قبل عمرة المولد النبوي.. سعر الريال السعودي اليوم الجمعة 15 أغسطس 2025    15.8 مليون جنيه حصيلة بيع سيارات وبضائع جمارك الإسكندرية والسلوم في مزاد علني    عبير الشربيني متحدثًا رسميًا لوزارة البترول    الفصائل الفلسطينية: ندعو مصر إلى رعاية عقد اجتماع لمواجهة مخططات الاحتلال    مفتي الجمهورية يستنكر التصريحات المتهورة حول أكذوبة «إسرائيل الكبرى»    روسيا: طرد دبلوماسيينا من إستونيا «محاولة لشل السفارة» ولن ينجح    محمد عباس يدير مباراة الزمالك والمقاولون بالدوري    قبل ملاقاة المصري.. بيراميدز يخوض مباراة ودية استعدادًا لمنافسات الدوري    ملف يلا كورة.. وداع منتخب اليد.. اكتساح مصر للسلة.. وقائمة الأهلي    رياضة ½ الليل| صدمة أهلاوية.. الزمالك يحل الأزمة.. رقم جماهيري قياسي.. وتأهل جديد للفراعنة    رحيل مفجع.. التصريح بدفن ضحايا ألسنة نار مصنع البلاستيك بالقناطر الخيرية    مصرع طالب في تصادم سيارة ودراجة بخارية بقنا    ليلة رعب بالقليوبية.. معركة بالأسلحة البيضاء تنتهي بسقوط المتهمين بالخصوص    تامر عاشور يتألق في أضخم حفل غنائي بالعلمين الجديدة    أول ظهور ل ليلى علوي بعد حادثة الساحل: «عملت أشعات والخبطة كانت بسيطة» (فيديو)    هشام عباس يحيي حفلًا كبيرًا في مهرجان القلعة الدولي للموسيقى والغناء 18 أغسطس    تامر حسني: «نفسي أعمل حفلات في الصعيد والأقصر وأسوان والشرقية» (فيديو)    لا تتجاهل هذه العلامات.. 4 إشارات مبكرة للنوبة القلبية تستحق الانتباه    ماذا يحدث في حلب، تسمم العشرات من أفراد "الفرقة 64" بالجيش السوري ونداء عاجل للمستشفيات    النيابة تصدر قرارًا بحق المتهمين بمطاردة فتيات على طريق الواحات    مالي: اعتقال عسكريين ومدنيين بتهمة التآمر على الحكومة بدعم خارجي    بدرية طلبة تتصدر تريند جوجل بعد اعتذار علني وتحويلها للتحقيق من قِبل نقابة المهن التمثيلية    نفحات يوم الجمعة.. الأفضل الأدعية المستحبة في يوم الجمعة لمغفرة الذنوب    د.حماد عبدالله يكتب: الضرب فى الميت حرام !!    ما هو حكم سماع سورة الكهف من الهاتف يوم الجمعة.. وهل له نفس أجر قراءتها؟ أمين الفتوى يجيب    إحباط عملية تهريب كبرى للكوكايين بتنسيق مغربي إسباني ودولي    الأمم المتحدة تدين خطة سموتريتش الاستيطانية    "بوليتيكو": أوروبا تتأرجح بين الأمل والخوف مع لقاء ترامب وبوتين    طريقة عمل سلطة التبولة بمذاق مميز ولا يقاوم    سحب رعدية تقترب.. أسوان ترفع درجة الاستعداد لمواجهة الأمطار    «هتستلمها في 24 ساعة».. أماكن استخراج بطاقة الرقم القومي 2025 من المولات (الشروط والخطوات)    لو اتكسر مصباح السيارة هتعمله من غير ما تروح للميكانيكي: دليل خطوة بخطوة    بيراميدز يخوض ودية جديدة استعدادا للمواجهات المقبلة في الدوري    خالد الغندور: تفاصيل اقتراب عودة أحمد فتوح للتدريبات الجماعية بعد مباراة المقاولون    رسميًا بعد قرار البنك الأهلي.. حدود السحب والإيداع اليومي من البنوك وال ATM وإنستاباي    من الأطباء النفسيين إلى اليوجا.. ريهام عبد الغفور تكشف ل يارا أحمد رحلة تجاوز الفقد    #رابعة يتصدر في يوم الذكرى ال12 .. ومراقبون: مش ناسيين حق الشهداء والمصابين    الفصائل الفلسطينية: نثمن جهود الرئيس السيسي الكبيرة.. ونحذر من المخطط التهويدي الصهيوني في الضفة    رسميًا ..