بعد انتشار ظاهرة التحرش فى مصر وتعرض العديد من النساء إلى حالات انتهاك واغتصاب وحشية وصل لحد العمل الممنهج، وبعد أن أصبح خروج الفتيات والسيدات إلى الشارع المصرى محاطًا بالمخاطر، حيث عمت حالة من الخوف والفزع الشديد داخل محيط الأسر المصرية، أصبح الآباء والأمهات يخشون خروج بناتهن خوفا من أن تعترض طرقهن الذئاب البشرية، فضلاً عن توسع دائرة العنف والتحرش لتشمل الأطفال الذين لا يتجاوزون الخامسة أو الثالثة من عمرهم، كذلك تحطيم مستقبل أسر مصرية كاملة، ورغم أننا نحيا فى مجتمع شرقى إلا أن النساء أصبحوا عرضة للتحرش أو الاغتصاب . كما تتعرض المغتصبة أو المتحرش بها لأضرار نفسية وجسمانية، وعار يطاردها وكأنها كانت مجرمة وليست ضحية لذلك كان لزاما علينا أن نبحث عن الأسباب الحقيقية وراء انتشار هذه الجرائم وموجة العنف والانحدار الأخلاقى التى عمت المجتمع المصرى، وإيجاد حلول مناسبة للخروج من عنق الزجاجة الضيق. كانت البداية مع الدكتورة ماجدة عدلى مدير مركز النديم لقضايا المرأة التى أعربت عن استيائها مؤكدة أن ما حدث بالتحرير يعتبر جريمة تعذيب جنسي ممنهج واعتداء صارخ علي الحق في سلامة الجسد، وموضحة أن ماحدث لم يكن الواقعة الأولي حيث أن التحرش تزايد فى السنوات الأخيرة، فقد تمت تحرشات جماعية لعشرات النساء من بعد الثورة بدأت في الاحتفال باليوم العالمى للمرأة في 8 مارس 2011 أقل عنفا مما نراه اليوم. واشارت عدلى إلى تكرار حوادث الاعتداء علي الصحفيات غير المصريات والفنانات في أكثر من تجمع من تجمعات 2011 و 2012، حتى وصل الأمر الى منحي جديد في نوفمبر 2012 من خلال الاعتداء علي عشرات من النساء وتجريدهن من ملابسهن وحمل احداهن علي سيارة ملاكي من ميدان التحرير حتى منطقة عابدين علي مرأي ومسمع من مئات المواطنين بين مشارك ومشاهد ومنتظر لدورة في الهجوم، كما جاء بشهادات الناجيات من العنف أن بعضهن تم ضربه بالعصي والأحزمة الجلدية أثناء عملية الاعتداء الوحشي. وتابعت عدلى أنه تم التحرش في الاحتفال بذكري الثورة في يناير 2013 حيث تقدمت بعدها 7 من الناجيات من حوادث التعذيب الجنسي الجماعي ببلاغ مجمع للنيابة المختصة وسط مسيرة نسائية، كما شهدت القاهرة مظاهرات كبيرة في عدد من مناطق القاهرة أكبرها تلك التى تحركت من ميدان طلعت حرب والثانية التى انطلقت من ميدان السيدة زينب، ولم تكن تلك الأحداث لتحرك سلطة تغيب عنها الإرادة السياسية. وأضافت مدير مركز النديم لقضايا المرأة أن اعتداء عشرات البلطجية علي المتظاهرات وانتهاك أعراضهن كانت تحت حماية قوات الشرطة وقياداتها وقتها -على حد قولها-. وأكدت مدير مركز النديم لقضايا المرأة أن مصر شهدت بعدها امتداد واتساع لظاهرة التحرش الجماعي في الأماكن العامة والأعياد والأماكن المزدحمة، وعلى الرغم من وجود ردود فعل للاعلام القوية واعتذار الرئيس السيسي إلا أن هناك مخاوف من أن تكون موجه من الاهتمام لا تلبث أن تنتهي، كما حدث في المرات التى تم الإشارة لبعضها ولأن هذا الاهتمام لم يحدث إلا بعد