمر. وعن النداءات التي تتردد بين الحين والآخر حول وجود تشريع لقانون يجرم مثل تلك الأفعال، قالت نصير: "لقد خرج قانون يجرم مثل تلك الأفعال في فترة رئاسة المستشار عدلى منصور وهو حيز التنفيذ، ومدة العقوبة ربما تحتاج إلى تعديل للحد من تلك الظاهرة البشعة". أستاذ علم نفس: الإدمان سبب رئيسي في مثل هذه الحوادث وانتقالا إلى علم النفس وتأثير المرحلة البيولوجية على الظاهرة، أكدت الدكتورة سوسن فايد أستاذة علم النفس السياسي بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، أن الشباب يعانون من فراغ عاطفى وتأخر ثقافى كبير؛ خاصة في مرحلة المراهقة، هذا وبالإضافة إلى وجود أزمة ثقة بين الذكور والإناث خصوصا عندما تجد فتاة يظهر عليها ملامح التناقض ما بين سلوكها وملبسها. وعن حادثة اغتصاب الطفة "جنا" قالت إن انتشار الإدمان بشكل موسع وتوافر كل انواع المخدرات مع الشباب سبب رئيسي في مثل تلك الحوادث، التي تُخرج مفتعلها عن السيطرة، مسببة له وجود هلاوس بصرية وسمعية، بالإضافة إلى وجود أشخاص يعانون نفسيًا من هذا الأمر، ولكنهم يتجنبون العلاج لاعتقادهم أن المرض النفسي أمر مشين وسيئ.