مد سن الخدمة بعد المعاش للمعلمين بتعديلات قانون التعليم 2025    «اللهم ارزقنا لذة النظر إلى وجهك الكريم».. دعاء يوم الجمعة ردده الآن لطلب الرحمة والمغفرة    رسميًا الآن.. رابط نتيجة تنسيق رياض أطفال 2025 محافظة القاهرة (استعلم)    حبس المتهمين بمطاردة سيارة فتيات على طريق الواحات 4 أيام    هترجع جديدة.. أفضل الحيل ل إزالة بقع الملابس البيضاء والحفاظ عليها    تناولها يوميًا.. 5 أطعمة تمنح قلبك دفعة صحية    النائبة أمل سلامة: المرأة تعيش عصرها الذهبي.. والتأثير أهم من العدد    بالصور| نهضة العذراء مريم بكنيسة العذراء بالدقي    طرائف الدوري المصري.. لاعب بيراميدز يرتدي قميص زميله    "بعد اتهامها بتجارة الأعضاء".. محامي زوجة إبراهيم شيكا يكشف لمصراوي حقيقة منعها من السفر    ستيفان مبيا: محمد صلاح كان يستحق الفوز بالكرة الذهبية في السنوات الماضية    تعرف على عقوبة تداول بيانات شخصية دون موافقة صاحبها    وزير البترول يكلف عبير الشربيني بمهام المتحدث الرسمي للوزارة    القانون يحدد ضوابط استخدام أجهزة تشفير الاتصالات.. تعرف عليها    بعد موافقة النواب.. الرئيس السيسي يصدق على قانون التصرف في أملاك الدولة    لأول مرة بمجمع الإسماعيلية الطبي.. إجراء عملية "ويبل" بالمنظار الجراحي لسيدة مسنة    هل دفع مخالفة المرور يسقط الإثم الشرعي؟.. أمين الفتوى يجيب    الإعلام المصرى قوى    درة تاج الصحافة    الإصدار الثانى عاد ليحكى الحكاية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوسلو وأخواتها حقبة لابد زائلة
نشر في الشروق الجديد يوم 13 - 09 - 2009

إن صدور القرار الإسرائيلى القاضى ببناء خمسمائة وحدة سكنية فى المستوطنات القائمة عشية زيارة ممثل الرئيس الأمريكى أوباما السناتور جورج ميتشل إلى إسرائيل، يختزل نهج السياسة، الإسرائيلية فى تعاملها مع الولايات المتحدة الأمريكية منذ احتلال الأراضى الفلسطينية عام 1967.
بمعنى فرض الأمر الواقع، سواء باغتصاب الأرض وتشريد أبنائها فى أصقاع الدنيا أو بفرض سياسات التمييز العنصرى على الفلسطينيين العرب الذين لم يغادروا موطنهم، بل تمسكوا بأرضهم وهويتهم ويحاولون باستمرار وبشتى الوسائل المتاحة تأييد حقوقهم وترسيخ قناعتهم بعروبة انتمائهم والصبر على الطغيان بانتظار أن تزول الشدائد ولسان حالهم يردد: «لابد لليل أن ينجلى..».
إن الحالة النفسية التى يعيشها الفلسطينيون العرب داخل إسرائيل تتجلى برهانهم الدائم على المستقبل، بالرغم مما لحق بهم من التهميش والقمع والممارسات غير الإنسانية أحيانا، التى أقصتهم بمعظمها عن حقوقهم الطبيعية وجعلت منهم مجموعات تابعة معدومة السيادة والقرار. ذلك أن فى داخل كل منهم، يعيش أمل لا يمل أو يتعب بل يتطلع إلى مستقبل واعد تتحقق فيه الحرية فى إطار من الاستقلال والسيادة، فإن لم يكن لهم بالذات فلأجيالهم القادمة، وأن المرحلة الحالية ليست إلا حقبة عابرة من التاريخ لا بد زائلة.. ومثل نظام الأبارتيد فى جنوب أفريقيا، فإن النظام الصهيونى لا يستطيع الاستمرار، لا لمجرد التصدى المتمثل بتأكيد العرب الفلسطينيين على حقوقهم الوطنية والإنسانية، لكن أيضا على حتمية يقظة شاملة لليهود بنبذ سياسات التقوقع والخوف أو تخويف الآخر بما لا ولن يتلاءم مع مصير ومستقبل أجيالهم الصاعدة.