تسريب فيديو الاعتداء الوحشي بميدان التحرير يوم إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية. واضافت عدلى انها ليست من مؤيدي تشديد العقوبات لدرجة الإعدام ففي كثير من الأحكام تشديد العقوبة قد يغل يد القضاء في اصدار تلك الأحكام، مؤكدة أن الحل ليس في القانون فقط رغم أهميته فالوباء يحتاج استيراتيجية متكاملة لكل المؤسسسات المختصة بحماية أمن المواطنين والمواطنات شاملة إعادة هيكلة المؤسسات الأمنية التى ترسخت عقيدتها علي عداء الشعب واهانته وانتشار التعذيب ليصبح روتين يومي في كل أقسام الشرطة، وهي العقيدة التى لم تتغير لعدم إعادة هيكلة وزارة الداخلية كواحد من أهم مطالب ثورة يناير -على حد قولها-. وأكدت عدلى أنه ستكون هناك خطوات تصعيدية تبدأ بمظاهرات أمام الأوبرا وفي محيط الاتحادية وسلسلة بشرية في التحرير ومؤتمرات، وهناك أيضا مقترحات تصعيدية سيعلن عنها في حينها. ومن جانبها أكدت الدكتورة سامية قدرى، أستاذ علم الاجتماع بكلية البنات جامعة عين شمس، أن السبب الرئيسى وراء حادثة التحرش الجماعى التى حدثت فى ميدان التحرير هو عقاب المصريين على خطأ لم يرتكبوه، وإفساد فرحتهم بتنصيب الرئيس عبد الفتاح السيسي. وأضافت "قدرى" أن الحادثة مدبرة وممنهجة، وليس حادث تحرش عابر مثل ما يحدث للعديد من البنات فى حياتنا اليومية، مشيرة إلى أن الضحية نفسها قد اعترفت أن الحادث ممنهج ومدبر، وأن المجرمين كان هدفهم إفساد فرحة المصريين بتنصيب الرئيس عبدالفتاح السيسي. وأكدت أستاذ علم الاجتماع بكلية البنات جامعة عين شمس أن المُتحرشين استهدفوا النساء لعلمهم أنهن ضعيفات فضلا عن إطمئنانهم لضعف التأمين, مشيرة إلى أن اغتصاب النساء والتحرش بهن وامتهان كرامتهن هو أكبر امتهان واغتصاب للوطن، ولذلك للأسف الشديد فإن النساء هن أكثر من يتعرض للظلم فى حالات التخطيط لإفساد فرحة الوطن. وأوضحت أستاذ علم الاجتماع بكلية البنات جامعة عين شمس أن الحادث ليس له أى علاقة بالعوامل النفسية، ولكنه انعدام أخلاقى، لافتة إلى أن العوامل النفسية حالات فردية، ومن المستحيل أن يكون حادث تحرش جماعى لأكثر من سبعة أفراد أن يكون جميعهم مرضى نفسيين، مشيرة إلى أن العامل النفسى والاجتماعى غير مسبب وغير محفز لجرائم التحرش الجنسى. وفى سياق متصل قال المستشار محمد عيد سالم نائب، رئيس محكمة النقض، إنه من المهم أن يكون هناك ضمان لتطبيق نص العقوبة، مشيرًا إلى أن المسألة ليست نص القانون، وإنما المسألة هى التطبيق الفعلى للقانون. وطالب "سالم" بضرورة عمل نظام يسمح بتطبيق العقوبات فور وقوع الجريمة حتى يتم القضاء على ظاهرة التحرش من المجتمع المصرى قائلاً: "فالعبد إذا أمن العقاب أساء الأدب". واكد نائب رئيس محكمة النقض إن العبرة ليست فى تغليظ العقوبة بقدر تطبيق العقوبة، ومضيفًا أن الشخص حين يرتكب الجريمة يكون لديه يقين بأنه قادر على إخفاء جريمته، وأنه لن يتم توقيع عقوبات عليه، فالقتل مثلاً تصل عقوبته إلى حد الإعدام، ولكن مازال لدينا جرائم قتل فى المجتمع، وأضاف