من يعتقد أن مجرد اشتراك نجمنا المحبوب محمد صلاح فى مباراة ناديه الأخيرة ضد نادى برايتون، أنهى مشاكله مع ناديه ليفربول؟ يؤسفنى أن أقول له: إنك واهم، فما حدث من إدارة النادى الإنجليزى لا يعد فقط سوء تقدير أو احترام، بل هو نكران للجميل ولكل ما فعله صلاح من أجل هذا النادى، خصوصا خلال السبع سنوات الأخيرة، حيث كان النادى الذى لم يكن سوى اسم كبير يعيش على ذكريات الماضى بينما العالم الكروى تغير من حوله، ليدخل عن طيب خاطر فترة جفاف بطولى استمرت طويلا، قبل أن يفوز لاحقًا ببطولة دورى موسم 2019 مع صلاح، الذى تحول بفضله إلى أيقونة كروية أعادته إلى قمة إنجلترا وأوروبا، وغيرت صورته تسويقيا وجماهيريا.. تلك الصورة الجديدة كان سببها الرئيسى ابن بلدى، لكنها تغيرت 180 درجة عندما غرست فيها الغيرة والمصالح، من هنا تحديدا طفت على السطح الأزمة، التى كان بدايتها تباطؤ النادى فى ملف تجديد عقد صلاح، الذى تم تفسيره جماهيريا على أنه تقليل مما قدمه من جهد وإنجازات، وهذا ما جعله يلمح أو يصرح للجماهير بأنه لا يشعر بالتقدير الكافى سواء من حيث الراتب، أو من حيث الدعم الإعلامى داخل النادى نفسه، لتتحول الأزمة من مجرد مناقشة أرقام إلى كرامة نجم يعرف مدى ما يقدمه، سواء داخل الملعب أو خارجه. ضغط جماهير ليفربول العاشقة لصلاح جعلت الإدارة ترضخ لمطالب تجديد عقده، وهو ما لم تغفره له، فكان السيناريو الذى كتب حبكته الدرامية مايكل إدواردز (الرئيس التنفيذى) وريتشارد هيوز (المدير الرياضى) كلاهما لم يكونا راضيين عن مناشدات صلاح العلنية بشأن عقده الموسم الماضى، وساعدهما فى التنفيذ مدير فنى ضعيف الشخصية والقدرات الفنية يدعى (سلوت)، تارة ببقاء صلاح على دكة البدلاء وتارة أخرى بحجة تنفيذ طريقة لعب جديدة، أو التعلل بانخفاض مستواه، خاصة أن عقده يمثل مشكلة لهذه الإدارة، بعد الصفقات الفاشلة التى كبَّلوا بها النادى، لذلك كان لا بد من التخلص من صلاح حتى تستتب لهم الأمور. وهذا ما فطن له صلاح فقام بفضحهم إعلاميا، وأمام قوة تصريحات ابن بلدى وضغط الجماهير العاشقة له، تم تأجيل تنفيذ تأجيل السيناريو مؤقتا من قبل هذه الإدارة، لحين معرفة عودة صلاح من عدمه عقب مشاركته مع منتخبنا فى بطولة الأمم الإفريقية، إلا أن سيناريو الإعلام الإنجليزى العنصرى وغير المحايد لم يتوقف. والذى ترعاه تلك الإدارة، يتصدره لاعب سابق يدعى (كاراجر) سجل أهدافًا عكسية فى مرماه أكثر مما سجل فى مرمى الخصوم. دأب على مهاجمة صلاح أينما وُجد. وسار على دربه (واين رونى) نجم مانشستر يونايتد، الذى حث (سلوت) على التخلص من صلاح حتى يتمكن من إيقاف معاناة الفريق الذى يئن تحت وطأة الهزائم، كأن صلاح هو سبب هزائم الفريق وليس الفريق ككل الذى انخفض مستوى جميع أفراده تحت قيادة هذا المدير الفنى الفاشل. نأتى إلى الصحافة الإنجليزية التى تتحامل على نجمنا العربى. فى عنصرية إعلامية ليس لها من مثيل. وهنا تحديدا أترك معرفة سبب هذه العنصرية والتحامل للصحفى الإنجليزى (جوهان سوليفان) الذى أكد أن هناك حملة ممنهجة فى الإعلام الانجليزى على محمد صلاح حاليا، حتى بعد انتهاء أزمته ظاهريا. بدأت بالتناقض الواضح الذى تطرحه فهو تجسيد حقيقى لما يُوصف ب«ازدواجية المعايير» فى الإعلام الرياضى الإنجليزى بالأرقام، فحين نضع صور هذا التحيز تحت المجهر، ووفقا للتقارير الصادرة فى أواخر عام 2025، نفاجأ بشكل صادم، فبينما تهاجم حقبة محمد صلاح فى «الأنفيلد»، يتم الاحتفاء بأسماء أخرى تقدم نفس المردود الرقمى تقريبا، بل إن هناك صحفًا كبرى تتبنى حملة أن صلاح فقد توهجه وبالتالى أصبح رحيله واجبا، وتزعم هذه الصحف أن صلاح أصبح عبئا على الفريق ويجب التخلص منه فى يناير المقبل لتجنُّب رحيله مجانا، ولهذا يتم استغلال تراجع أرقامه التهديفية هذا الموسم (4 أهداف فقط حتى الآن) للمقارنة بينه وبين الماكينات الأخرى مثل هالاند (14 هدفًا) لتبرير فكرة أنه انتهى. وأن علاقته المتوترة مع المدير الفنى زادت من حدة المشاكل داخل الفريق ككل. مستخدمين فى ذلك تصريح صلاح بأنه (ألقى به تحت حافلة)، هذا التوتر جعل الإعلام يركز على «سلوك» صلاح وتأثيره السلبى المفترض على غرفة الملابس بدلاً من التركيز على استقرار إنتاجه الرقمى، فمثلا لو تمت مقارنة بين صلاح وساكا نجم الأرسنال سنجد أن أرقام صلاح (9 مساهمات تهديفية فى 20 مباراة) تضعه فى نفس مرتبة ساكا (9 مساهمات فى 21 مباراة)، إلا أن المعاملة مختلفة تماما فساكا يُنظر إليه ك«الفتى الذهبى» والإنجليزى الموهوب الذى يحمل آمال أرسنال، ويتم التغاضى عن فترات غيابه عن التسجيل، أما صلاح فيتم التعامل معه كمحترف «تجاوز ذروته»، لذلك فإن ما نراه فى تلك الصحف لا يعد نقدًا فنيًّا، بل هو مزيج من الضغط لبيع اللاعب قبل نهاية عقده ورغبة الإعلام فى تصدير نجوم إنجليز جدد على حساب الأساطير الأجانب الذين سيطروا على الساحة لسنوات. تلك هى شهادة صحفى إنجليزى لم تنل منه نار التعصب والعنصرية. عموما إذا قرر صلاح أن يستمر أو تمت الإطاحة به طبقا لهذا السيناريو القذر، فمن المؤكد أن ليفربول فقد أسطورة من الصعب أن تتكرر، أما عن صلاح نفسه، فهو قادر على التحدى وإثبات أن مرضى التشكيك والعنصرية ليس لهم من مكان فى عالم كرة القدم. ودليلى على ذلك الأرقام والإنجازات التى تحققت، وجماهير كرة القدم الواعية التى لا تنسى.