***
أشير هنا إلى حالة الصمود الفلسطينى وراء الخط الأخضر الفاصل بين إسرائيل وفلسطين المحتلة، على أنها فى جوهرها حالة استنهاض للشعب الفلسطينى الرازح تحت الاحتلال ولأمة عربية تستحق وحدتها ولكن غيبتها ما وصف خطأ بالواقعية، وهى فى حقيقتها وقيعة كبلت حركة جماهيرنا، وحالت دون تنسيق ملزم بين دولنا.
خدّرت العديد من طلائعنا الفكرية وفى كثير من الأحيان أقصت شرائح من مكونات مجتمعاتنا عن فرص المشاركة فى صنع القرارات المصيرية. أجل، هذا الصمود الفلسطينى داخل إسرائيل، أفرز تيارات متغالية بعنصريتها أمثال «إسرائيل بيتنا» بقيادة ليبرمان والطاقم الحاكم الذى يتعامل مع المواطنين العرب وكأن بقاءهم فى أرضهم وتمسكهم بحقوقهم واستعدادهم الدائم لمواجهة القوانين التعسفية وممارسات التمييز ضدهم، أو قل هذا الصمود بمختلف أشكاله، هو بمثابة التحدى الذى يذكر بصفاتهم العنصرية وتحريفهم للقيم والأخلاق اليهودية، كون الصهيونية هى ملاذهم ودليل تفوقهم، مما يفسر المغالاة فى نفورهم من كل اليهود الملتزمين بحقوق الإنسان أمثال ريشارد فولك الأمريكى والقاضى كلادستون من جنوب أفريقيا، اللذين كانا موفدين من الأمم المتحدة للتحقيق فى أحداث غزة وقد منع الاثنان من دخول إسرائيل.
تجدر الإشارة هنا إلى أن هناك مئات الآلاف من أمثالهما فى العالم، وهم بمجموعهم يشكلون دائرة الوجدان اليهودى الذى يختلف تماما عن حركة الغطرسة الصهيونية.
ولا شك أن الشريحة العربية داخل إسرائيل قد تعرفت على أمثال فولك وكلادستون وكثيرين غيرهم، وأدركت أهمية الفرق بين اليهودية والصهيونية. من هذا المنظور، يجب تحديد الدور لهذه الشريحة من شعبنا فى فلسطين المغتصبة، بإجراء دراسة وافية لتجربتهم الفذة، حيث يجب أن تستقيم وحدة الشعب الوطنية وتستعيد المقاومة ثقافتها ووحدة صفوفها وبالتالى نجاعتها وتاريخية دورها..
***
قد يتساءل القارئ، وما علاقة هذا الشرح لواقع المواطنين العرب فى إسرائيل بالزيارة التى يقوم بها السناتور ميتشل إلى إسرائيل والأراضى العربية المحتلة؟
لا شك أن السؤال منطقى جدا، إذ يبدو على سطح الأحداث وكأن لا علاقة له إطلاقا بموضوع التمييز العنصرى ضد عرب إسرائيل. ذلك أن مهمة ميتشل محددة ومرتبطة بالطلب إلى إسرائيل تجميد حركة الاستيطان لبعض الوقت، كى يتسنى للأقطار العربية ممارسة بعض الإجراءات التطبيعية مع إسرائيل مما يوفر الأجواء المناسبة لاستئناف «المفاوضات» بين إسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية. لكن العلاقة بين شرائح الشعب الفلسطينى هى علاقة وطنية أيضا، وبالتالى أى إخراج من عضوية الانتماء يندرج فى ترسيخ شرعية انشطار الشعب وبالتالى اندثار مقومات القضية الفلسطينية التى حان الوقت إلى إعادة فتحها قبل أن يقضى عليها التبعثر الحاصل.
فى هذا المجال علينا الإقرار بأن صمود عرب إسرائيل، فى أرض وطنهم، يشكل ردا صارخا على أى اعتراف ب«دولة يهودية» قد تأتيه السلطة الفلسطينية تنفيذا لشروط استئناف المفاوضات عن وعى أو غير وعى.. وهذا ما يريده ويخطط له اليمين الإسرائيلى المتمثل بنتنياهو وليبرمان. كذلك فإن صمود عرب إسرائيل فى أرضهم يعمق الالتزام بمواجهة قانون حق «عودة» كل يهودى إلى إسرائيل وبالمقابل «عودة اللاجئين» إلى ديارهم.