قائلاً: لذلك مازلت أؤكد أن سرعة تطبيق العقوبة أهم كثيرًا من نص القانون. كما قال ممدوح أحمد محمود الناشط الحقوقى، إن المصريين لا يقبلون الاعتداء على أى فتاة أو امرأة مصرية, ولا أن تمارس ضدها هذه الجرائم البشعة, مشيرا إلى أن تكرار وقائع التحرش يؤكد أن مصر تعاني من انحدار أخلاقى. وطالب ممدوح بتوقيع أقصى العقوبة على كل من يثبت إدانته بجريمة التحرش الجنسى ضد أى فتاة، فضلاً عن تعديل نص القانون لتصل عقوبة المتحرش إلى الإعدام. كما قال الدكتور يسري عبد المحسن أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة إن المتحرشين شخصيات عدائية للمجتمع وتتلذذ بإيقاع الأذى على الآخرين، ومن الممكن أن يكونوا مأجورين، مطالباً برادع قوى للحد من انتشار هذه الظاهرة ولمحاسبة هؤلاء المجرمين الذين يستفيدون من جرائمهم ماديا. وأكد عبد المحسن أن هناك العديد من العوامل التى تؤدى إلى مثل هذه الجرائم وتتمثل فى عوامل مادية، ونفسية، واجتماعية، وسياسية ودينية وأخلاقية، فضلا عن احتياج الشباب للعمل وكسب لقمة العيش، وحاجتهم للمتعة الجنسية التى لا يستطيعون تحقيقها نظراً للمغالاة فى أسعار الزواج. وأشار أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة إلى أنه لابد من عمل توعية للشباب من خلال الأسرة والمدرسة، والجامعة، والجامع، والكنيسة، بالإضافة إلى الرادع الأمنى القاطع والسريع، مؤكدا أن الأهم من كل هذه الحلول هو تقوية الوازع الدينى لدى الشباب. ومن ناحية أخري كشف النقيب مصطفى ثابت ضابط من قوة قسم باب الشعرية "منقذ ضحية حادثة الفيديو الشهيرة التى تعرضت للاغتصاب فى ميدان التحرير" تفاصيل هذا الحادث البشع بكل ماتعنيه الكلمة من معانى وكيف تجرد هؤلاء الوحوش من ادميتهم وتجرؤا على فعل جريمتهم البشعة. واشار ثابت ان بداية الواقعة تعود الى انه فى تمام الساعة العاشرة والنصف مساءا ابلغه عدد من المحتشدين بميدان التحرير للاحتفال بتنصيب الرئيس عبد الفتاح السيسى أن هناك حالة تحرش جماعية وسط الميدان ، فتوجه مسرعا ووجد الضحية بين أنياب هؤلاء الوحوش لا حول لها ولا قوة. واضاف ثابت انه حاول بكل جهد الوصول إليهاولكنه لم يتمكن نظرا لكثرة اعداد المتحرشين ، فقام على الفور بإطلاق بعض الأعيرة النارية فى الهواء كى يتمكن من الوصول إليها ، وتشبثت به الضحية تتوسله أن لا يتركها فقا لها : "متخافيش والله مش هسيبك بس حاولى تساعدينى" ثم أتت إليهم قوات من الشرطة وتم إنقاذها. واكد ثابت ان جميع مداخل ومخارج ميدان التحرير كانت مؤمنة بالكامل فى هذا اليوم ولكن للأسف أن الجريمة وقعت فى وسط ميدان التحرير (عند الصينية) ولم يكن هناك تأمين بهذا المكان نظرا لكثافة عدد المحتفلين الموجودين بالميدان . واشار ثابت الى ان السبب الرئيسى لهذه الجريمة يرجع لوجود أزمة أخلاق وان الشباب لم يعد كما كان فى السابق ، كما طالب بتطبيق فعلى لقانون التحرش الذى اصدره الرئيس السابق عدلى منصور ، مؤكدا ان رجال شرطة سيتصدوا لكل محاولات التحرش بقدر الإمكان.