فى هذا الإطار لا مفر أن العطب الذى أفرزته اتفاقية أوسلو وما استتبعها من تحجيم القضية الفلسطينية بهدف قيام دولة ذات سيادة على الأراضى المحتلة منذ يونيو 1967، دفع إسرائيل إلى الاستفراد وإملاء تفسيراتها لما ورد فى مختلف مراحل ما سمى بمسيرة السلام وبنود التسوية والتى، كما هو واضح، آلت إلى مزيد من تركيز الاهتمام الدولى، وإلى حد ما النظام العربى، وكأن دولة فلسطينية محصورة فى الأراضى المحتلة من شأنها تلبية الحقوق الوطنية للشعب الفلسطينى.
صحيح أن الهزيمة العسكرية التى منى بها العرب عام 67 وفرت للنظام العربى استسهال الاكتفاء تحت عنوان مقتضيات «الواقعية»، واصطفاف المجتمع الدولى وخاصة الولايات المتحدة بأن صيغة الدولتين هى أقصى ما يجب أن يتوقعه الفلسطينيون من حقوق. وجاءت المبادرة العربية فى قمة بيروت عام 2002 تبلور هذه الواقعية أى الانسحاب الكامل مقابل التطبيع الكامل. إلا أن مجرد إعلان هذه الصيغة التى استهدفت إنهاء النزاع العربى الإسرائيلى، تحولت بنتيجة أوسلو وخريطة الطريق وإنشاء الرباعية واتفاقيات أنابوليس، إلى مجرد بند من بنود أخرى للحل المنشود. وهكذا غابت خارطة الدولة الفلسطينية عن «خارطة الطريق» أو بالأحرى غُيبت بفعل إمعان إسرائيل فى بناء المستوطنات وتكثيفها لاعتبار الأراضى المحتلة جزءا من إسرائيل غير المكتملة. هذا وبالرغم من أن الاستيطان أدين من الأمم المتحدة واتفاقيات جنيف ومحكمة العدل الدولية، إلا أن إسرائيل تفسر ما تقوم به من إجراءات على أنه حق لها تصرف المالك بملكه، وقد عبرت عنه مختلف الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بسياسة ملتبسة أحيانا وبوضوح وصراحة فى أغلب الأحيان.
لذا يتضح لنا أن حصر القضية الفلسطينية فى إطارها الضيق، وسقوط ما تبقى من منظمة التحرير أو ما بقى منها فى هذا الحصار الخانق لوحدة الشعب الفلسطينى عامة، أدى بدوره إلى تحول القضية إلى مسلسل من المشاكل التى وإن كانت مستعصية على الحل مرحليا، إلا أن استرجاع الشعب لقدرته أمر لا بد منه، فيعمل على إعادة القضية إلى مركزيتها فى الوجدان العربى، وعلى استعادة وحدته الوطنية حتى لا يبقى ونحن معه تائها وشاهد زور على روتنة الاستباحة لحقوقه من خلال سياسات التمييز العنصرى داخل إسرائيل.
من هذا المنظور، يصبح موضوع التجميد المؤقت للمستوطنات فى الأراضى المحتلة، تعبيرا عن النقص الفادح فى الوعى القومى وبالتالى للمسئولية العربية عن تحرير فلسطين التى إذا استمرت بحالة التآكل، فهذا يعنى أن التفكيك الحاصل فى النظام القائم والاتقاء بواقعية مزورة وواقع فاقد للمناعة، يكاد بدوره أن يستولد ما نختبره يوميا فى العراق والصومال واليمن من تفتيت وتبعثر وجاهلية التقوقع. إن الصهيونية التى تعمل على تجميع يهود العالم، تعمل أيضا على تمزيق وشائح وحدة الأمة العربية. لذلك، نرى فى صمود عرب فلسطين التاريخى جذوة ساطعة ستلهم الأجيال القادمة لما فشلنا نحن فى إنجازه.
قد يبدو للبعض ما نتمناه سرابا أو لبعض الواقعيين المكتفين مستحيلا.. الأبارتيد كان مثل الصهيونية فى شراسته وممارسته للتمييز العنصرى.. ولزمن طال كان الأمريكيون الأفارقة مضطهدين ومقموعين، وإذا بهم اليوم يجعلون ما كان مستحيلا ممكنا، ومن ثم حاصلا.. قد لا نرى مثل هذا الاختراق قريبا ولكن.. كم من المستحيلات تحولت إلى واقع، وجل ما يلزم لبلوغ المنال الإرادة والتصميم.. لذلك لن نكتفى.. وبالتالى لن نستقيل..!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.